يُقدر سعر سهم البنك التجاري الدولي في مصر بـ 53.2 جنيه، حسب إغلاق اليوم الاثنين، لذا فمن المفترض أن يكون سعر نفس السهم المتداول عليه في بورصة لندن عند 1.7 دولار، بافتراض أن سعر التحويل هو سعر الصرف الرسمي للدولار في مصر عند 30.7 جنيه.
لكن سعر السهم الذي ظهر على شاشة البورصة اللندنية في تداولات اليوم بلغ 1.5 دولار فقط، وهو ما يعطي مؤشرًا على رؤية قطاعات من المستثمرين الأجانب لقيمة الدولار الحقيقة مقابل الجنيه، والتي ستصبح في هذه الحالة نحو 35 جنيهًا مقابل الدولار.
يقترب هذا السعر من توقعات صدرت عن جهات بحثية خلال الأيام الماضية، فهل يمكن أن نستخدم أسهم البورصة المصرية كمؤشر على تقديرات الأسواق لقيمة الجنيه؟
ما هي أسهم الـ چي دي آر ؟
يرمز هذا المصطلح إلى طرح إحدى الشركات أو البنوك المصرية التي تحظي بمراكز مالية قوية، جزءًا من أسهمها في سوق المال في لندن، لكي يتم التداول عليها بقيم دولارية.
وتقيد ثماني شركات مصرية أسهمها في بورصة لندن، وهو ما يعرف بالقيد المزدوج، لكي تتمكن من تداول أسهمها هناك بجانب تداولها في بورصة مصر. ويتم تقييد السهم في لندن تحت اسم شهادة إيداع، ويتحدد سعره بناء على العرض والطلب عليه في كل بورصة.
لكن ما يعزز من وجهة النظر التي تتخذ شهادات الإيداع كمؤشر على تقييم سعر الصرف، هو أن سعر السهم في بورصتي القاهرة ولندن كان أكثر تقاربًا في أعقاب تعويم الجنيه، 11 يناير/كانون الثاني الماضي، حيث بلغ في اليوم التالي للتعويم 1.4 دولار في بورصة لندن و 42.1 جنيه في بورصة مصر في وقت كان فيه سعر صرف الدولار 29.5 جنيه.
تفسيرات أخرى للفجوة بين السعرين
ويرى خبراء أن سعر السهم المصري في بورصة لندن يعكس فعلًا نظرة الأجانب السلبية تجاه الأزمة الدولارية في مصر، لكن لا يعني ذلك وجود ارتباط شرطي بين توقعاتهم لسعر الصرف وتحديد سعر السهم في لندن، بالنظر إلى أن الأخير يتحدد سعره بناء على العرض والطلب في السوق.
ويقول في هذا السياق رئيس قطاع المعاملات الدولية في أحد البنوك الخاصة، تحدث للمنصة، إن انخفاض سعر تداول سهم البنك التجاري الدولي في لندن عن سعره في مصر يرجع بالأساس إلى عدم إقبال الأجانب بقوة على شراءه في الخارج بسبب نظرتهم لأحوال الاقتصاد المصري.
ويضيف "أي شر كة مصرية مطروحة حاليًا في الأسواق العالمية لا توجد عليها طلبات من مستثمرين أجانب بسبب ارتفاع مخاطر الاستثمار ".
وخلال العام الماضي خرجت استثمارات غير مباشرة (في أذون وسندات الخزانة) بقيمة 22 مليار دولار على إثر مخاوف المستثمرين من الأجانب من مخاطر الحرب الروسية الأوكرانية على الأسواق الناشئة ومنها مصر، ما زاد من الضغوط على العملة المحلية مقابل الدولار.
ويعكس التقرير الشهري عن التداولات في البورصة المصرية خلال فبراير/ شباط النظرة السلبية للأجانب تجاه الأسهم المصرية، حيث سجلت تعاملات هذا الشهر صافي بيع للمؤسسات الأجنبية بـ 390 مليون جنيه.
وتعد مخاطر خسارة الأجانب في البورصة المصرية أكبر من مخاطر خسارتهم على الأسهم المصرية في الخارج، نظرًا إلى أن أسهم البورصة المصرية مقومة بالعملة المحلية، وبالتالي سيخسر الأجنبي جانبًا من قيمة استثماراته في مصر في حالة تعويم الجنيه.
السهم كمخزن للدولار
يفترض أن يشجع الفارق الحالي بين سعر سهم التجاري الدولي في بورصتي مصر ولندن من المفترض أن يشجع المستثمرين الأجانب على شراءه من لندن بسعره الرخيص وإعادة بيعه في مصر بسعره الحالي الأكثر ارتفاعًا، فيما يعرف بممارسات الأربتراج.
لكن محللين يرون أن أزمة الدولار أدت إلى أن تسير هذه الدورة بشكل عكسي، حيث يتجه مصريون لشراء السهم في مصر وتحويله لشهادات إيداع، وهم بذلك يشترون الغالي ويستبدلون به الرخيص، والدافع وراء ذلك هو رغبتهم في بيع السهم في لندن وجني ثمنه بالدولار في وقت ندرة العملة الصعبة.
"مع ازدياد الطلب على الدولار يقوم بعض المستثمرين بتحويل جزءًا من أسهمهم إلى شهادات إيداع للاحتفاظ بها خارج مصر" كما قال الخبير المصرفي، محمد عبد العال، للمنصة.
ويعاني المستوردون حاليًا من عدم استجابة القطاع المصرفي بالمرونة الكافية لطلباتهم لتوفير العملات الصعبة لتيسير حركة التجارة.
وكان البنك المركزي المصري قال في بيان له في يناير الماضي، إنه رصد دخول استثمارات أجنبية في مصر بقيمة تتجاوز 925 مليون دولار خلال فترة قصيرة، ما يعكس الرؤية المتفائلة بعد التعويم لتيسير تدفق النقد الأجنبي، لكن خلال الأسابيع التالية بدا أن أزمة الدولار كانت تستعيد زخمها بالتدريج.
ويوضح رئيس قسم التحليل الفني للأوراق المالية في شركة نعيم لتداول الاوراق المالية، إبراهيم النمر، للمنصة، أن هذا النوع من المعاملات أصبح محدودًا في الفترة الأخيرة بعد أن حدت منها إجراءات البورصة المصرية.
ويقول النمر "معاملات الأربتراج في سوق الأسهم حاليًا محدودة بعد تقييد المعاملات تاثرًا بانخفاض سعر الجنيه امام الدولار".
وبينما نفت البورصة المصرية في ديسمبر/كانون الأول الماضي فرضها أية قيود على عمليات تحويل الأسهم المصرية لشهادات إيداع، تشير تقارير إلى وجود تعليمات غير معلنة تهدف للحد من استخدام هذه الآلية لما تسهم فيه من تسريب العملات الأجنبية خارج مصر.