بإذن خاص من أسرته لـ المنصة
رسام الكاريكاتير أشرف عمر

100 يوم على أشرف عمر رهن "الاحتجاز التعسفي".. ومحاميان: الحبس الاحتياطي تحوّل لهدف لا وسيلة

محمد الخولي محمد نابليون
منشور الأربعاء 30 أكتوبر 2024

أتم رسام الكاريكاتير في المنصة أشرف عمر، اليوم، 100 يوم في الحبس الاحتياطي، وهو ما اعتبره محاميه خالد علي، والمحامية الحقوقية فاطمة سراج، تأكيدًا على تحويل الحبس الاحتياطي إلى هدف وليس وسيلة لتحقيق العدل.

وكانت نيابة أمن الدولة العليا جددت حبس عمر، الأحد الماضي، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، وذلك للمرة السابعة على ذمة التحقيقات في القضية رقم 1968 لسنة 2024.

وحسب حديث خالد علي لـ المنصة يظل اللافت في موقف عمر أنه طوال المائة يوم التي قضاها في الحبس الاحتياطي لم يتم استدعاؤه إلا لجلسة تحقيق واحدة، وهي الجلسة الأولى التي استجوب فيها بعد القبض عليه. 

وأُلقي القبض على عمر في 22 يوليو/تموز الماضي، بعدما اقتحمت قوة أمنية بلباس مدني مقر سكنه، واقتادته مكبلًا معصوب العينين إلى جهة غير معلومة، إلى أن ظهر في نيابة أمن الدولة العليا بعد يومين تحديدًا في 24 يوليو، عندما أمرت نيابة أمن الدولة العليا بحبسه 15 يومًا، بعدما وجهت له تهم "الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، وبث ونشر شائعات وأخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام إحدى وسائل التواصل الاجتماعي"، وعلق البيان أن "نيابة أمن الدولة لم تقدم أي دليل بشأنها".

بعد هذه الجلسة وطيلة المدة الفائتة لم يتم سماع أقوال عمر مرة أخرى، حسبما قال خالد علي، ويستدعي هذا الأمر قانونًا، حسب علي، إخلاء سبيل عمر ولو بتدابير "لأن النيابة لو عايزه توجه له أي شيء من السهل بعد كدا تستدعيه لجلسة تحقيق، لكن استمرار حبسه على هذا النحو دون التحقيق معه يشير إلى أن الحبس الاحتياطي أصبح هدفًا في حد ذاته وأن إقراره ليس لغرض تتطلبه التحقيقات".

ويظل تجديد حبس عمر بيد نيابة أمن الدولة العليا لمدة 50 يومًا أخرى، على حد قول علي، إذ تختص بتقرير وتجديد حبس المتهمين في القضايا المعروضة عليها لمدة 150 يومًا، بعدها تنتقل سلطة تجديد الحبس لمحكمة الجنايات.

ولا يعول علي على المحكمة في إحداث أي تغيير في موقف حبس عمر "محاكم الجنايات بتتبع نفس الوضع في تجديد الحبس في كل قضايا أمن الدولة".

من جانبها، قالت مديرة وحدة المساعدة القانونية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير المحامية الحقوقية فاطمة سراج لـ المنصة إن المشكلة ليست في قانون الإجراءات الجنائية الذي وضع شروطًا واضحة للحبس الاحتياطي، وإنما في تطبيقه. 

وأضافت أن القانون نص على تدابير يمكن استخدامها مع إخلاء السبيل، التي يطلق عليها اسم تدابير احترازية، كإلزام المتهم بعدم الخروج من منزله، أو الذهاب إلى قسم الشرطة في أوقات محددة، أو منعه من الذهاب إلى أماكن معينة وهكذا.

ولفتت سراج إلى أنه "لو جرى تطبيق نصوص القانون الحالي هيخرج آلاف المساجين"، وتابعت "لكن للأسف مفيش أي رقابة قضائية مُحكمة على تطبيق النيابة نصوص القانون، ومفيش أي أدوات رادعة".

