منشور
الخميس 8 يونيو 2023
- آخر تحديث
الخميس 8 يونيو 2023
بمقتضى اتفاقها مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تلتزم الحكومة ببيع حصص من أصولها بقيمة 2 مليار دولار بنهاية الشهر الجاري. ولكن حتى الآن لم تنفذ الدولة سوى صفقات محدودة، مع توقعات بصفقة واحدة كبيرة للمصرية للاتصالات قبل أيام من نهاية المهلة، وهو ما يرجعه خبراء إلى ضعف إقبال المستثمرين الأجانب، بما يقلل من فرص البيع بأسعار عادلة.
مشكلة سعر الصرف
"لا نزال قلقين ومحبطين من عدم التقدم في تطبيق إصلاحات صندوق النقد، خاصة فيما يتعلق ببيع حصص في الشركات المملوكة للدولة" كما علق بنك كريدي سويس، في تقرير له عن مصر صدر نهاية الشهر الماضي.
وتمثلت صفقات الخصخصة المطبقة منذ بداية العام في بيع حصة من شركة باكين مملوكة جزئيًا للدولة لشركة إماراتية، وبلغ إجمالي قيمة الصفقة نحو 25 مليون دولار. تلتها صفقة بيع 10% من المصرية للاتصالات، بنحو 120 مليون دولار، لكن نصيب غير المصريين فيها لم يتعد الـ 10%.
وتحدثت تقارير صحفية أمس الأول عن مفاوضات لبيع حصة المصرية للاتصالات في فودافون أو جزء منها قبل نهاية يونيو/حزيران.
وقال أحد الشركاء المؤسسين في شركة استثمار مباشر، إن إتساع الفجوة بين السعر الرسمي للجنيه والسعر في السوق الموازية يقلل من ثقة المستثمرين الأجانب، وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه "لا يزال المناخ غير ملائم لدخول استثمارات ضخمة من المستثمرين الأجانب".
وتمثل حصيلة الخصخصة المكون الأكبر في الموارد التي كانت تستهدفها الدولة لسد فجوة تمويلية بنهاية العام المالي الجاري، نهاية يونيو، تقدر بـ 6.1 مليار دولار. لكن منذ بداية 2023 كان الفارق بين سعر صرف العملة للدولار في السوقين الرسمية والموازية يتسع بصورة مستمرة، ما أربك حسابات الكثير من المتطلعين لشراء أصول مصرية.
"كافة الأصول المطروحة للبيع مُقيمة بالجنيه ما يجعل حسابات المستثمرين الأجانب في حالة اضطراب دائم، خاصة مع تذبذب سعر الصرف في العقود الآجلة للعملة المحلية في الأسواق الدولية"، كما يقول للمنصة مدير الاستثمار بشركة ثاندر للوساطة، هشام حسن.
وفقدت العملة المصرية منذ مارس/آذار 2022 أكثر من نصف قيمتها أمام نظيرتها الأمريكية، ولا تزال توقعات المتداولين وبنوك الاستثمار العالمية تميل لخفض جديد في سعر الجنيه.
السعر المعروض من الخليج
هيمن المستثمرون الخليجيون على صفقتي باكين والمصرية للاتصالات، ولا تزال الأسماء الخليجية هي المرشح الأقوى في الصفقات القادمة مثل التوقعات بشأن شراء "السيادي القطري" لجزء من حصة المصرية للاتصالات في فودافون.
وأثارت صفقات بيع حصص حكومية خلال العام الماضي لصندوقين خليجيين الكثير من الجدل مع الحديث عن ضعف تقييم أسعار الأصول المصرية.
"وجود منافس أجنبي كان سيجعل أسعار البيع أفضل مما تم البيع به لمستثمرين خليجيين"، كما يقول رئيس قطاع البحوث في بنك استثمار أسطول، محمد عبد الحكيم، للمنصة.
وتعكس بيانات البنك المركزي عن الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر هيمنة خليجية خلال الفترة الأخيرة، حيث مثلت أكبر دولة من حيث صافي الاستثمارات في الربع الرابع من 2022 بعدها الإمارات.
ويعتبر عبد الحكيم أن إقبال الخليج على شراء الأصول المصرية رغم تقلبات أسعار الصرف يأتي مدفوعًا بعاملين أولهما "الالتزامات السياسية، إذ لا بد من الحفاظ على وجود مصر السياسي في المنطقة وعدم اهتزاز استقرارها الاقتصادي"، والثاني هو أسعار الشراء الجذابة.
وجد الخليجيون "فرصة ذهبية" في مصر خلال آخر عامين، بحسب حسن،"حيث كانت لديهم الرغبة في التوسع بقطاعات استهلاكية بجانب القطاع العقاري وهو ما وجدوه في السوق المصرية وبأسعار جيدة بالنسبة لهم".
لكن الدولة تبدو في الوقت الراهن حريصة على تأجيل قرارات البيع حتى تصل إلى أفضل سعر ممكن، فبحسب تصريحات لرئيس الوزراء المصري فإن البحث عن عروض شراء بأسعار عادلة هو السبب في تأخر تطبيق برنامج الخصخصة.
وتمثل تجربة باكين بارقة أمل، بعد أن اضطرت الأصباغ الإماراتية لرفع سعر الشراء أكثر من مرة أمام المنافسة مع شركة محلية، لكن تظل مساحات المنافسة محدودة في ظل ضعف إقبال الأجانب على مصر في الوقت الراهن.
ويرى عبد الحكيم أن نجاح الدولة في تطبيق التزاماتها بشأن إتاحة دور أكبر للقطاع الخاص سيكون له دور رئيسي في جذب جنسيات أخرى من المستثمرين غير الخليج "رغم حجم الفرص الكامنة في الشركات المطروحة، التي تروج لها الحكومة المصرية منذ بداية العام الجاري، فإن استحواذ الدولة على الحصة الأكبر من الاستثمارات الكلية بجانب المخاطر المتعلقة بالاقتصاد الكلي بشأن معدلات التضخم وتباطؤ النمو، لا تزال تثير مخاوف المستثمرين الأجانب".
وكانت رئاسة الوزراء المصرية أعلنت في فبراير/شباط الماضي عن طرح حصص في 32 شركة للبيع، للحد من الانتقادات بشأن تضخم دور الدولة في الاقتصاد.