كسرت سماح محمود وديعة بـ100 ألف جنيه منذ عامٍ مضى. لم يهْدها تفكيرها حينها سوى لهذا الحل بعد أن حُكم على زوجها بالسجن سنة لتهربه من الخدمة العسكرية، من أجل أن تصرف على زيارات السجن وطفلتيها؛ الوديعة كانت كل ميراثها عن أسرتها.
تنفق سماح، التي تبلغ من العمر 36 عامًا، على زيارات السجن ما يساوي إنفاقها على الطفلتين وربما أكثر، إذ تزور زوجها في سجن بدر مرتين شهريًا.
إحساس سماح أن حبس شريكها "يحرمه من حاجات كتير، مايهونهاش إلا الأكل" جعلها تجلب ما يُطلب وما لا يُطلب، حتى قال لها "زيارتك أحسن زيارة في الأوضة/الزنزانة".
قبل شهور، كانت وديعة سماح تجنبها الشكوى من غلاء الأسعار، إلا أن "الـ100 ألف مبقاش منها إلا بضعة آلاف" فانكمشت زيارتها من "الكفتة والرز البسمتي والمكرونة البشاميل والفراخ واللحمة في الزيارة الواحدة" إلى "فرختين وصينية بطاطس أو بانيه"، تقول لـ المنصة.
لوهلة تبدو دجاجتا سماح وجبةً مميزةً لفرد، إلا أن نظام "الإعاشة" المعمول به عرفيًا، يقضي بتوزيعهما على "8 أفراد رفقاء الزنزانة اللي بياكلوا معاه" حسب سماح.
وتنسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى أهالي المساجين السياسيين استحداث نظام الإعاشة، حيث رصدت تطور "شبكات بين عائلات المساجين والنشطاء لخلق نظام دوّار للزيارة، لضمان أن العدد الأقصى من أفراد العائلات يزور المساجين في زنزانة أو عنبر كل أسبوع لتوفير طعام مطبوخ للجميع".
تهديد "الإعاشة"
لا يقتصر الأمر على زيارة سماح، آخرون هزمهم الغلاء، لتتأثر زياراتهم إلى ذويهم السجناء للحد الذي هدد الإعاشة، خاصة أن "التعيين" لا يُسمن ولا يغني من جوع.
اختفت اللحمة من زيارة ندى خليفة لزوجها في سجن بدر، تقول لـ المنصة "الأول كيلو اللحمة كان بـ200 جنيه كنت أجيب اتنين كيلو، لما غليت بقيت أجيب فرختين، ولما زادت أسعار الفراخ بقيت أقول للبياع حطلي أربع وراك وزي ما يوزنهم"، مشددة "بودي الحاجة وأنا مكسوفة، عارفة إن الحاجة قليلة وإنه مش بياكل لوحده، بس كل واحد ومقدرته، دا فيه ناس مابقتش تزور عشان المصاريف".
أصبح التوقف عن الزيارة أو المباعدة بين مواعيدها سلوكًا متكررًا من الأهالي، وهو ما أثر بشكل واضح في الإعاشة، حسب ما يتذكر أحمد حسنين دينو، المفرج عنه في أغسطس/آب الماضي.
جمعنا أربع زيارات مع بعض عشان تكفي الكل
يقول دينو لـ المنصة "بعد سنتين ونص من حبسي كل اللي كنت محوشه خلص، ووالدي كان عنده 75 سنة. الدنيا كانت بايظة خالص، فكانوا بيزوروا مرة واحدة في الشهر وميجيبوش اللي بطلبه". دينو أُلقي القبض عليه في 2019 على ذمة القضية رقم 1475 بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار وبيانات كاذبة.
لم يتحسن الوضع حتى نهاية 2022، "كنت بقعد أحسبها بالورقة والقلم ولو نفسي في حاجة ما أقولش"، متابعًا "مع 2023، ولحد الإفراج، كانوا يزوروا كل 45 يوم عشان يجيبوا السجاير".
بحسبة بسيطة يرصد دينو كيف تأثرت الإعاشة مع زيادة التضخم، "في أول الحبس كان ممكن يدخل لـ12 فرد أربع أو خمس فرخات"، متابعًا أنه قبيل خروجه ومع ارتفاع الأسعار انخفضت الفرخات إلى واحدة لـ12 فردًا. ولتعويض الكمية اضطر السجناء للتنسيق مع ذويهم ليأتوا إلى الزيارة معًا "جمعنا أربع زيارات مع بعض لتوفير وجبة تكفي الكل".
