انتشرت عناصر أمنية بملابس رسمية ومدنية في منطقة مقابر الإمام الشافعي والسيدة نفيسة خلال الأيام الماضية، وفق ما رصدته المنصة في جولة ميدانية، مانعين دخول غير المقيمين والعاملين في المنطقتين، ما اعتبرته مديرة المكتب الإعلامي لمحافظة القاهرة عزة عتريس "إجراءات طبيعية"، بينما أرجعه آثاريين إلى احتمالية عودة هدم المقابر بعد توقف دام لنحو شهر.
وعززت تصريحات لنائبة محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية جيهان عبد المنعم، لـ المنصة، تخوفات الآثاريين، إذ أكدت استمرار تطوير مشروع القاهرة التاريخية، لأن "هذا قرار دولة"، على حد تعبيرها.
الأمر نفسه أكدته مديرة المكتب الإعلامي للمحافظ، قائلة لـ المنصة إن "مشروع القاهرة التاريخية سينفذ فهذا مشروع الدولة"، وزادت "تم إخلاء منطقة عرب يسار وإزالتها، والآن يتم التطوير في منطقة الحطابة والمنطقة المحيطة بالقلعة وميدان السيدة عائشة"، مشيرة إلى أن الإجراءات الأمنية بالمنطقة هدفها "الحفاظ على المقابر التراثية لحين صدور اللجنة المشكلة من قبل رئاسة الوزراء بشأنها".
وسبق ونشرت المنصة في 11 سبتمبر/أيلول تشكيل لجنة جديدة لتقييم جبانات القاهرة التاريخية بدلًا من اللجنة السابقة التي انسحب معظم أعضائها اعتراضًا على هدم الجبانات.
وكان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أعلن عن مشروع تطوير القاهرة التاريخية في مايو/أيار 2023، لتحويلها إلى مسارات سياحية وساحات خضراء وربط المزارات السياحية والأثرية والمقابر التاريخية.
وقال الباحث الآثاري المستقل مصطفى الصادق إن اللوادر والبلدوزرات متواجدة في المقابر، ومتوقفة حتى الآن، لكن الإجراءات الأمنية المشددة خلال الأيام الماضية تُشير إلى احتمالية عودة الهدم مرة أخرى.
وأضاف لـ المنصة أن هناك شعارًا مرفوعًا في المقابر يقول "ممنوع الاقتراب أو التصوير"، ولفت إلى أنه يتم التدقيق في كل شخص يدخل إلى المنطقة، ويُمنع أي باحث أو مهتم بالآثار من الدخول إليها.
ومن جانبها قالت أستاذة العمارة والتصميم المساعدة سابقًا في جامعة المستقبل سالي رياض لـ المنصة إنه بالفعل تم منع التصوير بمنطقة الإمام الشافعي، وفقدنا التواصل مع العديد من التُربيه، بجانب منع دخول المقابر التراثية. وأضافت أن هناك نساء مقيمات في المقابر كانت تتواصل معهن لمعرفة تفاصيل ما يحدث هناك، والآن يرفضن الحديث، معللات ذلك بأنهن تلقين تهديدات بالسجن "لو تواصلوا مع بتوع الآثار".
في غضون ذلك، أكد مصدر مسؤول بآثار منطقة الإمام الشافعي لـ المنصة، طلب عدم ذكر اسمه، أن الإجراءات الأمنية في المنطقة أصبحت أكثر تعقيدًا، لدرجة منع العديد من الطلاب والباحثين من ممارسة عملهم بحوش الباشا، مشيرًا إلى أن رجال الشرطة أصبحوا مقيمين بشكل دائم في المقابر "قاعدين على الكراسي، وأي حد يشكوا أنه غريب يطلبوا بطاقته ويشوفوا تليفونه".
وقال اثنين من التربية الذين يقيمون في مقابر الإمام الشافعي لـ المنصة إن التشديد الأمني زاد خلال اليومين الماضيين، وقال أحدهم، طلب عدم ذكر اسمه، "الشرطة منعتنا من الكلام مع أهالي الأحواش وقالولنا مهما حصل هنا محدش يرفع سماعة تليفون على حد".
بينما قال التربي الآخر، الذي طلب عدم ذكر اسمه أيضًا خوفًا من الملاحقة الأمنية، إن هناك تعليمات صدرت مؤخرًا بعدم الدفن في المقابر، "كنا بندفن عادي الفترة اللي فاتت لكن من 4 أيام قالولنا مفيش حد يدفن".
وتوقفت أعمال الهدم في المقابر منذ أسبوعين بشكل مؤقت، دون إعلان رسمي، في ظل تصاعد الضغط الشعبي والهجوم على عمليات الهدم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.