في واحدة من عمارات شارع محمد محمود بوسط القاهرة، سمح لنا حارس العقار باستخدام المصعد بعدما قال "أنا ما بَطلعش بتوع الحزب"، استقبلنا الحاضرين في مقر الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بابتسامات صاحبتها توصيات ودية بـ "الشد في الأسئلة" على رئيس الحزب، باعتباره صادق النية في الترشح، وأن ذلك اختبارًا حقيقيًا لمدى جديته، واحترامه لحرية الصحافة.
انتظرنا انتهاء طواقم تصوير القناة الأولى المصرية وسكاي نيوز العربية من أخذ تصريحات قصيرة من فريد زهران، رئيس الحزب والمرشح الرئاسي، ثم طلبنا منه الخروج من مكتبه حتى ننتهي من "تظبيط" الكاميرات والإضاءة، فمازحنا قائلًا "عايز اتفرج عليكم".
وقبيل بدء الحوار طلب من مساعده ورقة وقلم، سألناه هل سيكتب ملاحظات أو تعليقات تذكيرية، فأجاب "لا، أنا بحب أمسك ورقة وقلم وأنا بتكلم"، استخدمها أثناء الحوار في رسم أشكال هندسية منتظمة.
مرشح الضد والجمع
بدا زهران جاهزًا للهجوم، وبادر بالإجابة عن سؤال حول تنافس مرشحي الحركة المدنية، قائلًا إن السياسي أحمد الطنطاوي، الذي انسحب لاحقًا من السباق الرئاسي، لا يعد نفسه عضوًا في الحركة، "الأستاذ أحمد الطنطاوي دخل الحركة المدنية لفترة وجيزة بصفته رئيس حزب الكرامة ثم خرج منها".
أعلنت الحملة الانتخابية للطنطاوي، الجمعة الماضية، خروجه من سباق الانتخابات الرئاسية المقبلة، لعدم تمكنهم من استكمال عدد التوكيلات المطلوبة للترشح، في ظل حالة من "المنع الممنهج" الذي تعرض له أنصاره، حسبما قال منسق الحملة محمد أبو الديار.
يمتد موقف زهران الداعم للأقليات ليشمل المثليين منتقدًا ملاحقتهم بتهمة الفجور
لا يعد زهران نفسه مرشح الحزب فقط ولا حتى مرشح اليسار، "أنا بعتبر نفسي، وبيعتبرني أنصاري مرشح تيار ديمقراطي اجتماعي بيعبر عن البديل الديمقراطي المدني".
يؤمن زهران أن بضدها تتضح الأشياء، وعليه ففي تقديمه لنفسه يقول "أنا ضد النظام، ومرشحي هذا النظام، لأنه من بين أقدار مصر الطريفة، أن يعبر النظام عن نفسه بأكثر من مرشح في هذه الانتخابات، كما تعودنا في الانتخابات السابقة". ويعرف زهران نفسه أيضًا بأنه يقف "في مواجهة نظام تاني بديل، رديف، طول عمره بيشتغل مع النظام الحاكم، وكأنه احتياطي، اسمه نظام الإخوان".
يقف زهران مع بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة، تقوم على إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي، "يمكن تلخيصه في تحرير الإنسان المصري من الـ3 حاجات اللي السلطة دي بتهيمن عليهم.. السلطة و الثروة والمجال العام"، وهي الفكرة التي حرص على تكرارها أكثر من مرة.
يبدأ الإصلاح بـ "الإفراج عن كل المحبوسين على ذمة قضايا الرأي"، فهي حسب قوله "ضربة البداية لو أنا بقيت رئيس جمهورية، وبإذن الله أبقى رئيس جمهورية".
لأنه يرى أن تحرير المواطن سياسيًا يتبعه إسقاط كل القوانين المقيدة للحريات، ثم فتح المجال العام، عن طريق إجراء انتخابات ديمقراطية "مش بس في انتخابات الرئاسة ومش بس في انتخابات البرلمان ولكن في انتخابات النقابات والجمعيات".
