قالت إلهام عيداروس، وكيلة مؤسسي حزب العيش والحرية (تحت التأسيس)، إنها وزملائها في الحزب سيواصلون ممارسة نشاطهم السياسي القانوني والمشروع، وذلك بعد ساعات من حكم أصدرته المحكمة الإدارية العليا اليوم السبت برفض دعوى رفعها المحامي سمير صبري قبل ثلاث سنوات تطالب بحظر أنشطة الحزب وجميع الكيانات التابعة له.
ووصفت عيداروس في مقابلة مع المنصة الحكم بأنه "متنفس" منح للحزب ليواصل رحلته "ولو ببطء"، وتحدثت عن إجراءات أخرى هامة أهمها التوقف عن الممارسات التي تبعد المواطنين عن المشاركة السياسية.
وتعرض عدد من أعضاء حزب العيش والحرية خلال السنوات الماضية للحبس الاحتياطي أشهرًا دون محاكمة، أو لعقوبات السجن، من بينهم جمال عبد الحكيم وزياد أبو الفضل وحسن بربري.
ورفعت هذه دعوى حل الحزب، التي تحمل رقم 24828 لسنة 72 قضائية، في منتصف فبراير/ شباط 2018، على خلفية اتهامات بالاغتصاب بحق عضو في الحزب واتهامات أخرى بالتحرش بحق وكيل مؤسسيه، واختصم فيها وكيل المؤسسين خالد علي ورئيس لجنة شؤون الأحزاب.
كان علي استقال من عضوية الحزب وكذلك من عمله في المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بعد أيام من تفجّر الأزمة، وفقد صفته وكيلًا لمؤسسي الحزب.
دعوى "عبثية"
حين أقام صبري، الذي اعتاد ملاحقة المعارضين السياسيين وبعض الفنانين والفنانات قضائيًا، دعواه أمام محكمة القضاء الإداري، أحيلت الدعوى إلى هيئة المفوضين، لتصدر الأخيرة تقريرها بشأنها في أوائل 2019 وتقرر إحالتها للمحكمة الإدارية العُليا.
بالنسبة لعيداروس فإن هذا الإجراء "كان غريبًا بالنسبة لنا، لأن مَن استشرناهم من قانونيين قالوا إن الدعوى عبثية، وطبيعي أن ترفضها محكمة القضاء الإداري لأنها منعدمة الاسس القانونية. إلاّ أن التقرير أوصى بإحالتها للمحكمة الإدارية العُليا (دائرة الأحزاب السياسية)، لعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري نوعيًا بنظرها".
وترى عيداروس أن الدعوى عبثية لأنها "أُقيمت من شخص غير ذي صفة ولا صاحب مصلحة لإقامتها وهو سمير صبري، على غير ذي صفة وهو خالد علي، الذي لم يعد بين الوكلاء بعد استقالته في 2018؛ ما جعل من هذه الدعوى أمر مثار ريبة".
الريبة لم تكن الشعور الوحيد الذي ساد خلال ذلك الوقت، فتلك الأعوام لم تخل من قلق ومخاوف، تحكي عنها الآن القيادية الحزبية، وتقول "عشنا ثلاث أعوام تحت ضغوط، زادت واستفحلت في العام ونصف السابقين، حين تم إحالة الدعوى للمحكمة الإدارية العُليا".
لكن كل هذه الضغوط انتهت اليوم بحكم الإدارية العُليا، الذي تقول عنه "نحن نرحب بهذا الحكم وسعداء جدًا به، لأنه حقق أملنا في الانتصار لمبادئ المشروعية وللدستور والقانون، برفض هذه الدعوى العبثية. ورفع السيف الذي كان مُسلطَا على رقابنا".
مساع قانونية
في مقابل تحرّك صبري، تقدم وكلاء مؤسسي الحزب الحاليون وهم بالإضافة لإلهام عيداروس، سوزان ندا وموسى أبو قرين، في فبراير 2019، بطلب لضمهم إلى القضية باعتبارهم الممثلين القانونيين عن الحزب، إلا أن المحكمة "لم تلتفت لدفاعهم"، بحسب قول وكيلة المؤسسين "رغم حضورنا جلسة المرافعة ومعنا ممثل قانوني، وإعلان تدخلنا فيها وتقديمنا توكيلات جمعناها بعد استقالة خالد، بجانب ردّ لجنة شؤون الأحزاب على سؤال المحكمة بشأننا، والذي قالت فيه إنه غير مُسجّل لديها حزب بهذا الاسم".
