أدانت 34 منظمة دولية ومصرية معنية بحقوق الإنسان وحرية الصحافة، من بينها Article 19، حبس الصحفيين في مصر، مشيرة إلى رسام الكاريكاتير بـ المنصة أشرف عمر، و3 صحفيين آخرين هم خالد ممدوح ورمضان جويدة وياسر أبو العلا.
Article 19 هي منظمة بريطانية دولية لحقوق الإنسان، تأسست عام 1987، وتعمل على الدفاع عن حرية التعبير وحرية المعلومات وتعزيزها في جميع أنحاء العالم، واختارت الاسم إشارة إلى المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أنه "لكل شخص حق حرية الرأي والتعبير، ويتضمن الحق التمسك بالرأي دون تدخل، والبحث أو استلام المعرفة والأفكار ونقلها، من طريق الإعلام بصرف النظر عن أي عراقيل".
وطالبت المنظمات السلطات المصرية، في بيان اطلعت عليه المنصة، بالإفراج الفوري عن الصحفيين المعتقلين وإسقاط جميع الاتهامات الموجهة لهم، فضلًا عن سرعة التحقيق بشفافية في تعرض اثنين من الصحفيين المعتقلين على الأقل للتعذيب أو المعاملة اللا إنسانية، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.
وشددت المنظمات على ضرورة وقف استهداف الصحفيين عمومًا بسبب عملهم، ووضع حد لإخفاء وضع أو مكان الاحتجاز، كما طالبت السلطات المصرية بالامتثال للدستور اﻟذي ﯾﺿﻣن ﺣرﯾﺔ اﻟﺻﺣﺎﻓﺔ وﯾﺣظر اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﻘﯾدة ﻟﻠﺣرﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت اﻟﻧﺷر، واﻟﺗوﻗف ﻋن ﺣﺟب اﻟﻣواﻗﻊ اﻹﺧﺑﺎرﯾﺔ، واﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن اﺳﺗﮭداف اﻟﺻﺣﻔﯾﯾن اﻟﻣﺻرﯾﯾن وأﻓراد أﺳرھم داﺧل اﻟﺑﻼد وﺧﺎرﺟﮭﺎ.
وقالت المنسقة المؤقتة لبرنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بلجنة حماية الصحفيين الأمريكية، يجانه رضائيان، إنه "بالقبض على الصحفيِّين خالد ممدوح وأشرف عمر وإخفائهما قسريًّا، أظهر النظام المصري مجددًا التزامه المخزي باستهداف الصحفيين وانتهاك أبسط حقوق الإنسان"، وأضافت لـ المنصة "حان الوقت لكسر النمط المصري طويل الأمد وإطلاق سراح ممدوح وعمر، وإسقاط كافة التهم الموجهة إليهما".
من بين المنظمات الموقعة لجنة حماية الصحفيين الأمريكية، وراﺑطﺔ رﺳﺎﻣﻲ اﻟﻛﺎرﯾﻛﺎﺗﯾر اﻟﻛﻧدﯾﯾن، وﻣؤﺳﺳﺔ "ﻓﻧﺎﻧون ﻓﻲ ﺧطر"، وﺟﻣﻌﯾﺔ رﺳﺎﻣﻲ اﻟﻛﺎرﯾﻛﺎﺗﯾر اﻷﺳﺗراﻟﯾﺔ، واﻟﺷﺑﻛﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﺣﻘوق رﺳﺎﻣﻲ اﻟﻛﺎرﯾﻛﺎﺗﯾر، وﻟﺟﻧﺔ اﻟﻌداﻟﺔ، واﻟﻣﻔوﺿﯾﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻟﻠﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت، واﻟﺟﺑﮭﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن، واﻟﻣﺑﺎدرة اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻟﻠﺣﻘوق اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ، واﻷورو-ﻣﺗوﺳطﯾﺔ ﻟﻠﺣﻘوق، وﻣؤﺳﺳﺔ رﺳﺎﻣﻲ اﻟﻛﺎرﯾﻛﺎﺗﯾر-اﻟﺣرﯾﺔ، وﻣرﻛز اﻟﺷرق اﻷوﺳط ﻟﻠدﯾﻣﻘراطﯾﺔ.
