نقلت صحيفة الجارديان تقريرًا طبيًا عن صحيفة BMJ الطبية، جاء فيه أن امرأة مسنة تعيش وحدها مع كلبها، وُجِدت ميتة على الكرسي؛ بسبب تسمم الدم ببكتيريا كابنوسيتوفاجا كانيمورسس Capnocytophaga canimorsus الموجودة في لعاب كلبها، ولم يعثر بجسدها على آثار لعضات أو خدوش، فاستنتج التقرير الطبي أن العدوى انتقلت لها عن طريق لعق كلبها لوجهها.
وهنا يقفز إلى أذهاننا سؤال هل لعاب الكلب مضر؟
حسب فسيولوجيا الجهاز الهضمي للكلب، فإن لعابه يختلف عن الإنسان في كونه مناسب لتقليل تسوس أسنان الكلب. وهو أكثر قلوية كي يعادل حموضة البكتريا التي تجد بيئة مناسبة للنمو في أفواه الكلاب وجهازها الهضمي مع كونها حيوانات لاحمة "تتناول اللحوم والعظام".
يتفق لعاب الكلب والإنسان على احتوائهما على عدد كبير من البكتريا، ولنتذكر أن لعاب الإنسان يحتوي على 500 لـ1000 نوع بكتيريا- فنظريًا البكتيريا التي تنتنقل بين البشر في قبلة واحدة أكثر حتى من هذا الرقم.
ولكن الحقيقة إن هناك عدة مشاكل تجعل لعاب الكلب -أحيانًا- أخطر في انتقاله إلى الإنسان.
تقضي الكلاب أغلب أوقاتها وهي تشم في الأركان والبرك والحدائق وفي مخلفات الكلاب الأخرى وأعضاءها التناسلية -كنوع من التحية أو في مواسم التزاوج- وهذه سلوكيات فطرية في الكلاب لا يمكن منعها عنها، ومثل هذه الأمور تجعل منطقة الفم تحتوي على الكثير من البكتيريا والفطريات والفيروسات من كل الأنواع، معظمها قد لا يؤثر على الإنسان، لكن توجد انواع من البكتيريا قد تؤثر تأثيرًا شديدًا على صحة الإنسان، مثل clostridium الكولستريديا، E coli الإيكولاي والكامبيلوباكتر campylobacter
في فم الكلب بكتريا متعايشة (لا تسبب المرض للكلاب) تدعى بستريلا مالتوسيدا Pasteurella multocida؛ لكنها شديدة الخطورة على البشر ذوي المناعة الضعيفة كالأطفال وكبار السن، وكذلك من ظللوا طريحي الفراش فترة طويلة، لأنها تأثيرها يصل عند التأخر في العلاج للتسبب في التهابات بأغشية المخ. ويذكر تقرير الجارديان أن تلك البكتريا سببت التهاب السحايا عند 42 طفل في فرنسا في الفترة بين 2001-2011، مات أربعة منهم.
تم تسجيل إصابات بعدوى بكتيريا هيموفيلوس أفروفيلوس Haemophilus aphrophilus سببت مشاكل في المخ والقلب، وعدوى فطرية بالـ Dipylidium caninum نتيجة اختلاط لعاب الكلب مع لعاب الإنسان، وفي حالة مرضية نتيجة لعق الكلب لأذن صاحبه
مرض السعار Rabies على عكس ما يعتقد الكثيرون بأنه ينتقل من عقر الكلاب فحسب؛ الحقيقة أن الفيروس موجود في لعاب الكلب، وبالتالى فهو لا ينتقل بالعقر فقط، بل يمكن أن ينتقل بملامسة جرح مفتوح للعاب الكلب المصاب، فينتقل الفيروس للدم مباشرة ويصاب الشخص بالكِلب دون أن يتعرض للعقر.
كيف نتعامل مع احتمالات الإصابة؟
قد يبدو الامر سيئا لكل من يحبون اللعب مع الكلاب وتربيتها، ويعتبرون لعق الكلاب لهم وتقبيلهم للكلاب من مظاهر الحب و الصداقة بينهم. ولتفادي احتمالات الإصابة -التي قد لا تكون كبيرة- هناك خطوات بسيطة ترتبط كلها بالنظافة الشخصية، فإذا قام الكلب بلعق وجهك أو يدك، عليك ان تقوم بتطهير مكان لعق الكلب من خلال الغسيل الجيد بالماء والصابون او مطهر جيد. واحرص على ألا يلعق كلبك خدش أو جرح في جسدك.
قد يخطىء بعض مربي الكلاب ويقومون بحبس كلابهم داخل المنزل طول الوقت، حتى لا يلعقوا ما هو ملوث بالبكتيريا وتنتقل البكتريا إلى أفواههم، وهذا غير منصف للكلاب التي تمتلك غريزة حب للمشي واللعب، والتجول والسفر، والاختلاط بالطبيعة وإظهار حبهم لبعضهم البعض عن طريق الشم. دع كلبك يمارس حياته بشكل طبيعي، فقط كن حذرًا.
ونذكرك أن الحالات التي سُجلت لموت إنسان بعد لعق كلب له هي حالات قليلة ونادرة، ولكن الحرص لن يضر.