أما طلب تدارك الإغفال المقدم من وكلاء مؤسسي الحزب الحاليين، فقررت محكمة القضاء الإداري؛ في جلستها يوم الخميس الماضي 17 يونيو/ حزيران الجاري، تأجيله شهرًا إلى يوم 17 يوليو/ تموز المقبل، للاطلاع والرد.
وتعقّب "ورغم ذلك تم إحالة الدعوى بحالتها كما هي إلى الإدارية العُليا، وظل الاختصام فيها لخالد علي ولجنة شؤون الأحزاب".
عن هذا الأمر تقول وكيلة مؤسسي الحزب "لو أن الحكم قد صدر بقبول الدعوى، فسنكون حُرمنا من حق التقاضي على درجتين، خاصة وأن حكم الإدارية العُليا سيكون باتًا ونهائيًا وغير قابل للطعن. بالإضافة إلى أننا ما زلنا حزبًا تحت التأسيس، فلا يوجد قرار إداري بشأننا كي نطعن عليه".
سبب آخر لـ"العبثية"، توضحه عيداروس، بقولها إن "الدعوى أُقيمت بطريقة تخالف التي يُقرّها القانون فيما يخص حل الأحزاب. فكان من المفترض أن يتم تقديم تقرير للنيابة العامة بمخالفات ارتكبناها، ثم تنظر فيه لجنة شؤون الأحزاب قبل أن تحيل الأمر للقضاء"، مُعقّبة "وهذا لم يحدث في حالتنا".
.. و"استهداف سياسي"
ما سبق من وقائع، رأت فيه وكيلة المؤسسين أنه "استهداف" للحزب، دللت عليه بقولها "هو تقدّم بدعوى حظر الحزب، استعان فيه بأخبار في قصاصات جرايد، وقال عنه إنه كيان معادي للمرأة ووقعت بداخله حوادث تحرش. بينما في الحقيقة لم يشهد مقرّ الحزب أي وقائع كهذه، ولم يحدث وأن تقدمت أي سيدة ببلاغ بخصوص هذا الأمر، ولم توكّله أي سيدة للتحرك قانونيًا أو الحديث نيابة عنها".
وبخصوص ما أثير قبل أعوام عن اتهام وكيل مؤسسين سابق بتهمة التحرش، تردّ الناشطة الحزبية قائلة "العيش والحرية كأي كيان في المجتمع، وارد أن تثار ضد أحد أو بعض أعضائه شكاوى أو شبهات. لكن، يبقى الفيصل هو كيفية معالجة الأمر. ونحن توجهنا لأصحاب الشكوى وحققنا وحاولنا تحقيق الإنصاف. وقد وصلنا في النهاية إلى وضع سياسة لمقاومة التحرش، لأنه علينا كمؤسسة واجب ضبط سلوك أعضائنا، مع التوكيد على حق كل إنسان في اللجوء للجهات الرسمية".
تتابع القيادية الحزبية "وقد رأينا خلال الأعوام الماضية شهادات عن وقائع مماثلة في جهات حكومية وخاصة، بعضها عالج الأمر وبعضها تجاهل. إلاّ أننا لم نشهد حظر أي كيان بسبب حادثة تحرش. فالمؤسسات لا تُدار بسلوك أعضائها. ولهذا؛ أرى أن القضية لا علاقة لها بحقوق المرأة، بل هي تصفية حسابات واستهداف لنا من شخص سبق وأن قدم بلاغ ضدنا".
في عام 2017 تقدم سمير صبري ببلاغ للنائب العام ضد مؤسسي الحزب، اتهمهم فيه بـ"تأسيس تنظيم عشوائي غير مشروع"؛ ليتم التحقيق فيه مع وكلاء المؤسسين الثلاثة في أكتوبر ونوفمبر/ تشرين الأول والثاني 2018؛ ولم تصدر أيّة قرارات من النيابة حتى الآن.
