في الرابع من يناير/ كانون الثاني أعلنت شبكة "سي بي إس نيوز" عبر موقعها الإلكتروني عن موعد بث المقابلة التليفزيونية مع الرئيس السيسي والتي أجريت معه إبان زيارته إلى الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول من العام الماضي. أجرى الحوار المذيع اﻷمريكي سكوت بيلي أحد مذيعي البرنامج الأشهر في العالم "60 دقيقة".
وقالت الشبكة الأمريكية أن السلطات المصرية متمثلة في السفارة المصرية في واشنطن طلبت من مُعدي برنامج "60 دقيقة" عدم إذاعة الحوار. وهو الأمر الذي استخدمته القناة التليفزيونية في الفيديو التشويقي القصير للإعلان عن موعد بث المقابلة كاملة والتي ستبث مساء اليوم الأحد الساعة السابعة مساءً بتوقيت الساحل الشرقي في الولايات المتحدة، وبتوقيت القاهرة في الساعة الثانية صباح يوم الاثنين 7 يناير.
لم تكد تمر دقائق معدودة على بث قناة "CBS" الفيديو القصير للإعلان عن موعد بث المقابلة كاملة، إلا وبدأت الكلمات المفتاحية للبرنامج الأمريكي الأشهر عالميًا تطقطق على "كيبورد" الآلاف في مصر عبر محرك البحث جوجل بحثًا عن تفاصيل أكثر عن البرنامج بحسب خارطة البحث لموقع جوجل ترِند.
وبالعودة للمحتوى الإعلاني للمقابلة التليفزيونية تظهر مقتطفات من أسئلة وجهت للرئيس السيسي من قبل سكوت بيلي مذيع برنامج "60 دقيقة". بدءًا عن عدد المعتقلين السياسيين في مصر مرورًا بالعلاقات مع إسرائيل والوضع في سيناء. وهى أسئلة ربما يصعب طرحها على الرئيس في الاعلام المصري.
برنامج "60 دقيقة" مشهور بطرح مثل هذه الأسئلة في مقابلات مع صنّاع السياسة في العالم، حسبما استعرض الكاتب الصحفي محمد المنشاوي في هذا المقال مقتطفات من تاريخ البرنامج الذي احتفل بعامه الخمسين قبل أقل من عامين.
يحفل البرنامج بعدد من الحلقات التاريخية مع قادة وزعماء الشرق الأوسط والعالم، ودائمًا ما تكون فرصة لطرح "الأسئلة الصعبة" على الضيوف. نجح بعضهم في العبور منها بسلام بعد مراوغات كلامية، بينما سقط آخرون في فخّها مع كثير من العرَق. نستعرض جانبًا من هذه اللقاءات التاريخية في هذا التقرير.
ساركوزي يمسح عرقه: انصرفوا
في حلقة الانفعالات والتوتر والتصبب عرقًا؛ أجرت المذيعة ليزلي ستال حوارًا مع الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في قصر الإليزيه، وهو ما أعقبه انسحاب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مستاءًا بشكل واضح من سؤال عن زواجه من عارضة أزياء. وهى المقابلة التي ظهر ساركوزي متوترًا ومنفعلاً قبل أن ينظر إلى سكرتيره الصحفي قائلاً "يا لك من غبي".
وبعدها بدقائق تعرّق ساركوزي وبلغ الانفعال والتوتر أقصاه ليلقي الميكروفون وينصرف قبل أن تناديه مذيعة البرنامج بالإنجليزية "هذا غير عادل" ليرد ساركوزي بالفرنسية "انصرفوا".
أجريت المقابلة عندما تناولت الصحف الفرنسيةتكهنات بانفصال ساركوزي عن زوجنه سيسيليا. ولكن بعد المقابلة بأسبوعين تأكد الخبر اليقين بخبر طلاقه.
ترامب في مباراة كلامية: أنا الرئيس
في أول ظهور له ببرنامج "60 دقيقة" منذ توليه الحكم أجرت المذيعة الأمريكية ليزلي ستال حوارًا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أكتوبر 2018.
الحوار شهد تصريحات شديدة اللهجة في عدد من القضايا الداخلية والخارجية، ووصل حتى توجيه انتقاد للمذيعة بعد طلب ليزلي ستال تغيير مجرى الحوار بعد اتهام ترامب وسائل الاعلام بالكذب والتضليل، ليرد ترامب قائلاً "أنتِ تعامليننى بطريقة غريبة. فعندما تسأليننى عن قرار مثل فصل الأطفال ترفضين أن أتحدث عنه. وعندما أقول إن الرئيس السابق باراك أوباما. اتخذ هذا القرار ترفضين التعليق".
في حين ردت ستال "يجب أن أغير سياق الحديث". ليرد ترامب "حسنا. افعلى ما تشائين. أنتِ تتحدثين مع الرئيس. أنا الرئيس وأنتِ لست كذلك".
