تضاربت الروايات حول حادث تبادل إطلاق النيران بين الجيش المصري وقوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي، الاثنين، عند معبر رفح.
وبينما تأخر الإعلان المصري عن تفاصيل الحادث، واقتصر في البداية على قول المتحدث العسكري إن "القوات المسلحة المصرية تحقق في حادث إطلاق النيران بمنطقة الشريط الحدودي برفح، مما أدى إلى استشهاد أحد العناصر المكلفة بالتأمين"، سبقه الإعلام الإسرائيلي مؤكدًا مقتل جندي مصري في تبادل لإطلاق النار، ونفى وجود إصابات في صفوف قوات الاحتلال.
وتبع تصريح المتحدث العسكري تصريحات مصدر أمني وصفته قناة القاهرة الإخبارية بالمطلع دون الكشف عن هويته، قال إن "التحقيقات الأولية لحادث إطلاق النيران ومقتل جندي على الحدود تشير إلى إطلاق النيران بين عناصر من قوات الاحتلال الإسرائيلي وأخرى من المقاومة الفلسطينية، أدت إلى إطلاق النيران في عدة اتجاهات وقيام عنصر التأمين المصري باتخاذ إجراءات الحماية والتعامل مع مصدر النيران"، وهو ما لا يتفق مع الرواية الإسرائيلية.
والاثنين، نقلت وسائل إعلام عربية قول مسؤول مصري لم تسمه فاينانشال تايمز إن "حادث تبادل إطلاق النار في رفح كان بسيطًا وليس له أي أهمية سياسية".
قتيل ثانٍ في صفوف الجيش المصري
اختلاف الروايات لم يقف فقط عند تفاصيل الحادث، إنما أيضًا في عدد الجنود المصريين القتلى، ورغم إعلان الجانبين، الإسرائيلي أولًا ثم المصري، مقتل الجندي عبد الله رمضان فقط ودون الإشارة إلى أي إصابات، أكد موقع صحيح مصر مقتل مجند ثان متأثرًا بإصابته في اشتباكات اندلعت في المنطقة الحدودية برفح.
وفي الوقت الذي شيع أهالي قرية العجميين بمحافظة الفيوم الجندي عبد الله رمضان صباح اليوم، قال مصدر من عائلة الجندي إسلام إبراهيم عبد الرازق لصحيح مصر، إن قائد الكتيبة التي يخدم فيها إسلام تواصل معهم تليفونيًا صباح اليوم، وأبلغهم بوفاة الشهيد، وأن جثمانه سينقل إلى مستشفى الجلاء بالإسماعيلية، وهو نفسه ما أكده أحد أفراد عائلته لـ المنصة تليفونيًا، دون أن يوضح صفة من أبلغهم من الكتيبة.
وقال المصدر إن إسلام كان قد قارب على إنهاء خدمته العسكرية، وحسب صحيح مصر توجهت أسرته إلى مستشفى الجلاء بالإسماعيلية، وتنتظر والدته وعدد من أبناء عمومته وعائلته أمام المستشفى الآن.
وقال مصدر رسمي بديوان محافظة الفيوم لم يسمه موقع صحيح مصر، إن إسلام نُقل أمس إلى مستشفى العريش العسكري مصابًا، وكانت حالته خطيرة للغاية، وأكد سقوطه مصابًا أمس في محيط الاشتباكات مع الجيش الإسرائيلي، رافضًا الكشف عن تفاصيل إصابته.
وحتى كتابة هذا التقرير، لم تعلن السلطات المصرية رسميًا سقوط قتيل ثانٍ، وبقيت الرواية الإسرائيلية سابقة بإعلان التفاصيل، إذ كشف موقع معاريف العبري، اليوم، تفاصيل جديدة حول الحادث، وقال إن لدى إسرائيل توثيقًا واضحًا للحادث، يوضح أن "الجندي المصري أطلق أولًا النار على قواتنا، ومن المحتمل أن يتم نقل الفيديو إلى الجانب المصري في إطار التحقيق المشترك".
الرواية الإسرائيلية
وفي الرواية الإسرائيلية، التي نقلها موقع معاريف، قُتل جندي مصري واحد فقط في الحادث لا أكثر، ووقف الجندي المصري على موقع مرتفع بالقرب من محور فيلادلفيا "حيث راقب قواتنا من مسافة قريبة، حوالي 100-200 متر، وفتح النار، فرد مقاتلو اللواء 401 بإطلاق النار للقضاء على التهديد، وهو ما كان ضروريًا".
