لم يحظ وزير في حكومات ما بعد 30 يونيو 2013 بالقرب الذي حظى به كامل الوزير، وزير النقل منذ 2019، والمستمر في الحكومة الجديدة وزيرًا لوزارتي النقل والصناعة، بالإضافة إلى تعيينه نائبًا لرئيس الوزراء للتنمية الصناعية.
في سنوات ما قبل الوزارة، شهدت المؤتمرات التي كان يحضرها كامل الوزير بصفته رئيسًا للهيئة الهندسية بالقوات المسلحة على عمق علاقته مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ففي أكثر من مرة أكد الرئيس ثقته في قدرة الوزير على إنجاز المشروعات في أسرع وقت. وبعدما أصبح وزيرًا، كان من القلائل الذين مازحهم السيسي في أكثر من مناسبة.
في مارس/آذار 2019 عُين كامل وزيرًا للنقل للمرة الأولى، بموجب القرار رقم 134، بعدما أعلن السيسي بنفسه خلال ندوة تثقيفية للقوات المسلحة ترشيحه لحقيبة وزارة النقل، في أعقاب حادث جرار محطة مصر.
قال السيسي خلال تلك الندوة، التي جاءت احتفالًا بيوم الشهيد، "إنتو ماتعرفوش، أنا بأدّي للمرفق دا (قاصدًا النقل) واحد من أحسن ضباط الجيش، وهم في الجيش عارفين كدا، يعني هم عارفين في الجيش هو بيعمل إيه".
وعندما انتشرت شائعات عن رفض كامل تولي الوزارة، دحضها السيسي بنفسه قائلًا "أنا هقولكم كامل الوزير قال إيه، والله العظيم، قال: أنا تحت رجل مصر في أي وقت".
في الندوة ذاتها، أعلن الرئيس ترقية كامل الوزير من رتبة لواء إلى فريق "بالمناسبة يا كامل، اسمح لي إن أنا أرقيك لرتبة الفريق".
العلاقة بين السيسي وكامل لخصها الأخير في كلمته يومها عندما وصف الرئيس بـ"الأخ والصديق والقائد والمعلم"، وأضاف "فيه كلام كتير هقوله إن شاء الله بعد نهاية خدمتي في مذكراتي عن هذا الرجل العظيم. أنا أعرف كتير جدًا عنه، يمكن كتير حضراتكم ماتعرفوهوش".
مفيش حاجة ببلاش
قبل هذا اللقاء بستة أشهر تقريبًا كان السيسي يفتتح مشروعات في مجال الكهرباء، وخلال كلمته قال جملته الشهيرة "مفيش حاجة ببلاش"، متحدثًا عن المطالبات بتوفير خدمات جيدة للمواطنين، وفي لقاء آخر قال "هنعمل لكم كل حاجة، لكن ادفع، مفيش حاجة ببلاش خالص".
ابتسم كامل، الذي كان حاضرًا هذا الحفل مع المشاركين، لكنه كان مقتنعًا بما يقوله الرئيس. وبالفعل، نفذ تلك السياسة بثبات؛ ألا تقدم الحكومة خدمة أو سلعة بالمجان. في سبتمبر/أيلول 2020 صدر قرار رقم 2020 بتحويل الهيئة القومية للأنفاق إلى هيئة اقتصادية، بعدما كانت هيئة خدمية وفقًا لنص قانون تأسيسها سنة 1983 بالقرار رقم 113.
وخلال الخمس سنوات التي تولى فيها كامل وزارة النقل، ارتفعت أسعار تذاكر مترو الأنفاق مرتان؛ الأولى في يونيو/حزيران 2019، أي بعد ثلاثة أشهر من توليه الوزارة، حين تم رفع سعر تذكرة ركوب 9 محطات من 3 إلى 5 جنيهات، وركوب 16 محطة من 5 إلى 7 جنيهات، وأكثر من 16 محطة من 7 إلى 10 جنيهات.
وفي يناير/كانون الثاني 2024 أقرت وزارة النقل زيادة جديدة على سعر التذاكر، وارتفع سعر تذكرة الـ 9 محطات إلى 6 جنيهات، والـ 16 محطة إلى 8 جنيهات، والـ 23 محطة إلى 12 جنيهًا، و15 جنيهًا لما زاد عنها.
أما القطارات، فلم تشهد سوى زيادتين فقط خلال الـ 12 عامًا التي سبقت تولي الوزير منصبه؛ الأولى عام 2007 والثانية عام 2015، اقتصرت الزيادة فيها على القطارات المكيفة فقط، بمقدار 20 جنيهًا لقطارات الدرجة الأولى، و10 جنيهات للدرجة الثانية، ولم تشمل القطارات العادية والمميزة.