أصبحت وجبة تكفي جميع النزلاء، لكنها لمرة واحدة،"بدل ما بتاخد تلات أربع زيارات في أيام متفرقة بقت تيجي كلها مع بعض وتخلص" يقول دينو.
تضاعف تكلفة الزيارة
يوجد بندان أساسيان في تغطية احتياجات السجين، هما الزيارة والحوالة. الزيارة رسميًا مرة واحدة في الشهر، وتسمح الداخلية بأخرى استثنائية في المناسبات والأعياد.
وتتنوع محتويات الزيارة بين "لقمة سخنة"، وهي وجبة تكفي السجين ورفاقه في يوم الزيارة، وخضار وفاكهة وسجائر ومسليات، فضلًا عن أدوات النظافة الشخصية والملابس والأدوية.
أما الحوالة، فهي مبلغ تودعه الأسر باسم ذويهم في حساب السجن عبر البريد، ليصرف منه السجين في الداخل، بعد نفاد محتويات زيارته.
تكلف الزيارة في حدها الأدنى 2500 جنيه والأقصى 7000 جنيه
ثمة بند ثالث، غير محسوب وهو تكلفة المواصلات للسجن، ومع بُعد المسافة تضطر الأسر لاستئجار سيارة خاصة. ولمواجهة ذلك يتشارك بعض الأهالي في سيارة واحدة لتقسيم تكلفتها.
وهو البند الذي يشغل الدكتورة ليلى سويف، والدة الناشط علاء عبد الفتاح المحبوس بسجن وادي النطرون، تقول لـ المنصة، "البنزين غلي جدًا ووادي النطرون مشوار، فالتكلفة زادت سواء رايح بعربيتك أو مأجر عربية".
وترى أن البنزين مقارنة بباقي عناصر الزيارة لا يمكن تجنب غلاءه "أي حاجة تانية ممكن تقلل فيها أو تدور على الأرخص، البنزين لأ".
تشعر ليلى بفرق الأسعار، تقول "تقريبًا تكلفة الطبلية الكام شهر اللي فاتوا تضاعفت، لو مودية الحد الأدني مش أقل من 2000 جنيه، وغالبًا أكتر".
والطبلية هي زيارة يترك فيها الأهل الطعام والأدوية والملابس مع حراس السجن لتوصيلها إلى ذويهم، دون السماح لهم بمقابلتهم.
الحد الأدنى
تصرف ندى على زيارة زوجها 2500 جنيه يساعد في توفيرها والداها اللذان انتقلت للعيش معهما هي وطفلاها، ولد 5 سنوات وبنت سنتان، لتخفيف المصروفات. هذا إلى جانب التزامها بقسط قرض تركه لها زوجها وفاتورة تليفون يبلغان شهريًا 2500 جنيه.
ندى ذات الـ37 عامًا، حُبس زوجها قبل 10 أشهر بعد محاكمة عسكرية قضت بحبسه سنتين. في الأسبوع الثاني لحبسه بحثت عن عمل لأول مرة في حياتها، بدأت عاملة نظافة براتب 1500 جنيه، تقطع من أجلها مسافة 112 كيلو تقريبًا كل يوم من بيتها بالشرقية حتى التجمع الخامس.
تؤكد ندى لـ المنصة أن تكلفة زيارتها لزوجها لم تتغير منذ بداية حبسه، ليس لثبات الأسعار، ولكن "بقلل الكميات على قد ما أقدر. كنت بجيب اتنين كيلو جبنة، وكوز اللانشون التلاتة كيلو، وبرطمان عسل نحل، وعسل أسمر، وطحينة، وشيكولاتات، وإندومي. دالوقت بجيب حاجة من كل حاجة".
بخلاف مصاريف الزيارة والأقساط وحضانة طفلها، ترسل ندى بين 300 إلى 500 جنيه حوالة لزوجها كل شهر، موضحة "المفروض مش أقل من 1000 جنيه".
