التقى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الأحد الماضي، ممثلين عن المجتمع المدني خلال زيارته إلى القاهرة، في لقاء امتد 45 دقيقة، تناول قضايا عدة بين ملف سجناء الرأي، وقرض صندوق النقد الدولي، وكذلك الحوار الوطني، وفق ما ذكره للمنصة عدد من الذين حضروا اللقاء.
وحضر اللقاء كل من مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت، والمقرر المساعد للجنة الأحزاب السياسية بالمحور السياسي في الحوار الوطني والرئيس السابق لحزب الدستور خالد داود، والمحامية الحقوقية راجية عمران، ورئيس مجلس الأمناء بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات أحمد عبد الله.
وجاء لقاء بلينكن بممثلي المجتمع المدني، قبل اجتماعه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري، أمس الاثنين، والذي تطرق ضمن محاوره أيضًا لأوضاع حقوق الإنسان في مصر، وذلك قبيل اختتام وزير الخارجية الأمريكي زيارته إلى القاهرة متوجهًا إلى إسرائيل.
واقتصر بيان بلينكن المقتضب حول اللقاء إلى إشارات بسيطة عن أهمية المدافعين عن حقوق الإنسان "لبناء مجتمعات عادلة وناجحة"، وأنه "استمع إلى قصص ملهمة عن عملهم لحماية الحريات الأساسية للجميع"، بحسب ما نشرته صفحة الخارجية الأمريكية على فيسبوك، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
حقوق الإنسان والإصلاح السياسي
أوضح عضو الحركة المدنية خالد داود في تصريحات خاصة إلى المنصة أن اللقاء تم بمنزل السفير الأمريكي الموجود داخل السفارة الأمريكية بالقاهرة، واستمر حوالي 45 دقيقة، "قضاهم الوزير مستمعًا أكثر مما تكلم".
ولفت إلى أن أبرز الملفات التي تحدث عنها إلى الوزير كانت "ضرورة الإصلاح السياسي وفرص التحسن في ملف حقوق الإنسان، وأهمية تفعيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، فضلًا عن الحوار الوطني باعتباره فرصة لفتح المجال العام، والتوقف عن حجب المواقع".
وحظي ملف سجناء الرأي بمساحة من اللقاء، بحسب داود الذي قال إنهم شددوا على أهمية استكمال إطلاق سراح المسجونين بما فيهم الناشط السياسي علاء عبد الفتاح والمحامي الحقوقي محمد الباقر، والمدون محمد أكسجين.
وأوضح داود أن "عددًا ممن طالبنا (الحركة المدنية والحقوقيون) بإطلاق سراحهم خرجوا بالفعل، لكن آخرين ما زالوا قيد الحبس رغم إنهم قضوا في السجن سنوات طويلة، كما أن أسماءهم لم ترد في قضايا عنف".
ولفت إلى أنه أكد للوزير الأمريكي على "أننا نريد الاستفادة من أجواء الحوار الوطني من أجل إطلاق سراح السجناء وفتح صفحة جديدة"، مقيمًا معدل الإفراجات عن السجناء بأنه "مش ماشي خالص زي ما كنا نتمنى"، فضلًا عن عودة عمليات القبض.
وشدد أن "القبض لم ينطبق على السياسيين فقط مثل عضو حزب العيش والحرية زياد أبو الفضل"، بل امتد ليشمل مواطنين عاديين مثل القبض على الشباب الثلاثة من صانعي المحتوى على مواقع السوشيال ميديا، المتهمين بالانضمام لجماعة إرهابية على خلفية نشر فيديو كوميدي.
وكانت نيابة أمن الدولة العليا أمرت أول من أمس بحبس 3 من صانعي المحتوى ثم آخر أمس، وذلك لمشاركتهم في مقطع فيديو ساخر باسم "الزيارة".
بدورها قالت راجية عمران إنهم أثاروا القضية 173 المعروفة بقضية "التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني" التي تعود إلى العام 2011 وأسفرت عن تجميد ممتلكات ومنع العديد من القائمين على منظمات حقوقية من السفر.
وفيما يخص مبادرات الدولة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان من حوار وطني أو الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، أفادت بأنهم سلطوا الضوء على عدم الجدية في تنفيذ هذه المبادرات "فالحوار لم يحدد له موعد بعد، والاستراتيجية لم تنفذ، كما أن أغلب المفرج عنهم خرجوا بقرار من النائب العام وليس بعفو رئاسي".
