تصوير إيناس مرزوق، المنصة.
حسام بدراوي في حواره مع المنصة

حوار| حسام بدراوي: لن أنتخب الرئيس "لمدة رابعة".. والداعون لتعديل الدستور "منافقون أكابر"

التغيير في مصر "من فوق لتحت".. والإخوان طلبوا وساطتي للقاء جمال مبارك

منشور الثلاثاء 21 تشرين الأول/أكتوبر 2025

"أرجوك ما تسمحش بتعديل الدستور "، هذه رسالة السياسي المصري الليبرالي، حسام بدراوي، لرئيس الجمهورية، في ختام حواره هذا مع المنصة الذي اشتبك فيه مع الوضع السياسي الحالي الداخلي والخارجي، والوضع الاقتصادي، وحذَّر خلاله عدة مرات من المساس بمدد الرئاسة في الدستور. 

يؤكد بدراوي على محبته للرئيس السيسي، وأنه انتخبه مرتين لكنه لن يعطيه صوته "لمرة رابعة"، موجهًا رسالة له؛ "أرجوك أعط توجيهاتك للمجتمع وللأجهزة بفتح الباب أمام الرأي الحر لأن أنا أثق بك وأثق فيك".

ورغم إيمانه بالحريات، لا يثق آخر أمين عام للحزب الوطني المنحل تمامًا في الديمقراطية، ويراها ترهن المجتمع باختيارات "الرعاع والجهلة"، ويعقد مقارناته بين عهد مبارك الذي أفضى إلى يناير 2011، والتي اعتبرها "فوضى"، والعهد الحالي الذي يراه بحاجةٍ للإصلاح من الداخل.

إصلاح من داخل النظام

تبنى بدراوي منذ انضمامه للحزب الوطني في عام 2000 نظريةَ الإصلاح من الداخل، ورغم أن رؤيته هذه انتهت بسقوط نظام مبارك وحل الحزب بعد ثورة يناير 2011، فإنه ما زال يؤمن بها ويرى أن النظام الحالي قابل للإصلاح ويدعوه للبدء في ذلك.

"مصر بحكمها القوي عبر العصور، مركزية جدًا، والإصلاح فيها يستدعي أن يكون النظام شريكًا فيما سيحدث في المستقبل، وبديل ذلك الثورات، والانقلابات"؛ يفسر سبب تبنيه لفكرة الإصلاح من الداخل وضرورة وجود البدائل الآمنة، لافتًا في الوقت ذاته إلى عدم وجود معارضة تصلح بديلًا للنظام "كان موجود أيام الرئيس مبارك، ولا يوجد النهارده".

يبني بدراوي إيمانه بالإصلاح من خلال تعديل النظام لسلوكه على أن التغيير في مصر دائمًا ما يكون "من فوق لتحت. ما بتتغيرش من تحت لفوق، لأن القيادة في مصر تستطيع أن تفعل في سنين قليلة وشهور ما لا يستطيعه التغيير من القاعدة إلى أعلى".

في الوقت نفسه يشدد على أن هذه الفكرة لا تعني عدم الإنصات للآراء الأخرى أو عدم الاهتمام بما هو غير مركزي "أنا مؤمن بأن الأغلبية لازم يُستمع إليها، عشان كده فيه نظام اسمه اللامركزية، مفروض اللي من خلاله تستمع إلى نبض الشارع".

المخابرات الأمريكية والإنجليزية دفعت نحو حكم الإخوان المسلمين لمصر

يتمتع الرجل الذي تعرض لضغوط وحروب من الحرس القديم للحزب الوطني بميزة النفس الطويل. رغم ذلك لم تثمر تجاربه الحزبية والسياسية بعد 2011 ولم ينته لبناء تنظيم يملأ فراغ الحزب الوطني، مع كشفه أنه حاول ذلك وانحاز لضرورة وجود قوة وازنة في الشارع، مع إمكانية تغيير القيادات، "حاولت إقناع المشير طنطاوي إن حل الحزب الوطني بعد اختفاء قياداته ليس قرارًا صحيحًا، لأن في نهاية الأمر الحزب كان فيه 3 ونص مليون شخص، ويمثل أغلب العائلات المصرية في الأرياف".

