نفى المستشار الإعلامي السابق للسفارة الأوكرانية في القاهرة علاقة حكومة بلاده بقرار الاتحاد الأوكراني للاسكواش مقاطعة بطولة العالم للسيدات التي تستضيفها مصر في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، بدعوى أن الحكومة المصرية أوفدت مراقبين لحضور استفتاءات ضم أربع مناطق أوكرانية محتلة إلى روسيا، وهو ما نفته وزارة الخارجية المصرية على نحو قاطع.
وقال بوهدان هورفات وهو دبلوماسي أوكراني وشغل في وقت سابق منصب المستشار الإعلامي للسفارة، خلال اتصال مع المنصة، أن موقف اتحاد الاسكواش الأوكراني هو "موقف مستقل من الاتحاد ولا وصاية عليه من الحكومة"، وأن "القرار 100% ليست له علاقة بالحكومة الاوكرانية".
وتعمل الاتحادات الرياضية في كل بلد عمومًا على نحو مستقل عن الحكومات، وهي تتبع الاتحادات القارية التابعة بدورها للاتحاد الدولي لكل لعبة رياضية. وقد يترتب على تدخل أي جهات حكومية أو قضائية في عمل أي منها، تجميد أنشطة اللعبة في هذا البلد وحرمانه من المشاركة في المنافسات المختلفة، إلى أن يتوقف أثر تلك التدخلات.
وقال الاتحاد الأوكراني للاسكواش إن انسحابه من البطولة سببه "دعم مصر للاستفتاء الروسي الزائف" في أربع مناطق أوكرانية محتلة أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضمها إلى الاتحاد الروسي في 30 سبتمبر/ أيلول، فيما لم يوضح بيان اتحاد الاسكواش هوية المراقبين المصريين الذين زعم أن الحكومة المصرية أوفدتهم للمشاركة في الاستفتاءات.
وبعد الحرب الروسية على أوكرانيا حرمت المنتخبات والأندية الروسية من المشاركة في جميع المسابقات الرياضية التي تنافس بها، قاريًا ودوليًا، وأبرزها كأس العالم لكرة القدم 2022 الشهر المقبل، ودوري أبطال أوروبا.
وأوضح بيان الاتحاد الأوكراني، أن "مراقبين ممثلين للحكومة المصرية شاركوا في حضور استفتاءات دعمتها روسيا في مناطق لوجانسك، دونيتسك، زاباروجيا، خيرسون"، وهو ما نفته الخارجية المصرية بشكل قاطع حسب بيان أكدت فيه أنها "لم توفد أية مراقبين لمتابعة استفتاءات تم تنظيمها فى أوكرانيا مؤخرًا".
حاولت المنصة التواصل مع الاتحاد الأوكراني للاسكواش هاتفيًا وعبر الإيميل للحصول على تعليق، دون تلقي أيَّ رد حتى ساعة نشر هذا التقرير.
وتنتهج مصر نهجًا يبدو محايدًا تجاه الحرب الروسية الأوكرانية منذ اندلاعها في فبراير/ شباط الماضي. وعادة ما تدعو في بياناتها الرسمية بشكل متحفظ لإنهاء الحرب بين الطرفين، دون أن تعلن تأييد أي من طرفيها.
"مراقبون" كثيرون ومصري واحد
الاستفتاءات التي أجرتها السلطات المحلية في المناطق الأوكرانية الأربع للانضمام إلى روسيا، لم تحظَ بأي اعترافٍ دولي، رغم محاولات موسكو التأكيد على نزاهتها استنادًا إلى مشاركة مئات المراقبين الدوليين.
وكالة "تاس" الروسية الحكومية أشارت في تغطياتها إلى حضور مئات المراقبين من دول أوروبية وإفريقية ومن الأمريكيتين، للإشراف على الاستفتاء، وأيضًا إلى التغطية الإعلامية "العالمية" إذ أبرزت وصول 550 صحفيًا من المملكة المتحدة وإيطاليا والصين وقطر وفرنسا ودول أخرى عملية التصويت.
لكن رغم ذلك لم تنشر أي جهة، سواء السلطات المحلية الأربعة أو الحكومة الروسية، قائمةً رسميةً بأسماء المراقبين. غير أن وسائل إعلام روسية رسمية وخاصة نشرت تصريحات عدد منهم عن سير الاستفتاء.
المصري الوحيد الذي رُصد في الاستفتاءات الأربعة كان الصحفي إسماعيل رفعت الذي يعمل في موقع "اليوم السابع"، والذي أكد مثلما أكدت جهة عمله أنه لم يحضر هذا الحدث بصفته الصحفية بل بصفة "مراقب أجنبي".
