تصوير: صفاء عصام الدين - المنصة
كمال أبو عيطة يتلقى اتصالًا هاتفيًا من محامٍ لإضافة أسماء جديدة لقوائم لجنة العفو

مع كمال أبو عيطة| مرحلة شعبية الرئيس انتهت و"الأجهزة عارفة"

لا نعطل الحوار الوطني والمسؤولون في الرئاسة وافقوا على العفو عن سجناء الرأي

منشور الأربعاء 1 مارس 2023 - آخر تحديث الخميس 2 مارس 2023

عندما ذهب كمال أبو عيطة، عضو الهيئة العليا لحزب الكرامة، إلى حفل إفطار الأسرة المصرية الذي دعا له الرئيس عبد الفتاح السيسي في 26 أبريل/ نيسان الماضي، كان يعتقد أنه سيتناول إفطاره وبجوراه المفرج عنهم من سجناء الرأي. ولكن الآن وبعد مرور أكثر من عشرة أشهر على دعوة الرئيس للحوار الوطني وإحياء لجنة العفو الرئاسي، لا يزال الناشط العمالي ووزير القوى العاملة الأسبق يعمل من أجل إطلاق سراح من أسماهم "رهائن القوى السياسية"، والمواطنين المحبوسين على ذمة قضايا رأي.

يأتي حوار المنصة مع أبو عيطة بعد أسابيع من إنهاء مجلس أمناء الحوار الوطني عمله، وإعداد محاور الحوار وتقديم الأسماء المقترحة للمشاركة فيه، بينما تننشر في الكواليس اتهامات لقوى المعارضة، خاصة أحزاب الحركة المدنية، بتعطيل الحوار والإصرار على ربط بدئه بالإفراج عن أسماء معينة من السجناء السياسيين مثل أحمد دومة ومحمد عادل.

"رأي المخبرين"

يدافع أبو عيطة عن موقف أحزاب الحركة المدنية "نحن لا نعطل الحوار الوطني، هذا رأي المخبرين وأحزاب بير السلم الأمن لكن الحقيقة ليست كذلك"، موضحًا "تعاملنا مع الحوار الوطني بشكل إيجابي منذ البداية، ورحبت أحزاب الحركة المدنية به، بل رأت أنه جاء متأخرًا جدًا ولا يمكن لدولة في العالم تسير دون حوار وتوافق بين قواها السياسية الحية".

وأشار عضو لجنة العفو الرئاسي إلى بيان الحركة المدنية الصادر في 8 مايو/أيار الماضي، الذي وضع ضوابط للحوار، قائلًا إن "المسؤولين في مؤسسة الرئاسة وافقوا بشكل تام على تلك الضوابط، وأولها وأهمها إخلاء سبيل المحبوسين والعفو عن المحكوم عليهم ممن لم تلوث أياديهم بدم".

كما استرجع الشرط الثاني لقبول الحوار "تحدثنا أيضًا عن فتح المجال العام والمشاركة في الحوار مناصفة بين الموالاة والمعارضة، حتى يكون بين وجهتي نظر"، ويشدد "هذا الكلام تم إقراره والاتفاق عليه مع ممثلي رئاسة الجمهورية، والرئيس قال تصريحات إيجابية، قال إن مصر وطن يتسع للجميع، وشكل لجنة العفو، وأطلق بعدها مبادرة دمج المخلى سبيلهم في المجتمع".

"كل هذه الضوابط التي رأيناها ضمانة لإنجاح الحوار حتى لا يكون حوار طرشان أو شكلي لم يتحرك الجانب الآخر تجاهها جديًا بالسرعة المطلوبة لإنجازها"، يقول أبو عيطة مبديًا دهشته من التعطيل المستمر لملف الإفراج عن سجناء الرأي المتفق عليه "اشتغلت في الحكومة من أسفل السلم لأعلاه، القرار الذي يصدر من مدير غير القرار الذي يصدر من محافظ غير القرار الصادر عن وزير ورئيس وزراء، ما بالنا بقرارات الرؤساء؟ مفروض لها طبيعة خاصة وفي مصر بالذات لها هيبة وصلاحيات لا تتوفر للقيادات الأقل".

