تسلَّمت رئاسة الجمهورية في عابدين، ظهر اليوم السبت، طلبًا جديدًا بالعفو عن المبرمج والناشط السياسي علاء عبد الفتاح، بعد نحو ساعتين من رفضه "لانعدام الصلة"، فيما ناشدت 21 منظمة حقوقية دولية ومصرية رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، التحرك العاجل للإفراج عن علاء الذي يحمل الجنسية البريطانية أيضًا، وإنقاذ والدته ليلى سويف المضربة عن الطعام منذ سبتمبر/أيلول الماضي.
وحاول الوفد الذي ضم نشطاء أبرزهم المحامية الحقوقية ماهينور المصري وأحمد ماهر مؤسس حركة شباب 6 أبريل، وأحمد دومة، وأسماء محفوظ، نيابة عن عدد من النشطاء الحقوقيين والسياسيين، تسليم طلب العفو الجديد في قصر رئاسة الجمهورية في عابدين، لإطلاق سراح علاء الذي انتهت مدة حبسه القانونية في 30 سبتمبر الماضي.
قبول رئاسة الجمهورية الطلب جاء بعد نحو ساعتين من الرفض "لانقطاع الصلة بين علاء والنشطاء مقدمي الطلب" وفق ما أبلغ الموظف أعضاء الوفد، حتى انتهى الأمر إلى قبوله من ماهينور المصري موقعًا بأسماء 18 ناشطًا.
كانت أسرة علاء، المضرب عن الطعام منذ ثلاثة أشهر في سجن وادي النطرون، احتجاجًا على استمرار حبسه، تقدمت في وقت سابق بطلبين لرئاسة الجمهورية للإفراج عن علاء؛ ففي منتصف مايو/أيار الجاري، سلّمت كل شقيقته سناء سيف ورئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل، طلبًا مرفقًا به تقارير طبية لإعياء والدته الأكاديمية ليلى سويف نتيجة إضرابها عن الطعام احتجاجًا على استمرار حبسه.
ومطلع مارس/آذار الماضي، سلّم وفد نسائي متضامن مع ليلى سويف، قصر الاتحادية الرئاسي، عريضة التماس موقعة من 665 امرأة مصرية إلى انتصار السيسي زوجة الرئيس، للمطالبة بالإفراج عن علاء وإنقاذ حياة والدته.
وسبق وقدمت سناء سيف وشقيتها منى في 4 ديسمبر/كانون الأول الماضي، طلب عفو آخر من خلال وسيط إلى رئاسة الجمهورية، وقالت حينها لـ المنصة إنها قدمت طلبات مماثلة في وقت سابق من خلال لجنة العفو الرئاسي والمجلس القومي لحقوق الإنسان، لكن دون رد.
وطالب الموقعون على طلب اليوم بالإفراج عن علاء بقرار عفو أو بأي طريقة أخرى، من أجل إنقاذ حياة والدته التي تدهورت حالتها الصحية إلى حد الخطورة البالغة مساء أمس الأول.
كانت ليلى سويف البالغة من العمر 69 سنة بدأت إضرابًا كليًا عن الطعام في اليوم التالي لانقضاء محكومية علاء، لكن بعد وعود بإمكانية الوصول لحل بعد جولة من المناشدات وطلبات العفو عنه، حولت ليلى إضرابها بعد 156 يومًا لإضراب جزئي بداية مارس الماضي، حيث تناولت 300 سعر حراري في اليوم.
لكن تحركات محلية ودولية لم تُسفر عن أي جديد بشأن الإفراج عن علاء، ما دفعها قبل 9 أيام إلى معاودة الإضراب الكلي من أجل إطلاق سراح نجلها.
ومساء أمس الأول، تدهورت الحالة الصحية للأكاديمية ليلى سويف، ونُقلت إلى مستشفى سانت توماس في لندن مجددًا بعد 9 أيام من عودتها للإضراب الكلي عن الطعام احتجاجًا على استمرار حبس نجلها.
وأصدرت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ في ديسمبر 2021 حكمًا بالسجن خمس سنوات على علاء، الذي كان رهن الحبس الاحتياطي منذ سبتمبر 2019، بتهمة "نشر أخبار كاذبة". ولكن السلطات ترفض الإفراج عنه رغم انقضاء مدة محكوميته في نهاية سبتمبر الماضي.
ويقول فريق دفاع علاء إن السلطات تحتسب بداية العقوبة من تاريخ تصديق الحاكم العسكري على الحكم في يناير/كانون الثاني 2022، ولا تحتسب مدة الحبس الاحتياطي ضمن العقوبة بالمخالفة للقانون.