ولادة متعثّر
اتهم صبري وكلاء مؤسسي "العيش والحرية" بأنهم يؤسسون "تنظيمًا عشوائيًا غير مشروع"، لكن التوكيلات الرسمية تشير إلى أمر آخر، وهو أن ما يتم تأسيسه هو حزب سياسي، ما يزال خروجه للنور صعبًا رغم جهود موكليه منذ 2014 وحتى الآن.
عن هذا الميلاد المتعثّر لـ"العيش والحرية"، تقول إلهام "نحن بدأنا تحركاتنا في لحظة بدأ فيها التضييق على المجال العام. والدليل أنه منذ عام 2014 وحتى اليوم، لم نشهد ظهور أي حزب سياسي غير الموالي للنظام وسياساته. ونحن لم نواجه هذا الأمر وحدنا".
تُشير عيداروس إلى كيانات أخرى "حاولت التواجد على الساحة، إلاّ أن أنشطتها توقفت بعد حين، مثل التيار الشعبي المصري، والحزب العلماني المصري".
أحد أسباب تعثّر إشهار الحزب حتى الآن، يتعلق بعدم اكتمال التوكيلات المطلوبة، وتُرجع وكيل المؤسسين هذا الأمر لأسباب، كان أولها ما قالت عنه "قررنا منذ البداية عدم العمل بالطرق التقليدية والمعروفة لتأسيس الأحزاب عن طريق توجيهات من العُمد والمشايخ وذوي السلطة الاجتماعية في مكان ما للجمهور، بل أردنا أن يكون الانضمام إلينا عن اقتناع بأهدافنا، ليكون المنضمين أعضاء حقيقيين وفاعلين".
تضم أجندة الحزب الذي ينتظر التأسيس الرسمي، أهدافًا تسعى لتحقيق العدالة، أبرزها "المواطنة الكاملة للجميع دون تمييز على أي أساس، والديمقراطية التشاركية، والتنمية المستدامة وإعادة توزيع الثروة، وتبني سياسة خارجية مستقلة في خدمة الديمقراطية وأهداف التنمية".
تستدرك عيداروس "لكن حالة الخوف والإحباط والعزوف عن المشاركة السائدة حاليًا، خاصة بعد إقرار قانون التظاهر، وما شهدناه خلال الأعوام الماضية من اعتقالات متكررة، كل هذه الأمور تسبب مخاوف وقلق من المشاركة مع حزب معارض، حتى لو كانت أوضاعه سليمة".
لكن أوضاع الحزب ربما لا تبدو "سليمة" للبعض، وذلك لما ذكرته القيادية فيه، بقولها "البلاغات ضدنا والقبض على بعض أعضائنا؛ أمور تعطي انطباع بأننا كيان مُهدد. وبالنسبة لشخص يُريد ممارسة العمل السياسي، سيُفضّل أن يكون الأمر بشكل آمن. لهذا؛ فحتى لو كان الحزب متفق مع أفكاره ومبادئه، إلاّ أنه قد يعزف خوفًا من أي احتمالات خطورة عليه".
رغم العزوف وعراقيل التأسيس، وكذلك ما يتردد من احتمالات خطورة متعلّقة بالحزب، إلاّ أن إلهام عيداروس، الناشطة السياسية والحزبية، أكدت أن "العيش والحرية سيواصل رحلته ويستمر، ولو ببطء"، وإن كان "المتنفس" الذي منحه الحُكم القضائي اليوم لـ"العيش والحرية" لكي يكمل مشواره، يحتاج بعده إلى إجراءات أخرى أهمها "التوقف عن المضايقات والممارسات التي تبعد المواطنين عن المشاركة السياسية".
واختتمت بقولها عن مرحلة ما بعد حُكم اليوم "نحن متمسكون جدًا بالالتزام بالقانون وبالعمل العلني العام. لأن مستقبل هذا البلد في الديمقراطية، والتي لن تتحقق إلاّ بالتعددية ونشاة الأحزاب والتنظيمات السياسية المشروعة. ونحن سنواصل مساعينا لإتمام مشروعنا السياسي".