
زياد الرحباني.. قراءة في مسيرة الالتزام والتناقض
يندُر في العالم العربي أن تنعكس في ظاهرة فنية موسيقية تقاطعاتُ وتنافراتُ التاريخ الشخصي والاجتماعي والسياسي بقدر ما انعكست في مسيرة وإنتاج زياد الرحباني. ليس فقط بسبب السياقات الاستثنائية التي تركت ملامحها على شخصه واختياراته، وإنما لأنه، عن وعي وبقصدية، استدعاها على المسرح وخارجه، وجعل من الكواليس شريكًا في إنتاجه الإبداعي، وكان يُوجِّه إشارات التلقي بنفسه، حين رأى أن يكسر مبكرًا الجدار الرابع بيننا وبينه، ويحمل حياةً خاصةً وعامةً للعلانية، يكشفها على المجتمع والجمهور، ويفض أسرارها بإصرار، ويُذيب السيرة الذاتية والعامة معًا، مُسقطًا في كثير من الأحيان الحدود بينهما.
لم تقتصر الأزمة الشخصية التي أحاطت بنشأة المراهق النابغ موسيقيًّا على ما أصاب صورتي الأم والأب من شروخ، نظرًا لتصدُّعات علاقتهما الثنائية، قبل أن يتخذ قراره بالانسلاخ عنـ"هما"، إذ سرعان ما تبع هذا القرار، ومحاولات الاستقلال والاستكشاف الأولى، اندلاع الحرب التي جعلت سؤاله عن الهوية - أو رفضها - سؤالًا مزدوجًا، يتفجَّر في لحظة فزع مروِّع وجماعي، ويحمله زياد إلى المسرح، محاولًا أن ينزع عن الفزع مهابته ويسخر منه ويواجهه بثورة نقدية عنيفة.
معالجة تمثيلات الهوية في مسرح زياد جاءت على مستويين؛ فمن ناحية كان اختيار مكانه تدريجيًّا على نقيض رمزي لمسرح العائلة، الذي ألحقه بالحكي عن كواليس خلافات الأب والأم، وجرح مكانتهما الأسطورية المتسامية في مجتمعهما، بمحبة لهما ظلت تُطل من عينيه ونبرة صوته، وكأنه يضمهما لشخصيات مسرحه، ويعيد إليهما بشريتهما، في عالمٍ موازٍ. ومن ناحية أخرى، كانت الهوية الوطنية التي أتت الحرب لتبرهن على هشاشة تصوراتها، في عينيه، تضيف لنصّه الضد-رحباني الأبعاد الاجتماعية والسياسية التي وسَّعت عالمه الفني، وحَمَته من أن يضيق ويتحوصل حول أزمة هوية شخصية يرفض أن تختزل تعريفه "شو بدكن بـ اسم العيلة... بـ الأحرف بـ الألفابتيك... حلِّو عن اسمي وحروفو... حرفيًا حرفية وفيك".
على مسرحه، يستعمل موهبته الكاريزمية ليتنصل علنًا من فعل الكاريزما، المتجسد في أيقونية العائلة الرحبانية، وسطوة تصوراتها على الجماهير؛ "الشعب المسكين" الذي أراد أن يتخيَّله صوتًا وإيقاعًا، ومحكيةً تتسلل إلى الواعي واللاواعي من خيالاته، ثم لم يستنكف أن يوسعه نقدًا وتأنيبًا، إذ يخون وعده بأن يفوق تعقُّله جنون من أشعلوا الحرب وملوك الطوائف خلال سنوات الحرب الأهلية.
أحيانًا يحاكي مسرحيًّا التماهي بين الطرفين، وأحيانًا ينادي على "العسكر" لضبط الفوضى، برغبة طفولية في الحسم، لازمته ابنًا لسنوات الحرب وذاكرة الفزع من السلاح الأهلي، أينما ساد صوته. وأخيرًا يجهد في صنع المسافة مع "شعبه"، ويجعل آخر همه أن يغضب الجمهور من مواقفه وتصريحاته، متخليًّا عن بيئة الاحتضان الرمزي، الذي تدثَّر به منذ فارق بيت الأسرة وعالمها.
https://youtu.be/bfyeR6mzo38?si=l2_5X9MvoQgwhoq8السارد الموسيقي والحرب
يجمع الالتزام الفنِّي والموسيقي بين زياد ومسيرة الأهل، وكذلك سؤال "التطور والتطوير" الذي لم يتهرَّب من إجابته واختراع طريقته الخاصة في تناوله، باعتباره سؤالًا فكريًا ذوقيًا لا هوياتيًا، وحساسية سمعية لا تتحرك في أفق زمني محدود بأفكار مثل اللحاق بالعصر، أو عبور فجوة بين الأصيل والمعاصر، أو الشرقي والغربي. سبقه الأهل بخطوات نحو مجاورة العوالم الموسيقية، والتدقيق في اختيار الأصوات وأساليب المزج بينها، ما يسميه زياد ابتكار أسلوب "لبناني عربي".
