أعلن محامون حقوقيون، خلال مؤتمر صحفي، استضافته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، اليوم، رفضهم مشروع قانون الإجراءات الجنائية المطروح للنقاش حاليًا بمجلس النواب تمهيدًا لإصداره، معتبرين أنه "يهدد استقرار منظومة العدالة".
شارك في المؤتمر عدد من المحامين المشتغلين على قضايا الحقوق والحريات، بينهم خالد علي وطارق خاطر وندى سعد الدين وماهينور المصري وهيثم محمدين وعلي سليمان ونبيه الجنادي وأحمد أبو العلا ماضي وهشام رمضان، وآخرون.
وقال المحامي خالد علي إن الخلل الأكبر في مشروع القانون أنه تمت صياغته "بعقلية وضع قانون عقوبات لمواجهة الأشرار، لدرجة أنه تضمن عقوبات بالفعل، في حين أنه كان يجب أن يصاغ بعقلية كفالة الحقوق والضمانات لحماية الشرفاء".
وأضاف علي، خلال كلمته، أن الحقوقيين المشاركين بالمؤتمر أعدوا مجموعة من الملاحظات على مشروع القانون في صورته النهائية التي تُناقش بمجلس النواب، وتم إرسال نسخة منها لرئاسة الجمهورية ومجلس النواب ووزارة الشؤون النيابية والاتصال السياسي.
وأشار المشاركون بالمؤتمر إلى عقدهم 15 ورشة عمل لمناقشة مشروع القانون، انتهت إلى إعلان رفضهم المشروع من حيث المبدأ، مؤكدين أن ذلك الرفض لم يمنعهم من إدخال تعديلات عليه عبر وضع نصوص ومقترحات بديلة لمواده، حتى تكون تحت بصر النواب أثناء أخذ موافقتهم من حيث المبدأ على المشروع.
وأجمل المحامون المشاركون أسباب رفضهم لذلك المشروع في 15 سببًا أهمها حاجة البلاد لمشروع قانون جديد كليًا للإجراءات الجنائية "في وقت يكرر فيه المشروع المعروض على مجلس النواب نحو 70% من نصوص قانون الإجراءات الجنائية الساري حاليًا رقم 150 لسنة 1950".
كما تضمنت أسباب الرفض أن المشروع توسع في إقرار استخدام الوسائل التكنولوجية في أمور مثل عقد المحاكمات والتحقيقات عن بعد "دون أن يولي ذات الاهتمام لاستخدامها في تطوير منظومة حقوق المتهمين ودفاعهم وضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة".
وفي هذا السياق، أكد المحامي هشام رمضان، في مداخلته، ضرورة أن يتضمن المشروع نصوصًا تتيح تصوير جلسات التحقيق والمحاكمة دون الاكتفاء بفكرة إثبات وقائعها في محاضر الجلسات، والتي لم تعد كافية لتوثيق كل ما تشهده الجلسات من دفوع وطلبات، بالإضافة لإتاحة تصوير عمليات القبض والتفتيش، مع إتاحة تفتيش الإناث عبر وسائل تكنولوجية دون لمسهم أو المساس بهم.
وشملت أسباب الرفض "توسع المشروع في منح سلطات لمأموري الضبط القضائي تتجاوز مرحلة جمع الاستدلالات، وتمتد إلى إجراء التحقيقات التي تختص بها النيابة العامة، وذلك دون النظر لمؤهلات مأموري الضبط القضائي أولئك أو رتبتهم والتي تبدأ من شيخ الغفر وحتى اللواء".
وتوضيحًا لذلك السبب؛ قال المحامي علي سليمان إن مقترحاتهم لتحسين ذلك النص تضمنت ضرورة قصر منح تلك السلطات على ضباط الشرطة فقط باعتبارهم دارسين للقانون، خاصة وأن نصوص المشروع تتضمن استثناءات تسمح لهم بإصدار أوامر الضبط والإحضار لأنفسهم وإجراء التفتيش وأعمال التحقيق، مشددًا على ضرورة الاقتصار على سؤال المتهم فقط عن الواقعة دون استجوابه بشكل كامل.
ويتوسع مشروع القانون، حسب المشاركين، في منح النيابة العامة سلطات يختص بها القاضي الطبيعي، إلى حد جعلها تجمع ما بين سلطات التحقيق والاتهام ومراقبة الاتصالات وسلطة محكمة الجنح المستأنفة في شأن مدد الحبس الاحتياطي وسلطة المنع من السفر والتحفظ على الأموال دون حد زمني أقصى وسلطة تسجيل المكالمات دون حد زمني أقصى.
وشرحًا لذلك، انتقدت المحامية ماهينور المصري إطلاق يد النيابة العامة إلى هذا الحد واعتبارها "جهة لها كل الصلاحيات"، مؤكدة أنه وسط الملامح الجيدة التي تضمنها مشروع القانون بشأن تقليص مدد الحبس الاحتياطي، فإنه تضمن مجموعة من العراقيل التي تنسف تمامًا هذا الهدف.
وأضافت المصري أن السلطة تتذرع طوال الوقت بعدم قدراتها المالية على إحلال نظام "السوار الإلكتروني" كإجراء احترازي بديلًا للحبس الاحتياطي، في حين أنها تتحمل مبالغ كبيرة في ذات الوقت جراء مسألة الحبس الاحتياطي في بناء سجون جديدة وإقرار بدائل مكلفة مثل الفيديو كونفرانس وغيرها.
وإلى ذلك، انتقد المحامي هيثم محمدين إغفال مشروع القانون النص على تحديد مدة زمنية تنتهي فيها النيابة العامة من التحقيق في القضايا المعروضة عليها، على نحو يجعل بعض هذه القضايا "مفتوحة لسنوات"، مؤكدًا أنه في حالات محددة كاتهام العمال والموظفين في قضايا تظاهر على سبيل المثال توقفهم جهات عملهم عن العمل حتى ولو أخلي سبيلهم وتمنحهم نصف أجرهم.
وشهد مجلس، خلال الأسبوع الماضي، مناقشة قانون الإجراءات الجنائية، بعدما وافقت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية نهائيًا في سبتمبر/أيلول الماضي على مشروع القانون الذي أعدته لجنة فرعية شكلها مجلس النواب، قبل أن يشهد جدلًا كبيرًا واعتراضات من جانب نقابتي المحامين والصحفيين.