المرشح الذي يَعد بإسقاط القوانين السالبة للحريات، لم يجب على نحو واضح عن سؤال احتمالية طرح المادة الثانية من الدستور، المعروفة بالمادة اﻷكثر جدلًا في مصر، سواء في الدستور الحالي أو الدساتير السابقة، وتنص على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع".
ويرى زهران أن أمورًا تفصيلية في الدستور كمدة الرئاسة أو المادة الثانية، ستُحل من تلقاء نفسها في حال أدى الرئيس دوره، "الحاجة الرئيسية اللي ممكن يعملها رئيس الجمهورية إن هو يضع مصر على طريق بناء مجال سياسي ديمقراطي مدني".
وبالتالي يقول أن المهمة اﻷولى والرئيسية حال فوزه بالرئاسة هي "فتح مجال للنقاش... أنا بشاور على الوجهة، أنا بقول النظام الحاكم ده (الحالي) بيشاور على طريقة... طريقة بتقول إن مصر ما تتحكمش غير بالكرباج، وماتتحكمش غير بالقبضة الحديدية".
يقترح المرشح المعارض طريقة عكسية لإدارة الأمور، "أنا بقول مصر في أزمة، إذن لا بد من توسيع دايرة المشاركة". وهنا لم يفوت زهران الفرصة للتلميح إلى "مرشحين آخرين". "أنا مش مرشح فردي، ولا طارح نفسي كشخص مُلهم".
كان الطنطاوي، صراحة أو تلميحًا، حاضرًا في إجابات كثير من اﻷسئلة. وعندما سألنا زهران عن إمكانية أن يختاره نائبًا حال فوزه بالرئاسة، قال أن ذلك يعتمد على إجراء نقاش واسع وعلني، يجب التوافق فيه في الرؤى حول عدة قضايا، منها قضايا النساء. ثم عبر عن استياؤه من أداء الطنطاوي في الترشح للرئاسة، "الطنطاوي رشح نفسه دون نقاش مع أحد وأعلن ترشحه بشكل فردي من بيروت"، مضيفًا أنه بهذا الترشح قطع الطريق أمام مفاوضات الحركة المدنية للحصول على ضمانات كافية لعمل انتخابات ديمقراطية نزيهة.
يرفض المرشح المدني عتاب الجماهير بأنه كان يجب أن تتوافق المعارضة على مرشح واحد، قائلا أن لكل مرشح تيار يمثله، يركض كل في مضماره، مدعوم من دوائره، ليتخطى العتبة الانتخابية، وأن هذا كان أجدى من التوافق على مرشح واحد "إذا سقط، سقط الجميع". مضيفًا، أن الأجدر بالترشح ليس بالضرورة من "سبق وأكل النبق"، ولا بمنطق "مين اللي له شعبية أكتر؟"، معتبرًا أن الشعبية لا ترتبط بالأصلح، "الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل كان له شعبية أكتر من هشام بسطويسي الله يرحمه . بس أنا لو هنتخب هنتخب بسطويسي".
يستمر زهران في تعريف نفسه بالتضاد، فيقول "أنا آخر واحد رشحت نفسي"، وأنه لا يعتمد "الطريقة الصفرية" التي تعني إما أن أكون رئيسًا للجمهورية، أو لا أكون. ففي حال خسارته، يستهدف رئيس الحزب المصري الديمقراطي من وجوده في السباق الرئاسي انتشارًا للحزب وأفكاره، يمكنه من حصد مقاعد أكثر في الانتخابات البرلمانية القادمة، بالإضافة إلى تثبيت أقدام المعارضة المصرية في مساحات جديدة، معتبرًا ذلك مكسب حقيقي، يغنيه عن كرسي الرئيس.
أجنحة الدولة العميقة
يعتقد السياسي المعارض في وجود أغلبية كبيرة من المصريين ترغب في التغيير، وهو ما يشير إلى وجود أزمة تدركها بعض "الدوائر داخل النظام"، "أنا برشح نفسي إزاي ومتساب أقول الكلام اللي بقوله؟" فضلًا عن الحوار الوطني، والذي كان اعترافًا ضمنيًا بوجود أزمة وتعبيرًا عن الرغبة في الإصلاح.
