
برلمان 2025.. انتخابات جديدة بأدوات قديمة
تحالف موالاة مرتقب والمعارضة تنتظر
بدا لافتًا توالي بيانات أحزاب الموالاة التي تعلنُ فيها بدء التجهيز للانتخابات البرلمانية المقبلة المقررة نهاية العام؛ ففي التاسع من أبريل/نيسان الحالي أصدر حزب مستقبل وطن بيانًا، وفي أقل من 24 ساعة أصدر حزب الجبهة بيانًا آخر، وهو نفس ما فعلته أحزاب سياسية بإصدارها بيانات مشابهة، في وقت ما زالت تتجاهل فيه الحكومة توصيات الحوار الوطني لتعديل القوانين المنظمة للانتخابات، سواء تقسيم الدوائر وزيادة عدد أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، أو النظام الانتخابي بشكل عام.
تركزت جهود أحزاب الموالاة والمعارضة منذ أواخر العام الماضي وبداية العام الحالي في المشاركة بفعاليات دعم الموقف الرسمي للنظام من قضية غزة، سواء برفض التهجير إلى سيناء أو التأكيد على دعم الحقوق المشروعة للفلسطينيين.
كان أحدث هذه الفعاليات على الأرض التظاهرة التي نُظمت بالتزامن مع زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي رفقة نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 8 أبريل/نيسان، لميناء العريش وأطقم الإغاثة الدولية، وعدد من جرحى الحرب الإسرائيلية على غزة، الذين استقبلتهم مستشفيات العريش للعلاج.
حراك مفاجئ
البداية كانت من حزب مستقبل وطن الذي أصدر بيانًا مساء الأربعاء الماضي، معلنًا عقد اجتماع للأمانة المركزية في وجود قيادات الحزب، في مقدمته نائب رئيس الحزب والأمين العام أحمد عبد الجواد الذي يعد المحرك الرئيسي لحزب الأغلبية.
في صباح اليوم التالي، أعلن حزب الجبهة الوطنية في بيان حصلت المنصة على نسخة منه الاستعداد للانتخابات البرلمانية.
أكد الأمين العام للحزب السيد القصير أن اللجنة المُشكلة لاختيار قيادات الحزب في الأمانات النوعية وأمانات المحافظات، برئاسة رئيس الحزب عاصم الجزار، مستمرة في عقد اجتماعاتها لاستكمال التشكيلات التنظيمية في أسرع وقت، تمهيدًا لانطلاق الفعاليات الميدانية والاستعداد المبكر للانتخابات البرلمانية المقبلة.
لم تتوقف البيانات عند الحزبين، بل امتدت إلى حزب حماة الوطن، ورأى نائب رئيس الحزب أحمد العوضي في بيان أن الحزب دخل مرحلة الجاهزية لخوض انتخابات المجالس النيابية المقبلة من خلال حشد الكوادر ووضع خطط تنظيمية دقيقة، تستهدف تعزيز الوجود الحزبي في الشارع، وتكثيف التفاعل مع المواطنين.
من الوارد تكرار تجربة انتخابات 2020 بالجمع بين نظامي القائمة المغلقة والفردي وتشكيل ائتلاف واسع يضم أحزابًا من تيارات مختلفة
وأعلن أمين التنظيم بحماة وطن أحمد العطيفي "حالة الاستنفار التام داخل جميع قيادات الحزب وهيئاته التنظيمية على مستوى الجمهورية، وذلك لضمان جاهزية كاملة لهذا الاستحقاق الديمقراطي المهم".
مايو شهر الحسم
الحراك الذي دب في الأحزاب المحسوبة على الموالاة ليس مفاجئًا، حسب الأمين العام المساعد لحزب مستقبل وطن، عصام هلال، الذي يعتبر أن حراك الحزب في الشارع خلال الفترة الماضية في فعاليات رفض التهجير ودعم حقوق الشعب الفلسطيني خلق تواصلًا مستمرًا مع الناخبين.
وبشأن الانتخابات المرتقبة، لم يستبعد هلال تكرارَ تجربة انتخابات 2020 التي جمعت بين نظام القائمة المغلقة والنظام الفردي بنسبة 50% لكل منهما، وتشكيل ائتلاف انتخابي واسع يضم أحزابًا من تيارات مختلفة، ويقول في تصريحات خاصة لـ المنصة "لدينا تجربة انتخابية ائتلافية مثّلت الكثير من الأحزاب، وقد نعيد تشكيل ائتلاف مشابه يمثل الجميع مع الحفاظ على القوة النسبية لكل حزب".
"التواصل مستمر مع الجميع، ومع الحزبين الجديدين" يضيف هلال مشيرًا إلى حزبي الجبهة الوطنية والوعي، لكنه يرى أن الوقت لا يزال مبكرًا للوصول إلى مرحلة النقاش حول تقسيم القائمة، خاصة في ظل عدم حسم تعديل القوانين المنظمة للانتخابات في ضوء توصيات الحوار الوطني من عدمه.
يوضح الأمين العام المساعد لحزب الأغلبية أن "لدينا توصيات الحوار الوطني، لكن ربما لا توجد حاجة ملحة للتعديل، فلا ضرر من اتباع نفس النظام الانتخابي ونفس تقسيم الدوائر وعدد المقاعد"، متوقعًا أن يشهد شهر مايو/أيار المقبل انطلاق التحركات الفعلية للاستعداد للانتخابات "تكون الصورة قد اتضحت بشأن القوانين ونبدأ العمل".
في مايو أيضًا، سيعلن حزب الجبهة الوطنية رؤيته بشأن الانتخابات المرتقبة التي تبدأ بانتخاب مجلس الشيوخ في أغسطس/آب المقبل، ثم انتخابات مجلس النواب قبل نهاية العام الحالي.
يقول أمين عام الأمانة المركزية لشؤون المجالس النيابية، سليمان وهدان لـ المنصة إن "الحزب لديه رؤية للانتخابات البرلمانية نحتفظ بها لحين دراستها من قبل الهيئة التأسيسية"، موضحًا أن مجموعات العمل في الحزب أعدَّت تصورًا خاصًا بشأن الانتخابات والقوانين المنظمة لها "يجري الاستعداد لعرضه على الهيئة التأسيسية، على أن يعلنه رئيس الحزب خلال أسابيع قليلة".
من هندسة 2015 إلى احتواء 2025
جرت انتخابات 2020 من خلال تنسيق بين الأحزاب المشاركة من كافة التيارات، بما فيها المعارضة التي لم تقاطع الانتخابات، من خلال قائمة "من أجل مصر" بقيادة حزب مستقبل وطن، وتوجيه ومتابعة من قبل الأجهزة الرسمية، وقبلها قائمة في حب مصر التي تصدرت انتخابات 2015 وجرت هندستها بالطريقة نفسها.
لم يحدد مهندس الانتخابات بعد اسم الحزب الذي سيقود المشهد
ومن المتوقع، حسب عدة مصادر برلمانية وسياسية، أن تجرى الانتخابات المرتقبة بالطريقة نفسها من خلال قائمة تجمع أحزاب الموالاة والمعارضة، لكن لم تحسم بعد طريقة تشكيلها والحزب الذي يقودها.
ووفق قيادي في حزب مستقبل وطن، فضل عدم نشر اسمه، فإن "الوضع صعب والمخاطر حوالينا كثيرة ومصر لن تتحمل وجود قائمتين، والأفضل قائمة واحدة تضم الجميع ونترك المنافسة للفردي".
يتبنى القيادي رؤية قد تتوافق بالفعل مع وجهة نظر السلطة وتخوفاتها من الانتخابات والحراك في الشارع وربطه بالخوف من زعزعة الاستقرار، ما قد يدفع بالفعل لاستمرار النظام الانتخابي الحالي كما هو وتوجيه الأحزاب لقائمة واحدة، وتجاهل توصيات المعارضة في الحوار الوطني التي طالبت بالقائمة النسبية بدلًا من المغلقة، والتغاضي عن الحلول الوسط التي تضمنتها التوصيات مثل الجمع بين القائمة المغلقة، والنسبية، والفردي.
ويبدو أن السؤال عن الحزب الذي يقود القائمة لم يحسم بعد، والحرب الكامنة بين حزبي مستقبل وطن والجبهة ما زالت تحت الأرض لم تظهر للسطح، ولم يحدد مهندس الانتخابات بعد اسم من سيقود المشهد.
مع ذلك يرجح الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية لـ المنصة أن يتصدر حزب الجبهة الوطنية المشهد في الفترة المقبلة.
المعارضة تنتظر
رغم أن المعارضة بطيفها الواسع اتخذت موقفًا إيجابيًا باتجاه المشاركة في الانتخابات، فإنها لم تتفق بعد على شكل مشاركتها ومواقع تحالفاتها فيها، ولم يتحدد موقفها من المقاطعة في حال عدم توفر الضمانات والاستجابة لتوصيات الحوار الوطني.
وأعلنت الحركة المدنية الديمقراطية، التي سبق وقاطعت الانتخابات الرئاسية الماضية، رغبتها المشاركة والاستعداد للمارثون الانتخابي في 2025.
ولم تنجح الحركة الوطنية في خوض الانتخابات البرلمانية الماضية في 2020 بقائمة واحدة، وخاضت بعض أحزابها؛ الحزب المصري الديمقراطي، والعدل، والإصلاح والتنمية، الانتخابات ضمن قائمة حزب مستقبل وطن، آنذاك.
غير أن الحركة التي شكَّلت أمانة للشباب مؤخرًا لم تتضح بعد قدرتها على تشكيل قائمة موحدة مغلقة في حال استمرار العمل بالنظام الانتخابي الحالي وعدم الاستجابة لمطالبها بتطبيق القائمة النسبية.
ويؤكد المتحدث باسم الحركة، وليد العماري، على أن الموقف حتى الآن هو المشاركة في الانتخابات مع المطالبة ببعض الضمانات و"هذا لا يعني عدم المشاركة في حال عدم تحققها، نطالب بقائمة نسبية لأن النظام المغلق أدى للأداء الحالي للبرلمان الذي لا يرضى عنه أحد".
"نريد المشاركة لكن لا بد أن يسبقها إجراءات وضمانات نزاهة والأهم قانون انتخابات، حتى اللحظة لا يوجد قانون"، يقول لـ المنصة.
وبشأن احتمال بقاء الوضع على ما هو عليه، يضيف "احتمال لكن حتى الآن ما فيش، ننتظر إصدار القانون، أو تحديد امتى وشكله إيه، لنحدد إذا كان مناسب ولا لأ".
يبدو أن الانتظار سمة المعارضة؛ فالحزب المصري الديمقراطي الذي سبق وخاض الانتخابات ضمن القائمة التي شكلها حزب مستقبل وطن، ما زال يترقب البت في قانون الانتخابات ليحدد طبيعة التحالفات الانتخابية المناسبة له.
"الانتخابات لها ظروفها التي لم تتضح بعد وتحكمها عدة عوامل تتحدد وقتها" يقول نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، باسم كامل، لـ المنصة موضحًا عدم وجود رؤية محددة لشكل الائتلافات وبالتالي لم يتخذ الحزب بعد قرارًا نهائيًا بشأن خوض الانتخابات ضمن قائمة موحدة للمعارضة أو عبر تحالفات بديلة.
فيما يتوقع الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن تدخل قوانين الانتخابات، إن جرى عليها تغيير، البرلمان "في اللحظات الأخيرة"، لافتًا إلى أن هذه سمة النظام المصري منذ عصر مبارك.
في الوقت نفسه يكاد يجزم بأن "الاتجاه حتى الآن هو أن القائمة المطلقة هي الأساس"، مضيفًا "لو كانت هناك نوايا للاستجابة للمقترحات الخاصة بتطبيق القائمة النسبية التي اقترحها عدد من المشاركين في الحوار الوطني وتضمنتها توصياته، لأعلنت الحكومة عنها مبكرًا".