صفحة الحرية لعلاء عبد الفتاح على فيسبوك
الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، 11 أكتوبر 2025

بعد اتهامه بـ"معاداة السامية".. علاء عبد الفتاح يعتذر عن بوستاته القديمة: أشعر بندم

قسم الأخبار
منشور الاثنين 29 كانون الأول/ديسمبر 2025

بعد الانتقادات التي طالته في بريطانيا، إثر إعادة تداول بوستات قديمة له وُصفت بأنها "معادية للسامية وتحض على الكراهية والعنف"، ووسط بلاغات ومطالبات بترحيله إلى مصر ونزع الجنسية البريطانية عنه، كشف الناشط السياسي علاء عبد الفتاح عن صدمته مما وصفه بـ"التشكيك في نزاهته وقيمه والطعن فيهما". 

السبت قبل الماضي، وافق النائب العام المستشار محمد شوقي على رفع اسم علاء عبد الفتاح من قوائم الممنوعين من السفر استجابةً لطلب تقدم به محاميه خالد علي أمام جهات التحقيق، بعد ثلاثة أشهر تقريبًا من إصدار الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارًا بالعفو عن باقي مدة عقوبة حبسه، يوم 22 سبتمبر/أيلول الماضي.

والجمعة الماضي، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وعائلة علاء عبد الفتاح وصول الأخير إلى بريطانيا.

كادت هذه لتصبح نهايةً سعيدةً لعلاء عبد الفتاح بعد سنوات قضاها في السجن، إذ تمكّن أخيرًا من السفر ولقاء ابنه خالد البالغ من العمر 14 عامًا، الذي يدرس في مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة في برايتون، نظرًا لإصابته بالتوحد، إلا أن ترحيب ستارمر بوصول علاء إلى العاصمة البريطانية لندن أشعل حملة إلكترونية ضده، وصلت إلى مطالبات بترحيله إلى مصر ونزع الجنسية البريطانية عنه.

ويحمل عبد الفتاح الجنسية البريطانية منذ 2021 عن طريق والدته الأكاديمية ليلى سويف التي حصلت عليها بولادتها في بريطانيا عام 1956.

مَن بدأ الحملة على علاء عبد الفتاح؟

"يسعدني أن علاء عبد الفتاح عاد إلى المملكة المتحدة والتقى بأحبائه، الذين لا بد أنهم يشعرون بارتياح عميق. أود أن أشيد بأسرة علاء وبجميع الذين عملوا وحاربوا من أجل هذه اللحظة. لقد كانت قضية علاء أولوية قصوى لحكومتي منذ تولينا مهامنا. وأنا ممتن للرئيس السيسي لقراره منح العفو" قال ستارمر على إكس. ثم بدأت الحملة الإلكترونية.

تتبعت صحيح مصر الحملة وصولًا إلى بدايتها أو مصدرها، فبعدما نشر ستارمر البوست علقت منى سيف شقيقة علاء عبد الفتاح، مطالبة رئيس الوزراء البريطاني بالإفراج عن المحبوسين في السجون البريطانية بسبب نشاطهم الداعم للقضية الفلسطينية، إذ دخل ثمانية نشطاء ينتمون إلى حركة "فلسطين أكشن" إضرابًا مفتوحًا عن الطعام في السجون البريطانية منذ أكثر من 40 يومًا، وذلك احتجاجًا على اعتقالهم دون خضوعهم لمحاكمة، نتيجة نشاطهم المعارض لمصانع الأسلحة الإسرائيلية.

أثار تعليق منى سيف ردود فعل من بعض الحسابات الشخصية على إكس التابعة لليمين البريطاني، خاصة المؤيدة والداعمة للاحتلال الإسرائيلي، إذ علّقت هذه الحسابات على بوست منى بالمطالبة بترحيلها، وأرفقوا تعليقات مسيئة بحق علاء عبد الفتاح نفسه.