ومن بيت الأسرة كذلك تفعل الوراثة فعلها في نقل صنعة كتابة الأغاني، أي تأليف كلماتها ولحنها، ومنها تصبح معالجات الكلام من فك وتركيب واقتصاد وإسهاب وتوقيع وتنغيم، مفاتيحه الرئيسية ليؤسس عالمًا صوتيًّا متصلًا، تُلعب على خشبته عشرات الأصوات الإيقاعية والآلية والبشرية والحياتية اليومية، في حوار نابض بالحيوية، تقاطع فيه الآلات بعضها، وتحتد أصواتها في عصبية، أو تضحك في سخرية هازئة، أو تتغنج في دلال، على خلفية كل ما ينضم لها من أصوات الشارع والكائنات والجمادات، شهود على حضورنا وعالمنا؛ مشاركين متورِّطين.
إلا أن الظرف التاريخي الذي عمل الأهل في سياقه بعد استقلال لبنان، واختيارهم ضمن مجموعة من الموسيقيين توكل إليهم مهمة صناعة أغنية بهوية لبنانية، يختلف في أوجه جذرية عن الشرط الذي اختار فيه زياد الرحباني موقعه، والموقف الذي ينظر من خلاله للإنتاج الموسيقي والأشكال المسرحية والحواريات الإذاعية. يمكن القول إن طرفًا كان مسؤولًا عن تأسيس "مركزيات" فيما كان الطرف الثاني مجبولًا على إعادة تفسيرها والتحرر من سطوتها.
قاوم زياد ميلًا جماعيًّا بتحويله لنمط يُفهم وفق كلشيهات شائعة
يُقرِّب هذا التصنيف بين زياد الرحباني وسلسال من المبدعين العالميين، أمثال بوب ديلان وجورج براسنز، إيمينم وإم سي سولار، الذين تسوقهم مواهبهم وسياقاتهم ليصبحوا ساردين موسيقيين يعيدون اختراع لغة تحاكي سياقًا زمنيًّا كاملًا، في بلدهم والعالم.
بخروجه عن المتن الرحباني في زمن الحرب، كان زياد ينحت المفردات والحواريات، ويلعب بالكلام تركيبًا وتقطيعًا، على وقع انهيار محدّق، يرسم صورته المتشظية، ويشيِّد متحفًا مسرحيًّا لتحنيط الفزع داخل السخرية والميلانكوليا والترميز والإسقاط والتسامي الموسيقي.
رؤى الانهيار شظايا حارقة نافذة، ولكنها تنفر من أن تُمثِّل أحدًا، ويصعب أن تستعير صوت الحقيقة والواقعية والدعوة العقلانية، بينما تُشعل جحيمًا نقديًّا شاملًا، لا تنجو منه عائلة أو حزب أو طبقة. ولهذا تعجز عن الاكتمال كتفسيرات أيديولوجية متسقة يبثُّها فنان لشعب، وهي كما تصفها جوليا كريستيفا تحطيم لأي سردية متماسكة، وتعبير عن استحالتها؛ تتقمص وعيًا دائخًا وغائبًا، وأشباح باهتة تعيش انهيارًا صاخبًا، يحيطها شرٌ غير مفهوم، يطيح بالمعنى والقانون، ويشوِّه المكان والبشر.
الالتزام الفني والالتزام السياسي
مسيرة زياد مثيرة للتفكير والتساؤل، بسبب مزاوجته بين مسارٍ فنيٍّ يفتح عالمًا كرنفاليًّا، تعدديًّا ساخرًا ناقدًا، ويخلخل إجماعات ثقافية، وآخر سياسي أيديولوجي، يتحدث بثقة عن رؤى جذرية سلطوية، للتحكم في فوضى التعدد ومخاطره. وهذه المزاوجة توحي بأن السعة التي ميَّزت عالمه الفنِّي تعبّر عن نفسها دون التزام حديدي بخطه وآرائه السياسية، أو أن مشروعه الفني كان "ملتزمًا" بمعايير تتحدد من داخله، كلما توسعت أسئلته وآفاقه، وتعددت أشكال الإنتاج وساحاته وجماهيره.