ولفتت إلى أنهم أكدوا أهمية تنشيط لجنة العفو الرئاسي ليشمل الإفراج المحكوم عليهم وليس فقط المحبوسين على ذمة قضايا.
بلينكن يسأل
لفت خالد داود إلى أن وزير الخارجية الأمريكي كان مهتمًا بالوضع الاقتصادي، مشيرًا إلى إنه "سأل عن تقييمنا للاتفاق المصري مع صندوق النقد الدولي وتداعيات ذلك على الوضع الاقتصادي الداخلي". أما عمران فقالت إنهم لم يطرحوا تصورًا محددا فيما يخص الاتفاق "أفدنا بأننا لسة هنشوف الوضع هينتج عنه إيه لأن بدري جدًا على تقييم الاتفاق".
وأضافت أن الوزير سأل أيضًا عن تصورنا للفترة القادمة، موضحة أنهم عبروا عن تمنيهم بتحسن محور حقوق الإنسان، وعدم تأثره بالوضع الاقتصادي. وفسرت "جرت العادة على أن الملف الحقوقي يلقى تهميشًا في ظل الظروف الاقتصادية السيئة"، متابعة "عارفين إننا داخلين على أيام صعبة، ولكن نأمل ألا تؤثر علينا".
عرف سياسي
رفض كل من داود وعمران اتهامات العمالة أو الاستقواء بالخارج التي قد يثيرها اللقاء ضدهم، وقال داود "جرى العرف وبحكم العلاقات الاستراتيجية والطويلة مع الولايات المتحدة، إن المسؤول الأمريكي عندما يأتي إلى القاهرة يستمع إلى وجهة النظر الرسمية وغير الرسمية"، مدللًا على إنه بخلاف لقائهم به، التقي أيضًا بشباب وقيادات نسائية خلال الزيارة. وتابع "نفس الأمر يحدث عندما يزور مسؤول مصري أمريكا فهو يلتقي بممثلي الإدارة الأمريكية، وسياسيين ونواب بالكونجرس".
من جانبها قالت عمران إن "اللقاء معلن عنه، وفي أي حتة بيحصل أن مسؤولين يلتقوا بأعضاء مجتمع مدني".
فلسطين حاضرة
إلى جانب الشأن المصري، حرص داود على التطرق إلى القضية الفلسطينية؛ "خاصة وأن الوزير يزور المنطقة في ظل أجواء مشتعلة بالأراضي المحتلة"، قائلًا "أكدت للوزير أن مصداقية أمريكا بملف حقوق الإنسان متوقفة على موقف واشنطن من الموضوع الفلسطيني"، في إشارة إلى انحياز الولايات المتحدة لإسرائيل بإدانة إطلاق النار من شاب فلسطيني على كنيس يهودي الجمعة الماضية، مع تجاهل التدخل العسكري الإسرائيلي، الخميس الماضي، في مخيم جنين بالضفة الغربية، رغم أن العمليتين لم يفصل بينهما إلا 24 ساعة فقط.
يشار إلى أن بلينكن ختم زيارته للقاهرة، أمس الاثنين، متوجهًا إلى إسرائيل ضمن جولته بالشرق الأوسط.
واقتصرت تصريحات بلينكن في ملف حقوق الإنسان حين قال للصحفيين عقب لقاءه بالرئيس وشكري، إن "الولايات المتحدة ستواصل تشجيع مصر على اتخاذ خطوات فيما يتعلق بحقوق الإنسان بما في ذلك إطلاق سراح المزيد من السجناء السياسيين وضمان حرية التعبير".
وتابع أن مصر اتخذت خطوات نحو الحريات الدينية وتمكين المرأة وإطلاق سراح بعض السجناء، إلا أن ذلك لم يزيل المخاوف، مشيرًا إلى أنه تحدث إلى المسؤولين المصريين عن سجناء بعينهم.
ولا تعتقد المحامية الحقوقية راجية عمران أن اختصار التوصيات في حقوق الإنسان سببه اللقاء الذي جمعهم به، موضحة "إحنا أثرنا فعلًا قضايا، ولكنه الوزير جاي محمل بمعلومات ولديه تصور مسبق عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر".