كثفت قوات الشرطة من وجودها في محيط شركة وبريات سمنود، في اليوم الثلاثين للإضراب الذي بدأه العمال في 18 أغسطس/آب الماضي، للمطالبة بالحد الأدنى للأجور، فيما وقفت نحو 20 امرأة بملابس مدنية أمام بوابات الشركة، حسبما قال اثنان من العمال المضربين لـ المنصة.
وقالت إحدى العاملات لـ المنصة إنهم فوجئوا عند دخولهم الشركة، صباح اليوم، بأكثر من 5 سيارات شرطة، بينها مدرعة، تحاصر الشركة، كما لاحظوا وجود عدد من النساء بملابس مدنية ظنوا في البداية أنهن من الشرطة النسائية، ثم اكتشفوا أنهن من دائمي الوجود في أسواق سمنود "جايبين بلطجية يخوفونا بيهم علشان بنطالب بحقوقنا".
وأضافت العاملة، التي طلبت عدم نشر اسمها، "النهارده 16 في الشهر ولسه ما قبضناش، نعيش إزاي! طيب يقدروا يأخروا مرتبات المديرين؟ يقدروا ما يصرفوش مرتبات الشرطة اللي جايبينهم يقفوا في وشنا؟".
وأوضحت العاملة أن الإدارة أجبرت 4 عمال وعاملات، بعد تهديدهم وتخويفهم، بالوقوف أمام الماكينات وتصويرهم، ليثبتوا أن الإضراب تم فضه "دي محاولة للضغط على العمال، لكن إحنا بنأكد إن الإضراب مستمر ومش هنرجع للعمل إلا لما ناخد حقوقنا".
وتمتنع إدارة شركة وبريات سمنود عن صرف رواتب العمال لشهر أغسطس الماضي، حيث من المعتاد أن تحوَّل الرواتب إلى حسابات العمال البنكية من يوم 28 في الشهر إلى يوم 1 من الشهر التالي، في محاولة للضغط على العمال لإنهاء إضرابهم.
وقال عامل ثانٍ لـ المنصة إن مسؤول الأمن بالشركة عقد اجتماعًا مع أفراد الأمن، أمس الأحد، وأبلغهم بألا يسمحوا لأي شخص غير العاملين في الشركة بالدخول.
وأضاف العامل، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن أخبارًا وصلت للإدارة بزيارة وفد من المحامين والصحفيين للشركة، اليوم الاثنين، وأنهم سيحاولون دخول الشركة، والحديث مع العمال والعاملات، معتقدًا أن خوف الإدارة من الزيارة كان وراء زيارة أعداد الشرطة الموجودة أمام الشركة.
وعقدت قوى سياسية ونقابيون، أمس الأحد، مؤتمرًا للتضامن مع عاملات وعمال وبريات سمنود المضربين، بمقر حزب الكرامة.
وطالب المتحدثون في المؤتمر بتطبيق الحد الأدنى على عمال وبريات سمنود، وعودة الموقوفين عن العمل، وقال المحامي هيثم محمدين خلال المؤتمر إن "شركة وبريات سمنود ملزمة قانونيًا بتطبيق الحد الأدنى للأجور، وإن ادعت خسارتها، لحين رد الجهات المعنية على طلبها من استثنائها من تطبيق القرار، ويجب الوقوف بجانب العمال والعاملات حتى تحقيق مطالبهم".
كما تحدث النقابي العمالي بشركة وبريات سمنود هشام البنا، المفرج عنه مؤخرًا عقب أيام من القبض عليه على خلفية إضراب عمال الشركة، عن معاناة عاملات وعمال وبريات سمنود، وعن أوضاع مصانع الشركة وأقسامها الإنتاجية، والأحوال المعيشية للعمال، في ظل تدني أجورهم.
وكان عمال سمنود طالبوا الإدارة مرارًا بتطبيق الحد الأدنى الذي أقرته الدولة 6 آلاف جنيه، ولم تستجب لمطالبهم فقرروا الدخول في إضراب عن العمل منذ 18 أغسطس.
وفجر الأحد 25 أغسطس الماضي ألقت القبض على ثمانية منهم، واتهمتهم النيابة بـ"التحريض على الإضراب والتجمهر وقلب نظام الحكم"، وقررت في 28 أغسطس الماضي حبسهم 15 يومًا على ذمة القضية 7648 لسنة 2024 إداري سمنود.
ومطلع الشهر الحالي، قررت محكمة مستأنف المحلة إخلاء سبيل 7 منهم، واستمرار حبس النقابي العمالي هشام البنا، الذي أخلت سبيله نيابة طنطا الكلية، 9 سبتمبر/أيلول الجاري، بشكل مفاجئ، قبل موعد تجديد حبسه بيومين.
وسبق أن شارك سياسيون ونقابيون في حملة تدوين واسعة للتضامن مع عمال وبريات سمنود المضربين، كما أدانت الحركة المدنية القبض على العمال الثمانية.
كما وقَّعت أحزاب وتنظيمات عمالية، فضلًا عن عشرات الصحفيين والنقابيين، على عريضة تطالب بسرعة الإفراج عنهم، ووقف مخططات تصفية الشركة.
وسبق أن أضرب عمال وبريات سمنود عن العمل في عامي 2017 و2022، احتجاجًا على تجاهل الشركة لمطالبهم بتعديل الأجور وزيادة بدل الغذاء، وعلى مماطلة الإدارة في صرف مكافآت نهاية الخدمة.
وتأسست شركة سمنود للنسيج والوبريات عام 1974 بمحافظة الغربية، وكانت تتبَع منذ نشأتها شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة، وكانت أسمهما موسعة بين عدد من الهيئات مثل مصر للتأمين وهيئة التأمينات الاجتماعية وهيئة الأوقاف المصرية، لكن النسبة الأكبر الآن يمتلكها بنك الاستثمار العربي، ونجح المساهمون في 2015 في تسجيل الشركة وفقًا لقانون الاستثمار، لتتحول من شركة تابعة لقطاع الأعمال العام إلى شركة قطاع خاص.
وكانت الشركة تضم 3 مصانع للملابس والنسيج وتجهيز ومصابغ، وبها ماكينة جينز بطول 50 مترًا، تعطلت عن العمل منذ سنوات، وتقلَّص عدد العمال في الشركة من نحو ألفي عامل إلى أقل من 600، نصفهم من النساء.