وكشفت صحيح مصر أن الحملة بدأها مدونون داعمون للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، مستخدمين بوستات علاء المؤيدة للمقاومة الفلسطينية، مؤكدة أن الحساب الذي بدأ الحملة على علاء، صاحب الاسم المستعار "prudent rose firefinch" كتب سابقًا 15 تعليقًا على منشورات مختلفة، وتركزت جميعها على دعم إسرائيل ومهاجمة بعض السياسيين من حزب العمال البريطاني المعارضين لسياسات الاحتلال الإسرائيلي وقصف غزة خلال الحرب.

ثم ظهرت مشاركات من عدد من أعضاء البرلمان البريطاني ومشاهير وصحفيين معروفين بتوجهاتهم المؤيدة لإسرائيل. 

حتى دخلت على خط الحملة "حسابات مصرية يجمع بينها دعمها للرئيس عبد الفتاح السيسي، وبدأت المشاركة من قبل صحفيين اثنين؛ أحدهما يعمل في البوابة نيوز، والآخر في القاهرة الإخبارية، التابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية المملوكة لأحد الأجهزة الأمنية"، وفق صحيح مصر.

استخدمت الحملة بوستات نشرها علاء عبد الفتاح على إكس بين عامي 2010 و2012، وتضمنت عبارات من بينها "عزيزي الصهيوني، لا تتكلم معي، أنا شخص عنيف أدعو إلى قتل كل الصهاينة، بمن فيهم المدنيون". كما استُكمل ذلك بتعليق آخر قال فيه "نعم، أعتبر قتل أي مستعمر، وخاصة الصهاينة، عملًا بطوليًا، ونحن بحاجة إلى قتل المزيد منهم"، لكن الحملة تجاهلت أن تلك البوستات جاءت في إطار دعمه للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

صدمة واعتذار 

"أنا مصدوم لأنّه في اللحظة التي أُعيد فيها لمّ شَملي مع عائلتي للمرة الأولى منذ 12 عامًا، أُعيد نشر عدد من تغريداتي القديمة، العائدة إلى سنوات مضت، واستُخدمت للتشكيك في نزاهتي وقيمي والطعن فيهما، وصولًا إلى الدعوة لسحب جنسيتي"، قال علاء عبد الفتاح.

وأضاف في بوست على فيسبوك في الساعات الأولى من صباح اليوم "عند مراجعة هذه التغريدات اليوم، تلك التي لم يُحرَّف معناها بالكامل، أفهم فعلًا مدى صدمتها وما قد تسببه من أذى، ولهذا أقدّم اعتذارًا واضحًا وصريحًا لا لبس فيه. فقد كانت في معظمها تعبيرات عن غضب وإحباط شاب في سياق أزمات إقليمية كبرى (الحروب على العراق ولبنان وغزة)، وفي ظل تصاعد عنف الشرطة ضد الشباب المصري. وأشعر بندم خاص إزاء بعض التغريدات التي كُتبت في سياق مشاحنات وإساءات إلكترونية، من دون اكتراث بكيف يمكن أن تُقرأ أو تُفهم من قبل الآخرين. كان ينبغي لي أن أكون أكثر وعيًا".

متراجعًا عن كتاباته السابقة، قال علاء عبد الفتاح "بالنظر إلى تلك الكتابات الآن، أرى صوت شخص أصغر سنًا بكثير، كان غارقًا في ثقافات رقمية صدامية، يستخدم نبرة مستهترة وصادمة وساخرة في عالم السوشيال ميديا الوليد والمحموم آنذاك. لكن ذلك الشاب لم يكن يقصد أبدًا الإساءة إلى جمهور واسع، وكان في الواقع منخرطًا في حركة سلمية مؤيدة للديمقراطية، وتعرّض مرارًا للاعتقال بسبب مطالبته بالمساواة الكاملة وحقوق الإنسان والديمقراطية للجميع".

إلى ذلك، أوضح أيضًا أنه اليوم "أب في منتصف العمر أؤمن إيمانًا راسخًا بأن مصائرنا مترابطة، وأنه لا سبيل إلى حياة مزدهرة وآمنة لأطفالنا إلا معًا. وكل المبادرات التي قدتها تعكس هذا الإيمان".

