من يطير في سماء سوريا؟

منشور الجمعة 4 ديسمبر 2015

أثناء تحليقهما في السماء السورية، وضمن مشاركتهما في الغارات الجوية التي تشنها بلديهما بشكل منفصل ضد تنظيم الدولة الإسلامية، التقت مقاتلتان أمريكية وروسية في منتصف الشهر الماضي، واستطاع الطياران رؤية أحدهما الآخر بوضوح قبل أن يتجنبا بعضهما البعض.

في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، أعلنت أمريكا أن التحالف الدولي لقتال التنظيم المتشدد سيدأ شن هجمات ضد التنظيم في سوريا، ومنح هذا الإذن لطائرات نحو 10 دول بالتحليق في السماء السورية. 

وبعد عامٍ واحدٍ، دخلت روسيا خط مواجهة التنظيم المتشدد في الأجواء السورية، عندما أعلن الرئيس فلاديمير بوتين بدء العملية العسكرية الروسية ضد التنظيم عينه، ولكن، هذه المرة، بطلب كتابي من نظيره السوري وحليفه بشار الأسد.

وإلى جانب التحالف الدولي، وروسيا، فقد كان لإسرائيل أيضًا طائراتها التي شنت غارتين جويتين داخل سوريا، في سبتمبر/أيلول 2015، ونوفمبر/تشرين الثاني 2015.

وبينما تشن روسيا غاراتها في سوريا منفردة بطلب رسمي من دمشق، لا تنسق قوات التحالف غاراتها مع الحكومة السورية.

ولا تعترف القوى الغربية بشرعية حكم الأسد وتتهمه بقمع المتظاهرين ضده وتدعو إلى رحيله عن السلطة وترتيب مرحلة انتقالية في سوريا، بينما تشكك دمشق في صدقية الغارات التي يوجهها التحالف للتنظيم الإسلامي وتطالب بتنسيق معها.

هذا في الوقت الذي تتهم فيه الولايات المتحدة الغارات الروسية باستهداف كل الأطياف السورية المعارضة لا فقط تنظيم الدولة الإسلامية، لتحسين الوضع العسكري للقوات السورية.

ولم تقف المناوشات بين المعسكرين عند حافة الخطر التي التقى عندها الطياران الروسي والأمريكي في أكتوبر، ففي نهاية الشهر عينه، ترجمت تركيا هذا التوتر عمليًا عندما أسقطت إحدى طائراتها الـ(إف 16) طائرة روسية على الحدود التركية/الروسية. أسقطت تركيا الطائرة بحجة أنها اخترقت المجال الجوي التركي، هذا الذي نفته روسيا، وأدى الحادث إلى توتر العلاقات بين روسيا وتركيا.

وفي اليوم نفسه تعرض مروحية روسية - قيل إنها كانت في مهمة لإنقاذ طياريّ الطائرة السوخوي - للإسقاط، ويقال إن تنظيم الدولة الإسلامية هو من أسقطها.

وتستغل الحكومة السورية بالفعل الغطاء الذي توفره المقاتلات الروسية من أجل السيطرة على مساحات أوسع من الأراضي، بالتنسيق مع مقاتلين من حزب الله اللبناني، على العكس من الغارات التي يشنها التحالف والتي لا ترافقها أي عمليات على الأرض.

غارات غير مباشرة

 

بعد أكثر من عام من الغارات الجوية المتتابعة التي يكاد العالم كله يشارك فيها، باتت الصورة في سماء سوريا متشابكة في انعكاس لتعقيد الصورة على الأرض، بعد أن دخلت تنظيمات مسلحة عديدة خط الاحتجاجات التي بدأت ضد الرئيس السوري بشار الأسد في مارس/آذار 2011، في سياق الثورات العربية التي أقصت رؤساء تونس ومصر واليمن، وقائد الثورة الليبية.

وتشن دولٌ عدّة في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، غارات تستهدف معاقل التنظيم في سوريا، هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية والإمارات والبحرين والمغرب والأردن.

ولكن المشاركة في التحالف لا تقتصر فقط على هذه الدول التي أرسلت مقاتلها لتشارك في القتال، ذلك أن هناك دول تقدم الدعم الفني واللوجستي، وأخرى تشارك بالتمويل والمساعدات المادية.

وتبلغ تكلفة العمليات ضد تنظيم الدولة الإسلامية في كل من العراق (بدأت العمليات في 8 أغسطس/آب 2014) وسوريا، 11مليون دولار يوميًا.

وإلى جانب الدول التي تشن غارات بالفعل في سوريا، تشارك 20دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، في التحالف بتقديم دعم جوي أو معدات عسكرية، فيما يقوم آخرون بتقديم دعم لوجستي ومساعدات إنسانية.

وعلى صورة هبات محددة، تلقى التحالف من سويسرا 10 ملايين دولار ومن اليابان 7.8 مليون دولار بعضها لمنظمات أخرى ومن النرويج 6 ملايين دولار ومن أستراليا 4,6 مليون دولار ومن الدنمارك 3.8 مليون دولار ومن نيوزيلندا 800 ألف دولار ومن فنلندا 680 ألف دولار ومن المجر 150 ألف دولار ومن كوريا الجنوبية 200 ألف دولار.

أما روسيا فقد أعلنت أن قواتها المشاركة في الحرب هي 12طائرة سوخوي سو 24، 12طائرة سوخوي سو 25، 6 طائرات سوخوي سو 34، 4 طائرات سوخوي سو 30.

ومثلما يستهدف العالم كله تنظيم الدولة الإسلامية، فإن هذا الأخير ينوّع عمليات استهدافه، فمثلما يسعى - بشكل ما - لمقاومة الغارات العسكرية، فهو يستهدف الطائرات بشكل مدني أيضا. استهدف التنظيم الطائرة الروسية المدنية التي كانت تحلق فوق سيناء في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وذلك عن طريق زرع قنبلة داخل الطائرة. سارع التنظيم بإعلان مسؤليته، في المقابل سارعت السلطات المصرية بنفي كون عملية إرهابية هي المتسببة في الحادث، ولكن التحقيقات الدولية - الجارية حتى الآن - تؤكد أن الحادث تم من جراء عملية إرهابية وزرع عبوة ناسفة بداخل الطائرة.