أشرف عمر آخر المعتقلين
وذكر البيان أن أشرف عمر اقتيد يوم 22 يوليو/تموز الماضي إﻟﻰ مكان مجهول لمدة يومين، قبل أن يمثل أمام نيابة أمن الدولة العليا، و"يتم اتهامه زورًا"، حسب البيان.
وأشار إلى أن نيابة أمن الدولة العليا استجوبت عمر حول رسومه الكاريكاتيرية بشأن الأوضاع الاقتصادية وأزمات الكهرباء والديون، لافتًا إلى حديث زوجته عن تعرضه للتعذيب والضرب والتهديد بالصدمات الكهربائية أثناء اختفائه قسريًا.
وبيّن بيان الجمعيات الحقوقية أن السلطات الأمنية أشارت في محضرها الرسمي إلى القبض على عمر يوم 24 يوليو في محاولة واضحة للتغطية على اختفائه يومين.
وجددت نيابة أمن الدولة العليا، أول سبتمبر/ أيلول الجاري، للمرة الثالثة، حبس عمر، 15 يومًا، على ذمة القضية 1968 لسنة 2024 حصر أمن الدولة.
وتمنع المادة 67 من الدستور "رفع أو تحريك الدعاوى، لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية، أو ضد مبدعيها، إلا عن طريق النيابة العامة"، وتمنع كذلك توقيع "عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري".
خالد ممدوح.. اتهامات مكررة
أوضح البيان أن الصحفي خالد ممدوح الذي يعمل لدى عرب بوست، جرى القبض عليه يوم 16 يوليو الماضي، واقتيد إلى مكان مجهول، وأثناء ذلك تعرض ابنه الأكبر لاعتداء جسدي ﻣن قبل قوات الأمن، وتمت مصادرة أجهزته الإلكترونية بما فيها هاتفه الشخصي.
"بعد 6 أيام وتحديدًا في 21 يوليو الماضي، مَثَل ممدوح أمام نيابة أمن الدولة العليا التي اتهمته بالانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها وتمويل جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة"، حسب البيان الذي لفت إلى أن محضر القبض على ممدوح كان مؤرخًا بيوم 20 ﯾوﻟﯾو وﻟﯾس ﺗﺎرﯾﺦ القبض عليه اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻓﻲ 16 ﯾوﻟﯾو، في محاولة واﺿﺣﺔ ﻟﻠﺗﻐطﯾﺔ ﻋﻠﻰ اختفائه اﻟﻘﺳري.
وﻓﻲ 26 أﻏﺳطس/آب الماضي، ﺟددت ﻧﯾﺎﺑﺔ أﻣن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺣﺑس ﻣﻣدوح 15 ﯾوﻣًﺎ إﺿﺎﻓﯾﺔ ﻋﻠﻰ ذﻣﺔ التحقيق ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ رﻗم 1282 ﻟﺳﻧﺔ 2024 ﺣﺻر أﻣن دوﻟﺔ ﻋﻠﯾﺎ.
رمضان جويدة.. 40 يومًا اختفاء قسري
وأشار البيان إلى القبض على الصحفي رﻣﺿﺎن ﺟوﯾدة، الذي يعمل لدى ﻣوﻗﻊ اليوم الإخباري، ﻓﻲ 1 مايو/أيار الماضي، بينما كان في طريقه إﻟﻰ منزله بمحافظة المنوفية، واقتيد إﻟﻰ مكان مجهول، وبعد 40 ﯾوﻣًﺎ ﻣن اﻻﺧﺗﻔﺎء اﻟﻘﺳري، ظﮭر ﺟوﯾدة أﻣﺎم ﻧﯾﺎﺑﺔ أﻣن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ، التي اتهمته ﺑﺎﻻﻧﺿﻣﺎم إﻟﻰ ﺟﻣﺎﻋﺔ إرھﺎﺑﯾﺔ وﻧﺷر أﺧﺑﺎر ﻛﺎذﺑﺔ.
