تصميم سيف الدين أحمد، 2025
يميل القائمون على الانتخابات إلى العودة لصيغة 2015 مرة أخرى، بوجود حزب أكثرية يشكل ائتلافًا برلمانيًا

مجلس نواب 2025 بنكهة 2015

موالاة بدون أغلبية وصوت أعلى قليلًا للمعارضة

منشور الثلاثاء 23 أيلول/سبتمبر 2025

على عكس برودة انتخابات مجلس الشيوخ التي مرت في صمت ودون مفاجآت، تُضفي انتخابات مجلس النواب المزمع إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل الكثير من الإثارة على المشهد السياسي؛ بين صراعات حزبية داخلية تنذر بانفجارات لاحقة، وتوقعات بطريقة جديدة لهندسة الانتخابات وتشكيل المجلس.

خلال انتخابات النواب 2020، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات فتح باب الترشح في 17 سبتمبر/أيلول من نفس العام، وهو ما تأخر الإعلان عنه هذه المرة، بالتزامن مع صراعات تشهدها الأحزاب مع استمرار المنافسة على المقاعد، وعدم الاستقرار بعد على حصصها في القائمة الوطنية من أجل مصر.

تجتاح الصراعات الداخلية أحزاب الموالاة والمعارضة على السواء، في وقتٍ تتوقع فيه مصادر من الجانبين تغيرًا في المشهد الانتخابي، على عكس انتخابات الشيوخ التي شهدت هندسة دقيقة على مقاس الموالاة، مع تمثيل ضعيف للمعارضة من خلال القوائم، وغيابها تمامًا عن المقاعد الفردية. 

هندسة 2015

تتوقع مصادر حزبية على صلة بالتربيطات الانتخابية وكواليسها من الجانبين، أن تشهد انتخابات النواب عودةً للتمثيل المحدود للمعارضة بالمقاعد الفردية على غرار برلمان 2015، وعلى العكس من برلمان 2020 الذي سيطرت الموالاة على معظم المقاعد الفردية.

وسجّل مجلس 2015 صعودًا لبعض رموز المعارضة وتكّون خلاله تكتل 30/25 من نحو 30 نائبًا أبرزهم خالد يوسف وأحمد الطنطاوي وهيثم الحريري وضياء الدين داود وأحمد الشرقاوي وخالد عبد العزيز شعبان ومحمد عبد الغني وعبد الحميد كمال، فيما خسر التكتل في انتخابات 2020 المنافسةَ على المقاعد الفردية ولم ينجح منه سوى داود والشرقاوي، بينما استمر النائب إيهاب منصور من خلال وجوده ممثلًا للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي في القائمة.

 انتقلت صراعات الانتخابات إلى السوشيال ميديا سواء الموالاة أو المعارضة

ومع الاتجاه لفتح مجالٍ للمعارضة، تؤكد المصادر أن حزب مستقبل وطن سيفقد الأغلبية التي حصل عليها في برلمان 2020 بنسبة 52%، إذ يميل القائمون على الانتخابات إلى العودة لصيغة 2015 مرة أخرى بوجود حزب أكثرية يشكل ائتلافًا برلمانيًا على غرار ائتلاف دعم مصر، الذي جمع أحزاب الموالاة وبعض المستقلين.

رغم هذه التأكيدات تبقى جميع السيناريوهات مفتوحة حتى اللحظات الأخيرة.

صراعات الموالاة

لا يخلو موسمٌ انتخابيٌّ من الخلافات. لكنَّ البارزَ هذه المرة انتقالها إلى السوشيال ميديا، سواء الموالاة أو المعارضة، وامتداد بعضها لساحات القضاء، فيما تبقى بعض الخلافات مكتومة في انتظار الاحتواء أو الانفجار.

رغم حالة الهدوء البادية على حزب مستقبل وطن، أكد مصدران داخل الحزب وجود صراعات على الترشح سواء في القائمة أو المقاعد الفردية، فيما غابت حتى الآن قائمة سعر العضوية رغم تأكيد مصدر نيابي بالحزب، فضّل عدم نشر اسمه، أنها موجودة ويجري دفعها على هيئة تبرعات.

