أثار مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد المطروح للنقاش أمام لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، اعتراضات واسعة بين المحامين، في وقت دعا رئيس اللجنة المستشار إبراهيم الهنيدي، نقابة المحامين، إلى التقدم بأي مقترحات لمناقشتها وأخذها في الاعتبار.
وعقدت لجنة الشؤون الدستورية بمجلس النواب، اليوم، اجتماعها الثاني لمناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، إذ وافقت على 102 مادة من المشروع حتى الآن، تمهيدًا لعرضه على الجلسة العامة للتصويت عليه.
واعترض محامون على مواد مشروع القانون الجديد، باعتبارها "تهمش دور الدفاع وتكرس لإجراءات غير قانونية تتبعها جهات الضبط والتحقيق ضد المتهمين ودفاعهم في الوقت الحالي"، ما دفع نقيب المحامين، عبد الحليم علام، إلى دعوة مجلس النقابة العامة والنقباء الفرعيين، لحضور اجتماع عاجل، غدًا الاثنين، لبحث مشروع القانون.
وقال عضو مجلس نقابة المحامين، ربيع الملواني، إن الاجتماع يستهدف النظر في تداعيات مشروع القانون المقدم من الدولة، نظرًا لتضمنه عددًا من المواد التي تمس حق الدفاع المصان دستوريًا، إضافة إلى تناقضها مع ما قررته المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر.
وأضاف لـ المنصة أن "المشروع الجديد توسع في تقييد حق الدفاع في إبداء دفوعه بمحاضر التحقيق، وتضمن تهميشًا لدوره وبالتالي خرقًا للعدالة".
"المحامين" لا تستبعد التصعيد
وأكد الملواني أنه من المقرر إعداد مذكرة بشأن الاعتراضات على مشروع القانون بعد الاجتماع، تمهيدًا لرفعها لمجلس النواب. ولم يستبعد لجوء النقابة للتصعيد حال الإصرار على تمريره بصورته الحالية.
من جانبه، قال المحامي منتصر الزيات إن بعض مواد مشروع القانون تنال من قدر وقيمة المحاماة، وتكرس وتقنن إجراءات غير دستورية مع المتهمين أمام جهات الضبط والتحقيق، "بتحصل في الواقع دلوقتي".
وأضاف الزيات، في فيديو على فيسبوك، "واضح إنه فيه حد في دوائر ما بيستهدف التقليل من قيمة المحاماة، فيه حد بيلعب في المنطقة دي"، مثنيًا على دعوة نقيب المحامين مجلس النقابة لاجتماع طارئ، مطالبًا باستغلال توجيه رئيس الجمهورية للحكومة بشأن الأخذ بتوصيات الحوار الوطني الخاصة بالحبس الاحتياطي، كمدخل لتعديل مشروع القانون.
لكن هذه التوصيات لم تصل مجلس النواب بعد، حيث قال رئيس حزب العدل وأمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب النائب عبد المنعم إمام، خلال اجتماع لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، الأحد، إنه لم يطلع على التوصيات أو يرها منشورة في أي جهة.
بدوره، قال وزير الشؤون النيابية والقانونية والاتصال السياسي المستشار محمود فوزي، خلال الاجتماع، إنه سيتم النظر في مطالبات النواب بنشر توصيات الحبس الاحتياطي الصادرة عن الحوار الوطني، التي تم رفعها إلى رئيس الجمهورية، وفق الشروق.
وخلال الشهر الجاري، أقر مجلس أمناء الحوار الوطني 5 توصيات بشأن الحبس الاحتياطي، بينها تقليل مدده وإعادة النظر في التدابير المصاحبة له، وتم رفعها للسيسي مقترنة بقائمة بأسماء عدد من المحبوسين لنظر الإفراج عنهم، ولم تنشر حتى الآن تفاصيل التوصيات.
في ذات السياق، يرى المحامي الحقوقي، باسم طارق، أن ما تضمنه المشروع فيما يخص تنظيم الحبس الاحتياطي اقتصر على تقليل المدد ومنح المتهم الحق في التعويض، وهو حق عده "مستحيلًا".
وقال طارق لـ المنصة إن التدابير الاحترازية التي يتحدث عنها المشروع كبديل للحبس الاحتياطي جاءت دون تحديد حد أقصى، "هي بتتجدد زيها زي الحبس الاحتياطي، بحيث تبدأ النيابة العامة بفرضها على المتهم لمدة 10 أيام، ويراعي فيها نفس ضوابط التجديد المتبعة في الحبس الاحتياطي بحيث تجدد كل 15 يومًا أو 45 يومًا على حسب القضية".
ونبه طارق إلى ما وصفه بمواد "كارثية"، يزخر بها مشروع القانون، ما يجعل من الصعب حصرها، لكنه لفت إلى نقطتين يتم تسويق المشروع بهما؛ الحبس الاحتياطي، وتعويض المتهمين عن حبسهم على سبيل الخطأ، وهي مواد بها "عوار دستوري وقانوني واضح"، على حد تعبيره.
وانتقد طارق تكرار المشروع لنفس مبررات الحبس الاحتياطي المعمول بها حاليًا ومنها تطبيقه في الجنح والجنايات المعاقب عليها بالحبس أكثر من سنة، وتوقيعه خشية هروب المتهم، قائلًا "ودي مش مبرر لأنها مسؤولية وزارة الداخلية المنوط بها ضبط المتهمين سواء هرب أو لم يهرب".
وردًا على اتهامه من قبل عدد من زملائه المحامين بمشاركته في تمرير القانون من خلال عضويته باللجنة البرلمانية، بعد انتشار تصريحات صحفية له مؤيدة للمشروع، قال أمين عام نقابة المحامين، محمود الداخلي، إنه عارض مواد المشروع بشدة أمام اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، مؤكدًا أن رئيس مجلس النواب حنفي جبالي أبلغه بأن المشروع ما زال في طور المناقشة.
وأوضح الداخلي، في بوست على فيسبوك، أنه أعد مذكره شاملة بكل الاعتراضات والأسباب والمقترحات، تضمنت التحفظ على بعض المواد الخاصة بالمحامين لرفعها للنقيب العام وأعضاء مجلس النقابة لاتخاذ ما يرونه من إجراءات لوقف ما أسماه بـ"الاعتداء على حقوق الدفاع".
6 أشهر
في غضون ذلك، قال عضو الأمانة الفنية للحوار الوطني نجاد البرعي إن "مشروع الإجراءات الجنائية المطروح حاليًا من اللجنة لا يجب تمريره بحالته هذه"، مطالبًا مجلس النواب بـ"التريث في عرضه على لجنة الشؤون التشريعية ثم إقراره"، مؤكدًا أن الأمر يحتاج إلى الأخذ بتوصيات الحوار الوطني المصري في الاعتبار.
ودعا البرعي، في بوست على فيسبوك، مجلس النواب، إلى تنظيم جلسات استماع لبعض من مروا بتجربة الحبس الاحتياطي وتحقيقات النيابة العامة لسماع تجاربهم وأخذها في الاعتبار عند وضع نصوص المشروع.
يحتاج الأمر، حسب البرعي، إلى أكثر من 6 أشهر من العمل الجاد الحقيقي والفني والمهني غير المنحاز وغير السياسي، قبل أن يعرض على لجنة الشؤون التشريعية ثم على البرلمان.