خيارات وسيطة
تعتبر سماح نفسها محظوظة، إذ لم تضطرها الظروف معتمدة على "الوديعة وأهل جوزي بيدوني 2000 جنيه في الشهر وواحد صحبه في أمريكا بعتلي 400 دولار السنة اللي فاتت".
وتنتمي سماح لأصحاب الزيارات المتوسطة، إذ كانت تكلف زيارتها 2500 قبل تسعة أشهر، لتصل اليوم إلى 4500 للزيارة الواحدة، ممكن أصرف أكثر من "7000 في الشهر لأني ما بفوتش زيارة استثنائية"، تحاول سماح مجاراة ارتفاع الأسعار لكن ذلك لم يضمن لها نفس جودة الزيارة "ما بقيتش أجيب كل حاجة".
على جانب آخر، تلتزم سماح الحاصلة على دبلوم التجارة بمصاريف بيت به طفلتان في عمر الدراسة. وتقدر تكلفة معيشتها وطفلتيها بـ"7000 جنيه؛ 1500 للإيجار و500 مياه وكهرباء، و3000 أكل ليا أنا والبنتين".
بذلك تحتاج سماح لـ14 ألف جنيه حدًا أدنى في الشهر لتغطية مصاريف بيتها وزيارتين شهريتين لزوجها. يضاف لها الحوالة التي خفضتها خلال الشهرين الأخيرين من 1000 جنيه إلى 500 جنيه كل أسبوع ثم 500 جنيه لكل عشرة أيام، ثم توقفت تمامًا في فبراير الماضي "ما بعتّش الشهر دا خالص، مفيش فلوس، غصب عني".
اختفاء التسالي والتفاح
الزيارة في حديها الأدنى أو الأقصى تفتقد أصنافًا أصبحت من الرفاهيات، حسبما اتفقت سماح وندى. "أول حاجة لغيتها كانت السوداني واللب، وبقيت أجيب أرخص نوع فاكهة في السوق موز ويوستفندي"، مؤكدة مقاطعتها التفاح "لولا إن جوزي طلبه الشهر اللي فات، فجبت له اتنين كيلو ونص بأكثر من 100 جنيه ما طلّعتش منهم إلا اتنين لبناتي بالعدد عشان شافوه"، تعدد سماح ما بات من الرفاهيات في الزيارة.
التعيين الذي تصرفه إدارة السجن ما يتاكلش
وتفسر طلب زوجها "اللي جوا مش مدرك أوي الأسعار، وأنا بتجنب أشكيله عشان ما أشيلوش الهم".
فيما لا يعتبر دينو أنها من الرفاهيات، ويقول "السجن هو اللي بيسميها كده، لكن هي بالنسبة للمسجون تعويض معنوي". ويتابع "لما كنا نطلع واحدة بيبسي نحطها جوا شراب ونعلقها على الشباك لحد ما تسقع ونشربها، كان بيبقى عيد".
في سبيل توفير زيارة معقولة، تنازلت سماح وندى عن مصاريف مهمة لأطفالهما. تقول سماح "بقالي شهرين مقعدة البنت الصغيرة من تمارين الجمباز والباسكت، اللي كانت بتكلفني 400 جنيه غير المواصلات"، متذكرة حزنها عندما رفضت طلب طفلتها بفتح علبة تونة إلى جوار الشكشوكة التي أعدتها ذات يوم على العشاء. وتؤكد "التونة بقت وجبة لوحدها"، مستدركة "بقيت أقضيها أي حاجة، بنشيل الأكل من بُقنا عشان نوفرهوله".
كذلك دفعت ابنة ندى ثمن سجن والدها، توضح "كانت سنة وأربع شهور لما أبوها اتسجن، اضطريت وقتها أفطمها عن اللبن الصناعي ولما تمت سنة وست شهور خلعت لها البامبرز".
بلا سجائر.. بلا حياة
لم تُستثن السجائر من تقليص النفقات رغم أنها عُملة السجن أو كما تقول ندى "السيجارة براجل جوه، اللي معهوش سجاير فاقد كل شيء"، مؤكدة درايتها بتأثر حياة زوجها بالداخل بقلة السجائر، لكنه "مبيحكيش تفاصيل عشان ما أقلقش عليه".
اعتادت ندى على شراء كليوباترا منذ سجن زوجها، لم يكن من سبيل للتوفير سوى تخفيض عدد القاروصات "بجيب واحدة بس". وتوضح "لما بتبقى رخيصة 360 أو 370 بجيب قاروصتين".