حسام بدراوي في حواره مع المنصة أكتوبر 2025

يشير إلى طلبه عدم حل الحزب لأن بقاءه "ككتلة شعبية سيكون هو المواجه للكتلة الأخرى وهي الإخوان المسلمين"، ويضيف متحدثًا عن المشير طنطاوي، رئيس المجلس العسكري الحاكم ما بعد يناير 2011، "قلت له يا فندم لو حليت الحزب الوطني النهارده، فأنت بتعطي الأغلبية للجانب المنظم شعبيًا".

يرفض السياسي الذي دخل عالم السياسة عام 1995 اعتبار السياق السياسي حينها، والثورة ضد النظام، مبررًا لحل  الحزب "لا يوجد مبرر، لو كنت عملت انتخابات رئاسية قبل الانتخابات البرلمانية، ما كانش الدنيا مشيت في السكة اللي مشيت فيها، ده أنت في عز ما بتطرق بالمطارق على الحزب الوطني، أحمد شفيق خد 12 مليون صوت في انتخابات مع ممثل الإخوان المسلمين".

المخابرات الأمريكية والبريطانية تريد حكم الإخوان

يتجنب بداروي الحديث عن المبررات وحالة الاستقطاب التي أدت إلى مربع الاختيار بين ممثل نظام مبارك والإخوان المسلمين "أنا الآن لا أقول السبب لكن بقول ما حدث".

ويقول إنه خلال فترة الثورة لم تكن هناك مؤسسات تقيس اتجاهات الرأي العام "وجود الناس في التحرير كان هو القياس الوحيد، والصوت العالي للإخوان كان هو القياس الوحيد".

يؤكد بداروي على وجود اتجاه في المخابرات الأمريكية والإنجليزية في السنوات التي سبقت يناير 2011 لدفع الإخوان المسلمين لحكم مصر "أتكلم عن علم وليس عن تحليل، حتى دول كانوا مقتنعين إن وجود النساء التي ترتدي حجاب في الشارع معناها إن الإخوان متحكمين، مع أن نفس المجتمع ده هو اللي مشّى الإخوان، هذا كله يكشف خلل في قياس المشهد".

استرجع بدراوي تفاصيل اللقاء الذي دار بينه وبين صديقته، رئيسة البرلمان البريطاني، بارونيس دي سوزا، بعد ستة أشهر من ثورة يناير "تناولت الغذاء معها في البرلمان البريطاني، قالت لي بالظبط: وجودك جنب الرئيس مبارك في هذه اللحظة لم يكن مطلوبًا لأنك كنت تريد إصلاح ونقلة دستورية، نحن متفقون من سنة 2005 إن الإخوان المسلمين هم اللي يحكموا البلاد العربية"، يكرر منبهًا "من 2005"، يوضح "متفقين مع المخابرات الإنجليزية والأمريكية، And if you quote me, I will deny"، أي أنها ستنكر تصريحها له لو أعلنه.

https://www.youtube.com/watch?v=P-6_0Zq91B4

وساطة بين الإخوان وجمال مبارك 

خلال وجوده في مجلس الشعب ورئاسته لجنة التعليم بعد انتخابات عام 2000، تعامل بدراوي مع نواب الإخوان المسلمين ورئيس هيئتهم البرلمانية حينها، الرئيس الأسبق محمد مرسي، "كان في اللجنة 17 إخواني" يلفت الانتباه إلى كثافة الإخوان واستهدافهم للتكتل في اللجنة التي ضمت 38 نائبًا.

"كانوا يحاولون استمالتي بكل الطرق الممكنة، لدرجة إنه في 2003 أو 2004 مش فاكر، جاءني الدكتور مرسي والكتاتني في مكتبي في لجنة التعليم طلبا مني التوسط لهما لمقابلة جمال مبارك للوقوف وراءه ليرشح نفسه رئيسًا للجمهورية"، وهو ما رفضه، "قلت لهم أنا ما بشتغلش واسطة، وعلاقتي بالأستاذ جمال علاقة مهنية بصفتي زميله في الحزب، لكننا لسنا أصدقاء نكلم بعض وننزل نأخذ قهوة مع بعض، فعايزين تقابلوه روحوا قابلوه".

يثق بدراوي في أن مرسي كما عرفه لم يتعرض للظلم وأنه "كان يمثل تنظيمًا، له أهدافه الواضحة".

