أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي رفقة نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة ميدانية اليوم لمدينة العريش بشمال سيناء، تفقدا خلالها حالات المصابين الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ممن يتلقون العلاج بمستشفى العريش، فضلًا عن تفقد المساعدات الإنسانية والإغاثية داخل المركز اللوجيستي بالمدينة، حسب القاهرة الإخبارية.
جاء ذلك، في وقت احتشد فيه آلاف المصريين بمدينة العريش بالتزامن مع زيارة ماكرون، تلبية لدعوات أطلقها عدد من أحزاب الموالاة وفي مقدمتها حزبا مستقبل وطن وحماة الوطن بهدف دعم موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وهي الحشود التي لاقت احتفاء لافتًا من قبل وسائل الإعلام التابعة للشركة المتحدة التي نقلت على مدار الساعات الماضية مشاهد الحشود في بث مباشر، في وقت اعتبر سياسيون وخبراء أن الحشود لا تعبر عن الرأي العام المصري كاملًا، مقللين من أثرها منفردة في وقف مخطط التهجير.
لكن الأمين العام المساعد لحزب مستقبل وطن النائب عصام هلال أكد لـ المنصة أن إعلان صمود الشعب المصري على النحو الذي جاء في تلك الحشود أمام العالم كله وبالأخص أمام أكبر دول الاتحاد الأوروبي وهي فرنسا سيكون له بالغ التأثير، وقال إنها جاءت "ليبين الشعب المصري أمام الرئيس الفرنسي وأمام العالم كله وقوف الشعب خلف قيادته السياسية".
وعوّل هلال على تلك الحشود في إحداث أثر إيجابي لصالح محاولات وقف الإبادة التي يواجهها الشعب الفلسطيني والسماح بدخول المساعدات ووقف مخطط التهجير "التي تمثل قضية أساسية لا رجعة فيها"، على حد تعبيره.
وأكد هلال أن الرؤية المصرية التي تتبناها الدولة المصرية في وجه مخططات التهجير أسفرت مؤخرًا عن تغيّر كبير في الموقف الدولي.
جانب من مظاهرات العريش، 8 أبريل 2025وردًا على سؤال المنصة حول طبيعة هذا التغيير، قال هلال "يمكن إحنا شوفنا أخيرًا زيارة الرئيس الفرنسي لمصر ومدى دعم كثير من الدول الأوروبية للموقف المصري، والوقوف ضد ما يقوم به الكيان الصهيوني ضد أهلنا في فلسطين".
ومع إقراره بأهمية زيارة الرئيس الفرنسي للعريش كخطوة على صعيد الضغط السياسي لمحاولة وقف الحرب وإدخال المساعدات لقطاع غزة، يرى المتحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية وليد العماري أنه لا يزال لدى الدولة المصرية الكثير من أوراق الضغط التي تستطيع من خلالها تغيير الأوضاع، مؤكدًا أن أول هذه الأوراق يكمن في السماح للشعب بالتعبير عن رأيه للتأكيد على وجود حشود حقيقية وطبيعية ورأي عام داعم للقضية الفلسطينية وضد التهجير.
وأوضح العماري لـ المنصة أن ذلك يستدعي إتاحة الفرصة لكل المواطنين للتعبير عن رأيهم ودعمهم للفلسطينيين في مختلف المحافظات، وليس بالقاهرة فقط أو في مكان آخر محدد ومخطط له على هذا النحو الذي ظهر في العريش.
وتابع "إذا كانت هناك رغبة حقيقية لدى السلطة في خروج حشود طبيعية إلى الشارع فنحن في حاجة إلى إخلاء سبيل من ألقي القبض عليهم في مظاهرات دعم الفلسطينيين، ومن بينهم متظاهرو أكتوبر 2023 ممن خرجوا في تظاهرة كانت الدولة دعت إليها وصرحت بتنظيمها وقتها"، مشددًا على أن استمرار حبس هؤلاء "مؤشر غير جيد لباقي الناس".
وأمس قالت ثلاثة مصادر قيادية بحزب مستقبل وطن لـ المنصة، إن "جميع الأحزاب الموالية للسلطة كلفت أماناتها وأقسامها بالمحافظات بالحشد للتظاهرة عن معبر رفح، وأكدت تجهيز أوتوبيسات لنقل المواطنين وتوفير وجبات غذائية لهم".
ورفضت السلطات 3 طلبات للحركة المدنية للتظاهر منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ولم يقلل أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب من جدوى الحشود، بقوله "أي حراك داعم للقضية الفلسطينية هو مهم جدًا في هذا التوقيت الذي يمر فيه سكان قطاع غزة بمرحلة صعبة جدًا، وبالتالي فمن شأن هذه الحشود أن ترسل رسائل للإعلام الغربي بأن هناك ضغطًا في الشوارع العربية لوقف الحرب".
لكن الرقب يرى أن ذلك الأثر سيظل مقتصرًا على إرسال رسائل سياسية وإعلامية، في حين أنه وعلى الأرض يصر الاحتلال الإسرائيلي على عدم دخول المساعدات وتهجير سكان قطاع غزة، وهو ما يحتاج لمواجهته بجهود متواصلة أكثر على الصعيد الدولي.
وقال الرقب "نحتاج إلى اتخاذ مواقف ضاغطة وحادة على الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما لم يُطرح سواء في القمم العربية أو غيرها".
ومساء أمس، جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعوته لتهجير سكان غزة، مدعيًا أن "العديد من الدول" ستستقبل 2.1 مليون فلسطيني مُهجر، وأعلن مرة أخرى عن رغبته في سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة، واصفًا القطاع الفلسطيني بأنه "أرض ذات أهمية كبيرة"، وفق CNN.
وقال ترامب، في تصريحات بالبيت الأبيض إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، إن "وجود قوة سلام كالولايات المتحدة هناك، والسيطرة على قطاع غزة وامتلاكه ستكون أمرًا جيدًا"، مضيفًا "إذا أخذتَ الشعب الفلسطيني ونقلته إلى دول مختلفة، وهناك الكثير من الدول التي ستفعل ذلك، فستحصل على منطقة حرية حقيقية، سمّها منطقة الحرية، منطقة حرة، منطقة لن يُقتل فيها الناس كل يوم".
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها حشد منظم ضد التهجير، ففي نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، شارك المئات في تظاهرة أمام معبر رفح دعت إليها أحزاب وقوى سياسية وجمعيات أهلية لرفض مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير سكان غزة إلى مصر والأردن، رافعين علمي مصر وفلسطين، مرددين هتافات رافضة لتصريحات ترامب وأخرى ضد تهجير الفلسطينيين.
وذلك عقب دعوة الرئيس الأمريكي كلًا من مصر والأردن لاستقبال عدد من سكان قطاع غزة. وهو ما قوبل بالرفض القاطع من السيسي، الذي قال إن ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني "ظلم لا يمكن أن نشارك فيه"، كما قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة أثير موضوع توطين سكان القطاع في سيناء، وهو ما أكدت مصر رفضه مرارًا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، رفض السيسي تهجير سكان قطاع غزة إلى صحراء سيناء، معتبرًا أن "ذلك يعني تصفية القضية الفلسطينية".