وأكد المصدر في حديثه إلى المنصة على وجود حالة من الغضب المكتوم في صفوف الحزب، على أمل الوصول إلى حلول.

تصريحات المصدر الحزبي تدعمها تحركات رموزه والتعليقات عليها على السوشيال ميديا، فالأمين العام للحزب ودينامو الانتخابات أحمد عبد الجواد توجه بنفسه لمنيا القمح بالشرقية لتهدئة كبار العائلات ورموز الحزب الراغبة في الترشح عن هذه الدائرة. 

مواطنون يصرفون بون المشاركة في انتخابات الشيوخ

حضور الدينامو بنفسه مؤتمرًا جماهيريًا في ديوان الأباظية بمنيا القمح، في وجود رموز العائلة والعائلات الكبرى الأخرى، عَكَس حالةَ الصدامِ التي وصلت إلى ذروة تستدعي عقد مؤتمر لاحتوائها.

خلال المؤتمر أكد عبد الجواد عدم تسمية مرشحين لمستقبل وطن بعدُ عن منيا القمح، مشددًا على أن "مفيش مرشح اتسمى عن حزب مستقبل وطن.. نبص ونشوف أهالي منيا القمح عايزين إيه"، وأكد احترامه للأباظية وتاريخها، ووجه حديثه لوزير الزراعة الأسبق أمين أباظة "إنتو كبارنا يا أمين بيه". 

أما حزب حماة الوطن الذي شارك في تأسيسه عددٌ من القيادات العسكرية السابقة، فلم يعتد على كشف صراعاته الداخلية على السوشيال ميديا. ولكن الصراعات انفجرت ووصلت لذروتها بالفيديو الذي نشرته عضوة الحزب حنان شرشار وتسبب في أزمة شديدة واستقالات جماعية.

قالت حنان شرشار إن أمين عام الحزب بالجيزة نافع عبد الهادي أبلغها أن المطلوب لترشحها على القائمة الوطنية باسم الحزب 25 مليون جنيه، وأوضحت أن بيع العضوية يتراوح بين 25 و50 مليون. 

من ضمن معايير الترشح الملاءة المالية للكادر

وبعد صمت طويل لقيادات الحزب، تحدث رئيس هيئته البرلمانية أحمد بهاء شلبي خلال لقائه مع الإعلامي عمرو أديب، معتبرًا أن كل ما قيل "كذب وافتراء وتشهير بأحد الأمناء" في إشارة إلى أمين عام الحزب في الجيزة.

أكد شلبي أن ترشح الكادر الحزبي يخضع لعدة معايير، من ضمنها شعبيته ونشاطه الاجتماعي، ووضع من ضمن المعايير أيضًا الملاءة المالية للكادر "لأن فيه مصاريف تسويق سياسي، هل قادر على الإنفاق على التسويق والدعاية؟"، مضيفًا "عندي 3 أنواع: غير قادر، وآخر قادر يصرف على نفسه، وآخر قادر يصرف على نفسه ويتبرع".

وتابع "تحديد مبلغ للتبرع غير صحيح وعمره ما يحصل"، وقال "لو عندي مرشح وزنه النسبي جيد جدًا لكن بلا ملاءة مالية؛ الحزب يشيل".

وخلافات المعارضة 

لا تختلف الصراعات في الأحزاب المحسوبة على المعارضة، بل تتكرر حد التطابق سواء في الاعتراض على المرشحين، أو دخول المال عنصرًا في اختيار المرشحين كما جرى في أحزاب الإصلاح والتنمية، والمصري الديمقراطي الاجتماعي. 

شهد حزب الإصلاح والتنمية أزمةً قبل أسابيع، بدأت باتهامات لرئيسه محمد أنور السادات بإجراء تعديلات على اللائحة تسمح له بالبقاء رئيسًا للحزب دون الرجوع للهيئة العليا، وتقدم عضو الهيئة العليا للحزب حافظ فاروق بشكوى للجنة الأحزاب، وهو ما اعتبره السادات "حملة مرتبطة بالانتخابات البرلمانية وعدم اختيار القائمين على الدعوى ضمن مرشحي الحزب".