يقول زهران أن هناك جناحين داخل النظام، أحدهما يرى حل الأزمة في "المزيد من البطش والقمع والقبضة الحديدية" وهي دوائر قوية "لديها منطق، ولديها تخوفات على مصالحها، لأن عندها مصالح، ولديها تخوفات من أي نزعات ثأرية أو انتقامية من خصومها". كما توجد دوائر أخرى إصلاحية، تؤمن بإصلاح سياسي واقتصادي.
ينأى زهران عن تصنيف السيسي ضمن أحد الجناحين، قائلًا "الرئيس السيسي رئيس جمهورية، لديه دوائر، إحنا مش جمهورية موز"، معتبرًا إياه تعبيرًا عن التوازن داخل النظام، ثم يعود ليستدرك أنه يميل إلى الإصلاح بدليل أنه، السيسي، قال "آن أوان الإصلاح السياسي الذي تأخر كثيرًا".
الموقف من الإخوان
لا يساوي المرشح اليساري بين حزب النور والإخوان المسلمين، ولا يعتبرهما فصيلين يمارسان السياسة على أساس ديني، "الإخوان انحازوا علنًا بممارسات إرهاب، وكانوا بيتكلموا باعتبارهم مش حزب مصري، لكن باعتبارهم تنظيم عالمي. الإخوان موضوع مختلف عن حزب النور. أنا مقدرش أخلط الأوراق".
لم يجب زهران عن سؤال التصالح مع الإخوان حال فوزه بالانتخابات، وأعاد صياغته ليلقي بالكرة في ملعب الجماعة المنحلة، "هل جماعة الإخوان المسلمين عايزة تتصالح مع المجتمع؟"، مؤكدًا " الإخوان مدانين، هم اللي المفروض يجاوبوا على الأسئلة، مش إحنا، يجاوبوا على أسئلة ليه حرقوا الكنايس؟ وليه اعتدوا على الأقباط؟ وليه قتلوا الناس على الهوية؟ الإخوان كتنظيم مدانين سياسيًا".
بشكل أكثر وضوحًا، يعلن المرشح اليساري عن إيمانه بحرية الأفراد الشخصية والدينية، "الأصل في الدستور هو حرية إقامة الشعائر الدينية بلا استثناء وبلا أي معوقات"، وينتقد ما آلت إليه الأوضاع في الأحوال المدنية والحريات الدينية في مصر.
"قبل 70 سنة، كان فيه بهائيين في مصر، وكان بيتكتب في بطاقتهم الشخصية بهائي. النهاردا ده مش موجود". متهكمًا على ما يعتمده النظام في التعامل معهم، بوضع شَرْطَة/( - ) في خانة الديانة في بطاقة الرقم القومي بقوله "موقف النظام الحاكم من الأمر، لا يخلو من طرافة. يعني إنت لا بتشنق البهائيين مثلًا، ولا إنت بتكتب إنهم بهائيين". مستنكرًا ارتباك النظام "شوف لك حل، مش عاجبينك اشنقهم".
كما أشار إلى وجود "دوائر كتير جدًا، حتى داخل السلطة، بتطالب بشطب خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي"، كما أن الدولة كانت تعلن في أوقات سابقة عن أعداد المنتمين للديانات المختلفة، "أنا معايا كتب إحصائيات قديمة في التلاتينات والأربعينات...، كان فيها عدد اللا دينيين".
موقف زهران الداعم للأقليات يمتد بشجاعة ليشمل المثليين، منتقدًا ملاحقتهم بتهمة الفجور، "الفجور تهمة موجودة وليها تكييف قانوني، إنها تستخدم في غير ما وضعت من أجله. ده مرفوض".