بهذا المعنى كان الإنتاج المسرحي والموسيقي نافذته لتتبع أسئلته لمداها الأقصى؛ مساءلة العائلة والشعب والوطن والدين، تبديل الآراء وعرض التناقضات، ممارسة تقاليد الاحتراف وشغف الهواة. ما جعل منه الفنَّان الوحيد تقريبًا في العالم العربي الذي استوعبت تجربتُه إعلانَ آرائه السياسية والدينية والحديثَ الشفاف عن حياته وخساراته الشخصية، بينما يتحول لأيقونة شعبية في عالم الموسيقى المتجمد في موقعه المهادن، للسلطات ومزاج الجمهور. كان زياد الرحباني صارمًا في رفض المساومات الفنية، مرتضيًا دفع ثمن اختياراته، وخسارتنا في ما أُهدر من طاقات وإنتاجات محتملة - نتيجةً لذلك.
ومن خلال رؤيته الفنيَّة كان قادرًا على طرح طيف واسع من ألوان الهموم الشخصية والعادية والتقلبات النفسية، ورسم خريطة للمشاعر المعقدة والثقيلة، والسخرية من التصورات الجامدة داخل تياره السياسي، ورصد التناقضات بين ما يُقال وما يُعاش. واتسع فنيًّا لتتحدث أعماله إلى من يوافقونه أو يعارضونه سياسيًّا، ليظل تقديره الفني مشتَركًا بينهم.
يطرح هذا سؤالًا عن استيعاب التعددية، في الأصوات والسرديات والآراء، الذي يتسع له المسرح والموسيقى بينما تضيق به السياسة والأيديولوجيا، ما قد يفسر تردد زياد المستمر في ابتذال أيقونيته الفنية، رغم جماهيريتها الجاهزة، لصالح عالم السياسة الحركية.
كثرة تصريحاته التي زادت عداواته في العشرين سنة الأخيرة، وإعلان ازدواجياته مرارًا عن نفسها، بدت وجهًا سطحيّّا لباطن أعمق، لم يقوَ على استشراف حرية أكبر في مواقع السياسة، وكأنه انتقال عسير من الرحابة للضيق، أو تخلٍّ عن التزام أكبر يستحوذ عليه. في المقابل، كانت الأشكال الفنية المتنوعة التي قدمها تستوعب حركته بين الاحتمالات، وسخريته، وارتيابه المستمر في مواقف الإجماع. يتضاءل عالم السياسة الحزبية أمام هذا المحل الخيالي الشاسع ويفقد جاذبيته؛ إذ يشترط الصور المبسَّطة، والفلسفة الواضحة، والتمترس خلف المواقف، وتحوُّل الأغاني لمانيفستوهات.
يَذكر زياد في لقاءاته أن فترة الحرب شهدت فورة توهجه، ومراحل إنتاجه الأخصب. كوّن خلالها نواة المجتمع الموسيقي/المسرحي الذي حقق رؤاه، وأطلع الجمهور عبر التوثيق على كواليس الإنتاج الموسيقي، وكيفية بناء المفارقة وصناعة الضحك، وطرح آراءً عن التطوير الأسلوبي والجاز والموسيقى الشرقية واللاتينية. وجاءت نهاية الحرب بالإحباط، من انتفاء دوافع الثورة والمناكفة والصراع، وهجرة الموسيقيين وتحولات السوق الموسيقية التجارية، وصعوبات التحصل على "المُنتج".
لكن الحرب تركت له، مع الغزارة المسرحية، ظلالًا من صورة "المتمرد والناسك الشعبي". بقصد وبغير قصد، تجاوزت الصورة سياقها ومعاصريها، وخضعت لنوعية من الاستهلاك تُسقط عليها أوصافًا معلَّبة مثل "العبثية" و"الفوضوية"، وهي أوصاف استهجن زياد خفتها واستهانتها بالتزامه الجاد، واستعمالها من معارضي مواقفه السياسية والمحتفين بها على حد سواء.