حسني مبارك.. الهارب من الأسئلة بالهدوء
في يونيو 2002 ، أجرى مراسل "60 دقيقة" إد برادلي مقابلة مع الرئيس الأسبق حسني مبارك في قاعدة أندروز الجوية. بعد ساعات من هبوط المروحية الخاصة به عائدًا من "كامب ديفيد"، بعد اجتماع عقده مع الرئيس اﻷمريكي جورج بوش الإبن حول الصراع في الشرق الأوسط.
استطاع مبارك الهروب من الأسئلة الصعبة التي واجهها، متحدثًا عن العلاقة المعقدة للولايات المتحدة وحلفاءها في الشرق الأوسط. وشرح مبارك في هذه المقابلة لماذا يعتقد أن الأمريكيين مكروهون في العالم العربي ، مقدمًا نصائح عن كيفية إيقاف هجمات الانتحاريين، وكيف يمكن للغزو الأمريكي للعراق أن يعرض موقفه السياسي للخطر.
في مقتطف من حوار حول إمكانية التدخل اﻷمريكي في العراق يقول مبارك أن "استخدام القوة ضد صدام حسين لن يكون أمرًا مريحًا في ذلك الوقت، لإننا لدينا رأي عام في العالم العربي، إذا تم استخدام القوة ستكون هناك مشاكل في كل العالم العربي وبالأخص أصدقاء الولايات المتحدة".
السادات 77: يواجه الأسئلة باتهامات للمذيع
بعد أشهر من انتفاضة الخبز عام 1977 والتي اندلعت في شوارع القاهرة احتجاجًا على الغلاء ورفع أسعار عدد من السلع الأساسية؛ أجرى السادات مقابلة تليفزيونية في القاهرة مع المذيع مايك والاس في أغسطس عام 1977.
وجه والاس سؤالًا إلى السادات عن نشر الصحف قائمة بأسماء المليونيرات الجدد في القاهرة والتي ضمت اسم زوجته جيهان واثنين من أفراد عائلته.
ظهر التوتر والغضب على وجه السادات ممسكا بـ "البايب" الشهير قبل أن يجيب غاضبًا "من المؤسف أن أخبرك إنه تم تضليلك بنسبة مئة في المئة. ما قلته الآن هو بروباجندا صادرة عن راديو طرابلس، التي تبث من ليبيا آنذاك، وأنت لا تعرف".
ليسأل والاس مرة أخرى هل هو فقط معمر القذافي الذي ينشر هذه القصص والتقارير، ليرد السادات غاضبًا مهاجمًا المذيع نفسه وتوجيه اتهامات له بترديد دعايات كاذبة "تمامًا مثل الشيوعيين في هذه البلد.. من المؤسف أن ما قلته على زوجتي وأقاربي، هو تمامًا نفس البروباجندا الذي يروج لها الشيوعيون والقذافي. صدقني هم من بدأوا في ترويج ذلك".
قال السادات الجملة السابقة لمذيع البرنامج وهو يتصبب عرقًا الأمر الذي دفعه إلى إخراج منديله الأبيض من جيبه ليجفف عرقه.
بن سلمان: مواجهة جيدة ونهاية سيئة
بعد عامين من لقاء في مقر إقامة السفير السعودي في واشنطن؛ نجحت نورا أودونيل مذيعة برنامج "60 دقيقة" بالحصول على موافقة لمقابلة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قصر الدرعية بالرياض.
تناول الحديث إيران الذي وصفها بن سلمان بإنها "ليست ندًا للسعودية" مضيفًا "إذا قامت إيران بتطوير قنبلة نووية فسوف نقوم بنفس الشيء"، مشبهًا المرشد الأعلى الإيراني خامنئي بـ"هتلر".
قبل أن يتحدث عن الاصلاحات السياسية الجارية في بلاده ومنح النساء في المملكة حقوقًا تاريخية، في المقابلة واجه ابن سلمان أسئلة محرجة من عينة اعتقاله أمراء ورجال أعمال كبار، لكنه رد بالقول "معاقبة الفاسدين أهم من جمع المال".
واجه الأمير الشاب سؤالًا محرجًا عن التطرف في بلاده، مرجعًا ذلك إلى أن بلاده نفسها كانت ضحية لذلك عقب عام 1979.
ولكن بعد إجراء الحوار الذي مرّ منه ابن سلمان بسلام؛ بث البرنامج مقطع فيديو عن انطباعات معد البرنامج والمذيعة نورا أودونيل عن زيارتهم إلى المملكة والتجول في الشوارع. وهو ما وثقه معد البرنامج والمذيعة الأمريكية عبر الهاتف بمقاطع يظهر منها "مطوعين" تابعين لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يطلبون منها تغطية رأسها.
وبعد مرور نحو 6 أشهر يتم توجيه اتهامات للأمير الشاب بالتورط في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في تركيا.