يضع عضو لجنة العفو الرئاسي بعض الملاحظات المرتبطة بملف سجناء الرأي "المسألة بدأت في الأول بشكل إيجابي مُرضي ثم تباطأت إلى أن توقفت"، موضحًا "تباطأت الأمور وكأن هناك طرفًا يضغط من أجل تقييد لجنة العفو الرئاسي، هذا الطرف ليس فقط توقف في الإخلاءات والعفو لكن توسع في الاستباحة الأمنية للقبض على مواطنين لا علاقة لهم بالسياسة ولا العنف أو الإرهاب، وهذا هو الوجع الكبير بالنسبة لي على الأقل".

"والله ما فعلناها"

"في ملف سجناء الرأي، الوجع الأكبر عندي المواطنين العاديين اللي اتاخدوا بالغلط، أنا مدرك طبيعة المرحلة في ظل تهديدات أمنية سواء كانت حوادث عنف أو إرهاب أو تهديدات وأكذوبة 11/11 التي لم يقتنع بها سوى أحمد موسى، لم ينزل مواطن مصري واحد، ازاي يقبضوا على الناس اللي ما نزلوش؟".

يتابع أبو عيطة "أرجو ألا يطمئن المسؤولون إن الناس ضد الخروج، الناس لم تخرج ليس حبًا في عمرو ولكن رفضًا لزيد. المرحلة الأولى التي كانت فيها شعبية وحب الرئيس مرتفعة انتهت، والرئيس عارف والأجهزة عارفة، الناس ما نزلتش كراهية في موجه الدعوة وليس حبًا في غيره".

أنا مع خروج كل الناس لا أستثني أحدًا، لكن الإخلاءات لا تتعلق بلجنة العفو

استكمل عضو لجنة العفو الرئاسي حديثه عما يجري في ملف سجناء الرأي وما يعده توقفًا وتعطيلًا "المحاكم والنيابات تخلي سبيل سجناء وتطلع أسماء تنسب للجنة العفو"، واستشهد بالآية القرآنية "يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا"، واستطرد "والله ما فعلناها، هذه إخلاءات النيابة والمحاكم تُقدم على أنها جهد لجنة العفو. أعرف ذلك من الطلبات التي تقدم للجنة العفو، ولا يتم الاستجابة لها ونجد أسماء أخرى خرجت".

يوضح أبو عيطة "كان لنا في القائمة السابقة واحد فقط من 30 اسمًا، وفي القائمة التي قبلها اسمين فقط، وما قبلها ثلاثة"، ويشدد "أنا مع خروج كل الناس لا أستثني أحدًا، لكن الإخلاءات لا تتعلق بلجنة العفو".

وعاد أبو عيطة للربط بين إطلاق سراح سجناء الرأي والحوار الوطني "المطلب الأول في ضوابط الحوار يشهد تراخيًا وامتد لأكثر من ذلك، استباحات أمنية كثيرة شغالة دلوقتي ولا توجد حالات عفو حقيقية". وقال "أرى أن احترامًا لمقام الرئاسة ومن يجلس على كرسي جمال عبد الناصر أن تكون قرارته أكثر حسمًا مما يحدث"، مشددًا "الحوار الوطني أقسم بالله حل لمشكلة السلطة الحاكمة وأول من يستفيد بالإخلاءات هي السلطة الحاكمة"، وتساءل "ما الذي يفيدك بحبس غلبان كان ماشي في الشارع اتمسك بالخطأ".

يسترجع أبو عيطة الإرهاب كحجة للتوسع في القبض على المواطنين "الرئيس بنفسه قال إننا نجحنا في القضاء على الإرهاب بنسبة 100%، ما فيش دولة في العالم نجت للقضاء على الإرهاب بهذه النسبة، فوصول مصر لها سبب أدعى لتنفيذ طلبات إخلاء سبيل محبوسين لم يتركبوا ذنب أو ذنبهم الرأي المحصن بالدستور"، مشيرًا إلى أن الدستور المصري يحظر الحبس في قضايا التعبير عن الرأي والنشر ويسمح بالتعدد السياسي ووجود أحزاب.

