ثلاثة مسلسلات تشجعك حلقاتها الأولى على متابعتها ثقافة_ محمد سيد عبد الرحيم منشور الثلاثاء 7 يونيو 2016 تعتبر الحلقة الأولى من المسلسلات هي العَقد الذي يوقعه صناع العمل الفني مع المتفرج، وفي المقابل يشارك المتفرج في التوقيع على العقد بعد أول حلقة وأحيانًا بعد أول مشهد أو أول لقطة إذا كان العمل مصنوعًا بشكل جيد، أو أحيانًا ما يتم ذلك قبل بدء المسلسل، إذا كان لدى صناع العمل سمعة سابقة حسنة. من هنا تكمن أهمية الحلقة الأولى في صناعة المسلسلات بأنواعها المختلفة، وهو ما تعرفه صناعة المسلسلات الأمريكية تمام المعرفة، إذ يعرضون هذه الحلقة الأولى على مجموعة من المتفرجين قبل العرض العام حتى يستطلعوا نجاح المسلسل من فشله، وفي كثير من الأحيان يقوم صناع المسلسل بعمل تعديلات على هذه الحلقة وبقية المسلسل وفقًا لآراء هؤلاء المتفرجين الأوائل، وأحيانًا أخرى يتم إلغاء عرض المسلسل من الأساس إذا لم يلق أي إعجاب من هذه الطليعة التي يجرب فيها صناع المسلسل فنهم وحظهم. ومع بداية شهر رمضان، ووسط عشرات المسلسلات التي تُعرض فيه، نُرشح لكم ثلاثة مسلسلات استطاعت أن تجذب المشاهد منذ الحلقة الأولى. أفراح القبة يُعتبر مسلسل "أفراح القبة"، الذي يُعرض ضمن مسلسلات رمضان لعام 2016، أفضل مسلسل استطاع أن يصك العقد بينه وبين المتفرجين، فمنذ أول مشهد يدخل المسلسل في صلب القصة، إذ يستعرض في لقطة واحدة طويلة أروقة المسرح الذي تدور فيه وعنه الأحداث، حتى يصل إلى الشخصيات الأساسية (التي يقوم بأدوارها جمال سليمان وصبا مبارك وإياد نصار وغيرهم). ثم يبدأ المشهد الثاني الذي يستعرض وجوه الشخصيات والتي تعبر بوجهها فقط بدون صوت وهي تقرأ النص المسرحي الذي يصدمها والذي سيحول مسار حياتها، ليبدأ الغموض والإثارة عبر هذه الحيل السردية والفنية. استطاعت كاتبة السيناريو نشوى زايد والمخرج محمد ياسين أن يجعلوا المتفرج منتبهًا ومهتمًا بالعمل الذي يشاهده، ليندمج فيه في أقل من خمس دقائق. ويكفي المتفرج هذين المشهدين فقط حتى يدرك تمام الإدراك أنه أمام عمل فني جيد يتسم بالتصوير السلس والمتمكن، وناجح في نقلنا من الزمن المعاصر إلى سبعينيات القرن العشرين عن طريق ملابس وأزياء معبرة تمامًا عن هذه الفترة الزمنية، وممثلين ذوي أداء متباين ولكن متميز حيث هدوء وثقة جمال سليمان وارتباك وانفعال صبا مبارك وخوف وقلق إياد نصار. سقوط حر من المسلسلات التي نجحت في صك العقد السابق ذكره مسلسل "سقوط حر" بطولة نيللي كريم وتأليف مريم نعوم ووائل حمدي وإخراج شوقي الماجري. يبدأ المسلسل أيضا بالدخول في صلب الموضوع حيث مسرح جريمة قتل وظهور باهت للبطلة التي حولها الانهيار العصبي إلى تمثال جامد وساكن. وتظل البطلة صامتة حتى النهاية ولكن تتكشف بعض خيوط الأحداث عبر تحقيق الشرطة والنيابة، حتى تودع البطلة في مستشفى العباسية للأمراض النفسية والعصبية، وهو المكان المتوقع أن تستمر أحداث المسلسل فيه، والمتوقع أيضًا أن تظهر الشخصيات الرئيسية الأخرى فيه، والتي يظهر بعضها بالفعل في آخر مشهد مما يحفزنا لانتظار الحلقات القادمة. ركز المخرج على القصة بلا استناد إلى أي حيل إخراجية قد تشتت من تركيز المشاهد إلا أن بعض الممثلين الثانويين الذين قد يخربوا مجهود بقية صناع الفيلم عبر "الأفورة" في الأداء (تيه النظرات غير المبرر كمثال). ونوس نحن أمام الثالوث الذي ننتظر هلّته في رمضان؛ الأب (يحي الفخراني في البطولة) والابن (شادي الفخراني كمخرج) والروح المحلقة في سماء الدراما التليفزيونية (المؤلف عبد الرحيم كمال). وعليه فهذا المسلسل نموذج لتوقيع العقد بين صناع المسلسل والمتفرج قبل عرض أول حلقة، والسبب هو استطاعة هذا الثلاثي تقديم عدة مسلسلات متميزة في السنوات الماضية. يحيي الفخراني يستمر في إمتاعنا بخفة دمه وأدائه حتى لو كان يمثل شخصية غامضة كشخصية "ونوس"، وعبد الرحيم كمال يأخذ بأيدي المتفرج برفق وحرص ليكشف له الأحداث ويكشف له أيضا أنه يخبيء له في جعبته أحداث أخرى أكثر إثارة. ولكن هذا العام/ المسلسل تشاركهم الممثلة هالة صدقي، إذ نافست في الحلقة الأولى يحيي الفخراني نفسه عبر أدائها المتميز حتى وهي صامتة ومنتظرة ومحملقة في محاولة منها للتذكر أو لفهم ما يقوله هذا الشخص الذي دخل بيتها بلا إذن كالشيطان أو بالأحرى كـ"سفير جهنم". أغلب المسلسلات الأخرى كـ"مأمون وشركاه" بطولة عادل إمام، أو "فوق مستوى الشبهات" بطولة يسرا، أو "راس الغول" بطولة محمود عبد العزيز، أو حتى "جراند أوتيل" تعتمد على التطويل بلا أي داعي مما يدعو المتفرج للعزوف عن المتابعة إلا بالصدفة. فالمتفرج ليس بشخص أبله حتى يستمر في مشاهدة مسلسل يضحك عليه ويقدم له مشاهد وشخصيات وأحيانًا حلقات مجانية من الممكن حذفها بسهولة وبدون أن يحدث ذلك خللًا في متن المسلسل. بل إن المتفرج يعرف تمامًا مصلحته ويعرف أن وقته من ذهب، خاصة أن عليه أن يختار بعناية المسلسل أو المسلسلات المعدودة التي يمكنه مشاهدتها (خاصة بسبب ضيق الوقت في شهر رمضان المعظم).