"في اليوم الأخير، جرت محادثات عديدة بين مسؤولي الجيش الإسرائيلي والشاباك ونظرائهم في الجانب المصري، وتحاول كل من إسرائيل ومصر إبقاء الحدث بعيدًا عن الأنظار"، وفق معاريف، التي أشارت إلى "تفاهم مشترك بين الجانبين اللذين يحاولان إغلاق الحدث"، تابع معاريف.
الموقع العبري نفسه نقل تصريحات الرئيس السابق لقسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، الجنرال عاموس جلعاد، لإذاعة 103 FM العبرية، وقال فيها إن العلاقات الممتازة بين مصر وإسرائيل ستحل الأزمة، مشيرًا إلى ضرورة التعامل معه بلطف.
"على مر السنين تم بناء علاقات مهمة للغاية بين الجانبين" قالها جلعاد، موضحًا أنها ليست المرة الأولى التي تقع فيها حوادث من هذا النوع "وحتى في هذه الحالة، فإنهم (يشير إلى الجانب المصري) يبقون بعيدًا عن الأنظار، وهو أمر مهم، ولا بديل عن العلاقات الاستراتيجية معهم، يجب القيام بكل شيء للحفاظ على العلاقات".
علاقات متوترة
وبالالتفات إلى قول جلعاد إنها ليست المرة الأولى التي تقع فيها حوادث من هذا النوع، نتذكر المجند المصري محمد صلاح الذي قتل 3 جنود إسرائيليين، منتصف العام الماضي، قرب معبر العوجة الحدودي بعدما توغل داخل الحدود.
ووفقًا لبيان أصدره الجيش المصري وقتها، فإن "أحد عناصر الأمن المكلفة بتأمين خط الحدود الدولية قام بمطاردة عناصر تهريب المخدرات، وأثناء المطاردة قام فرد الأمن باختراق حاجز التأمين وتبادل إطلاق النيران، مما أدى إلى وفاة 3 أفراد من عناصر التأمين الإسرائيلية وإصابة اثنين آخرين بالإضافة إلى وفاة فرد التأمين المصري أثناء تبادل إطلاق النيران".
وعاد اسم المجند محمد صلاح إلى الأذهان الشهر الجاري، حين اغتيل رجل أعمال إسرائيلي يحمل الجنسية الكندية، في الإسكندرية، وتبنت مجموعة غير معروفة أعلنت عن نفسها باسم "طلائع التحرير: مجموعة الشهيد البطل محمد صلاح" العملية، مبررة إياها بطول انتظار موقف رسمي، تجاه ما يحدث في غزة، لم يأتِ.
وفي الإسكندرية أيضًا، بالتحديد بعد يوم واحد من عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس داخل المناطق المحتلة في غلاف غزة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قُتل سائحان إسرائيليان بأحد الأفواج السياحية ومواطن مصري، أثناء زيارتهما السياحية لعمود السواري في منطقة المنشية بالإسكندرية.
وعلى مستوى القيادات السياسية في الجانبين، توترت العلاقات الثنائية منذ توغلت آليات إسرائيل داخل معبر رفح ورفعت العلم الإسرائيلي عليه، 7 مايو/أيار الجاري، وتواصلت الأزمة على مدار الأيام الماضية بين الجانبين المصري والإسرائيلي حول مسؤولية غلق معبر رفح البري، على خلفية تصريحات لوزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، طالب فيها مصر بإعادة فتح المعبر ومواصلة إدخال المساعدات الإنسانية الدولية لقطاع غزة، وهو ما استنكره وزير الخارجية المصري سامح شكري، واعتبره "محاولة يائسة لتحميل مصر المسؤولية عن الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي يواجهها قطاع غزة".
وجاء تجدد تلك الأزمة تاليًا على إعلان مصر عزمها التدخل رسميًا لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، للنظر في انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة، حسبما أكدت وزارة الخارجية.
فضلًا عن اتهام تقرير نقلته شبكة CNN الأمريكية، نقلًا عن ثلاثة مصادر مُجهلة، لم تسمها، مصر بالتسبب في إفشال صفقة وقف الحرب في غزة بداية الشهر الجاري. وزعم التقرير أن مصر أدخلت تغييرات على بنود الاتفاق الذي أُرسل لحركة حماس، بعد موافقة إسرائيل عليه، دون الرجوع للوسطاء.
فيما اعتبر مصدر مصري مُجهل أيضًا، وصفته قناة القاهرة الإخبارية برفيع المستوى، أن التقرير الأمريكي يسعى "لتعمد الإساءة لجهود مصر"، متحديًا أن تنقل الشبكة تلك التصريحات على لسان مصادر معرَّفة.