
حوار| محمد أبو الديار عن أحزاب المعارضة في البرلمان: تبكي مع الراعي وتأكل مع الذئب
المدير السابق لحملة المرشح الرئاسي أحمد طنطاوي يستعرض خارطة طريق تيار الأمل إلى مجلس النواب
366 يومًا خلف القضبان لم تطفئ "الأمل" بقلب محمد أبو الديار المتحدث السابق باسم حملة المرشح الرئاسي أحمد الطنطاوي، الذي اختار بعد شهور من الإفراج عنه عقب انتهاء حبسه في قضية التوكيلات أن يسير على درب زميل دراسته أحمد الطنطاوي، ويستأنف المعركة السياسية من جديد بالترشح لانتخابات مجلس النواب المقبلة عن دائرة قلين بكفر الشيخ، وهي الدائرة نفسها التي مثَّلها الطنطاوي في انتخابات 2015، وخسر مقعدها في 2020.
قطَع أبو الديار نحو 140 كيلومترًا من قلين إلى القاهرة للوصول لمقر المنصة وإجراء هذا الحوار، مصرًّا على استكمال مسار الأمل من خلال محاولة بناء حزب تيار الأمل والدفع بمرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة، وتجاوز أزمة الانتخابات الرئاسية التي انتهت بحبسه مع الطنطاوي و21 آخرين من داعميه بعد الحكم عليهم بالحبس سنة بتهمة طباعة وتداول أوراق تخص العملية الانتخابية دون تصريح.
من السجن إلى الانتخابات
من اللحظات الأولى للحوار، بدا واضحًا مدى التقارب بين أبو الديار ورفيقه أحمد الطنطاوي، وكيل مؤسسي حزب تيار الأمل؛ ليس فقط على مستوى الفكر السياسي، بل أيضًا طريقة التحدث، وتون الصوت، ومخارج الألفاظ، حتى لغة الجسد.
لا يعتبر أبو الديار خطوة ترشحه في الانتخابات على مقعد مجلس النواب دائرة قلين مجرد "مغامرة شخصية"، إنما هي استكمال لمشروع سياسي يسعى لتقديم "بديل مدني ديمقراطي حقيقي" في مواجهة ما وصفه بـ"المعارضة الوظيفية".
ينتقد المعارضة التي تشارك في الانتخابات على "قوائم السلطة"، واصفًا الأحزاب السياسية التي تحصل على مقاعد في البرلمان عبر تحالف مع أحزاب الموالاة بأنها "تبكي مع الراعي وتأكل مع الذئب. يعني طول الليل سهرانة مع السلطة وتقسم وتتفق معاها، وتظهر للناس إنها بتعارض ويبكوا على أحوالهم الاقتصادية أو السياسية".
تدني المشاركة في انتخابات الشيوخ يعكس رغبة جماهيرية في إيجاد معارضة حقيقية
يصر أبو الديار على أن "الناس محتاجة المعارضة الحقيقية التي لا تتفق ولا تهادن. المعارضة اللي شايفة الغلط غلط والصح صح، ما فيش حاجة اسمها لون رمادي في المواقف"، معتبرًا أن تدني نسب المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ تعكسُ رغبة المواطنين في إيجاد "معارضة حقيقية".
يقف تيار الأمل الذي يمثله أبو الديار في خانة ما يصفه بـ"المعارضة الحقيقية"؛ "نحن نقدم بديلًا لهذه السلطة، وليس تابعًا لها، لسنا من هذا الاتجاه"، رابطًا بين هذا الهدف ومقاطعتهم انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة "لم تكن انتخابات حقيقية، فثلث الأعضاء يعينهم رئيس الجمهورية، والثلث الآخر يأتي عبر قائمة مغلقة تنافس نفسها، وهذا ليس المناخ الذي يمكن أن نقدم فيه بديلًا".
الاستبعاد المحتمل
يصف المتحدث السابق لحملة الطنطاوي مشاركته في انتخابات مجلس النواب بأنها خطوة تهدف إلى "فتح المناخ السياسي، وتقديم بديل يمثل تطلعات المصريين". مع ذلك يبقى هناك ما يلزم توضيحه بخصوص صحة موقفه من الترشح.
لم يتضمن منطوق الحكم الصادر بحق أبو الديار حرمانه من مباشرة حقوقه السياسية، كما حدث مع رفيق دربه أحمد الطنطاوي، وهو ما يعول عليه لضمان حقه في الترشح بالانتخابات، معتبرًا أن المادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية التي تحرم كل من أُدين بارتكاب جريمة انتخابية من حقوقه السياسية ومنها الترشح والانتخاب، لا تنطبق عليه.
تيار الأمل دخل معركة توكيلات الانتخابات الرئاسية وحيدًا بعد فشل التنسيق مع الحركة المدنية
يعتبر أبو الديار أن المنع من الترشح لمدة خمس سنوات لمن يُدان في جريمة انتخابية ينطبق على المرشحين فقط، وهو ما لم يكن متحققًا إذ كان وقت إدانته مديرًا للحملة الانتخابية للطنطاوي.
يدلل على صحة موقفه باستمرار إدراج اسمه في قاعدة بيانات الناخبين، وعدم منعه من التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة "أنا غير ممنوع قانونيًا من الترشح".