التفرقة بين مصر والسعودية هدف إسرائيلي

يربط الليبرالي المصري بين ما جرى في مصر ووصول الإخوان للحكم وما تبعه في عدد من الدول العربية "ننظر لما حدث في سوريا، وما يحدث في اليمن، وما حدث في ليبيا، وما حدث في السودان، والعراق، تفكيك المجتمعات العربية كان هدفًا"، مضيفًا "ما حدث في سوريا ده غير مسبوق، إن واحد ينتقل من صفوف الإرهابيين إلى رئاسة الدولة، والعالم الغربي يرحب به ويرفع له القبعة".

ويؤكد على أن مصر لها وضع خاص "مصر مختلفة، استطاعت أن تخرج من هذا كله، وفي رأيي لو مصر والسعودية كان بينهما اتفاق اقتصادي عسكري نوعي، سيتمكن من وقف المد الصهيوني والغبي لتفكيك الدول العربية الإسلامية".

يشدد بدراوي على أن "التفرقة بين مصر والسعودية هدف إسرائيلي، وهدف مخابراتي غربي، لأن وجودهما معًا قوة لا يستهان بها في مواجهة المد الذي يطلب التفرقة داخل الشعوب العربية".

الرئيس هو المسؤول!

تولى بدراوي مهمة مستشار مجلس أمناء الحوار الوطني الذي كان قد دعا له الرئيس في أبريل/نيسان 2022، مع ذلك يقرُّ بـ"فشل الحوار "، ويشير إلى استمرار القيود على الأحزاب لأن "النظام لا يسمح  للمعارضة بأن تكبر وتمثل قوة ضغط على النظام الحاكم. السياق في مصر سياق أحادي". 

يتوقف أمام مشهد انتخابات مجلس الشيوخ "كل الإطار تقريبًا تعيين، لا توجد لدينا منافسة. تعمل قائمة واحدة وبمجرد دخولك في القائمة أنت أصبحت عضو في البرلمان لأنه لا يوجد منافسة".

يشدد بدراوي على أن "السياق السياسي لا يسمح بأن يكون لدينا معارضة ذات ثقل تقدر تقول للناس أنا بديل لنظام الحكم"، لكنه يتريث ثواني قبل أن يجيب على سؤالنا بشأن الجهة أو المسؤول عن توجيه دفة الإصلاح السياسي الآن، ثم قال "الطرف المسؤول عن ده، وكلنا نتمنى أن نرى ذلك، هو السيد رئيس الجمهورية وإدارته".

السلطة التنفيذية لا يجب أن تتحكم في السلطة التشريعية والرقابية

وإنْ أبدى بدراوي تفهمًا لمخاوف النظام من الفوضى، خاصة مع الضغوط التي تتعرض لها مصر من الخارج، وإن كان "البعض يرى أن مسك البلاد أمنيًّا بشدة أفضل لتجنب الفوضى"، فإن "رأيه عكس ذلك"، معتبرًا أن "مساحة الحرية قد تكون أفضل لنظام الحكم، وتتيح بدائل يمكن الأخذ بها".

ويشدد على أن "الحكم في مصر مرتبطٌ بالقوات المسلحة وبرئيس الجمهورية، الحقيقة كده. وبدون أن تكون السياسة مدفوعة من هاتين الجهتين، لن يحدث تغيير".

لا لدعوات المنافقين الأكابر

يحتكم بدراوي للدستور ومبدأ "الفصل بين السلطات، وأن السلطة التنفيذية لا يجب أن تتحكم في السلطة التشريعية والرقابية، وأن القضاء يجب أن يكون مستقلًا"، و"أول ما يحصل اختلالٌ ينقلب الأمر إلى حكم سلطوي"، محذرًا "بالعقل والفلسفة، أي حكم مطلق يؤدي إلى فساد مطلق، حتى لو لم يكن يريده، لذا جاء الدستور في جزء غاية في الأهمية يقر تداول السلطة، فمهما كان نجاحك ومهما كان فشلك ومهما كانت سلطتك، فأنت هتتغير".

لذا يكرر بدراوي رفضه المساس بالدستور ويحذر من تعديل مدد الرئاسة قبل أن تنتهي الفترة الثالثة والأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي في 2030 "بالشكل الحالي، لا مجال لتداول السلطة، وتعديل الدستور مرة أخرى مأساة سيعاني منها المجتمع المصري لسنوات قادمة".

في الوقت نفسه يشدد على أن البدائل لا تتوفر إلا إطار من الحريات "الناس تقول رأيها، والأحزاب تعرف تتواصل مع الجماهير لتقديم البديل"، ويتساءل هل "بعد أربع سنوات سيأتي وقت من الأوقات ونقول مصلحة البلاد تستدعي تعديل الدستور؟"، وهو ما يعتبره "خطرًا داهمًا".

