تصوير نورا يونس، المنصة
الصحفية رشا قنديل عقب خروجها من جلسة تحقيق في نيابة أمن الدولة العليا استمرت 8 ساعات، 25 مايو 2025.

"محاولة لإسكاتي".. رشا قنديل ومحاميها يكشفان تفاصيل 8 ساعات أمام "أمن الدولة"

نورا يونس محمد نابليون
منشور الاثنين 26 مايو 2025

قال المحامي الحقوقي نبيه الجنادي، عضو هيئة الدفاع عن الصحفية والإعلامية رشا قنديل، إن جلسة تحقيق نيابة أمن الدولة العليا معها أمس، التي امتدت لنحو 8 ساعات، تضمنت سؤالها عن تاريخها المهني والموقع الذي تنشر فيه أعمالها الصحفية، وعدد من البوستات على حساباتها على السوشيال ميديا.

وقررت نيابة أمن الدولة العليا مساء أمس إخلاء سبيل المذيعة السابقة بشبكة BBC والمتحدثة الحالية باسم حزب تيار الأمل، تحت التأسيس، بكفالة 50 ألف جنيه على ذمة القضية 4169 لسنة 2025 حصر أمن الدولة العليا، التي تتهمها فيها بـ"إذاعة وبث أخبار كاذبة عن البلاد في الداخل والخارج".

وأوضح الجنادي لـ المنصة أن جلسة التحقيق المطولة جاءت على خلفية 31 بلاغًا قدمها مواطنون من محافظات مختلفة خلال شهر مايو/أيار الحالي، وهي البلاغات التي عدتها رشا قنديل في تصريحات لـ المنصة "كيدية ومثيرة للريبة" بسبب تطابق محتواها إلى حد كبير رغم انتماء مقدميها لمحافظات مختلفة وبعيدة عن بعضها البعض.

لكن ما زاد من تشككها حول تنسيق هذه البلاغات أن المبلغين "كلهم عارفين اسمي الخماسي وتاريخ ميلادي ومحال إقامتي الأول والثاني بدقة"، مؤكدةً أن ما يدعم ذلك كون هذه البلاغات "كلها قُدمت في فترة زمنية لا تزيد عن أسبوعين وتتعلق بسلسلة تحقيقات صحفية طويلة تعود لسنة ماضية" على حد قولها.

وخلال جلسة التحقيق واجه المحقق رشا قنديل ببوست نشرته على بتاريخ 30 أبريل/نيسان الماضي، نقلت فيه تقريرًا صادرًا عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان حول "التنكيل بالمعارضين وأسرهم"، تناول الأحكام الصادرة ضد علاء عبد الفتاح وهدى عبد المنعم ومحمد أكسجين وامتثال أحمد عبد المنعم أبو الفتوح للمحاكمة، وفقًا للجنادي.

كما واجهها المحقق ببوست آخر على إنستجرام شاركت فيه مقالًا نشرته على موقع سطور حول زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لخان الخليلي، وتطرقت خلاله لتاريخ استدانة مصر من الدول الغربية.

وأضاف الجنادي أن من بين المقالات التي تضمنتها التحقيقات أيضًا مقالًا ثالثًا نشرته بتاريخ 17 مارس/آذار الماضي وعنوانه الصندوق السيادي 2 وأوردت فيه أن حبس مؤسس الحركة المدنية الديمقراطية المهندس يحيى حسين عبد الهادي، ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الأسبق المستشار هشام جنينة كان بسبب كشفهما للفساد.

كما سألها المحقق عن مقال من عدة أجزاء نشرتها بداية من 7 أبريل الماضي على موقع سطور أيضًا بعنوان مصر بين حكم العسكر والدولة البوليسية، وفقًا للجنادي.

في المقابل، لا ترى رشا قنديل هدفًا من استدعائها للتحقيق واتخاذ تلك الإجراءات معها سوى استهداف عملها الصحفي ومحاولة إسكاتها، مضيفة أن قرار إخلاء سبيلها بكفالة "يعني أن هناك قضية مفتوحة"، معتبرة ذلك "محاولة للضغط عليها لإيقاف تحقيقاتها الصحفية ببساطة".