وتنص المادة 482 من قانون الإجراءات الجنائية على أن مدة العقوبة المقيدة للحرية تبدأ "من يوم القبض على المحكوم عليه بناءً على الحكم الواجب التنفيذ، مع مراعاة إنقاصها بمقدار مدد الحبس الاحتياطى ومدة القبض"، فيما تنص المادة 484 من القانون نفسه على أنه "يكون استنزال مدة الحبس الاحتياطي عند تعدد العقوبات المقيدة للحرية المحكوم بها على المتهم من العقوبة الأخف أولًا".
وأكد مقدمو الطلب أن استجابة الدولة له لن تُقرأ فقط كاستجابة لأسرة مكلومة ،بل كدلالة على دولة قوية عادلة قادرة على الإنصاف والإنصات لصوت مواطنيها دون انتقاص.
وتابعوا "إن إنقاذ حياة والدته ليس فقط واجبًا إنسانيًا وأخلاقيًا، بل رسالة سياسية واضحة بأن الدولة لا تغلق أبوابها أو تدير ظهرها عن صوت أمهات مصر، وتطبق القانون على معارضي النظام مثلما تطبقه على مؤيديه".
الأكاديمية ليلى سويف في مستشفى سانت توماس، 29 مايو 2025الوقت ينفد
وفي السياق نفسه، قالت 21 منظمة حقوقية دولية ومصرية، في بيان موجه إلى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إنه "لا وقت لنضيعه، ولا يمكن لهذا الظلم أن يستمر".
وأعربت المنظمات عن تقديرها لجهود ستارمر في التواصل مع الرئيس عبد الفتاح السيسي للمطالبة بالإفراج عن علاء، لكنها في الوقت نفسه شددت على أن الوقت ينفد خاصة مع تدهور حالة ليلى سويف الصحية.
والخميس قبل الماضي، تلقى السيسي اتصالًا هاتفيًا من ستارمر، ناقشا خلاله قضايا إقليمية، وقضية علاء، وخلال المكالمة، شدد ستارمر "على أهمية إنهاء معاناة عبد الفتاح وعائلته، بالنسبة له".
وحصل علاء عبد الفتاح على الجنسية البريطانية في 2021، كون والدته الأكاديمية ليلى سويف مولودة في لندن عام 1956 أثناء رحلة عمل أكاديمية لوالدتها، ما مكّنها من نيل الجنسية البريطانية إلى جانب المصرية.
ودعا البيان المشترك ستارمر إلى توضيح الأمر للسيسي بأن عدم الإفراج عن علاء ستكون له عواقب طويلة الأمد تتجاوز هذه القضية، سواء على سمعة مصر أو على مستقبل علاقتها مع بريطانيا، من السياحة إلى التجارة والاستثمار.
وأشارت إلى أن علاء لا يزال سجينًا رُغم قرار لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاحتجاز التعسفي بشأن احتجازه والذي أقرت خلاله اللجنة بأنه غير قانوني، فضلًا عن "رفض الحكومة المصرية منح المملكة المتحدة حق الوصول القنصلي لمواطنها" ما يشكل انتهاكًا آخر لالتزامات مصر بموجب القانون الدولي.
والأسبوع الماضي، طالب فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي بالإفراج الفوري عن علاء، وقال إنه "محتجزٌ تعسفيًا لدى السلطات المصرية بما يمثل انتهاكًا للقانون الدولي ويوجب إطلاق سراحه وتعويضه".
وأكدت المنظمات أن الوضع يستدعي من المملكة المتحدة أن تفكر في اللجوء إلى الآليات الدولية بما في ذلك محكمة العدل الدولية، وأن تستخدم كل الأدوات المتاحة لديها لضمان الإفراج الفوري عن الناشط السجين.
ومن بين المنظمات الموقعة على البيان؛ القلم الدولية/PEN وهيومن رايتس ووتش ومراسلون بلا حدود والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب/OMCT وأكسس ناو/Access Now ومجلس التفاهم العربي-البريطاني/CABU والشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان/EuroMed Rights وهيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية وEgyptWide لحقوق الإنسان وفير سكوير/ FairSquare ومركز الخليج لحقوق الإنسان والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان/FIDH وحملة ضد تجارة الأسلحة والمنتدى المصري لحقوق الإنسان ومؤسسة الجبهة الإلكترونية.
في السياق نفسه، أعربت لجنة حماية الصحفيين عن قلق بالغ إزاء تدهور الحالة الصحية لليلى سويف، وحثت رئيس الوزراء البريطاني على المطالبة بوضوح وإلحاح بالإفراج الفوري عن نجلها، مشيرة إلى أن "الوقت ينفد".