يلفت بدراوي إلى أن "مد الفترة الرئاسية لفترة رابعة سبق وجربنا دفعها في 2011. دفعنا هذه الكلفة بالفعل في يناير بفوضى ومظاهرات، آينشتاين قال تعريف الغباء هو تكرار فعل نفس الشيء بنفس الطريقة في انتظار نتائج مختلفة".

يقر بدراوي بحبه وتقديره للرئيس عبد الفتاح السيسي "أعطيته صوتي مرتين، ولم أعطه صوتي في الثالثة، وبالتأكيد لن أعطيه صوتي في الرابعة". 

"المنافقين الأكابر" استخدم بدراوي هذا التعبير لوصف الداعين لتعديل الدستور، مندهشًا "كأن البلد مش مهمة وكأن كلنا نحمي نظام الحكم، بينما الحاكم هو خادم للشعب، وليس رئيسه، والشعب يريد مساحة أكبر للحرية ليتمكن من التعبير عن رأيه، والرئيس نفسه طلع قال عايزين مساحة أكبر من الحرية، والرئيس بنفسه رجع قانون الإجراءات الجنائية"؛ يرجح بدراوي أن لدى الرئيس رغبة في اتخاذ بعض القرارات أو الإجراءات "لكن الأجهزة تحته ما بتخليهاش تحصل".

لن أترشح للرئاسة

بدراوي كان أحد الأسماء المطروحة للترشح في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، "لم أفكر في الترشح، لكن الأحزاب المعارضة فكروا في ترشحي ودعمي"، يوضح "كانت هناك رسائل غير مباشرة من الأجهزة من الجائز يكون مثل شكل الانتخابات التركية، شخص له قيمة في المجتمع يترشح أمام الرئيس، والرئيس يكسب، يبقى زي ما اتقال لي كده أنت كسبان وهو كسبان والبلد كسبانة".

لم يستجب بدراوي للفكرة "هي ديكور وليست حقيقية، لأن أنا سألتهم: ماذا لو حصلت على أغلبية؟ قالوا لي: لا، ما فيش حاجة اسمها كده، ولا حتى تستطيع أن تطلب مناظرة".

ويستبعد السياسي الذي أتم 74 عامًا قبل أسابيع خوض الانتخابات المقبلة "هيكون عمري وقتها 77 سنة، أنا أفضل أرى شبابًا يؤدون هذا الدور وأدعمهم".

مع حديث بدراوي عن الشباب وفرصهم السياسية، تطرقنا إلى تقييم تجربة تنسيقية شباب الأحزاب السياسية، ووصفها بأنها جديدة على مستوى الدفع بهم في البرلمان أو المناصب التنفيذية، لكنه اعتبر أن هذه التجربة شابتها الكثير من المشاكل وتساءل "من المسؤول عن تنسيقية شباب الأحزاب؟ جهة أمنية"، مضيفًا "هل أعضاء الأحزاب في التنسيقية، ومنهم مدير مكتبي، أحرار؟ لا، هل فيه ناس كويسة جدًا؟ أنا قابلتهم، كلهم، وشايف ناس كويسة جدًا".

يتوقف أمام أزمة الإطار التي تجمع فيه التنسيقية أعضاءها "بيقولوا لهم أنتوا غير حزبيين، أنتوا تبع التنسيقية، مثل منظمة الشباب زمان، تأخذ شباب الأحزاب وتفرغهم من انتمائهم الحزبي".

بيع الكراسي بين عصرين

عاصر بداوي الانتخابات في عهد الحزب الوطني وكان أحد أطرافها، واليوم هو شاهد على طريقة إدارة العملية الانتخابية والتفاعلات الحزبية، ويتوقف أمام التغيير ما بين 2011 والآن "كنت نائبًا عن دائرة اسمها قصر النيل، فيها الزمالك وجاردن سيتي والسيدة زينب وبولاق، كنت أعرف الناس والناس يعرفوني، لكن الآن النائب يعرف مين؟ اعملوا استقصاء كده، أي حد تسألوه في الشارع مين النائب بتاعك في البرلمان؟ ما يعرفش، نحن فقدنا علاقة الناخب بالمنتخَب".