وبحسب الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، قُدرت أعداد المقبوض عليهم بشكل عشوائي خلال احتجاجات سبتمبر 2020 بأكثر من 1000 متظاهر.

"وإلا يبقى حوار إذعان" 

وبشأن ربط الحركة المدنية بدء الحوار بالإفراج عن مجموعة من السجناء يقول "نحن لم نضع عقدة في المنشار، عقدنا اتفاقًا من أول يوم إفطار الأسرة المصرية واتفقنا على إطلاق سراح المحبوسين". يستكمل أبو عيطة الذي تعرض للحبس 23 مرة "أقسم بالله رايح أفطر وظني إن اللي قاعدين محبوسين مفرج عنهم"، يضحك "أنا متفائل بطبيعتي ودي خيبتي في الدنيا، لكن كانت أكبر مائدة رحمن شفتها في حياتي". ويتعجب من استمرار الأزمة "تصورت بعدها بشهر الموضوع ينتهي لكن قربنا على سنة حرام عليكم".

يعتبر أبو عيطة سجناء الرأي الحاليين "رهائن القوى السياسية"، يتساءل "ينفع أدير حوار والقوى السياسية عندها رهائن؟" يشدد "لازم يشوفوا حل وإلا يبقى حوار إذعان".

في الوقت نفسه يوضح اختلاف السياق السياسي بين أبريل الماضي والوقت الحالي "السلطة كانت تحتاج من سنة للحوار"، مشيرًا إلى مؤتمر المناخ الذي استضافته مصر وكان يتطلب بعض التحسن في الوضع السياسي، يقول ضاحكًا "أنا الآن أطالب بعقد مؤتمر المناخ بشكل عاجل".

يضحك أبو عيطة "الحوار مع السلطة أخذ شكلين، الأول في النادي السويسري في الكيت كات، كان شكل من أشكال الحوار"، يشير إلى واقعة هجوم بلطجية على إفطار الحركة المدنية في النادي السويسري في رمضان 2018 "كان حوار الأطباق الطائرة. حطيت الكرسي على دماغي لحمايتها"، يؤكد أبو عيطة "هذا الشكل من الحوار كانت له نتائج سلبية علينا وعليهم". أما الحوار الآخر الذي دعا له الرئيس "إيجابي لصالحهم ولصالحنا ما ينفعش نفقد فضيلة الحوار، هو وسيلة لمنع العنف وما ينفعش أكون فاعل سياسي وأرفض الحوار".

في الوقت نفسه وأمام استمرار التحديات التي تواجه بدء الحوار الوطني، لا يستبعد أبو عيطة انقسام أحزاب الحركة المدنية في حال إصرار السلطة على عدم تطبيق الضوابط المتفق عليها، والبدء في الحوار دون استكمال عملية إطلاق سراح المحبوسين "قد يحدث انقسام وفريق مننا يدخل معسكر الموالاة، مع السلامة". يشبه الحركة المدنية والعمل الجبهوي بالقطار "لو حد عايز ينضم للموالاة يتفضل مع السلامة وربنا يعوض علينا بآخرين، الجبهة ليست عملًا أبديًا وعندما تحقق أهدافها مع السلامة تمشي".

يعتبر أبو عيطة أن الإقدام على بيع الشركات والبنوك بمثابة ذبح الفرخة التي تبيض البيضة الذهب

ينتقل أبو عيطة للحديث عن خطورة الاعتماد المستمر على الجهاز الأمني "طول عمره يقدم نفسه للحاكم أنه حامي حمى الدارين بأمارة عدد المحبوسين"، يضيف "والله العظيم هم اللي بيضروا البلد". يتذكر لحظة خروج المواطنين على مبارك "بعد 30 سنة من حكمه الناس خرجت تطالب بإقالة وزير الداخلية، هذه دلالة يجب أن تنظر لها السلطة"، مشيرًا إلى "توحش وتوغل الأجهزة الأمنية على الناس مش بس السياسيين، لكن كمان شوفوا أقسام الشرطة مع الناس العادية، كأنهم ينتقموا من الشعب بسبب اللي حصل في يناير".

ويتوقف أمام بعض حالات القبض على بعض الذين تحدثوا عن غلاء الأسعار في فيديوهات ساخرة "بتحاسب الناس على إيه؟ مواطن عادي يشكو من ارتفاع الأسعار طب هي الأسعار حلوة؟".

