تصميم أحمد بلال، المنصة، 2024
مع انخفاض قيمة الجنيه ارتفعت أسعار الفائدة ما حال دون قدرة الكثيرين على الاقتراض. يونيو 2024.

الهروب نحو الكريديت كارد.. قروض البنوك تتراجع مع ارتفاع الفائدة

منشور الاثنين 15 يوليو 2024

مع وصول أسعار الفائدة على القروض الشخصية إلى مستويات غير مسبوقة منذ مارس/آذار الماضي، تقول مصادر مصرفية إن معدلات الإقبال على هذه القروض في تراجعٍ، لكن ذلك لا يعني العزوف تمامًا عن التعامل مع القطاع المصرفي، إذ لجأ البعض للاعتماد بشكل أكثر كثافة على الاقتراض بكروت الائتمان البنكية/credit cards، التي تفرض فائدةً أقل نسبيًا، وإن كانت توفر تمويلات أقصر أجلًا.

"هناك تراجع في استخدامات العملاء للتمويلات المصرفية في الوقت الراهن، بعد أن أصبحت فائدة القروض تتراوح بين 2 إلى 5% أعلى من معدل سعر الكوريدور"، كما يقول رئيس قطاع التجزئة بأحد البنوك الحكومية لـ المنصة.

والكوريدور/corridor هو سعر العائد على الإيداع والإقراض (أسعار الفائدة) لليلة واحدة في حالة التعامل بين البنك المركزي وباقي البنوك، ويبلغ سعر الكوريدور الآن للإقراض 28.25%، ما يعني أن فائدة القروض الشخصية قد تصل في الوقت الراهن إلى 33.25%.

ويوضح المصدر المصرفي بالبنك الحكومي، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن "الفائدة على القروض الشخصية تتحدد على أساس عدة عوامل مثل طبيعة عمل المقترض، أو ما إذا كانت لديه أصول تعزز من ملاءته المالية، مثل شهادات الاستثمار أو مصدر دخل ثابت".

وحسب آخر البيانات المتاحة من البنك المركزي، فإن أرصدة الأفراد من القروض الشخصية تصل إلى 943.3 مليار جنيه، ويعكس هذا الرقم الضخم التوسع المستمر للقطاع المصرفي في ضم عملاء جدد، حيث بلغ عدد من يمتلكون حسابات بنكية نحو 47 مليون مواطن، مع الدعاية المكثفة للبنوك لإقراض الأفراد.

لكن رصيد القروض، الذي يقارب على التريليون جنيه، تباطأ نموه خلال 2023 بالرغم من ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، والتي ساهمت في زيادة قيمة التمويلات الممنوحة.

"تراجع الطلب على القروض الشخصية يعود إلى طول آجال سدادها، فمع ارتفاع أسعار الفائدة يظل العميل ملزمًا بسداد الأسعار الحالية، لمدد تبدأ من 3 إلى 10 سنوات" يقول وليد ناجي، نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقاري المصري العربي لـ المنصة.

يتفق معه المصدر الأول، المسؤول المصرفي في البنك الحكومي، بقوله "استخدام الأفراد للتمويلات البنكية صار أقل تنوعًا في الوقت الراهن بسبب ارتفاع تكلفة القروض".

ويضيف المصدر ذاته "تتركز تعاملات الأفراد حاليًا على تلبية الاحتياجات اليومية للعملاء أو تمويل شراء سيارات جديدة أو مستعملة، بينما كانت في السابق تتنوع استخدامات التمويل بين العقارات والسيارات والتعليم".

كما ساهم التضخم في خروج قطاعات من العملاء من الشرائح المستحقة للعديد من القروض، حيث يشترط البنك المركزي ألا تتجاوز قيمة قسط القرض الاستهلاكي 50% من الدخل الشهري للعميل و40% في حالة قرض الإسكان الشخصي.

"تصل نسبة الفائدة على قرض السيارة أو العقار لمدة 10 سنوات من 35 لـ36% وتختلف من بنك لآخر" كما يقول مصدر ثانٍ في قطاع التجزئة بأحد البنوك الخاصة لـ المنصة، طلب عدم نشر اسمه.

الهروب إلى الكروت الائتمانية

وبسبب الرغبة في تقصير مدة القرض ذي الفائدة المرتفعة، يلاحظ ناجي تحول العديد من العملاء نحو استصدار credit card لتمويل مشترياتهم الاستهلاكية. يقول "أجل تمويل قروض بطاقات المشتريات يتراوح بين 6 أشهر حتى عامين كما أن الفائدة عليه لا تتجاوز 2% فوق سعر الكوريدور".

لكن يظل جمهور البطاقات الائتمانية محدودًا، إذ لا يتجاوز عدد هذه البطاقات 5.6 مليون بطاقة، ويقول ناجي "الكروت الائتمانية تظل الحل المتاح أمام العديد من الأفراد لشراء سلع إلكترونية أو كهربائية معمرة بعد القفزات الكبيرة في أسعارها خلال الفترة الأخيرة".

 

 

وشهدت أسعار السلع المنزلية والكهربائية ارتفاعات متوالية منذ 2022 مع تصاعد أسعار الخامات المستوردة وشح النقد الأجنبي، وسعت الحكومة للضغط على المنتجين للحد من زيادة الأسعار بعد تحسن توفر الدولار منذ مارس الماضي.

ويعتقد مسؤول التجزئة المصرفية في البنك الخاص، المصدر الثاني، أن استعادة العملاء لنشاط التمويل الاستهلاكي تقتضي تخفيض أسعار الفائدة إلى مستويات لا يراها العميل عبئًا يتحمله لفترة طويلة "تظل الفائدة هي العامل الأساسي لاستعادة قوة سوق الإقراض الاستهلاكي، يجب ألا تتجاوز حدود 12 لـ15%".

وكان سعر العائد على الإقراض لدى البنك المركزي عند 9.25% في فبراير/شباط 2022 قبل أن يتجه البنك المركزي لرفع الفائدة بوتيرة متسارعة لكبح جماح التضخم خلال الفترة الماضية.

ويتوقع المصدر الثاني بالبنك الخاص أن يساهم خفض الفائدة لمستويات أقل من 20% في رفع قيمة القروض الاستهلاكية بما لا يقل عن 40 لـ50% من حجمها الحالي.

وتترقب الأسواق اجتماع لجنة السياسات النقدية لتقرير مصير سعر الفائدة لدى البنك المركزي في 21 يوليو/تموز الحالي، بعد أن قام بتثبيت الفائدة في مايو/آيار الماضي، ويأمل المراقبون أن تكون الانخفاضات الأخيرة في معدل التضخم، التي وصلت به 27.4% خلال مايو فرصة للحد من أسعار الفائدة المتفاقمة.

هذه القصة من ملف  فك الزنقة بأعلى سعر.. عن الفائدة والقروض وفلوس الجمعية