وحسب البيان، قالت زوجة جويدة إن القبض عليه جاء بعدما ذﻛر اسمه أﺛﻧﺎء استجواب صحفي آخر عمل ﺳﺎﺑﻘًﺎ ﻣﻊ ﺟوﯾدة ﻓﻲ ﻣوﻗﻊ "الحرية والعدالة" التابع لجماعة الإخوان المسلمين في 2012.
وﻓﻲ 26 أﻏﺳطس الماضي، ﺟددت ﻧﯾﺎﺑﺔ أﻣن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺣﺑس ﺟوﯾدة 15 ﯾوﻣًﺎ إﺿﺎﻓﯾﺔ ﻋﻠﻰ ذﻣﺔ اﻟﺗﺣﻘﯾق ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ رﻗم 1568 ﻟﺳﻧﺔ 2024 ﺣﺻر أﻣن دوﻟﺔ ﻋﻠﯾﺎ.
ياسر أبو العلا.. "50 يومًا من التعذيب"
رابع الصحفيين المعتقلين هو ﯾﺎﺳر أﺑو اﻟﻌﻼ الذي اقتيد في 10 ﻣﺎرس/ آذار الماضي إﻟﻰ ﻣﻛﺎن ﻣﺟﮭول، وخلال استجوابه أﻣﺎم ﻧﯾﺎﺑﺔ أﻣن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ، أﺑﻠﻎ أﺑو اﻟﻌﻼ وﻛﯾل اﻟﻧﯾﺎﺑﺔ أنه ﺗﻌرض للتعذيب الجسدي والنفسي ﺧﻼل 50 ﯾوﻣًﺎ ﻣن اختفائه القسري، حسب البيان الذي استند إلى "العربي الجديد".
وتابع البيان أن زوجته نجلاء فتحي وشقيقتها جرى القبض عليهما في 27 أبريل/نيسان الماضي، وتم احتجازهما في مكان مجهول لمدة 13 يومًا ﺑﻌد ﺗﻘدﯾم ﻋدة ﺷﻛﺎوى إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﺑﺷﺄن اﺧﺗﻔﺎء زوﺟﮭﺎ.
وتابع، ﻓﻲ وﻗت ﻻﺣق، اتُهمت المرأتان ﺑﺎﻻﻧﺿﻣﺎم إﻟﻰ ﻣﻧظﻣﺔ إرھﺎﺑﯾﺔ وﻧﺷر ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻛﺎذﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﯾﺳﺑوك، وﻓﻲ 25 أﻏﺳطس، ﺟددت ﻧﯾﺎﺑﺔ أﻣن اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﺣﺑس أﺑو اﻟﻌﻼ ﻟﻣدة 15 ﯾوﻣًﺎ إﺿﺎﻓﯾﺔ ﻋﻠﻰ ذﻣﺔ اﻟﺗﺣﻘﯾق ﻓﻲ اﻟﻘﺿﯾﺔ رﻗم 1568 ﻟﺳﻧﺔ 2024 ﺣﺻر أﻣن دوﻟﺔ ﻋﻠﯾﺎ. وﺧﻼل ﺟﻠﺳﺔ اﻟﺗﺟدﯾد، أﻋﻠن أﺑو اﻟﻌﻼ أنه ﺳﯾﺑدأ إﺿراﺑًﺎ ﻋن اﻟطﻌﺎم اﺣﺗﺟﺎﺟًﺎ ﻋﻠﻰ معاملته ﻓﻲ اﻟﺳﺟن، اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻣل اﻟﺣﺑس اﻻﻧﻔرادي وﺣظر اﻟزﯾﺎرات اﻟﻌﺎﺋﻠﯾﺔ واﻟﻘﯾود اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻐﺎدرة زنزانته ﺧﻼل أوﻗﺎت ﻣﺣددة.