يعتبر أن نظام القائمة الواحدة أدى لما وصفه بـ"عبث هزيل، لا يصح في بلد مثل مصر"، متوقعًا أن يأتي مجلس النواب الجديد المنتظر انتخابه قبل نهاية العام الجاري تكرارًا لشكل المجلس السابق وليس تغييرًا".

يقر بدراوي بوجود بيع لعضوية البرلمان في زمن الحزب الوطني لكن ليس مثل الآن

ويبدي اندهاشه من ردود فعل المسؤولين عن مجلس النواب بعد رد الرئيس لقانون الإجراءات الجنائية، "نفس الناس يقولون عكس ما قالوه قبل ذلك، وكأن القضية كلها في إرضاء الحاكم، وليس في الحق".

بدراوي الذي خاض الانتخابات للمرة الأولى مستقلًا عام 1995 قبل انضمامه للحزب الوطني، وحدث تدخل ضده لصالح مرشح آخر ، يقول "دي كانت حاجة معروفة إن هي بتحصل في الانتخابات وقتها"، ورغم ذلك يشير إلى الفروق بين طرق إدارة الانتخابات قبل 2011 والآن "قبل 2011 كان يحدث هذا الكلام بأشكال مختلفة ويُنتقد، الآن فجاجة وعدم احترام حتى إن أنا أقول إحنا ما بنعملش كده، وعدم احترام للناخب".

ومع إقراره بوجود سياسات بيع العضوية في زمن الحزب الوطني "كان بيحصل، وكان في مرشحين يدفعوا لبعض الأشخاص المتحكمين لضمان عدم التدخل ضدهم"، فإن الوضع الآن أسوأ بكثير "أصبحت المسألة مؤسسية، المقعد له ثمن، لدخول القائمة الموحدة". 

يستبعد بدراوي وجود تشابه بين الحزب الوطني وحزب مستقبل وطن "لا توجد مقارنة نهائيًا"، يفسر "حزب مستقبل وطن لا يشكل الحكومة، ولا يدفع برئيس الوزراء، أو الوزراء، حتى وهو بيمثل الأغلبية"، ويعتبر أن هذه الأغلبية "لا تستطيع الوقوف أمام توجه السلطة التنفيذية".

يسترجع طريقة إدارة العلاقة بين الحكومة والحزب الوطني "عندما ترغب الحكومة في مد حالة الطوارئ لسنتين، ترسل للبرلمان، والحزب الحاكم يعقد اجتماعات لنوابه، ويستخدم العصا ويستخدم الكرباج، عشان الناس لما تخش تصوت لصالح طلب السلطة التنفيذية بمد حالة الطوارئ، هنا فيه جهد يتم بذله بغض النظر أراه صحيحًا أم خطأ، لكن كان هناك خشية من عدم موافقة النواب، لكن الآن ما فيش حاجة اسمها كده، إرادة السلطة التنفيذية سائرة، والسلطة التنفيذية دي مش الحكومة أساسًا، لكنها الأجهزة الأمنية وجميعهم هدفهم نبيل هدفهم مصلحة الوطن من وجهة نظرهم لكن أنا أرى أن هذا ضد مصلحة الوطن".

مبارك طلب مني الغياب عن جلسة تجديد الطوارئ ولم أحضر

يسترجع بدراوي موقفًا بينه والرئيس مبارك خلال وجوده في مجلس الشعب أثناء ترقب عرض مد حالة الطوارئ على البرلمان "كنت رئيس لجنة، لي الحق في الحديث عشر دقائق، ولست موافقًا والحزب يخشى أن أؤثر على الآخرين، ومش عارفين يعملوا حاجة معايا، ألاقي جاي لي تليفون من رئيس الجمهورية شخصيًا، يقول لي فيه إيه يا دكتور حسام، أنا عارف رأيك، ومحترمه، بس أنت ما تعرفش المخاطر اللي أنا شايفها من جوه. أنا بطلب منك ما تحضرش الجلسة".

لم يحضر القيادي بالحزب التصويت، "لأن أنا طبعًا عارف إن أنا مش هغير الرأي، وفي نفس الوقت هي بقى دي ممارسة سياسية يعني، أنا مش هغيّر، لكن في نفس الوقت عدم حضوري له معنى، ساعات يكون الصمت رسالة".

هل الديمقراطية هي الحل؟

رغم حديث بدراوي طوال الحوار عن ضرورة الحرية، وعمل الأحزاب وتداول السلطة والفصل بين السلطات، لكنه وقرب نهاية اللقاء طرح سؤالًا: "هل الديمقراطية هي الحل الوحيد للشعوب؟"، ليجيب عليه "لا، (الديمقراطية) مليانة عيوب. ممكن الرعاع وممكن الجهلة ينتخبوا من لا يصلح، أرسطو وسقراط قالوا الكلام ده".

