وجه 50 من قيادات المنظمات الحقوقية الدولية والكتَّاب والإعلاميين البارزين، من بينهم الروائي التركي الحائز على جائزة نوبل أورهان باموق، اليوم الثلاثاء، خطابًا للرئيس عبد الفتاح السيسي، يناشدونه العفو عن المبرمج والناشط السياسي المصري البريطاني علاء عبد الفتاح "الذي قضى ما يقرب من عقد من الزمان في السجن، ويواجه الآن عامين آخرين في الحبس".
وقال الموقعون على الخطاب، الذي حصلت المنصة على نسخة منه، إنه "في حالة من اليأس الشديد، تحملت والدته الدكتورة ليلى سويف أكثر من 150 يومًا من الإضراب عن الطعام لحماية ابنها ومستقبل حفيدها. وتدهورت صحتها الآن بشدة، ونُقلت إلى المستشفى، ويحذر الأطباء من أنها تواجه خطر الموت المفاجئ مع استمرارها في الإضراب".
وفي الخطاب الموجه إلى السيسي في قصر الاتحادية الرئاسي، قال الموقعون، ومن بينهم المدافعة عن حقوق الإنسان والحائزة على جائزة نوبل نرجس محمدي والروائية التركية إليف شافاق "سيدي الرئيس، بصفتك قائدًا لكل المصريين، فإن سلطة إنهاء هذه المعاناة تقع على عاتقك وحدك. إن منح علاء عفوًا رئاسيًا بموجب المادة 155 من الدستور المصري من شأنه أن يعيد لم شمل الأم بابنها ويعبر عن التزامكم بالعدالة والرحمة".
وتنص المادة 155 من الدستور على أنه "لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء العفو عن العقوبة، أو تخفيفها. ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون، يُقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب".
وقال الموقعون على الخطاب إنه "في وقت تتسم المنطقة بعدم الاستقرار، فإن مثل هذا العمل من الرأفة من شأنه أن يُظهر استجابة القيادة المصرية لاحتياجات شعبها، وهو بمثابة علامة على القوة والرحمة. لا تأتي هذه المناشدة من أسرته فحسب، بل أيضًا من السياسيين المصريين وائتلاف واسع من النساء المصريات والمجتمع الدولي الأوسع نطاقًا، مما يحث على اتخاذ قرار يدعم القيم الإنسانية وسيادة القانون".
وأشاروا كذلك إلى وجود دوافع في القانون المصري "جعلت أسرته تتوقع الإفراج عنه مع الأخذ في الاعتبار المدة التي قضاها في الحبس الاحتياطي".
وتنص المادة 480 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "يحسب اليوم الذي يبدأ فيه التنفيذ من مدة العقوبة، ويفرج عن المحكوم عليه في اليوم التالي ليوم انتهاء العقوبة في الوقت المحدد للإفراج عن المسجونين".
كما تنص المادة 482 على أن "تبتدئ مدة العقوبة المقيدة للحرية من يوم القبض على المحكوم عليه بناء على الحكم الواجب التنفيذ، مع مراعاة إنقاصها بمقدار مدة الحبس الاحتياطي ومدة القبض"، وتنص المادة 484 على أن "يكون استنزال مدة الحبس الاحتياطي عند تعدد العقوبات المقيدة للحرية المحكوم بها على المتهم من العقوبة الأخف أولًا".
"إن العالم يراقب، ولن ينسى التاريخ هذا العمل الإنساني. بينما تجتمع العائلات في جميع أنحاء مصر كل مساء في رمضان لتناول الإفطار، ترفض إحدى الأمهات تناول الطعام. ومع مرور كل يوم، تتلاشى قوتها"، وفق نص الخطاب.
وقال الموقعون على الخطاب إن صلاة ليلى سويف الوحيدة "هي أن ترى ابنها حرًا طليقًا"، مؤكدين أن "العفو الرئاسي ليس مجرد عدالة، بل هو عمل إنساني".
وفي ختام خطابهم للسيسي، ناشده الموقعون عليه "دع التاريخ لا يتذكر مأساة، بل لم شمل؛ علاء حرًا طليقًا حاملًا ابنه، وليلى سويف تفطر مع عائلتها التي تتوق إلى أن تكون معها. فليتشاركوا في رمضان هذا العام وجبة طعام، مثل ملايين العائلات المصرية، لأول مرة منذ سنوات".
وتتلخص أزمة عبد الفتاح في احتساب السلطات مدة تنفيذه للعقوبة ابتداءً من تاريخ تصديق الحاكم العسكري على الحكم، بوصفه صادرًا من محكمة أمن دولة طوارئ في 3 يناير 2022، دون احتساب مدة الحبس الاحتياطي التي سبقت ذلك التاريخ بأكثر من سنتين، حيث أُلقي القبض عليه يوم 28 سبتمبر/أيلول 2019 من أمام قسم الدقي فور خروجه من ديوان القسم في السادسة صباحًا، حسبما أوضح محاميه خالد علي لـ المنصة في وقت سابق.
