صفحة المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية
السيسي وبايدن في شرم الشيخ، نوفمبر 2022

بغض النظر عن "حقوق الإنسان".. أمريكا تمنح مصر معونتها العسكرية كاملة

قسم الأخبار
منشور الخميس 12 سبتمبر 2024

أخطرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الكونجرس، الأربعاء، أنها تغاضت عن اشتراطات حقوق الإنسان المتعلقة باستقطاع جزء من المساعدات العسكرية لمصر، معلنة منح القاهرة كامل قيمتها البالغة 1.3 مليار دولار، لأول مرة في عهد الإدارة الحالية، وهو القرار الذي قُوبل بانتقادات ومطالب بإلغائه. 

وقالت رويترز إن هذه المرة الأولى منذ 2020، التي تتلقى فيها مصر المساعدات العسكرية بكامل المبلغ المنصوص عليه في اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 بين القاهرة وتل أبيب، رغم "استمرار المخاوف المتعلقة بأوضاع حقوق الإنسان في البلاد".

يأتي قرار الإدارة الأمريكية، وفق رويترز، في وقت تعتمد فيه واشنطن كثيرًا على القاهرة للتوسط في المحادثات "غير الناجحة حتى الآن" بين إسرائيل وحركة حماس، للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار يستهدف إنهاء الحرب في قطاع غزة.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في رسالة بالبريد الإلكتروني، إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أبلغ الكونجرس بأنه سيعلق شرط التصديق على مبلغ 225 مليون دولار، الذي كان مرتبطًا بسجل حقوق الإنسان في مصر بناء على "مصلحة الأمن القومي الأمريكي".

وأوضحت نيويورك تايمز أن القانون الأمريكي يفرض شروطًا على نحو ربع المساعدات العسكرية المقدمة إلى مصر كل عام. وللإفراج عنها، يتعين على وزير الخارجية أن يؤكد أن القاهرة امتثلت لمجموعة من متطلبات حقوق الإنسان.

وقال المتحدث باسم الخارجية، الذي لم تسمه رويترز، "هذا القرار مهم لتعزيز السلام الإقليمي ومساهمات مصر المحددة والمستمرة في أولويات الأمن القومي للولايات المتحدة، خاصة إتمام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وإعادة المحتجزين إلى ديارهم، وزيادة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، والمساعدة في تحقيق نهاية دائمة للصراع بين إسرائيل وحماس".

ويمثل القرار، بالنسبة لنيويورك تايمز، "تحولًا ملحوظًا للإدارة الأمريكية، فقد تولى بايدن منصبه واعدًا بعدم منح مصر شيكات مفتوحة من شأنها تمكين انتهاكات حقوق الإنسان، وفي السنوات الثلاث الماضية، حجبت إدارته على الأقل بعض المساعدات التي أقرها الكونجرس للقاهرة".

وقال السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي، الذي يرأس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط بلجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، إن واشنطن حجبت في السابق جزءًا من المساعدات العسكرية لمصر لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان مع الحفاظ على علاقتها الاستراتيجية معها.

وأضاف "لا يخفى على أحد أن مصر لا تزال دولة استبدادية شديدة القمع، ولا أرى أي سبب وجيه لتجاهل هذه الحقيقة بالتنازل عن هذه المتطلبات".

ووفق رويترز، ظلت القاهرة حليفًا إقليميًا مقربًا من واشنطن، على الرغم من "الاتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق، تضمنت التعذيب والاختفاء القسري في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي ينفي وجود سجناء سياسيين في مصر، ويقول إن الاستقرار والأمن لهما الأولوية، وإن السلطات تعمل على تعزيز الحقوق بمحاولة توفير الاحتياجات الأساسية مثل الوظائف والسكن".

خيانة لحقوق الإنسان وسيادة القانون

من جانبه، اعتبر معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط قرار إدارة بايدن "خيانة لالتزامها المعلن بحقوق الإنسان وسيادة القانون"، وقال في بيان، الأربعاء، "تولت هذه الإدارة منصبها مدعية أن حقوق الإنسان ستكون محورية للعلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ومصر. وبدلًا من ذلك، يتحرك بايدن لتقديم كل المساعدات العسكرية البالغة 1.3 مليار دولار لمصر على الرغم من أزمة حقوق الإنسان المستمرة في البلاد وفشل حكومة مصر في تحقيق تقدم واضح ومتسق بما يتماشى مع القانون الأمريكي".

"هذا القرار هو مثال مأساوي آخر على فشل الإدارة في دعم وإنفاذ القانون الأمريكي بأمانة، تمامًا كما فعلت في حالة إسرائيل"، وفق بيان معهد التحرير، مضيفًا "اختارت الإدارة استخدام إعفاء الأمن القومي على 225 مليون دولار من أصل 320 مليون دولار، متجاوزة الشروط المتعلقة بإصلاحات حقوقية حاسمة".