عبثًا حاول صاحب الصورة السيطرة على كيفية تلقيها، بعد أن عبرت حدود الجيل والمكان. ومثلها فكرة النجومية، التي كان يدرك ما تعنيه من ثبات وتوقعات اجتماعية، وقيود على شكل معيشته الذي اختاره. وعلت نبرته المنزعجة لاحقًا من عالم السوشيال ميديا والتريندات والتقاط السيلفي معه في الشارع. في كل الحالات، كان يقاوم ميلًا جماعيًّا يهدد بتحويله لنمط يُفهم وفق كلشيهات شائعة، ويُحتجز في صورة "إنفلونسر" ذي مأثورات من جمل مسجوعة، وبطل طوباويّ ينثر الحكمة على الحائرين.
الالتئام في عالم الموسيقى
في الموسيقى التأم عالما زياد الموروث والمُختار، ذوقًا وصوتًا. وتقاطع الطريق إلى خصوصيته الموسيقية مع تفكيك النسيج الرحباني إلى مفردات موسيقية وتفاصيل أصغر، تلد أفكارًا وتفسيرات موسيقية جديدة، وتتكثَّر على مسرح أرحب، مكَّنتها تقنيات الميكساج الحديثة من الظهور مجتمعةً فوق خشبته. فعندما يقرر إعادة توزيع أعمال والده كان يبحث عن استعادة أصواتها الخلفية واللوازم الموسيقية المطموسة للمقدمة، ويؤسس عليها ارتجالات حرّة ويضيف خطوطًا هارمونية ولوازم جديدة.
قبلها كان قد ثبَّت صياغة صوتية تنزاح فيها مركزية صوت المطرب أو المطربة، لتتقدم إلى جانبه الأصوات والآلات بكل التفاصيل المسموعة للتوزيع الموسيقي، وتُطل من خلالها أصوات المطربين المنحدرين من فئة "الحِسِّ الحلو" و"فهم الدلالة"، وإتقان النوتات الصريحة قبل العُرب المُشوِّشة. قدَّمهم زياد في الأداء بعيدًا عن المركز، حيث يتصدر الصوت الغنائي وتحيطه الموسيقى في نصف دائرة خلفية. نسمع في مطربيه الهشاشة والانسحاب، الهزلية والتشخيص، والعبور كنسمة على مناطق الشجن، واستمزاج الجملة اللحنية كمن عبرت بهم على قهوة وسط الأصحاب، أو وحيدين وسط صخب.
وعلى المنوال نفسه كان تحويره الجوهري لأدوار الصوت الجماعي، الذي اعتدناه موّحدًا وخلفيًّا، لتبرز تنويعات صوتية لا تنتهي للكورال الغنائي؛ هيتيروفوني ثمل في الأغاني المسرحية والساخرة، زحام خلفي من تهليلات وهمهمات وزغاريد وصفافير وصيحات وسقفات، محاورًا للمطرب/ة الرئيسي على طريقة الجوسبل، ينطق أحيانًا بالجمل التي لا تليق بالست فيروز فيصنع لأغنيتها نصًّا موازيًا، مُهرمَنًا على جنس البياتي أو بوليفونيًّا موقَّعًا، إضافةً لعدد من الارتجالات المكتوبة باستعمال ميليسمات غنائية (غناء مقطع واحد مع الانتقال بين سلسلة من النغمات المتعددة)، يقوم بها كورال صغير بالتبادل مع الآلات الموسيقية، وكأنه يستعير حالة هنك ورنك من الأدوار الطربية تبدأ في النصف الثاني من الأغنية، بينما يُغيِّب تدريجيًّا شكل القفلات الغنائية التي تتصاعد دراميتها وحضور المطرب/ة فيها نحو نهاية الأغنية.
ربما كان المعنى الأساسي لكلمة جاز في عالم زياد الرحباني تلك العملية المتواصلة من التفكيك والالتئام، والحركة السائلة بين الأجزاء والكل، التي لم تمنعه في الوقت نفسه من احترام الجملة والبناء الميلودي المسبوك، شرقيًّا كان أو غربيًّا، على عكس ما ساد بين المشروعات الموسيقية "البديلة" التي استعملت اصطلاح "جاز شرقي" بينما نفر منه زياد الرحباني بعد وقت قصير.