وخلال التحقيقات أيضًا جرى مواجهتها، حسب الجنادي، بتحريات قطاع الأمن الوطني التي أيدت ارتكابها تهمة "نشر أخبار كاذبة في الداخل والخارج من شأنها الإضرار بالمصلحة العامة للبلاد وإثارة الرعب بين الناس".

وسيطرت على سير التحقيقات في هذا الشأن أسئلة وجهها له المحقق حول مقالها المعنون بـمصر على شفير انفجار، وهو مقال الذي تطرقت فيه رشا قنديل، وفقًا للجنادي، إلى مقارنة أوضاع البلاد خلال الفترة الزمنية التالية على ثورة 25 يناير بالفترة الحالية على الصعيدين الاقتصادي والأمني.

كما قارنت في المقال ذاته بين موقف مصر من حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة عام 2008، والموقف من الحرب المستمرة على القطاع منذ أكتوبر 2023 وحتى الآن، إلى جانب مقارنتها بين التجربة البرلمانية الحالية وما سبقها من تجارب برلمانية بشكل عام.

وستواجه رشا قنديل في حال إدانتها عقوبة السجن حتى خمس سنوات أو غرامة حدها الأقصى نصف مليون جنيه، أو بالعقوبتين معًا، وفق المادة 80 (د) من قانون العقوبات، المشتبه في عدم دستوريتها، التي تشدد عقوبة نشر الأخبار الكاذبة إذا وقع ذلك "خارج البلاد". 

كانت نيابة أمن الدولة العليا قررت الخميس الماضي استدعاء رشا قنديل لجلسة تحقيق حددت لها اليوم الأحد، للاستماع إلى أقوالها في تحقيقات القضية رقم 4169 لسنة 2025 حصر أمن الدولة، حسبما قال محاميها خالد علي.

وأوضح علي، في بوست على فيسبوك، أن موكلته تلقت خطابًا من النيابة إلى محل إقامتها يطلب منها الحضور لمقر النيابة في الموعد المحدد "وسوف تتواجد الدكتورة رشا قنديل بمقر النيابة في هذا اليوم رفقة فريق دفاع مكتبنا"، وهو ما علقت الإعلامية عليه بقولها "أشرف جواب جالي في حياتي"، 

وكانت رشا قنديل واجهت مؤخرًا هجومًا على خلفية نشرها ثلاث قصص صحفية على منصة سطور، حول صفقات تسليح الجيش المصري بعنوان "الترسانة المصرية"، عنوان الأولى "لمن تشتري مصر كل هذا السلاح؟"، والثانية " مفهوم الردع!"، والثالثة "سماسرة السلاح".

وهو ما دعاها إلى الرد على تلك الحملة التي وصفتها بـ"الأمنية قصيرة القامة"، عبْر فيديو على حسابها الرسمي على فيسبوك قالت فيه "التحقيقات التلاتة كانت عن الترسانة المصرية وكنت قاصدة كل كلمة فيها ولن أتراجع عنها"، منتقدة ما وصفته بـ"محاولة ابتزازها عبر تصدير نحو نص مليون شخص على كل منصة من منصات التواصل الاجتماعي للهجوم عليها".

وردًا على اتهامها بـ"شتيمة الجيش"، قالت "أنا ما شتمتش الجيش أبدًا في أي تحقيق صحفي كتبته، تحقيقاتي وشغلي على مدار 25 سنة منشورة على قناتي على يوتيوب وحسابي على فيسبوك"، مشددة على ضرورة التفريق بين الجيش المصري" اللي منهم أبويا ومنهم جدي.. الجيش العقائدي المحترم واللي فضل محترم لحد ما استغلوه قيادات وسلطة سياسية من بداية مذبحة ماسبيرو وأنت طالع".

وتابعت "الجيش المصري اللي ما يستحقش إنه يبقى بيبيع جبنة وزيتون وسردين"، موضحة أن الجيش المصري بالنسبة لها هو الجيش الذي يحارب على الجبهة قائلة "اللي أنا نص أهلي منه".