وكانت وزارة الداخلية ألقت القبض على أربعة من محافظة أسيوط لنشرهم فيديوهات ساخرة عن ارتفاع الأسعار، عبر قناة "ظرفاء الغلابة". وجهت لهم نيابة أمن الدولة تهمة نشر أخبار كاذبة.

"راجعوا تقارير معدلات الفقر بتاعتكم"، يطالب أبو عيطة الحكومة، مسترجعًا مشاهد 30 يونيو وما بعدها "أحد أسباب وجود السلطة على مقاعدها الشعب المصري والحركة المدنية"، مشيرًا إلى ما وصفه بـ "حلحلة مبارك والإخوان وانحياز المؤسسة العسكرية للإرادة الشعبية"، واستطرد "تعالوا يا من انحزتوا للإرادة الشعبية نفذوا الإرادة الشعبية وارحموا الناس بتغيير السياسات".

يناشد أبو عيطة السلطة بالتوقف عن الاستجابة لأوامر صندوق النقد الدولي "شوفوا عملوا ايه في الأرجنتين"، مضيفًا "لا يوجد مبرر مصري لكل يحدث ولا لحملة بيع 32 منشأةً"، واتهم المسؤولين في مصر بأنهم "مجرد منفذين لطلبات صندوق النقد الدولي". يعتبر أبو عيطة الإقدام على بيع الشركات والبنوك "ذبح للفرخة التي تبيض البيضة الذهب".

وكانت رئاسة الوزراء أعلنت في فبراير/شباط من العام الجاري أن لديها خطة لطرح بـ 32 شركة تملكها الدولة، على مدار عام كامل يبدأ من الربع الحالي من عام 2023 وحتى نهاية الربع الأول من عام 2024، سواء كان الطرح من خلال البورصة أو المستثمر الاستراتيجي أو كليهما.

"في مصر كله بالتليفون"

خلال الحديث، وجه القيادي العمالي السابق في الضرائب العقارية ووزير القوى العاملة الأسبق، الشكر لمجلس النواب والحكومة على سحب مشروع قانون العمل "أشكر السادة أعضاء مجلس النواب والحكومة على سحب قانون العمل من لجنة القوى العاملة".

لا يتوقف أبو عيطة عند هوية صاحب قرار تجميد مشروع القانون "إنتِ في مصر كله بالتليفون"، لكنه يؤكد "البرلمان ليس في حالة تؤدي لصدور قانون عمل عادل، وفي حال صدوره سيكون منحازًا لأغلبية البرلمان وهم أصحاب الأعمال".

"هذا البرلمان بالذات لا يمكن يطلع قانون عمل جيد، القانون اللي فات كنا بنقول سرقوا العامل تاتا تاتا بقانون ألفين وتلاتة، ده بقى دبحوا العامل". يشدد أبو عيطة مؤيدًا تأجيل مناقشة مشروع القانون "لحين تعديل الأوضاع".

يربط أبو عيطة دائمًا بين الحقوق المنصوص عليها في الدستور والقانون ووجود قوة تدافع عنها وتحميها، وهو ما تفتقده قطاعات مختلفة من بينها العمال مع تراجع أوضاع النقابات "يظنون العمل النقابي رجس من عمل الشيطان ويحاربونه، زملائي في العمل النقابي يتم تعقبهم أكثر من الناشطين في العمل السياسي، رغم أن العمل النقابي ابن النظام الرأسمالي والاقتصاد الحر الذي يتبعوه".

يؤكد أبو عيطة "وضع النقابات من 10 سنين كان أفضل، كان في على الأقل 5 أو 6 مليون مقيدين في النقابات، الآن أتحدى إذا كان عدد المنخرطين في التنظيم النقابي في مصر يصل لمليون بما فيهم العضوية الجبرية"، مضيفًا "ضرب التنظيم النقابي بهذا الشكل لم يحدث في التاريخ ولا أيام الاحتلال أو الملكية"، مشيرًا إلى الانتهاكات التي شهدتها الدورة الانتخابية الأخيرة قبل أشهر.