رفض نواب الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي يُناقش حاليًا في مجلس النواب، كما امتنع نواب حزب التجمع عن التصويت وطالبوا بإجراء حوار مجتمعي، ووافق 33 نائبًا تحدثوا خلال الجلسة العامة للمجلس، اليوم الاثنين، مشيدين بنصوص القانون واعتبروه "هدية للشعب المصري"، وهاجم بعضهم منتقدي القانون من خارج المجلس.
كان مجلس النواب بدأ مناقشة مشروع القانون من حيث المبدأ أمس، وخصص الجلسة لحديث الوزراء وأعضاء اللجنة الفرعية من الخبراء والنواب وممثلي الجهات المختلفة التي شاركت في أعمال اللجنة التي أعدت المشروع.
واستكمل المجلس اليوم جلسات مناقشة مشروع القانون بالاستماع لرأي النواب، على أن يعقد ثالث جلسات المناقشة غدًا.
وقالت النائبة مها عبد الناصر، التي تحدثت باسم الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إن "مشروع قانون بهذا الحجم والأهمية مفروض يكون في وقت أكبر متاح للنواب من خارج اللجنة التشريعية لدراسته"، مضيفة "نرى أن المصريين يستحقون قانونًا أفضل".
ورغم إقرارها بوجود إصلاحات تمت على مشروع القانون الجديد، منها تقليص مدد الحبس الاحتياطي، رفضت عبد الناصر القانون وخصت بحديثها تقنين التعويض عن الحبس الاحتياطي الخاطئ "فرغنا المادة من مضمونها لم تعد موجودة"، كما أشارت لعدم النص على التدابير الاحترازية الإلكترونية بديلًا للحبس الاحتياطي.
وأشارت إلى أن "المشروع يتوسع في صلاحيات مأموري الضبط القضائي وإجراء تحقيقات من اختصاص النيابة، ويمنح الصلاحيات لرتب قليلة من أول شيخ الغفر، ويعطي للنيابة سلطة إحالة قضايا للمحاكمة دون تحقيق وهذا شيء خطير".
من ناحيتها، أعلنت النائبة ضحى عاصي امتناع الهيئة البرلمانية لحزب التجمع عن التصويت والمطالبة بإجراء حوار مجتمعي، وقالت "مشروع القانون يحتاج المزيد من الحوار ودعوة النقابات وفقهاء القانون وللنقاش"، مضيفة "هذا شيء طبيعي وفي كثير من المواد تشكل خطورة على فلسفة القانون، مواد بسيطة لكن في صميم أفكار الحريات والحقوق، ورغبةً منا إن القانون يطلع في أفضل صورة نطالب بإجراء حوار مجتمعي داخل أروقة المجلس".
ورغم موافقة النائب أحمد الشرقاوي على مشروع القانون من حيث المبدأ، فإنه شدد على ضرورة إجراء عدد من التعديلات خلال مناقشة المواد، وقال "هناك ارتداد للخلف في بعض المواد".
ووافق رئيس الهيئة البرلمانية لحزب العدل عبد المنعم إمام، ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية أيمن أبو العلا، على مشروع القانون. وانتقد الأخير الهجوم عليه.
من جهته، قال عضو المجلس عن حزب مستقبل وطن النائب علاء عابد "مبروك علينا القانون"، واعتبره "يؤسس لجمهورية جديدة"، وهو ذات المعنى الذي تبناه النائب محمد إسماعيل عضو المجلس عن تنسيقية شباب الأحزاب، إذ قال إن اللجنة الفرعية التي أعدت مشروع القانون "أدارت حوارًا وطنيًا مجتمعيًا بامتياز شارك فيه جميع الهيئات والمتخصصين ليخرج لنا مشروع متكامل نقدمه في الجمهورية الجديدة".
ووافق نائبان عن حزب الوفد بالمجلس على المشروع من حيث المبدأ، هما أيمن محسب ومحمد مدينة الذي اعتبر المشروع "ثورة تشريعية".
وقال النائب كريم درويش رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس إن القانون أعاد تنظيم صلاحيات مأموري الضبط القضائي وشريطة الحصول على أمر قضائي مسبب لتفتيش المنازل، ووضع ضوابط للمنع من السفر وترقب الوصول، وضوابط الحبس الاحتياطي والتعويض عنه، "كل هذا نقلة نوعية".
فيما انتقد النائب عمرو درويش معارضي مشروع القانون، وقال "الهجمة الشرسة منذ إعلان البرلمان مناقشة مشروع الإجراءات الجنائية يستدعي مننا نكون صف واحد".
وأكد النائب مصطفى بكري ضرورة التصدي "للذين يريدون النيل من مصر ومؤسساتها"، أما رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور، أحمد خليل خير الله، فقال إن "المكاسب السياسية أعمت الكثير"، مضيفًا "أن نختلف في وطن آمنين فيه خير من أن نتفق في مخيمات اللاجئين حافظوا على مصر نحن دولة مواجهة".
من جهة أخرى، انتقد المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، تجاهل تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة حقوق الإنسان بشأن مشروع القانون، لاعتراضات وملاحظات المعارضين له من الحقوقيين والنقابات المهنية التي اعترضت على ما تضمنه من إهدار للحقوق والحريات وإهدار لضمانات المحاكمة العادلة.
وتضمنت تلك الاعتراضات، حسب بيان للمركز اطلعت عليه المنصة، تقييد الحق في الدفاع، والتوسع في منح سلطة الضبطية القضائية لفئات واسعة من رجال الشرطة، واستمرار التمسك بمدد طويلة للحبس الاحتياطى دون تضمينه أي آليات لوقف ظاهرة التدوير للمتهمين.
وأكد المركز أن الإصرار على إصدار المشروع يستند إلى "الفلسفة الأمنية" التي تقدم الأمن على الحقوق والحريات، مشددًا على أنه مليء بالتبريرات غير المنطقية والمخالفة لفلسفة القانون وغايته، مجددًا رفضه القاطع للمشروع "لما يتضمنه من نصوص تخالف المعايير الدولية لحقوق الإنسان".
وكانت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية وافقت نهائيًا، في سبتمبر/أيلول الماضي، على مشروع القانون الذي أعدته لجنة فرعية شكلها مجلس النواب، قبل أن يشهد جدلًا كبيرًا واعتراضات من جانب نقابتي المحامين والصحفيين.