ولكن مع تولي الوزير مسؤوليته، رفعت الوزارة الأسعار مرتين، أسمتهما "تحريك"، وذلك خلال ثلاث سنوات فقط؛ الأولى في يوليو/تموز 2020 بنسب تراوحت بين 25 و 150%، وشملت قطارات الـVIP والإسباني والفرنساوي والمطورة والميزة، وطالت الزيادات حتى الدرجة الثانية.
الزيادة الثانية كانت في يونيو 2023، وتضمنت رفع أسعار تذاكر القطارات المكيفة بدرجتيها الأولى والثانية والـ VIP، وقطارات التالجو، والروسي المكيفة بنسبة تصل إلى 12.5%، وبـ 25% على القطارات العادية الروسية وتحيا مصر والقطارات المطورة.
وفي عهده، عملت هيئة السكة الحديد على فرض رسوم راكمت مليارات الجنيهات في خزينتها، وبنهاية سبتمبر 2020، أعلن أشرف رسلان، رئيس الهيئة وقتها، عن تفعيل قرار تحصيل رسوم مالية على متعلقات الركاب التي يزيد وزنها عن 12 كيلوجرامًا، تراوحت ما بين 10 و140 جنيهًا، ضمن خطة الهيئة لتعويض خسائرها.
وقال عضو مجلس إدارة هيئة السكك الحديدة، في تصريح سابق لـ المنصة إن هذه الإجراءات رفعت إيرادات الهيئة بحوالى 30 إلى 40 مليون جنيه شهريًا، ما يمثل نحو 10% من إجمالي إيرادات الهيئة، فيما قال كامل الوزير في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إن محصلة الغرامات التي طبقتها الهيئة ساهمت في شراء 10 جرارات جديدة.
اقتراض ثم اقتراض
وأمام مشروع السيسي بتحديث وإنشاء طرق وكبارٍ ومحاور جديدة، بدأ الوزير تنفيذ مشروعات ضخمة وتوسع في الاقتراض. في عامه الأول في النقل ارتفع حجم القروض التي حصل عليها القطاع بنسبة 41.2%، بعدما زادت القروض من 17.7 مليار جنيه في 2018/ 2019 إلى ما يزيد عن 25 مليار جنيه في عام 2019/ 2020، وفقًا للحساب الختامي للهيئات الاقتصادية.
ومن المتوقع أن ترتفع قيمة اقتراض قطاع النقل إلى 216.5 مليار جنيه في العام المالي الحالي 2024/ 2025، بنسبة ارتفاع تصل إلى 198.8 مليار جنيه. وفقا لمنشور إعداد الحساب الختامي للهيئات الاقتصادية لعام 2023-2024 المنشور على موقع وزارة المالية.
مشروعات قومية "عملاقة"
مثل الرئيس، يفضل الوزير استخدام مصطلحات مثل المشروعات القومية، خاصة مع كونه قادم من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التي كانت المسؤول الأول عن تنفيذ المشروعات القومية، التي كان من بينها ازدواج قناة السويس.
وبالتحاقه بالنقل، بدأ الوزير تنفيذ مشروعات عملاقة، حيث وقَّع بعد شهرين فقط من توليه المنصب عقدًا مع تحالف مكون من شركات بومبادرييه للنقل وأوراسكوم والمقاولون العرب لإنشاء خطّي مونوريل العاصمة الإدارية والسادس من أكتوبر، بقروض بلغت 4.5 مليار دولار.
وهو المشروع الذي دافع مجلس الوزراء عن جدواه الاقتصادية عندما شكك البعض في دراسات الجدوى الخاصة بالمونوريل بأن خدماته ستقتصر على سكان العاصمة الإدارية.
وفي 2023، حصلت الهيئة القومية للأنفاق على قرض بقيمة تقترب من 2 مليار يورو لإنشاء الخط الأول من القطار الكهربائي السريع، وهو المشروع الذي واجه انتقادات دفعت الوزارة للرد، مؤكدة جدواه الاقتصادية، وأن ارتفاع التذاكر مبرر لأن رجال الأعمال هم شريحة من المجتمع "ولهم حق مثل الفقراء، فهم مَن يقومون بتنفيذ المشروعات الاستثمارية".
لكل ما سبق، وربما أسباب أخرى، جرى اختيار كامل الوزير لإدارة وزارة الصناعة إلى جانب النقل، رغم عدم وجود علاقة بين ملفي النقل والصناعة، وغياب الخبرات الصناعية عن الوزير، ومع ذلك قال الوزير في تصريحات عقب أداء اليمين الدستورية إن رؤيته لتطوير قطاع النقل كانت مسوغًا لإسناد ملف الصناعة له "كانت رؤية وتحديات تتعلق بالبنية الأساسية لوزارة النقل منذ أن كلفني الرئيس عبد الفتاح السيسي بتولي مهام الوزارة وتم الانتهاء منها بنسبة 80% وسعت الدولة للاستفادة من مجهوداتي للنهوض بقطاع الصناعة في مصر".