يرفض السادات اتهام بيع العضويات، ويتحدى أن يكشف  أحد أنه ساهم بمبلغ مادي مقابل ترشحه

بعدها ظهرت اتهاماتٌ للحزب ببيع العضوية بملايين الجنيهات لمرشحين من خارج الكوادر المعروفة، وهو ما أكد عليه عضو الحزب حسام جبران لـ المنصة، مؤكدًا أن "بيع العضوية موجود.. باتكلم مع مدير مكتب رئيس الحزب وطلبت منه الترشح والتبرع على قدر إمكانياتي، قال لي إنت تعرف إن سعر الكرسي وصل 40 و50 مليون". 

يضيف جبران "كل اللي دخلوا المجلس في 2020 باسم الحزب كانوا بالبَراشوت من خارج الحزب. المفروض أي حد لا يحق له الترشح إلا بعد ست شهور، لكن بيعملوا عضويات بتاريخ قديم". 

يرفض محمد أنور السادات رئيس الحزب اتهام بيع العضويات، ويتحدى أن يكشف  أحد أنه ساهم بمبلغ مادي مقابل ترشحه، معتبرًا أنه في هذه الفترة "الكلام كتير وهذا موسم. خاصة لمن لم يتم اختيارهم، سواء على القوائم أو المقاعد الفردية، والأيام ستثبت صحة كلامي".

يكشف السادات لـ المنصة أنهم شكّلوا لجنة لفحص وفرز استمارات الترشح، و"همّنا أيًا كان ما نتحصل عليه في القوائم هو تحقيق نجاح على المقاعد الفردية لأن هذه هي المنافسة الحقيقية، ولدينا ترتيبات لدعم مرشحينا على الفردي".

لم ينج الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بدوره من الاتهامات والخلافات، حتى استقالت أمينة المرأة منى عبد الراضي احتجاجًا على إدارة ملف الانتخابات، ثم تراجعت عن استقالتها بعد تدخل قيادات الحزب، حسب تأكيدها لـ المنصة.

تشككت منى الراغبة في الترشح في معايير الاختيار واعتمادها على الملاءة المالية للمرشحين، غير أنها تراجعت وقالت إن لجنة الانتخابات التي يرأسها أشرف حلمي وضعت معايير لتقييم راغبي الترشح، موضحة أن القدرة المالية أحد معايير الاختيار، و"كل معيار عليه درجة، لكن الملاءة المالية ليست عليها درجات كبيرة".

وأشارت إلى أن اللجنة مشكلة من 16 عضوًا وضعوا تقييمات سرية لم يطلع عليها سوى رئيس الحزب فريد زهران وزميلة أخرى في اللجنة. 

فيما لا تخفَ نائبة رئيس الحزب للشؤون المالية والإدارية مها عبد الناصر تضررها من وضع "القدرة المالية" معيارًا لاختيار المرشحين، لكنها كما تقول لـ المنصة "تبقى معيارًا من ضمن 20"، وتضيف "أنا مضرورة من هذا المعيار، لكني كنائبة لرئيس الحزب أفكر لو لم نحصل على التبرعات هنصرف منين؟ ندفع بمرشحين شباب فردي وندعمهم ونعمل مطبوعات منين؟".

ولا تعتبر مها "الحصول على تبرعٍ من كل من يحصل على كرسي في القائمة بيعًا للعضوية"، مؤكدة أنهم يدعمون الفردي و"كل مرشح بيتبرع حسب قدرته"، نافيةً وضعهم حدًا أدنى أو أقصى، وموضحة أن معايير الاختيار تتضمن عدد سنوات العضوية والخطاب السياسي والعطاء الحزبي والشعبية في الشارع. 

بينما تتوالى الصراعات داخل الأحزاب كافة، يبقى المشهد الانتخابي مفتوحًا على كل الاحتمالات؛ ما بين إعادة إنتاج صيغة قديمة تسمح بتمثيل محدود للمعارضة أو العودة لهندسة مماثلة لانتخابات الشيوخ، مع استمرار هيمنة المال والنفوذ على المقاعد.