"سقراط قال لو أنتي في مركب في سفينة، تاخدي رأي البحارة في مين يبقى القبطان؟ ولا تجيبي القبطان اللي عنده المعرفة والحكمة والقدرة إنه يقود؟"؛ يضيف "عيب الديمقراطية إنها تعمم الاختيار.. وقد لا يأتي بأفضل العناصر"، لكنه يستدرك "هل هذا يعني إن الناس ما لهاش رأي؟ لها رأي طبعًا، وهذه قيمة اللامركزية، إنك من خلال الانتخابات في الأقاليم والقرى، تعرف نبض الشارع، والحكم السوي العاقل  لما يعرف النبض ويراه خطأ في إطار التنمية اللي هي معلنة، يعمل على تغييرها من خلال برامج التوعية وليس بالفرض، طبعًا الديمقراطية مهمة لمعرفة رأي الجموع حتى لو كانوا غير متعلمين وجهلة". 

مسكنات اقتصادية

يعرّف بدراوي نفسه بأنه ليبرالي اجتماعي يتبنى أفكار حرية السوق، وسبق وأشار لأزمة تدخل الدولة وأجهزتها في الاقتصاد ومنافسة القطاع الخاص "منذ ثورة 52 والتوجه الاشتراكي، كانت الدولة تملك كل أدوات الاستثمار وأممت القطاع الخاص، النهارده أنت ما زلت بتتكلم على قطاع عام بس اديته أسماء أخرى، صناديق وأسماء جهات مرتبطة بمؤسسات في الدولة".

صفقة رأس الحكمة وأشباهها إجراءات مسكنة للخروج من مأزق لحظي

يشير إلى وجود سياسات لتخارج الدولة من الاقتصاد "لكنها لا تطبق، لأن قوة المستفيدين من بقاء الوضع كما هو عليه أكبر من قوة الدفع لتغيير ذلك"، مشددًا على أن استمرار الوضع "ليس في صالح الاقتصاد المصري".

يؤكد بدراوي مع ذلك على ضرورة استمرار الدولة "مقدم الخدمة الرئيسي في التعليم، والرعاية الصحية".

ويتوقف أمام صفقة رأس الحكمة وأشباهها ويعتبرها إجراءات مسكنة للإفلات من شبح تخلف الدولة عن سداد التزاماتها بخصوص الديون الخارجية، لكنه يشدد على أن التنمية في مصر يجب ألا يتم حصرها في التنمية عقارية وأن تكون التنمية "شاملة"، لافتًا إلى وجود مشروعات زراعية وصناعية جيدة "لا يُلقى عليها الضوء، أو الناس لم تعد تصدق إن في حاجات كويسة"، ومحذرًا من أن انتشار الرؤية السلبية بين المواطنين يمس الأمن القومي في وقت تتعرض فيه مصر لضغوط عديدة في عدة ملفات.

وسط هذه التحديات يشدد بدراوي على قوة الجيش المصري وجاهزيته، لكنه ينبه لفسلفة رئيسية وهي أن "هدف الجيش منع الحرب"، ويستبعد دخول مصر وإسرائيل مواجهة عسكرية "في رأيي هما لا يحبان مواجهة عسكرية مع بعضهما، قد يكون فيه مناوشات، لكن الحرب ليست في صالح لا مصر ولا إسرائيل، خصوصًا إن في السنوات الأخيرة اتضح إن إسرائيل هي أمريكا، فدخول حرب مع أمريكا كلام غير منطقي".

في الوقت نفسه يبدي بدراوي قلقه من التفوق التكنولوجي الخطير جدًا لدى إسرائيل و"قلقان إن معداتي العسكرية أغلبها من الغرب، من أمريكا، يقدر يوقف لك تليفونك من هناك".

مع ذلك يؤكد على أن "التطور التكنولوجي قد يكون مؤثرًا على قدراتك الدفاعية، لكن يبقى الجيش المصري مخيف بحيث إنه يستطيع منع الحرب"، وإن لجأ الآخرون لطرق غير مباشرة مثل الدخول في الاقتصاد من خلال استثمارات "هي في الحقيقة استثمارات صهيونية، أو السوشيال ميديا، أو سد النهضة".