المرشح الذي لا يعرفه الناس
يقر رئيس الحزب المصري الديمقراطي بأن الأحزاب المصرية ضعيفة، مرجعًا ذلك أيضًا إلى النظام، "بقالنا 70 سنة في تجريم للعمل السياسي، باستثناء فترات متقطعة كان أبرزها طبعًا فترة ثورة 25 يناير". حينها تأسس الحزب، واستطاع الفوز بـ16 مقعدًا في مجلس النواب "كنا رابع كتلة برلمانية في أول برلمان انتخب بعد الثورة".
وعلى الرغم من أن خطاب زهران ليس صداميًا، مما يتيح له مساحة أكبر في الحركة السياسية، لكن تظل شعبيته محدودة. يقول عن خطابه "ليس خطاب صدامي صفري، وليس راديكالي النزعة يدخل في صراعات صفرية مع أطراف مختلفة؛ هو خطاب بيعتمد لغة إصلاح تدريجي، وواخد بعين الاعتبار الحاجتين المهمين جدًا: الإصلاح السياسي، والإصلاح الاقتصادي".
هذه "الوسطية" لم تجد لها صدىً في الشارع، ويبرر زهران ذلك بقوله "عندما كان هناك شارع، لما كان فيه مساحة ديمقراطية متاحة، وكان فيه انتخابات وكان فيه حراك وزخم سياسي، حققنا، قطعنا شوط".
وعند سؤاله، عن كيفية نجاح مرشحين آخرين في التواصل مع الشارع في ظل التضييق ذاته، دفع بأن "المرشح اللي سعادتك بتشير إليه أعلن ترشحه منذ عدة شهور، وقبل عدة شهور كانت الفكرة تراوده وتراود التيار اللي هو بينتمي إليه، وكان هناك إعداد"، مقارنًا ذلك بقرار ترشحه، الذي لم يمر عليه سوى أسبوعين، حين التقيناه في 7 أكتوبر الجاري.
ثم أضاف سببًا آخر، وهو أداء المرشح، والذي يخلق جمهوره الخاص "لكل جمهوره، ولكل جمهور أداء".
نصف مسرحية
وكعادته على مدار الحوار، في إعادة صياغة الأسئلة، جاءت إجابته عن سؤال هل هذه الانتخابات حقيقية أم مسرحية؟ "طب ليه إحنا نقول حقيقية أو مسرحية؟ مفيش حاجة في النص خالص؟"، مفسرًا ذلك بقوله أن دخوله السباق الرئاسي محاولة للوصول إلى انتخابات ديمقراطية نزيهة، "لو أنا بكرة الصبح صحيت لقيت كل الضمانات اللي أنا طالبها اتحققت، خلاص، أنا مش هنزل انتخابات".
يؤكد إن الدافع لترشحه على مقعد الرئاسة، "مش عشان الانتخابات الرئاسية الجاية بس، عشان فيه انتخابات برلمانية بعديها، وفيه انتخابات محليات بعديها"، مؤكدًا أن حتى الآن لم يتحقق مما طالب به من ضمانات، مع رفاقه في الحركة المدنية، سوى "أقل.. أقل.. أقل.. أقل.. القليل".
وفي أبريل/نيسان الماضي طالبت الحركة المدنية الديمقراطية المعارضة، بـ "ضمانات حرية ونزاهة العملية الانتخابية"، وأجملتها في 15 بندًا أبرزها تشريع يحصن سبل الدعاية الانتخابية من الملاحقة الجنائية، وحياد مؤسسات الدولة، وحرية الإعلام، ووضع كاميرات داخل اللجان.
تحمل إجابة زهران عدم اليقين بفوزه، إذ ردّ على احتمالية فوزه بسؤال وجهه إلى محررة المنصة "أنت ست مؤمنة ولا ﻷ؟"، في إشارة إلى أن كل شيء وارد أو بتعبيره "مفيش حاجة كبيرة على ربنا"، وبالتالي "ممكن أبقى رئيس جمهورية". ملمحًا إلى أن فوز خالد البلشي بمقعد نقيب الصحفيين في مارس الماضي، "لم يكن في الحسبان، لكنه جاء بتوفيق من الله".