لماذا تيار الأمل؟
أعلن أحمد الطنطاوي تأسيس حزب تيار الأمل في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويصر أبو الديار على وجود فرق بين حزب تيار الأمل، وبين التيار الشعبي الذي سبق وتأسس عقب انتخابات الرئاسة في 2012، ثم انصهر مع حزب الكرامة، وأحزاب الحركة المدنية التي قد تتشابه سياساتها وأهدافها مع تيار الأمل.
"حزب تيار الأمل لا يقف عند أيديولوجية واحدة لأن احنا خارجين من رحم تجربة انتخابية"، يقول أبو الديار معتبرًا أن التيارات الأخرى والأحزاب الأخرى ترتكز في النهاية على أيديولوجيا واحدة.
أما الحركة المدنية التي تجمع قوى المعارضة الساعية للديمقراطية، فقال عنها "اختلفنا معها في عدة مواقف، جربنا الخروج بموقف موحد للحركة المدنية أثناء الانتخابات الرئاسية، ووصلنا للتوكيلات الرئاسية واحنا بطولنا في المعركة، احنا اتسابنا بطولنا واحنا كنا أعضاء في الحركة، واضطروا في النهاية للمقاطعة، كان يمكن اتخاذ قرار موحد في وقت مبكر".
حزب تيار الأمل.. إلى أين؟
لا تزال العقبات تعترض طريق تأسيس حزب تيار الأمل خاصة بعد حبس مؤسسيه، يوضح أبو الديار أنهم جمعوا نحو ألف توكيل فقط من أصل 5 آلاف توكيل لازمة لتأسيس الحزب، شارحًا سبب التوقف عن جمع التوكيلات "معظم اللي حاولوا عمل توكيلات تم التضييق عليهم، إما باستدعاء أجهزة أمنية لهم، أو القبض عليهم ومساءلتهم وحبسهم مدة تتراوح ما بين شهر وشهرين ومنهم من لا يزال قيد الحبس حتى الآن"، مضيفًا "فيه 146 شخصًا من تيار الأمل في عدد من المحافظات لسه محبوسين".
رغم هذا التضييق، يصر على خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، معتبرًا الخطوة استكمالًا لمشروع تيار الأمل السياسي، متوقعًا نجاة الناخبين من الحصار الذي لاحق الطنطاوي ومؤيديه على مدار الأشهر الماضية "التوكيلات يتم حصرها وحصر الأشخاص الذين يحررونها، لكن التصويت في الانتخابات سري طبقًا للقانون وخلف ستارة لا أحد يرى لمن يصوت الناخب، وبالتالي جمهورنا العريض يقدر ينزل ويشارك ويدلي بصوته بدون أي خوف".
لا يعتبر أبو الديار عدم جمع التوكيلات المطلوبة عقبةً في طريق العمل السياسي للحزب ومشاركته في الانتخابات "لدينا تجارب لأحزاب ما زالت تحت التأسيس وتمارس العمل السياسي والقانون يسمح بذلك"، مع ذلك يشدد على مقاتلتهم من أجل إشهار تيار الأمل، "نسير في هذه الخطوات سنكون موجودين في الحدود التي لا تخالف القانون ولا نهادن ولا نتفق ليلًا أو نكون تابعين لأحد".
ترتيبات انتخابية
بدأ تيار الأمل ترتيبات انتخابية داخلية بالتزامن مع مشاورات مع أحزاب تتشابه معه في الأهداف لبناء تحالف انتخابي؛ يوضح أبو الديار أنه جرى الاستقرار حتى الآن على 8 مرشحين باسم التيار، فضلًا عن تكليف الطنطاوي بالتفاوض مع الأحزاب الأخرى للمشاركة في تحالف يشارك فيه أحزاب تمثل اليسار "ونسعى لضم حزب المحافظين، وكل حزب يقرر المشاركة بنفس مبادئنا ويقدم نفسه في الانتخابات البرلمانية كبديل لهذه السلطة ليس تابعًا لها".
الترشح للانتخابات النيابية سيكون على المقاعد الفردي فقط
سيكون طريقُ تيار الأمل للبرلمان عبر المقاعد الفردية فقط، حسب أبو الديار ، "رفضنا منذ البداية المشاركة على القوائم المغلقة المطلقة "، منتقدًا النظام الانتخابي الذي حاولت المعارضة تعديله في الحوار الوطني.
وعن أسباب عدم تشكيل قائمة تنافس ما يسميه قائمة السلطة، قال أبو الديار "لما طرحنا الفكرة على جمهورنا وعلى أعضائنا المنتمين للحزب، سواء بتوكيلات أو عن طريق الاستمارة الإلكترونية للانضمام للحزب، وافقت الأغلبية على المشاركة بالنظام الفردي، وأعتقد أن كثيرًا من الأحزاب المعارضة أعلنت عن هذا، لن نجهد نفسنا ونجهد الناس معنا في حاجة غير مقتنعين بها".
يخوض أبو الديار ورفاقه تجربة انتخابات مجلس النواب على أمل نيل ثقة الناخبين والوصول إلى البرلمان للتعبير عن صوت مؤيديهم وإيجاد مراقبة ومحاسبة شعبية جادة للحكومة، وهي التجربة الحاسمة في مستقبل حزب الأمل.