وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب لبحث الاعتراضات على عدد من مواد مشروع القانون، وذلك بعد 5 أشهر من الموافقة عليه.
وكان مجلس النواب وافق نهائيًا على مشروع قانون الإجراءات الجنائية في 29 أبريل/نيسان الماضي، ما أعقبه انتقادات أممية "لما يتضمنه من إقرار نظام للمحاكمات عن بعد دون ضمانات كافية، وتوسيع سلطة النيابة العامة فيما يتعلق بالحجز لدى الشرطة والحبس الاحتياطي، ومنحها سلطة تقديرية واسعة في منع المحامين من الحصول على ملفات القضايا ومحاضر التحقيقات بدعوى مصلحة التحقيق".
وحسب بيان لرئاسة الجمهورية اليوم الأحد، ورد مشروع قانون الإجراءات الجنائية من مجلس النواب بتاريخ 26 أغسطس/آب الماضي بطلب إصداره "ووردت مناشدات عديدة لرئيس الجمهورية لإعادة النظر في بعض مواده".
والمواد المعترض عليها، وفق البيان، تتعلق باعتبارات الحوكمة والوضوح والواقعية "بما يوجب إعادة دراستها لتحقيق مزيد من الضمانات المقررة لحرمة المسكن ولحقوق المتهم أمام جهات التحقيق والمحاكمة، وزيادة بدائل الحبس الاحتياطي للحد من اللجوء إليه، وإزالة أي غموض في الصياغة يؤدي إلى تعدد التفسيرات أو وقوع مشاكل عند التطبيق على أرض الواقع، وإتاحة الوقت المناسب أمام الوزارات والجهات المعنية لتنفيذ الآليات والنماذج المستحدثة في مشروع القانون والإلمام بأحكامه ليتم تطبيقها بكل دقة ويسر وصولًا إلى العدالة الناجزة في إطار من الدستور والقانون".
وأشاد السيسي، وفق البيان، بجهود مجلس النواب في إقرار مشروع قانون الإجراءات الجنائية "وما استحدثه فيه من تنظيم موضوعات لأول مرة، منها إجراءات منع المتهمين من السفر ووضعهم على قوائم ترقب الوصول، وإجراءات التعويض المادي عن الحبس الاحتياطي في حالات محددة وتخفيض مدده، وإجراءات التحقيق وتجديد الحبس والمحاكمة عن بعد من خلال استخدام وسائل تقنية المعلومات، وإجراءات حماية الشهود، وإجراءات التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية، وكذلك التعديلات الجوهرية التي أدخلها مجلس النواب على عدد آخر من نصوص قانون الإجراءات الجنائية الساري".
وفي مايو/أيار الماضي أعربت لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة عن قلقها إزاء مضي السلطات المصرية قدمًا في إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وأشارت اللجنة الأممية في تقرير سلمته وقتها للحكومة المصرية إلى "استمرار منح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة النطاق بموجب قانون الطوارئ، رغم وقف العمل به، تتضمن منحه سلطة تعيين قضاة محاكم أمن الدولة طوارئ، وإيقاف التحقيقات، والإحالة للمحاكمة، والتصديق أو تعديل أو إلغاء أو تعليق العمل بأحكامها".
وأوضحت اللجنة، في التقرير الذي حصلت المنصة على نسخة منه، أنها على علم بأن محاكم الطوارئ مستمرة في نظر القضايا المحالة إليها قبل إنهاء حالة الطوارئ في أكتوبر/تشرين الأول 2021، معربة عن "قلقها" من استمرار تعرض المتهمين المحالين إلى هذه المحاكم "لإجراءات قضائية استثنائية تفتقر للقواعد الواجب مراعاتها وضمانات المحاكمة العادلة".
كما سبق ووجه سبعة من المقررين الخواص بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة رسالة مفصلة إلى الحكومة المصرية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حذروا فيها مما سيتسبب فيه مشروع القانون الجديد من عصف بحقوق كافة المواطنين المتعاملين مع منظومة العدالة الجنائية، سواء كانوا متهمين أو ضحايا أو شهودًا أو مدافعين.
ونهاية أبريل الماضي، انتقد المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة إقرار مشروع القانون "لخطورة أثره على أوضاع العدالة في مصر"، مناشدًا السيسي عدم التوقيع عليه وإعادة طرح مواده للحوار المجتمعي لتفادي "العوار الدستوري والقانوني الذي أصابه".
وقبل موافقة مجلس النواب عليه، تعرَّض مشروع قانون الإجراءات الجنائية لانتقادات من الحقوقيين ونقابة الصحفيين التي أعدت ورقةً، وأرسلت تعليقات لمجلس النواب على النصوص التي تنتقص من حقوق المواطنين خلال مرحلة القبض والتحقيق والمحاكمات.
وخلال مناقشته بالمجلس واجهت مواده اعتراضات عدة تجاهلها البرلمان، من بينها النصوص المنظمة لإجراء المحاكمات عن بعد، وتوقيع غرامة 500 جنيه على الاستشكال الثاني على الأحكام، وضوابط التحفظ على الأموال، واعتماد الأسورة الإلكترونية كإجراء احترازي بديل للحبس الاحتياطي، ومنح المواطنين حق إقامة الدعوى الجنائية ضد الموظفين العموميين.
وسبق وأعلن محامون حقوقيون، خلال مؤتمر صحفي، استضافته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، رفضهم مشروع قانون الإجراءات الجنائية، معتبرين أنه "يهدد استقرار منظومة العدالة".