عاد مجلس النواب للانعقاد مرة أخرى بعد انتهاء الإجازة البرلمانية، وافتتح رئيس مجلس النواب حنفي جبالي دور الانعقاد الرابع، أمس الأحد، من المقر التاريخي للمجلس بوسط القاهرة.
لم نفهم سبب تأجيل قرار الانتقال للعاصمة الإدارية، ولم نجد إجابات عن تساؤلات بشأن موعد الانتقال، هل سيتزامن مع أداء الرئيس لليمين الدستورية لفترة الولاية الجديدة؟ هل يحضر النواب أداء اليمين هناك ثم يستكملون انعقادهم من المقر التاريخي للمجلس؟ هل الانتقال الكامل سيكون مع تشكيل المجلس الجديد عقب الانتخابات البرلمانية في 2025؟
عشرات الأسئلة من جانب الصحفيين والعاملين في المجلس لا تجد إجابات قاطعة ورسمية، فالمعلومات كما اعتدنا شحيحة؛ إن وُجدت، ولا وسيلة لتأكيدها مع استمرار صمت المسؤولين الأساسيين وغلق قنوات التواصل، في الوقت نفسه يُصاحب هذه التساؤلات شكر لصاحب القرار المجهول باستمرار البقاء وسط القاهرة وتأجيل شقاء رحلتنا إلى العاصمة.
البهو الفرعوني لتأييد السيسي
ندرة المعلومات بالطبع لا تقتصر على مصير الانتقال للمبنى الجديد في العاصمة الإدارية، لكنها تنعكس مباشرة على الاستعدادات للانتخابات الرئاسية، فرغم استقبال الأمانة العامة للنواب، منذ الثلاثاء الماضي، للتوقيع على نماذج تزكية المرشحين للانتخابات الرئاسية، لم يُصرح أي مسؤول في مجلس النواب بأعداد الأعضاء الموقعين لأي من المرشحين المحتملين حتى الآن.
رغم فتح المجلس المجال للصحفيين لمتابعة توقيعات النواب على نماذج التزكية في البهو الفرعوني للمجلس، وإتاحة الفرصة للتصوير بشكل مباشر دون انتظار الصور الرسمية التي ترسلها الأمانة العامة لمحرري البرلمان، اقتصر إتاحة المجال للتغطية والتصوير على مؤيدي الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أول يومين لتوقيع استمارات التزكية، الثلاثاء والأربعاء الماضيين.
بمراجعة كل الصور المرسلة من مجلس النواب على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء، ستجد جميع النواب الموقعين على استمارات التأييد من الأحزاب التي أعلنت تأييدها لترشح السيسي لفترة جديدة، مستقبل وطن، وحماة الوطن، والحرية المصري.
في حين حضر بعض النواب لتوقيع استمارات تزكية لمرشحين محتملين آخرين، لكن عملية التوقيع كانت خارج البهو الفرعوني بعيدًا عن كاميرات الصحفيين، وهو ما أكده النائب الوفدي سليمان وهدان، الذي أوضح في تصريحات لموقع الشروق الأربعاء أن نواب الوفد، وقعوا نماذج تزكية لرئيس الحزب عبد السند يمامة في مكتب الأمين العام لمجلس النواب.
لم يوثق الصحفيون على مدار اليومين توقيع استمارات تزكية من جانب نواب أحزاب الوفد أو الشعب الجمهوري أو الحزب المصري الديمقراطي.
لكن في اليوم الثالث سمح القائمون على إدارة المشهد بتوقيع نواب الوفد، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، نماذج تزكية مرشحيهم في البهو الفرعوني، وتمكنت عضوة المجلس عن الحزب المصري الديمقراطي، النائبة سناء السعيد، من توقيع استمارة تزكية لرئيس الحزب، فريد زهران، ورافقتها كاميرات الصحفيين والمصورين المعتمدين من المجلس، وهو ما تكرر مع النائب الوفدي، محمد مدينة.