بالإضافة إلى ذلك "يفرج وزير الخارجية بلينكن عن المبلغ المتبقي البالغ 95 مليون دولار بالتصديق على تحقيق الحكومة المصرية، خلال العام الماضي، تقدمًا واضحًا وثابتًا في إطلاق سراح السجناء السياسيين، وتزويد المعتقلين بالإجراءات القانونية الواجبة، ومنع ترهيب ومضايقة المواطنين الأمريكيين"، حسب البيان. 

وأشار معهد التحرير إلى مواصلة قوات الأمن المصرية على مدار العام الماضي اعتقال الأفراد تعسفيًا، بمن فيهم الصحفيون والمدافعون عن حقوق الإنسان والمعارضون السياسيون، بمعدل ضعف معدل الإفراجات. كما استمرت في احتجاز السجناء السياسيين بشكل غير قانوني في ظروف مروعة داخل سجون البلاد.

"يزعم السيسي أنه يعمل على إصلاح ممارسات الحبس الاحتياطي من خلال مشروع قانون ليحل محل قانون الإجراءات الجنائية الحالي في البلاد. لكن منظمات حقوق الإنسان المصرية ونقابة المحامين المصريين ونقابة الصحفيين المصريين أثارت مخاوف جدية بشأن النص"، حسب البيان.  

وخلال فترة النقاش حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية، تجددت حالات الحبس الاحتياطي في قضايا الرأي، فألقت قوة أمنية القبض على الصحفي خالد ممدوح، المحبوس على ذمة القضية رقم 1282 لسنة 2024 حصر أمن الدولة العليا، ويواجه اتهامات بـ"الانضمام لجماعة إرهابية مع علمه بأغراضها، وارتكاب إحدى جرائم تمويل جماعة إرهابية، ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن والنظام العام".

كذلك أُلقي القبض على رسام الكاريكاتير في المنصة أشرف عمر بعدما اقتحمت قوة أمنية بلباس مدني مقر سكنه، واقتادته مكبلًا معصوب العينين إلى جهة غير معلومة إلى أن ظهر في نيابة أمن الدولة العليا بعدها بيومين تحديدًا في 24 يوليو/تموز الماضي، وما زال حتى الآن محبوسًا احتياطيًا.

ومطلع الشهر الجاري، أعلن المحامي الحقوقي خالد علي اختطاف مؤسس الحركة المدنية الديمقراطية يحيى حسين عبد الهادي، وهو في طريقه لحضور ندوة بحزب تيار الأمل "تحت التأسيس"، قبل أن يظهر في نيابة أمن الدولة العليا لتأمر بحبسه احتياطيًا أيضًا.

ووجهت النيابة وقتها لعبد الهادي تهم "الانضمام إلى جماعة إرهابية، وإساءة استخدام وسائل التواصل، وبث ونشر شائعات وأخبار كاذبة، وارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب، والتحريض على ارتكاب جريمة إرهابية"، حسب المحامي الحقوقي خالد علي، على فيسبوك

وفي بيانه، قال معهد التحرير "بدلًا من إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في ديسمبر/كانون الأول 2023، سجنت مصر مرشحي المعارضة الذين سعوا إلى الترشح للرئاسة، وكذلك موظفي حملاتهم، ورشت وأجبرت وحشدت بالقوة أثناء الانتخابات".

وأشار البيان إلى استمرار "المجموعات المهمشة، بما في ذلك الأقليات الدينية واللاجئون، في مواجهة الانتهاكات، إذ اعتقلت السلطات المصرية بشكل تعسفي ورحلت قسرًا اللاجئين وطالبي اللجوء السودانيين إلى السودان. وعلى الرغم من الوعود بخلاف ذلك، لم تحرز الحكومة المصرية أي تقدم في تعديل قانون الأحوال الشخصية لمعالجة التمييز ضد المرأة". 

وحسب البيان "قضت محكمة أمريكية قبل شهرين بأن مسؤولين مصريين رشوا رئيس لجنة العلاقات الخارجية السابق بمجلس الشيوخ في محاولة لإفساد قرار يتعلق بالأمن القومي. وبدلًا من محاسبة مصر على هذا التدخل الأجنبي الصارخ في صنع السياسات الأمريكية، يكافئ الرئيس بايدن الحكومة المصرية".

وفي مايو/أيار الماضي، واجهت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، مصر، باتهامات تداولتها تقارير إعلامية، خلال الأشهر الماضية، حول تحصيل رسوم إضافية تجاوزت الـ10 آلاف دولار للراغبين في الخروج من قطاع غزة عبر رفح والدخول للأراضي المصرية.

كما قدمت مؤسسة "دعم العدالة"، في أبريل/نيسان، تقريرًا ترصد فيه حالات اختفاء قسري لأطفال، فضلًا عن رصد 31 حالة انتهاك ضد الأطفال في مراكز احتجاز الأحداث خلال 2022.

وفي تقرير آخر أعدته الجبهة المصرية لحقوق الإنسان والمجموعة الدولية لحقوق الأقليات، الشهر الجاري، استنكرت المنظمتان قصر الدستور حق ممارسة العبادات على أصحاب الديانات السماوية، مشيرًا إلى حرمان أبناء الأقليات الدينية من ذلك.