ناقش مجلس النواب، في جلسته العامة، اليوم، تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، ومكتب لجنة حقوق الإنسان، بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي تضمن جدولًا منفصلًا للرد على تقرير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، الصادر في أبريل/نيسان 2023، فيما حذر نقيب الصحفيين خالد البلشي من عدم دستورية القانون؛ لمجافاته مواد الدستور والاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان.
كانت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية وافقت نهائيًا، في سبتمبر/أيلول الماضي، على مشروع القانون الذي أعدته لجنة فرعية شكلها مجلس النواب، قبل أن يشهد جدلًا كبيرًا واعتراضات من جانب نقابتي المحامين والصحفيين.
وتضمن تقرير اللجنة المشتركة الرد على 9 توصيات تضمنها تقرير الأمم المتحدة، في مقدمتها مراجعة واستكمال الإطار القانوني لحماية المبلغين عن المخالفات بما يضمن الوصول للمعلومات، إذ أوضحت اللجنة أن "مشروع القانون ضَمن حماية المبلغين والشهود، حيث وَضع لأول مرة في النظام القانوني المصري تنظيمًا متكاملًا لحماية الشهود والمبلغين والمجني عليهم".
وردًا على توصية أخرى تتعلق بوجود ضمانات كافية للاستقلال الكامل للمحامين وسلامتهم، عقبت اللجنة "من أبرز التعديلات ضرورة مراعاة أحكام قانون المحاماة بما يحفظ حقوق المحامين ويضمن سريان الضمانات الإجرائية الواردة فيه أثناء سير الجلسات".
وأشارت اللجنة إلى أن المادة 40 من مشروع القانون أوجبت على مأمور الضبط القضائي إبلاغ المتهم بسبب تقييد حريته والتهم المنسوبة إليه وإرساله خلال 24 ساعة إلى سلطة التحقيق.
في السياق، عدد وزير شؤون المجال النيابية والتواصل السياسي المستشار محمود فوزي ما اعتبره مميزات المشروع، مستشهدًا بتقليص مدد الحبس الاحتياطي، ووضع أسس التعويض عنه ماديًا وأدبيًا، والتأكيد على اختصاص النيابة العامة الأصيل في تحريك الدعوى، ووضع إجراءات لحماية الشهود والمبلغين، والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في إجراءات التقاضي والمحاكمات عن بعد وتوثيق المحاكمات بالفيديو والصوت.
فيما اعتبر وزير العدل عدنان فنجري مشروع قانون الإجراءات الجنائية "تجسيدًا لجمهوريتنا الجديدة التي تقوم على تعزيز حماية حقوق الإنسان وتحقيق استقرار المجتمع وغيرها من الالتزامات الدستورية".
وأشاد وزير الخارجية وشؤون المصريين في الخارج بدر عبد العاطي بإعداد مشروع قانون جديد متكامل بشأن الإجراءات الجنائية دون الالتفات إلى تعديل القانون الذي صدر في خمسينيات القرن الماضي، مشيرًا إلى أنه "ثورة تشريعية ونقلة نوعية لمنظومة العدالة الاجتماعية تهدف لتعزيز الحقوق والحريات وتوفير ضمانات المحاكمات العادلة وتنظيم الإجراءات الجنائية".
وبالتزامن مع الجلسة العامة، أعلن نقيب الصحفيين خالد البلشي إرسال نقابة الصحفيين ردًا على تعقيب مجلس النواب بشأن ملاحظات النقابة فيما يتعلق بمشروع القانون، متضمنًا ورقة قانونية في 47 صفحة.
وشدد البلشي على مطالب النقابة بأهمية استمرار الحوار المجتمعي حول مشروع القانون قبل إقراره، مبينًا أن تعقيب النقابة تضمن أربع ملاحظات رئيسية، شملت ردودًا واضحة بالملاحظات، التي لم يشملها رد مجلس النواب على الورقة الأولى لنقابة الصحفيين، وهي المتعلقة بـ"العيوب والمخالفات الدستورية، التي تعلقت بمشروع القانون، والتي تصل إلى حد إبطال أثره لمجافاته لمواد الدستور، والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، التي صدّقت عليها مصر ونشرتها في الجريدة الرسمية".
وحذر تعقيب نقابة الصحفيين مما اعتبره تهوينًا في رد مجلس النواب حول أهمية الكشف عن شخصية مأموري الضبط القضائي، ورجال السلطة العامة عند مباشرتهم أعمالهم بما فيها القبض والتفتيش، مؤكدًا أن عدم النص على ترتيب البطلان على هذا العمل الجوهري يُفرّغ كل الضمانات الدستورية، والقانونية من مضمونها، ويعرض الأمن العام للخطر.
وأكدت النقابة أن النص بصيغته الحالية سيؤدي إلى نتائج خطيرة، منها تشجيع المجرمين والإرهابيين على انتحال صفة مأموري الضبط القضائي، ورجال السلطة العامة، وارتكاب جرائم قبض واحتجاز دون وجه حق طالما البرلمان يرى عدم أهمية هذا الإجراء، بخلاف تقنين الممارسات العملية لبعض تجاوزات مأموري الضبط القضائي، ورجال السلطة العامة بعدم الكشف عن شخصيتهم وطبيعة مأموريتهم عند القبض أو التفتيش للأفراد، فكان أولى بمشروع القانون أن يضع ضمانات لعدم التجاوز، وليس تقنينها.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، انتقدت اللجنة التشريعية بمجلس النواب إعلان نقابة الصحفيين رفضها مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وقالت إنها "لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ادعاءات مغرضة تهدف إلى إرباك الرأي العام وزعزعة الثقة في مؤسسات الدولة، حتى لو صدرت من أناس يستترون خلف جدار حرية الرأي".
وخلال الجلسة العامة، اليوم، أشار المستشار القانوني لرئيس مجلس النواب، المستشار محمد عبد العليم كفافي، إلى الانتقادات الموجهة إلى مشروع القانون، وقال "كان في انتقادات توجه لمجرد التشكيك في مشروع القانون أو أعمال اللجنة الفرعية"، مشيرًا إلى ما اعتبره "ادعاءات بأن المشروع كارثي أو يشكل خطورة ضد العدالة الجنائية والمشروع الموجود منذ الخمسينات يقال إنه الأفضل".
في السياق، قال رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي، في كلمته، "أؤكد للجميع، من مؤيدين ومعارضين لمشروع القانون، أننا طوينا مرحلةً طويلةً من النقاش، وما زالت أمامنا مراحل عديدة قادمة من المداولات والمناقشات، ونحن منفتحون للحوار والمقترحات، مؤكدين على أن اختلاف الرأي هو مصدر قوتنا، وأن الحوار البناء هو الطريق الأمثل للوصول إلى التشريع السليم".