تستضيف مصر هذا الأسبوع الاجتماعات السنوية للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. وواحدة من أبرز أشكال المساندة التي تتوقعها بلادنا من هذا البنك؛ مشاركته مع بنك التنمية الإفريقي في ضمان مصر في إصدار جديد لسندات "الباندا".
يُعد هذا الإصدار المقوم بالعملة الصينية، هو الأول من نوعه لوزارة المالية المصرية، كذلك تتطلع مصر لإصدار سندات مقومة بالين الياباني، وهو ثاني إصدار لهذه السندات المعروفة باسم "الساموراي".
ويقول خبراء لـ المنصة إن الدافع الرئيسي وراء اللجوء لهذه الأنواع من الطروحات غير الاعتيادية، هو انخفاض العائد عليها، في ظل الارتفاع القوي للطروحات المقومة بالدولار الأمريكي، منذ 2022.
وكان مجلس الوزراء وافق هذا الشهر على إصدار جديد لسندات "الساموراي"، بقيمة تعادل 500 مليون دولار، بعد أول إصدار من هذا النوع بنفس القيمة قبل أكثر من عام، والذي يُعد الأول من نوعه أيضًا في الشرق الأوسط.
فيما أعلنت وزارة المالية في مايو/أيار الماضي عن مخططات لإصدار سندات "الباندا"، بقيمة تعادل 500 مليون دولار، خلال الربع الأول من العام المقبل.
وسندات الباندا والساموراي هي ديون طويلة الأجل مقومة بعملات الصين واليابان، ومخصصة للأجانب الذين يرغبون في الاستدانة بعملات هذه البلاد.
العائد المرتفع على الدولار
"اتجاه مصر لإصدار سندات في الأسواق الآسيوية جاء لأن أسعار الفائدة منخفضة جدًا مقارنة بالأسواق الدولية"، كما يقول المدير التنفيذي لأسواق الدخل والنقد الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، محمود نجلة، لـ المنصة.
وبلغ سعر العائد على طرح سندات "الساموراي"، الذي تم في مارس/آذار 2022 نسبة 0.850%، بينما كان العائد على آخر طرح لسندات اليوروبوند، المقومة بالدولار الأمريكي، في سبتمبر/أيلول 2021 نسبة 8.75%.
ولم تصدر مصر سندات يوروبوند جديدة مقومة بالدولار منذ ذلك التاريخ، مع ارتفاع العائد المتوقع طلبه من المستثمرين المشترين لهذه السندات، نتيجة لقيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة لأعلى مستوى منذ 22 عامًا.
وتقول وكالة فيتش، في تقرير، إن عددًا من الأسواق الناشئة سيزيد من اعتماده على سندات الساموراي في ظل تذبذب أسعار الفائدة على الدولار واليورو، كذلك يقول دويتش بنك إن سندات الباندا باتت جذابة في ظل انخفاض العائد المفروض عليها.
الاتجاه إلى إصدارات دولية أخرى كاليورو بوند، "يصعب حدوثه في الوقت الحالي نظرًا للعائد المرتفع المتوقع، بالإضافة لتراجع تصنيف مصر الائتماني"، كما يقول الخبير الاقتصادي، مدحت نافع، لـ المنصة.
كلا نوعي السندات سيجلب لوزارة المالية عوائد بعملات ليس لها استخدام واسع في مصر
وخفضت وكالة فيتش تصنيف مصر الائتماني في مايو الماضي، في ظل تفاقم الضغوط المالية، بينما كان آخر طرح لمصر لسندات مقومة بالدولار في الأسواق الدولية هو طرح الصكوك الإسلامية في فبراير/شباط الماضي، والذي جاء العائد عليه مرتفعًا بشكل صادم، عند مستوى 11%.
ويتوقع نجلة أن العائد على أي إصدار جديد لمصر من سندات اليوروبوند المقومة بالدولار سيكون أكبر من طرح الصكوك الأخير، وفي حدود الـ 20%، بالنظر للسعر الحالي للفائدة الأمريكية ولمخاطر الائتمان في مصر.
ويفسر نجلة انخفاض عائد الصكوك، كون الأخير يصدر بضمان من أصول مملوكة للدولة.
رخيصة ولكن لا تصلح كبديل
بينما يُشير نافع إلى أن "وجود ضامن في طرح سندات الباندا يقلل من المخاطر وبالتالي يخفض من عائد السند".
وقدم بنك التنمية الإفريقي ضمانًا لهذا الإصدار بما قيمته 350 مليون دولار من إصدار الباندا، بينما قدم البنك الآسيوي 230 مليون دولار.
ويُشير نافع إلى أنه بينما ستكون وزارة المالية حرة في استخدام عوائد سندات الساموراي في الإنفاق على أي مجال تريد، فإنها مقيدة في حالة سندات الباندا، كون الأخيرة من السندات الخضراء، التي يتم الاشتراط مسبقًا بتحديد أوجه إنفاق معينة لاستخدامها، مثل وسائل النقل الصديقة للبيئة.
لكن ذلك ليس القيد الوحيد، فكلا نوعي السندات سيجلب لوزارة المالية عوائد بعملات ليس لها استخدام واسع في مصر؛ اليوان الصيني والين الياباني.
ويُشير نجلة إلى أنه عادة ما يتم استخدام عوائد القروض المقومة بعملات مثل العملات الآسيوية، في سداد مستحقات الدول الآسيوية، أو في تمويل الواردات الآتية منها.
وتمثل القروض المصرية المقومة بالين أو اليوان نسبة هامشية للغاية، حوالي 1.8% و 2.1% على التوالي، من دين خارجي بلغ نحو 163 مليار دولار في نهاية العام الماضي.
لكن في المقابل تُراهن المالية على أن تساهم طروحات الباندا والساموراي في تنويع مصادر الدين الخارجي، وإطالة عمر هذا الدين، كما تقول في تصريحاتها، وذلك في ظل بلوغ نسبة الدين الخارجي قصير الأجل 18.6% من هذا الدين.