لكنه أكد كذلك أن بعض بوستاته "أُسيء فهمها بالكامل، ويبدو أن ذلك جرى، في بعض الحالات، بسوء نية. فعلى سبيل المثال، تم تداول تغريدة للادعاء بأنني معادٍ للمثليين، في حين أنها كانت في الواقع تسخر من رهاب المثلية. وقد دفعت ثمنًا باهظًا بسبب دعمي العلني لحقوق مجتمع الميم في مصر والعالم. كذلك جرى تفسير تغريدة أخرى على نحو خاطئ على أنها إنكار للمحرقة، بينما يُظهر سياقها بوضوح أنني كنت أسخر من إنكار المحرقة".

"أتعامل مع اتهامات معاداة السامية بمنتهى الجدية. فقد آمنت دائمًا بأن الطائفية والعنصرية من أخطر وأكثر القوى تدميرًا، وقد قمت بدوري ودفعت ثمن ذلك دفاعًا عن حقوق الأقليات الدينية في مصر. فقد مثلتُ أمام محكمة عسكرية وتعرّضتُ للسجن بسبب دفاعي عن مسيحيين مصريين وُجّهت إليهم اتهامات باطلة بالعنف. وكان من المفترض أن يكون هذا الأسبوع هو المرة الأولى التي أحتفل فيها مع ابني بعيد ميلاده منذ عام 2012، حين كان يبلغ عامًا واحدًا. لقد أمضيت معظم حياته سجينًا في مصر بسبب التزامي المستمر بالدفاع عن المساواة والعدالة والديمقراطية العلمانية. وشمل ذلك رفضي العلني للخطاب المعادي لليهود في مصر"، قال علاء عبد الفتاح.

هل ترحيل علاء عبد الفتاح ممكن؟

كان لافتًا أن من بين الذين دعوا إلى سحب الجنسية من علاء عبد الفتاح وترحيله إلى مصر وزير العدل في حكومة الظل روبرت جينريك.

ليس وحده، إذ طالب كذلك زعيم حزب الإصلاح البريطاني والنائب في البرلمان نايجل فاراج وزارة الداخلية بإلغاء جنسية علاء عبد الفتاح والأمر بترحيله، كما قدم بلاغًا لشرطة مكافحة الإرهاب عن بوستات عبد الفتاح على السوشيال ميديا.

وتسمح قوانين المملكة المتحدة لوزير الداخلية بتجريد أي شخص من جنسيته إذا قرر أن ذلك "يخدم الصالح العام".

كما يمكن تجريد أي بريطاني يحمل جنسية مزدوجة من جنسيته. وإذا أدين علاء عبد الفتاح بجريمة جنائية، فقد يواجه الترحيل الفوري إذا جرد من جنسيته البريطانية.

وخلال سنوات حبسه، عانت أسرة علاء عبد الفتاح ظروفًا صعبةً من أجل إخلاء سبيله بعد تجاوز المدة القانونية لحبسه، إذ دخلت والدته إضرابًا عن الطعام أوصلها إلى مرحلة حرجة كادت تعصف بحياتها، كما طرقت أبوابًا عدة منها رئاسة الجمهورية لإطلاق سراحه، حتى تمكنت من ذلك قبل ثلاثة أشهر.

وقضى علاء عبد الفتاح فترة حبسه بعد أن أُلقي القبض عليه في 28 سبتمبر 2019، بتهم "نشر وبث وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، والانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون".

وحُكم عليه بالسجن 5 سنوات في ديسمبر/كانون الأول 2021، بعد عامين من الحبس الاحتياطي، وكان من المفترض الإفراج عن علاء نهاية سبتمبر الماضي، وفق تصريح سابق لخالد علي لـ المنصة، إذ قال إن السلطات لم تحتسب مدة الحبس الاحتياطي ضمن العقوبة واعتبرتها ابتداءً من تاريخ تصديق الحاكم العسكري على الحكم، بوصفه صادرًا من محكمة أمن دولة طوارئ في 3 يناير/كانون الثاني 2022.