ويعرف الحبس الاحتياطي حسب التعليمات العامة للنيابات في المادة رقم 381 بأنه "إجراء من إجراءات التحقيق، غايته ضمان سلامة التحقيق الابتدائي من خلال وضع المتهم تحت تصرف المحقق وتيسير استجوابه أو مواجهته كلما استدعى التحقيق ذلك، والحيلولة دون تمكينه من الهرب أو العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود أو تهديد المجني عليه، وكذلك وقاية المتهم من احتمالات الانتقام منه وتهدئة الشعور العام الثائر بسبب جسامة الجريمة".

ومع مرور 100 يوم قضاها عمر رهن الحبس الاحتياطي، انتقدت 16 منظمة دولية استمرار حبسه، وقالت إنه يعكس مستوى حرية التعبير في مصر "حيث تضيق السلطات برسومات تنتقد الأوضاع الاقتصادية"، كما اعتبروه رسالةً لترهيب غيره من رسامي الكاريكاتير.

وطالبت المنظمات، في بيان مشترك اطلعت المنصة عليه، بـ"إنهاء احتجاز أشرف عمر التعسفي القاسي والطويل، وإسقاط كل التهم الجنائية الموجهة إليه، التي لا أساس لها من الصحة، وإطلاق سراحه فورًا حتى يعود بأمان إلى أسرته وأصدقائه".

ودعا نحو 805 من الكتاب والمثقفين والفنانين إلى الإفراج عن عمر، في بيان تضامني، مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، معتبرين أن "القبض على مثقف شاب قرر ممارسة شغفه وحقه الدستوري في التعبير بالترجمة ورسم الكاريكاتير، بل وقدم فيهما إسهامات مهمة، يعد مؤشرًا خطيرًا على تراجع حرية الثقافة والإبداع".

وأثار قرار القبض على عمر وحبسه ردود فعل غاضبة من جانب المؤسسات المهتمة بحرية الصحافة. وأدانت 34 منظمة دولية ومصرية معنية بحقوق الإنسان وحرية الصحافة، من بينها Article 19، حبس الصحفيين في مصر، وفي 7 أغسطس/آب الماضي أدانت 11 منظمة حقوقية استهداف الصحفيين وملاحقتهم أمنيًا وقضائيًا، بالإضافة إلى إخفائهم قسريًا، فقط لممارستهم مهام عملهم الصحفي.

وسبق وأدانت حملة "أنقذوا حرية الرأي" بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، في بيان لها، حملات الاعتقالات التي طالت عددًا من الصحفيين والشخصيات السياسية، مطالبة بالإفراج عن عمر والصحفي خالد ممدوح، ومؤسس الحركة المدنية الديمقراطية يحيى حسين عبد الهادي، منددةً بما وصفته بـ"الاستهداف الممنهج لحرية الرأي والصحافة، التي دأبت السلطات على قمعها خلال السنوات الماضية".

من جهتها، أدانت منظمة مراسلون بلا حدود القبض على رسام الكاريكاتير، وقال رئيس مكتب الشرق الأوسط جوناثان داغر "للأسف، ليس من الغريب في مصر أن يختفي صحفيون ثم يظهروا بعد أيام قليلة في قاعة المحكمة كسجناء"، وأضاف أن هذا النوع من الأساليب لا يليق بدولة قانون، مشددًا "يجب أن تتوقف هذه الممارسات التي تُرعب الصحفيين".

كما دعت لجنة حماية الصحفيين الأمريكية السلطات المصرية إلى الإفراج الفوري عن عمر، وأدانت منظمة العفو الدولية قرار حبسه، وقالت إنه يشير إلى تصعيد السلطات المصرية "حملتها القمعية على الحق في حرية التعبير والإعلام المستقل".