استعمل زياد الجاز مفهوميًّا، موَّلدًا ديناميكية إيقاعية من الأدوار الآلية الريتمية، بين الباص والجيتارات وآلات النفخ والبيانو والبُزُق والكورال البشري، يُلغي فيها القسمة التقليدية بين آلات الإيقاع والنبر (الطبلة/الرق/الدرامز/البيانو/الباص) وباقي الآلات النغمية، مُسندًا أدوارًا متغيِّرة لمعظم الآلات، تلعب وحدات إيقاعية ولوازم متكررة على طريقة الجاز، بالإضافة للخطوط الهارمونية، والمصاحبة الغنائية، والتقسيم الحر. ذلك النهج بدأ كذلك مع الأهل، من تسكين آلات الإيقاع في موقع صوتي موارب - باستثناء الدبكات والألحان الشعبية - يزيحها عن موقعها العمودي البارز في الأغنية المصرية والعربية.
يظل الإنتاج الموسيقي في النهاية أبرز ما مثَّل صدقًا الالتزام الفني الرُهباني عند زياد الرحباني، يدفعه إلى الزهد في دعم الأنظمة الرسمية، ولو كان الثمن العيش في أحوال مادية عسيرة، وربما الاضطرار للاعتماد على الإنتاج الغنائي على حساب التأليف الموسيقي، رغم تثويره لطبيعة الألبوم الغنائي نفسه، وتقريبه لـ"مقولة" موسيقية غنائية عن الحياة والمجتمع في لحظة زمنية ما.
امتنان عظيم لكل ما منحت موهبة زياد الرحباني الكبيرة من صراحة وشجاعة، ومن صداقة وأنس، ومن لغة وموسيقى، ومن تجربة لحمًا ودمًّا وخَلقًا.
هذه القصة من ملف زياد الرحباني.. حتى لولا الصوت بعيد
زياد الرحباني يغنّي خلف نعشه
حضر لبنان بكل تناقضاته وتنوعه واختلافاته لوداع زياد والنظر إلى فيروز، التي لم يَرَها الجمهور منذ ظهورها الأخير على المسرح عام 2011.
هذا أسخف أعمالك يا زياد!
لأنه لا يكترث بكل ذلك فقد مات دون موافقتنا، رافضًا التشبث بالحياة، لافظًا استقبال العلاج؛ هكذا بكل بساطة لملم مبعثراته وتركنا مصدومين كما اعتاد أن يصدمنا في كل مرة.
زياد العادي بالبيجامة.. كاسك يا رفيق
حين يموت رفيقنا المتمرد، الشجاع، الرومانسي، القادر على الكلام والبوح والتفكير والمبادرة، والمغامر في كسر التابوهات، هذا الذي يُشعرنا وجوده بالاطمئنان؛ فإننا سنشعر بالوحدة والحسرة.
صديقي زياد.. كيف بتعمل هيك؟
نحاول مثلك يا زياد ألا نجعل "ها البلد" وغيره من البلاد يغيرنا، نحاول أن نبتسم في وجه كل النكات البايخة لهذا العالم، نفتش عن الأمل مثل الباحث عن إبرة في كوم القش.
خبز فيروز الذي لن يحن إليه زياد
علاقة زياد بأمه نُهاد وديع حداد الشهيرة بـ"فيروز" كانت استثنائية في احتمالها كل شيء من التعاون الفني إلى الهجر الشخصي، فقد تباعدا حتى القطيعة وامتزجا حتى الإبداع.
زياد الرحباني الذي جلس على الزمن!
في نهاية المطاف، على الجانب الآخر من الكون، في الجنة، أو نيرفانا بوذا، سيلتقي الصمت والصوت معًا، ويتوقف الوقت، ليجلس عليه الصبي الصغير، سابحًا في بحر الموسيقى الأسمى.
مشاهد ورؤى من جنازة زياد
موت زياد يكشف أن الحياة ممكنة ليس كحالة جماعية متوسعة، ولكن كنموذج فردي، كحلقات جماعية صغيرة، وحميمة، كفرقة موسيقية تغني في بار وتربح ما يكفي استمرارها.
زياد الرحباني.. قراءة في مسيرة الالتزام والتناقض
يظل الإنتاج الموسيقي في النهاية أبرز ما مثَّل صدقًا الالتزام الفني الرُهباني عند زياد الرحباني، يدفعه إلى الزهد في دعم الأنظمة الرسمية ولو كان الثمن العيش في أحوال مادية عسيرة.