قالت نقابة المحامين إن مشروع قانون الإجراءات الجنائية المطروح للنقاش بمجلس النواب "يتضمن مخالفات دستورية تستدعي إرساله إلى مجلس الشيوخ لمزيد من المناقشة"، وتحفظت على 10 مواد "تتضمن أوجه عوار" قررت إعداد مذكرة تفصيلية بها والمقترحات البديلة وإرسالها لمجلس النواب لأخذها في الاعتبار، حسب بيان النقابة أمس.
كان مشروع القانون المطروح للنقاش أمام لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أثار اعتراضات واسعة بين المحامين أبرزها تقييد دور الدفاع والتكريس لإجراءات غير قانونية تتبعها جهات الضبط والتحقيق ضد المتهمين ودفاعهم في الوقت الحالي، فيما دعا رئيس اللجنة المستشار إبراهيم الهنيدي، النقابة إلى التقدم بأي مقترحات لمناقشتها وأخذها في الاعتبار.
كما قررت النقابة خلال اجتماعها العاجل الذي دعت له قبل 4 أيام، فتح قنوات التواصل مع كل الجهات المعنية لعمل اللازم نحو إعادة مشروع القانون لاستكمال دراسته الواقعية والتشريعية والحوار القانوني المجتمعي بشأنها، وأكدت اعتبار مجلس النقابة والنقباء الفرعيين في حالة انعقاد دائم لمتابعة الموقف واتخاذ ما يلزم من إجراءات وقرارات في ضوء ما سيجري من مشاورات.
وذكر بيان النقابة أن المشروع المطروح "لم يحظ بالدراسة الكافية"، كما لم يسبقه حوار فاعل وموسع في المجتمع القانوني بمختلف طوائفه من القضاة والمحامين وأساتذة وفقهاء القانون ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أن مشروع القانون توسع في سلطات الضبط والتحقيق والمحاكمة على حساب حق الدفاع، والمساس بحقوق الدفاع المقررة بموجب الدساتير والقوانين المتعاقبة والمواثيق الدولية.
وسجلت النقابة عددًا من الملاحظات على مشروع القانون ذكرت منها 10 في بيانها، وقالت إنها على سبيل المثال لا الحصر، مبينة أنه لم يورد أي تعديلات تخص التأكيد على كفالة حق الدفاع بالوكالة المقرر دستوريًا، واستمرار وجوب حضور المتهم بشخصه في بعض درجات التقاضي.
وأضافت أن المشروع لم يتضمن أي تعديلات على النصوص التي تمنح سلطة التحقيق حق إجراء التحقيق بغير حضور محامي، والحق في حجب أوراق التحقيق عنه، لدرجة حرمانه من الحصول على صور من الأوراق بذريعة الضرورة والاستعجال، وغيرها من الذرائع التي لا ضابط لها.
واستطردت "أعاد المشروع صياغة ذات النصوص التي تجيز لسلطة التحقيق ندب مأمور الضبط القضائي لمباشرة إجراءات التحقيق، ومنها استجواب المتهم في بعض الحالات، وكرس ذات النصوص التي تقصر حق الطعن على الأحكام الجنائية على النيابة العامة، وحرمان المجني عليه والمدعي بالحق المدني من ذلك الحق".
كما كرس المشروع، وفق البيان، للإخلال بحقوق الدفاع في عدد من المواد بإلغاء حق المحامي في إبداء ما يعن له من دفوع أو طلبات أو ملاحظات بمحضر التحقيق على النحو المقرر بالمادة 124 من القانون الحالي، وجاء المشروع ليمنح الحق لعضو النيابة بمنع المحامي من الكلام في صياغة أقل ما توصف به أنها "تفتقر للذوق التشريعي".
وأشارت النقابة إلى أن المشروع استحدث نصًا يسمح بإخفاء شخصية الشاهد وبياناته بما يتنافى مع اعتبارات العدالة، بالاعتماد على شهادة شخص مجهل ويصدر الحكم متساندًا عليه بوصفه دليلًا في الدعوى.
في السياق، تضامن نقيب الصحفيين خالد البلشي مع مطالب ومقترحات نقابة المحامين، وقال إن قانون الإجراءات الجنائية هو العمود الرئيسي لمنظومة العدالة ودستورها، ونصوصه مكملة للدستور، وسيظل أحد أركان حماية وصون حقوق وحريات الأفراد والمجتمعات في جميع مراحل التقاضي، وأي خلل يناله سيقوض أعمدة هذه المنظومة وسيتسبب في النيل من ثقة المواطنين في نظام العدالة.
وأضاف البلشي، في بيان اليوم، أن قانون الإجراءات الجنائية سيبقى شأنًا خاصًا لكل مصري ولكل مؤسسات المجتمع المعنية بالحقوق والحريات وبتحقيق ودعم العدالة، محذرًا من أن مناقشة القانون بعيدًا عن حوار مجتمعي شامل تشارك فيه كل أركان منظومة العدالة والمواطنين وممثليهم والمؤسسات المعنية بالحقوق العامة هو علامة خطر وسيمثل انعكاس لخلل كبير ستكون أثاره وخيمة على الجميع.
تأتي هذه الاعتراضات بينما تستكمل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، اليوم، مناقشات القانون، بعدما عقدت جلستين خلال الفترة الماضية وافقت خلالهما على 102 مادة من المشروع، تمهيدًا لعرضه على الجلسة العامة للتصويت عليه.