ومنذ الحكم على زوجها المعارض السياسي أحمد الطنطاوي بالسجن سنة مع الشغل، على خلفية إدانته بتهم طباعة أوراق تخص الانتخابات الرئاسية دون تصريح من الهيئة الوطنية للانتخابات، في القضية المعروفة إعلاميًا باسم التوكيلات الشعبية، تداوم رشا قنديل على التدوين عن زوجها وسبق لها عقد مؤتمر في مقر حزب الكرامة قالت فيه "إحنا بنطلب عدل لا عفو رئاسي، ولم نطلب ولن نطلب لا أنا ولا أحمد عفو، ووصية أحمد إنه لو لا قدر الله حصل إعادة تدويره في قضايا أخرى أو شيء، نتمنى إنه ما يحصلش، إننا حتى ما نطالبش بعفو صحي".

والسبت، أدانت المفوضية المصرية للحقوق والحريات استدعاء رشا قنديل للتحقيق، وطالبت الأجهزة المعنية بالتوقف عن اتباع مثل هذه الأساليب والتضييق على الصحفيين والسياسيين، بالاستدعاء للتحقيق أو سماع الأقوال في قضايا جديدة، واحترام الدستور والقانون الذي يكفل حرية التعبير عن الرأي.

واحتلت مصر المركز 170 في تصنيف مؤشر حرية الصحافة لعام 2024، الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود، ويقيم حالة حرية الصحافة في 180 دولة ومنطقة سنويًا، وهو ما يعد تراجعًا في الترتيب عن العام الماضي، الذي سجلت فيه مصر الترتيب رقم 166.

وفي تقريرها واصلت "مراسلون بلا حدود" تصنيف مصر ضمن الدول "شديدة الخطورة"، فيما يتعلق بحرية الصحافة، وهي الدول ذات اللون الأحمر الداكن، على خريطة الحريات. وتدرج تصنيف مصر على مدار السنوات العشرة الأخيرة من "صعبة" إلى "صعبة جدًا" وصولًا لـ"شديدة الخطورة".

وقال التقرير  إن "مصر لا تزال تُعد من أكبر السجون في العالم بالنسبة للصحفيين، حيث أضحت البلاد بعيدة كل البعد عن آمال الحرية التي حملتها ثورة 2011".

وندد التقرير بما وصفه بـ"انعدام التعددية في مصر"، مؤكدًا أن "الدولة تمتلك الصحف الوطنية الثلاث الأكثر شعبية؛ الأخبار والأهرام والجمهورية، أما وسائل الإعلام المستقلة فهي تئن تحت وطأة الرقابة من جهة، والملاحقات القضائية من جهة ثانية، في حين بات دور الإذاعة والتليفزيون يقتصر على الدعاية السياسية".

وقالت "مراسلون بلا حدود" في تقريرها السنوي، "أضحت الرقابة وعمليات التفتيش وإغلاق مكاتب وسائل الإعلام والاعتقالات والمحاكمات المفبركة وحالات الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي مشهدًا مألوفًا في الحياة اليومية للصحفيين المصريين. كما بات من الشائع أن تطالهم حملات التنمر والتشهير، بل ويصل الأمر حد التجسس عليهم أحيانًا هذا وقد أصبح من المفروض على المراسلين الحصول على تصاريح خاصة للتنقل إلى مناطق معينة، مثل سيناء وقناة السويس". 

وحسب تقرير للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، صادر الشهر الجاري، لا يزال هناك أكثر من 23 صحفيًا نقابيًا وغير نقابي محبوسين احتياطيًا، من بينهم رسام الكاريكاتير في المنصة أشرف عمر.

ومن بينهم أيضًا الصحفي أحمد سراج الذي ألقي القبض عليه عقب إجراؤه حوارًا صحفيًا مع ندى مغيث، زوجة أشرف عمر، حول واقعة القبض على زوجها من منزلهم.

وتنص المادة 70 من الدستور على أن "حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني مكفولة".