فرار خوفًا من تكرار الملاحقات
وقال البيان إن موجة القبض على الصحفيين أثارت حالة من الخوف والصدمة لدى عدد من الصحفيين التقتهم لجنة حماية الصحفيين، حتى إن الصحفي معتز ودنان اﻟذي سبق القبض عليه ﻓﻲ ﻓﺑراﯾر/شباط 2018 أﺛﻧﺎء عمله ﻣراﺳلًا لـ ﻋرﺑﻲ ﺑوﺳت وأُﻓرج عنه ﻓﻲ ﯾوﻟﯾو 2021، ﻏﺎدر ﻣﺻر "ﺑﺣﺛًﺎ ﻋن اﻷﻣﺎن واﻻﺳﺗﻘرار وﺧﺷﯾﺔ ﺗﻛرار ﺗﺟرﺑﺔ اﻻﻋﺗﻘﺎل"، ورغم ذلك داھﻣت ﻗوات اﻷﻣن منزله في مصر ﻣرﺗﯾن ﺑﺣﺛًﺎ عنه.
إلى جانب الصحفيين الأربعة تحتجز السلطات المصرية 11 صحفيًا آﺧرﯾن، ﻛﺛﯾر ﻣﻧﮭم ﺗﺟﺎوز اﻟﺣد اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﺣﺑس اﻻﺣﺗﯾﺎطﻲ اﻟﺑﺎﻟﻎ سنتين. ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك، ﺗﺳﺗﺧدم اﻟﺳﻠطﺎت أﺳﺎﻟﯾب ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻠﺣد ﻣن ﺣرﯾﺔ اﻟﺻﺣﺎﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻼد، ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﺣظر اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﺻﺣﻔﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ وﺗوظﯾف اﻟﻘﺎﻧون ﻟﻣﺿﺎﯾﻘﺔ اﻟﺻﺣﻔﯾﯾن ووﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼم وﻛذﻟك اﺳﺗﮭداف اﻟﺻﺣﻔﯾﯾن اﻟﻣﺻرﯾﯾن ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج وأﻓراد ﻋﺎﺋﻼﺗﮭم ﻓﻲ ﻣﺻر، حسب البيان.
وأشار إلى أن هذا السجل من حالات القبض واﺳﺗﮭداف اﻟﺻﺣﻔﯾﯾن ووﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼم اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ، ﯾؤﻛد ﺳﺑب وﺟود ﻣﺻر ﻣن ﺑﯾن أﻛﺛر 10 دول حبسًا للصحفيين ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻲ اﻟﺳﻧوات اﻷﺧﯾرة، وذﻟك وﻓﻘًﺎ ﻟﺑﯾﺎﻧﺎت ﻟﺟﻧﺔ ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﻔﯾﯾن.
إدانات سابقة لتقييد الحريات
وسبق وأدانت حملة "أنقذوا حرية الرأي" بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، في بيان، حملات القبض التي طالت عددًا من الصحفيين والشخصيات السياسية، مطالبة بالإفراج عن عمر والصحفي خالد ممدوح، ومؤسس الحركة المدنية الديمقراطية يحيى حسين عبد الهادي، منددةً بما وصفته بـ"الاستهداف الممنهج لحرية الرأي والصحافة، التي دأبت السلطات على قمعها خلال السنوات الماضية".
وأثار قرار القبض على عمر وحبسه ردود فعل غاضبة من المؤسسات المهتمة بحرية الصحافة، ففي 7 أغسطس الماضي، أدانت 11 منظمة حقوقية استهداف الصحفيين وملاحقتهم أمنيًا وقضائيًا، إضافة إلى إخفائهم قسريًا، لأسباب تتعلق بمهام عملهم.
وأدانت منظمة مراسلون بلا حدود القبض على رسام الكاريكاتير، وقال رئيس مكتب الشرق الأوسط، جوناثان داغر "للأسف، ليس من الغريب في مصر أن يختفي صحفيون، ثم يظهروا بعد أيام قليلة في قاعة المحكمة كسجناء"، مضيفًا "هذا النوع من الأساليب لا يليق بدولة قانون"، مشددًا "يجب أن تتوقف هذه الممارسات التي تُرعب الصحفيين".
وطالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالإفراج الفوري عن عمر، كما طالبت منظمتا "كاريكاتير من أجل السلام" و"حقوق رسامي الكاريكاتير" بضمان سلامته.
وأدانت منظمة "القلم الدولية" ما وصفته بـ"تصاعد قمع السلطات المصرية لحرية التعبير في الأسابيع الأخيرة"، منددة بحبس عمر.