أصدر المستشار علي مختار قاضي التحقيق المنتدب في القضية 173 لسنة 2011 والمعروفة إعلاميًا بقضية "التمويل الأجنبي" قرارًا بعدم إقامة الدعوى الجنائية ضد عشرين منظمة وجمعية أهلية من الذين شملتهم التحقيقات من بينها جمعية جيل المستقبل التي أسسها أمين التنظيم السابق في الحزب الوطني جمال مبارك.
وقال القاضي في بيان أصدره اليوم السبت إن التحقيقات التي جرت على مدار السنوات التسع الماضية انتهت إلى أنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بحق ست منظمات وجمعيات أهلية "لعدم الجريمة"، بينما لم يكن هناك وجه لإقامة دعوى جنائية بحق المنظمات الـ 14 الباقية، لعدم كفاية الأدلة.
المحامي والمرشح الرئاسي السابق خالد علي، ذكر للمنصة أن هذا القرار "يخلو من أي منظمة مجتمع مدني جادة، اللي استفاد من القرار دا جمال مبارك".
وتابع علي أن "كل المنظمات الجادة فالوضع كما هو، تحفظ ومنع من السفر، المبادرة النديم القاهرة المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان نظرة مركز عزة سليمان، هشام مبارك للقانون، الخ".
أما المحامي الحقوقي جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان وهي إحدى المنظمات التي ما زالت قيد التحقيق في القضية نفسها، فقد اعتبر في تصريحات إلى المنصة أن "هذا القرار مليان مؤسسات متواطئة أو غلبانة"، معتبرًا أن هذه القضية تستهدف بالأساس المؤسسات المستقلة، والقرار يخلو من اسم منظمة مستقلة واحدة "من التي تستهدفها هذه القضية بالأساس".
ولفت عيد إلى أنه "ومنذ صدور قرار التحفظ على أموالي في عام 2016 في سياق التحقيقات في القضية دي، لم أستدعَ للتحقيق حتى الآن".
والمنظمات والجمعيات الأهلية الست التي خلصت التحقيقات اليوم السبت إلى عدم ارتكابها أي جريمة هي إنتر نيوز نت وورك والمؤسسة الدولية للنظم الانتخابية وجمعية يلا نشارك للتنمية المجتمعية ومؤسسة النقيب للتدريب ودعم الديمقراطية وجمعية الأسرة المسلمة بدمنهور وجمعية الأمل الخيرية في المنيا.
أما المنظمات والجمعيات الأهلية التي لم تنجح التحقيقات خلال السنوات التسع الماضية في استكمال الأدلة اللازمة لإصدار قرار باتهامهم، فكانت جمعية مؤسسة سهم الثقة، ومنظمة الشرق الأوسط للتنمية وحقوق الإنسان، ومنظمة إيد في إيد من أجل مصر، وجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، ومركز موارد للتنمية والمركز المصري للتنمية والدراسات الديمقراطية والمركز الوطني لحقوق الإنسان وجمعية السادات للتنمية والرعاية المجتمعية ومنظمة الأقباط للأيتام والمعهد الديمقراطي المصري والمعهد الديمقراطي القومي للشؤون الدولية والمركز المصري لحقوق الانسان وجمعية جيل المستقبل ومركز ماعت للدراسات الدستورية والقانونية.
ويترتب على هذا القرار بالنسبة للمنظمات والجمعيات الأهلية العشرين رفع قرارات منعها من التصرف في أموالها السائلة أو المنقولة، وكذلك رفع أسماء القائمين عليها من على قوائم الممنوعين من السفر، حسبما جاء في القرار.
وبحسب تعديل أجراه الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون العقوبات في سبتمبر/ أيلول 2014، يعاقب بالسجن المؤبد كل من تلقى أموالًا من الخارج "بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية أو المساس باستقلال البلاد أو وحدتها"، دون وضع معيار واضح للأعمال الضارة بـ "المصلحة القومية".
وخلص خالد علي إلى الاعتقاد بأن هناك من "يحاول مخاطبة المجتمع الدولي إنه بيخفف الضغوط عن المجتمع المدني" بعد تصاعد الضغط الدولي على الإدارة المصرية، على خلفية القبض على ثلاثة من قيادات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية هم مديرها التنفيذي جاسر عبد الرازق، ومديرها الإداري محمد بشير، ورئيس وحدة العدالة الجنائية كريم عنارة، وحبسهم في اتهامات تتعلق بالإرهاب قبل الإفراج عنهم مؤخرًا.
وأوضح عيد من جانبه أن "دا كلام للضحك على الأمريكان، وللتغطية على فضائح النظام"، منوهًا إلى "حالة التخبط" في التعامل الرسمي مع قضية المبادرة "يعني التلاتة كانوا محبوسين حسب نيابة أمن الدولة العليا بتهم الانضمام لجماعة إرهابية، ووزارة الخارجية طلعت بيان بيتكلم عن مخالفة المبادرة لقانون الجمعيات الأهلية، وفي النهاية أفرجوا عنهم بعد ما قالوا إن المبادرة وفقت أوضاعها".
وتعود وقائع القضية إلى يوليو/ تموز 2011، عندما كلف مجلس الوزراء وزير العدل حينها المستشار محمد عبد العزيز الجندي، بتشكيل لجنة تقصى حقائق، لإعداد تقرير مفصل بشأن "التمويل الأجنبي المباشر لمنظمات المجتمع المدني المصرية والمنظمات الأجنبية غير المرخص لها في مصر".
وغادر المتهمون الأجانب في القضية، وعددهم 17 شخصًا بينهم تسعة أمريكيين، مصر على متن طائرة أمريكية من مطار القاهرة في مارس/ آذار 2012، بناءً على قرار من النائب العام المصري في ذلك الوقت، المستشار عبد المجيد محمود، بعد رفع أسمائهم من قوائم الممنوعين من السفر.
وفي ديسمبر/ كانون الثاني 2018 قضت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة فى محكمة عابدين، صباح اليوم الخميس، ببراءة 43 متهمًا في القضية نفسها، بعد أن قبلت محكمة النقض في إبريل/ نيسان من العام نفسه طعن 16 متهمًا على الأحكام الصادرة بالحبس لمدد تتراوح بين سنة و5 سنوات.