مكاسب الخسارة
وينتظر المرشح الرئاسي المحتمل مكاسبًا من خسارته في السباق الرئاسي، "لو أنا منجحتش أبقى رئيس جمهورية هبقى حققت مكاسب كتيرة أخرى، منها إن أنا وسعت انتشار الحزب، وسعت انتشار خطابه"، معترفًا للمرة الأولى، بأنه عقد صفقة كانت نتيجتها 7 نواب للحزب المصري الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
"أنا دخلت الانتخابات البرلمانية السابقة، أنا كحزب مصري ديمقراطي اجتماعي، دخلت من خلال صفقة انتخابات. بقول ده بوضوح وشجاعة وحدة، وبشكل واضح ومن غير لف ولا دوران، عملت صفقة ودخلت الانتخابات البرلمانية السابقة. طلعت خسران ولا كسبان؟".
وانتخابات مجلس النواب المصري 2020 هي أول انتخابات برلمانية بعد تعديل الدستور عام 2019، وحصد حزب زهران 7 مقاعد، ليتساوى مع مقاعد أحزاب الحرية المصري والمؤتمر والنور، وتليها أحزاب التجمع بـ6 مقاعد، والعدل مقعدين، وإرادة جيل مقعد واحد.
في حين استحوذ حزب مستقبل وطن على 316 مقعدًا من أصل 568 يمثلون إجمالي عدد نواب المجلس، يليه الشعب الجمهوري بـ 50 مقعدًا، ثم الوفد بـ 26 مقعدًا، كما حصل حزب حماة الوطن على 23، ومصر الحديثة 11 مقعدًا، ثم الإصلاح والتنمية 9 مقاعد.
ولا يخشى السياسي المخضرم من تأثير تصريحه في إشاعة أنه عقد صفقة جديدة من أجل المشاركة في انتخابات الرئاسة الحالية، "أنا لما بدخل صفقة بقول إني دخلت صفقة". مضيفًا أن هذا الإدعاء يتردد بالفعل، ضاربًا المثل بما جاء على لسان الكاتب علاء الأسواني، الذي اتهم مرشحي التيار المدني جميعهم بالمشاركة في "المسرحية".
لا يفكر زهران في تغيير أي اتفاقيات أبرمتها مصر، كاتفاقية تيران وصنافير رغم كونه أحد معارضيها
ووسط هذه اﻷجواء، يرى زهران أن الاتجاه القوي نحو التغيير بين المصريين، يغلب عليه الخوف من التغيير وذلك بسبب أن الناس "خايفة أن يقود إلى انفلات أمني. أو إلى المجهول. لأنها مش شايفة بديل واضح، لا كأفكار، ولا كرؤى، ولا كأشخاص، ولا كمؤسسات، ولا ككيانات".
لهذا ربما لن تنقاد الناس خلف بديل يطرح نفسه كفرد "أصل فيه شخص مثلًا ملهم، جبار، عبقري، ممكن يقعد فيقول كلمتين فيتصور إن هو أصبح البديل، والناس تمشي وراه ... أنا كشعب، أنا كجمهور عشان أشوف معارضة يعني أشوف مؤسسات، أشوف كتل، أشوف جماعات قوية بتضغط". ليعود مرة أخرى للمقارنة بينه وبين الطنطاوي، وبين حال التنظيمات في مصر وحال اتحاد الشغل التونسي.
يقدم زهران نفسه باعتباره "طريق التغيير الآمن السلمي الديمقراطي"، ويحاول استعادة تحالف 30-6، "لو إنت عايز تنقذ مصر، لازم رئيس الجمهورية القادم يبقى منفتح على دوائر معينة راغبة في الإصلاح داخل النظام، ودوائر داخل رجال الأعمال راغبة في إنها تستعيد وجودها في السوق المصري".