جهات رسمية ووسائل إعلام روسية تداولت تصريحات لرفعت، كونه أحد مراقبي الاستفتاء، أشاد فيها بعملية التصويت وأكد أن الناخبين يذهبون إلى الاستفتاء بحرية. وفي تصريحات نشرها حساب وزارة الخارجية في جمهورية لوجانسك على تليجرام، قال رفعت "لقد دُعيت (دون أن يكشف الجهة) ووافقت على الفور على القدوم إلى جمهورية لوجانسك الشعبية وكنت مهتمًا بمتابعة هذا الشيء (الاستفتاء). رأيت الحقيقة وأنا أؤيد تطلعات شعب جمهورية لوجانسك.. تم مراعاة جميع المعايير الدولية لإجراء الاستفتاء".
تواصلت المنصة مع دبلوماسي آخر في السفارة الأوكرانية لدى القاهرة، تحدث مفضلًا عدم ذكر اسمه، مرجحًا أن يكون الدافع وراء عدم نشر قوائم بالمراقبين مثلما جرى العرف في كل عملية اقتراع تجري تحت أعين مراقبين مستقلين، أنه "في الحقيقة لم يكن هناك مراقبون بالمعنى الأممي المتعارف عليه".
من جهته لفت هورفات إلى أن تواجد "من أطلق عليهم الإعلام الروسي اسم المراقبين على الأراضي الأوكرانية المحتلة غير شرعي وجريمة يرتكبها الكرملين".
وبحسب قواعد المراقبة الدولية للانتخابات التي أقرتها الأمم المتحدة في 2005، فإن على المراقبين الدوليين احترام سيادة الدولة التي يجري الاقتراع على أرضها، ويجب أن توجه الدعوة إليهم عن طريقها الدولة المضيفة وهي هنا أوكرانيا، التي لا تعترف بشرعية هذه الاستفتاءات.
الدبلوماسي الأوكراني الآخر الذي تحدثت إليه المنصة، نفى علم حكومته بالجهة التي وجهت الدعوة لرفعت وغيره من هؤلاء "المراقبين" إلى تغطية ما يعتبره "استفتاءً وهميًا"، مرجحًا أن تكون الخارجية الروسية، وإن من خلف ستار.
مراقبون ومقربون
بينما لم توفر أي جهة رسمية معلومات موثقة بشأن من راقبوا الاستفتاءات، فإن وسائل الإعلام الروسية وفرت لقاءات مع أبرزهم، وجميعهم كانوا مثل رفعت مقربين بشكلٍ أو بآخر من موسكو، وجميعهم أشادوا مثله بالأجواء الإيجابية التي شهدها الاقتراع.
ولم تبث وسائل الإعلام الروسية أي مقابلات مع أي ممثلين للحكومة المصرية.
النائب السابق في مجلس الشعب السوري إلياس شاهين، وهو من مؤيدي الرئيس بشار الأسد، تحدث إلى موقع "سبوتنيك" الحكومي بصفته "مراقب"، مثله مثل المفتش العام للغة الروسية في وزارة التربية والتعليم السورية بسام طويل، الذي رصد وفق ما قاله إن "جميع السكان سعداء لدرجة أن أعينهم تتوهج".
ومن بين المراقبين السوريين شخص آخر يدعى محمد خميس زريق، عرفته سبوتنيك بأنه "رئيس مركز الأبحاث السوري". وهو المركز الذي لم نجد له أثرًا على الإنترنت. زريق بدوره اعتبر أن الاستفتاء "لحظة تاريخية".
أما وكالة تاس فاستشهدت بشخص يدعى وايت ريد، وصفته بأنه "صحفي أمريكي ومراقب دولي" دون أن تذكر جهة عمله، التي يخبرنا حسابه على تويتر أنها موقع "سبوتينك" الحكومي الروسي. وهناك أيضًا جانليسبيرت فيلاسكو، التي وصفها الإعلام الروسي أنها مراقبة من فنزويلا، بينما صنفتها المنصة الأوروبية للانتخابات الديمقراطية ضمن قائمة المراقبين المزيفين بعد أن راقبت استفتاء القرم 2014 كذلك الاستفتاء على تعديلات الدستور الروسي في 2020.
ونقلت وكالة سبوتنيك أيضًا عمّن سمته "المراقب الإيطالي" جيانفرانكو فيستوتو، تصريحات أكد فيها سعادة الناخبين بالاستفتاء، بل زاد بأن "هناك دولًا وأقاليم في الاتحاد الأوروبي نفسه يريدون أيضًا تقرير مصيرهم، لكنهم لا يمنحون هذه الفرصة، وروسيا منارة لهم"، ولم تنف سبوتنيك علاقة يستوتو بالجهات الروسية إذ أكدت أنه صحفي ويعمل كرئيس لتحرير النسخة الإيطالية من "Russia News".