وكان من بين الموقعين على الخطاب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش لما فقيه، ومديرة مركز النديم عايدة سيف الدولة، ومدير الجبهة المصرية لحقوق الإنسان أحمد عطالله، ومديرة البرامج في المنتدى المصري لحقوق الإنسان سمر الحسيني، ومديرة مركز القلم/باربي لحرية الكتابة بمنظمة القلم الأمريكية ليزل جيرنتهولتز.
ووقع على الخطاب أيضًا المدير الإداري لمركز الديمقراطية في الشرق الأوسط أروى الشوبكي، والمدير التنفيذي لمؤسسة هو مينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية مصطفى فؤاد، والمديرة الإقليمية لمنظمة الابتكار من أجل التغيير في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سارة الشيخ علي.
إضافة إلى المدير التنفيذي لمنظمة 19 Article كوين ماكيو، والمدير التنفيذي لمؤسسة حرية الفكر والتعبير محمد عبد السلام، والمدير التنفيذي لمؤسسة دعم القانون والديمقراطية كريم عبد الراضي، ومدير مجلس التفاهم العربي البريطاني كابو كريس دويل، والمديرة التنفيذية لمنظمة فنانون في خطر جولي تريبو، والمدير العام لمنظمة مراسلون بلا حدود تيبو بروتين، ومدير القلم الإنجليزي دانيال جورمان.
كذلك وقع على الخطاب الكتاب آتيش تيسير وأهداف سويف وفيل كلاي، وسيري هوستفيدت، وآزار نفيسي، وأرونداتي روي، والمدير التنفيذي لمنصة اللاجئين في مصر نور خليل، والمدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت، والمديرة التنفيذية لمجموعة منّا لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إيناس عثمان.
واستجابت أستاذة الرياضيات البحتة الدكتورة ليلى سويف، والدة علاء عبد الفتاح، لمناشدات عائلتها والمتضامنين معها، ووافقت على التحول من الإضراب الكلي عن الطعام إلى إضراب جزئي، ما قالت عنه ابنتها سناء سيف على فيسبوك في الساعات الأولى من صباح اليوم "الفضل يرجع لكل المتضامنين والناس اللي بتبذل جهد لخروج علاء".
وأمس، سلّم وفد نسائي متضامن مع الأكاديمية ليلى سويف، قصر الاتحادية الرئاسي، عريضة التماس موقعة من 665 إمرأة مصرية، موجهة لانتصار السيسي زوجة الرئيس عبد الفتاح السيسي، طالبن فيها بالإفراج عن علاء وإنقاذ حياة والدته.
وأمس أيضًا، طالب 100 صحفي، في بيان على فيسبوك، بسرعة التحرك لإنقاذ ليلى سويف "التي نفخر بكونها من أبرز علماء الرياضيات في المنطقة ولها مكانتها الدولية التي تشرف اسم مصر"، وفق البيان.
والأربعاء الماضي، سلّم وفد من الحركة المدنية الديمقراطية استغاثة إلى رئيس الجمهورية لإصدار عفو رئاسي عن علاء لإنقاذ حياة والدته بعد تدهور حالتها الصحية نتيجة إضرابها عن الطعام حسب تصريح سابق لرئيس مجلس أمناء الحركة مدحت الزاهد لـ المنصة.
واحتجزت ليلى سويف، الأسبوع الماضي، بمستشفى سانت توماس في لندن، بعد تدهور حالتها الصحية، نتيجة إضرابها عن الطعام احتجاجًا على استمرار حبس ابنها رغم انتهاء مدة حبسه.
والسبت الماضي تقدم عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي فريدي البياضي بطلب إحاطة موجه إلى رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير العدل المستشار عدنان فنجري ووزير الداخلية اللواء محمود توفيق، للمطالبة بالإفراج عن علاء عبد الفتاح، بالتزامن مع دخول إضراب والدة علاء الأكاديمية الدكتورة ليلى سويف عن الطعام يومه الـ155، وبعد أيام من تسليم وفد من الحركة المدنية الديمقراطية استغاثة إلى رئيس الجمهورية لإصدار عفو رئاسي عن عبد الفتاح لإنقاذ حياتها.
وسبق وقدمت سناء سيف وشقيتها منى في 4 ديسمبر/كانون الأول الماضي، طلب عفو رئاسي عن علاء عبد الفتاح من خلال وسيط إلى رئاسة الجمهورية، وقالت حينها لـ المنصة إنها قدمت طلبات مماثلة في وقت سابق من خلال لجنة العفو الرئاسي والمجلس القومي لحقوق الإنسان، لكن دون رد.
وتحمل ليلى سويف المولودة في الأول من مايو/أيار 1956 الجنسية البريطانية إلى جانب المصرية وهي موجودة حاليًا في إنجلترا. وحصل علاء على الجنسية البريطانية في 2021 بعد عدة طلبات تقدمت بها أسرته، استنادًا إلى حصول والدته عليها بعد ولادتها في بريطانيا.