اقتصاد تنافسي
يتلخص برنامج زهران الاقتصادي في 4 نقاط هي؛ خروج الجهات السيادية وأجهزة مؤسسات الدولة من الاقتصاد، واقتصار ملكية الدولة على المشروعات الاستراتيجية مثل الحديد والصلب وقناة السويس. وأيضًا توقف إدارة الإقتصاد عن طريق الأمر المباشر، وترك السوق للقطاع الخاص، بكل فئاته، من أول رجال الأعمال الكبار وحتى أصحاب المشروعات الصغيرة.
ما يراه زهران يعيد "الروح التنافسية للاقتصاد المصري، وبالتالي سيستعيد الاقتصاد المصري قدرته على جذب رؤوس أموال أجنبية، وقدرته على تنشيط المستثمرين المصريين اللي مخبيين فلوسهم".
ويشمل برنامجه إعادة الجدولة الزمنية لتنفيذ ما يسمى بالمشروعات الكبرى، "اللي هي في معظمها مشروعات لم يتم دراستها، لم يتم التأكد من جدواها، استنزفت موارد مصر الاقتصادية، لا بد من إعادة جدولة الزمنية لتنفيذ هذه المشروعات". فيما تتمثل النقطة الرابعة في ترشيد "الإنفاق الحكومي الباذخ".
وحول مقترح تخارج الدولة وإذا ما كان يعني به زهران بيع القطاع العام، ذهب إلى أن "القطاع العام ده ما عادش هو الموضوع، لأنه زمان كان بيشتغل بمعايير اقتصادية، وبيدفع ضرايب وتأمينات" وأحيانا "كان بيخسر قدام القطاع الخاص".
التوجه جنوبًا ثم شرقًا
وبالنسبة للسياسة الخارجية، سيبدأ بزيارة السودان "لأنه شريك استراتيجي، وليس مجرد جار، ولديه مشكلات كبيرة يقع علينا عبء حلها". أما عن سد النهضة فيعتقد زهران أن المشكلة الأساسية هي في حصول مصر على حصتها الكاملة من المياه 55 مليار متر مكعب، والمنصوص عليها في الاتفاقية التي تحاول إثيوبيا التملص منها.
وعليه يمكن تلخيص موقفه في الاعتراف بحق الشعب الإثيوبي في التنمية، مع الحفاظ على حصة مصر، والضغط على إثيوبيا من خلال الأصدقاء والحلفاء على المستوى الدولي والإقليمي والإفريقي للتوقيع على ذلك.
ولا يفكر المرشح الرئاسي في تغيير أي اتفاقات أبرمتها السلطات المصرية الحالية أو سابقتها، كاتفاقية تيران وصنافير، رغم كونه أحد معارضيها. كما يرى وجود ضرورة ملحة واستراتيجية لأن تكون لمصر علاقة طيبة وقوية بمحيطها العربي، وبالذات دول الخليج. "إحنا في أمس الاحتياج لعلاقات حسنة بالسعودية، وفي أمس الاحتياج لعلاقات حسنة بدول الخليج كلها".
بلغ حجم الودائع الخليجية خلال الربع الأول من عام 2022، 13 مليار دولار. وحدد البنك المركزي المصري، في تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري، إن الودائع تنقسم إلى 3 مليارات دولار من قطر، و5 مليارات دولار من السعودية، ومثلها من الإمارات.
يقدم المرشح الرئاسي وعودًا للمواطن تبدأ بالإفراج عن كل المحبوسين على ذمة قضايا الرأي، وتوفير الحد الأدنى من حرية الرأي والتعبير والاحتجاج السلمي. ثم إجراءات اقتصادية حاسمة تُمكِّن من توفير فرص عمل ورواتب عادلة، وبرامج حماية اجتماعية "محترمة".
بينما كنا نعد الحوار للنشر، رفضت الجمعية العمومية لحزب الدستور ترشيح رئيسته جميلة إسماعيل، ولم يتمكن أحمد الطنطاوي من استكمال التوكيلات المطلوبة لما واجهه أنصاره من تضييقات أمنية و"سيستم واقع" في مقرات الشهر العقاري على مستوى الجمهورية. وبذلك أصبح زهران هو المعارض الوحيد.