مأزق الأخبار المغلوطة
بالتزامن مع غياب المعلومات من مصادرها الرسمية في مجلس النواب، نشرت بعض المواقع الصحفية الجمعة أخبارًا، بشأن حصول المرشح المُحتمل فريد زهران على 20 نموذج تزكية من النواب. حاولتُ التأكد من صحة الخبر، لكن يبدو أن الوضع لم يسمح بالإفصاح عن المعلومات الحقيقية لا من جانب مجلس النواب، ولا من جانب الحزب الذي ينتمي لما يمكن وصفه بالتيار الديمقراطي.
تساؤلات منطقية ومشروعة حاولت الحصول عليها في مرحلة تدقيق الخبر الذي لم يظهر مصدره، فحتى مساء الخميس لم يحصل زهران سوى على 5 توقيعات. أحاول وزملائي إجراء بعض الحسابات البسيطة، فالحزب المصري الديمقراطي ممثَّل بسبعة نواب في المجلس، وحتى مساء الخميس لم يوقع رئيس الهيئة البرلمانية للحزب على طلب التزكية؟ كيف جُمعت التزكيات؟ ما الأحزاب الأخرى التي اشتركت في دعم زهران؟ هل وقّع نائبا حزب العدل بعدما أعلن الحزب تأييده لزهران؟ متى تمت التوقيعات؟ هل قررت الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية منح زهران التزكيات؟ مَن المستقلين الذين ربما يكونوا وقعوا لصالح زهران؟
رفض عدد من القيادات في الحزب المصري الديمقراطي الإدلاء بتصريح واضح منسوب لهم بشأن اكتمال التزكيات، ورفضت المصادر توضيح أسماء الموقعين على نماذج التزكية من الأحزاب الأخرى، ثم خرج نائب رئيس الحزب، محمود سامي الإمام، مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه على قناة MBC، مؤكدًا جمع التزكيات.
قد تتصور أن الأمور انتهت عند هذا التصريح الرسمي من نائب رئيس الحزب، لكن صباح السبت حضر رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إيهاب منصور، لتوقيع نموذج التزكية لدعم ترشح زهران، وكشف منصور للصحفيين عدم صحة جمع التزكيات.
حالة من التخبط والارتباك وعدم صحة الأخبار، سادت منذ مساء الجمعة حتى ظهر السبت، تسبب فيها الحزب نفسه، مع غياب صدور أي بيانات توضيحية من مجلس النواب.
النائب إيهاب منصور، قال في تصريحات لـ المنصة إن المفاوضات لا تزال جارية مع بعض الأحزاب لاستكمال التزكيات، وأوضح أن الحزب سيعلن لاحقًا العدد بالكامل، فيما لم يقدم منصور تفسيرًا للارتباك الذي حدث وعدم دقة المعلومات التي تم نشرها في البداية مجهلة؛ ثم أكدها نائب رئيس الحزب في مداخلته التليفزيونية.
الواقعة نفسها تكررت بشكل يبدو أقل تعقيدًا في حزب الوفد، ففي مساء الأربعاء، نشرت بعض المواقع خبرًا دون مصدر معلوم عن اكتمال جمع تزكيات ترشح رئيس الحزب عبد السند يمامة، وهو اليوم الذي لم يتح فيه لنواب الوفد التوقيع في البهو الفرعوني على غرار الموقعين على استمارات تزكية الرئيس السيسي؛ ثم كشف بعدها نائب رئيس حزب الوفد عدم صحة الخبر موضحًا في تصريحه لموقع الشروق توقيع 17 استمارة فقط، قبل أن يصرح المتحدث باسم الحملة ياسر الهضيبي، لـ المنصة بأن الحملة جمعت 26 تزكية.
عدم صحة الأخبار وتدقيقها يُفقد الصحفيين مصداقيتهم، لكن الترويج لمعلومات غير حقيقية من جانب مصادر، وحجب المعلومات من جانب مؤسسات الدولة أو أحزاب سياسية، كما جرى في مرحلة التزكيات يمس الحق الأصيل للمواطن في المعرفة، ويجلعنا نعيد التساؤلات مرة أخرى عن الحق في الحصول على المعلومات، وإن كانت مؤسسات الدولة لديها مخاوف؛ فماذا عن الأحزاب التي يُفترض تبنيها رؤى مغايرة؟