فيما غيرت سماح نوع السجائر من LM أزرق لكليوباترا، مع الاحتفاظ بعدد القاروصات "أربعة". لا يعني ذلك أن زوجها محمد نجا تمامًا بقاروصاته الأربعة، إذ تؤكد "كان بيستخدمها في الحلاقة وغسيل هدومه، الزيارة الأخيرة عرفت إنه بقى يغسل لنفسه".
ويتبادل المساجين فيما بينهم السجائر "مقابل خدمات غسيل أو تنظيف أو طبخ أو غيرها، يقدمها مساجين آخرون، أو خدمات من نبطشي الزنزانة"، حسب تقرير بعنوان للبيع في الكانتين للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
فين التعيين؟
الإجابة عند دينو الذي غادر السجن قبل ثمانية أشهر فقط، امتد حبسه إلى ثلاثة أعوام وعشرة أشهر تنقل خلالها بين خمسة سجون قديمة وحديثة، هي "عنبر الزراعة، سجن المزرعة، سجن ليمان طرة، سجن أبو زعبل ليمان2، سجن العاشر من رمضان"، في خلاصة تجربته "أكل السجن ما يتاكلش، وحش جدًا".
يضم جدول تعيين الأكل في السجون المصرية وفق قرار وزير الداخلية 691 لسنة 1998 وآخر تحديث له في أغسطس/آب 2023 ما يلي:
ويرصد دينو انقطاع اللحم بداية 2023، التي تزامنت مع الشهور الأخيرة له في سجن أبو زعبل، قبل نقله إلى سجن العاشر من رمضان، موضحًا "منعوا اللحمة عشان كانت مستوردة وغالية".
"كانوا يقطعوها فترة ويرجعوها يوم واحد"، يشرح دينو مواسم اللحمة في أبو زعبل، "شهر كامل بدلوها بأوراك فراخ ريحتها وحشة مش عارفين كانت ميتة ولا إيه، لحد ما اتنقلت من السجن، اللحمة مكانتش بتيجي بشكل منتظم"، لهذا كان السجناء يحتفون بها "رغم إنها ما تتاكلش".
غير أن اللحم في سجن العاشر، حيث انتقل، كان موجودًا بانتظام "سجن لسه جديد وفيه اهتمام بيه" يفسر دينو. كان قرار الوزير أشار إلى صرف "4 بيضات لكل مسجون أو 75 جرام بقول" في حال عدم توافر صنف اللحوم بالأسواق.
بقية الأصناف في الجدول جودتها سيئة، يقول دينو "الأرز أغلب الأحيان ني أو معجن"، أما العدس "ما يتاكلش نهائي؛ مرة مفيهوش طعم خالص كأنه مياه، ومرة ني"، أما الحلاوة الموجودة بوفرة فـ"شبه العسلية".
يتعلم السجناء طريقة لمعالجة الجبن من شديد الملوحة إلى "حتة كريمة. بنحط عليها عسل أو إضافات تانية" حسب دينو، "الجبنة بتتحط في بنطلون أو قماش قديم ونحطه في مياه سخنة ويفضل يتغير لها المياه 3 أو 4 مرات".
لهذه الأسباب لا يعتمد السجناء على التعيين، "اللي بيجيله أكل بيدي للي ما بيجيلهوش ضمن نظام تكافلي"، يقول دينو قبل أن يستثني "عزيز النفس اللي ما بيرضاش ياكل من حد، بيضطر ياكل من التعيين".
أسعار الكانتين السياحية
بخلاف الزيارات وتعيين السجن، تعتبر وجبات الكانتين مصدرًا ثالثًا لطعام السجناء، وهي وجبات مطبوخة تبيعها إدارات السجون للسجناء بمقابل مادي يزيد عن سعر الخارج، حسب دينو.
قضى دينو في سجن أبو زعبل سنة كاملة، من مارس/آذار 2022، وحتى الشهر ذاته 2023 "كان من 8 الصبح لـ5 المغرب كأنه سوق؛ طاولة بيتباع عليها طبق المكرونة الفويل الصغير بـ30 جنيه، أربع سندوتشات كبدة ببصل مفيهاش كبدة أصلًا بـ25 جنيه، حواوشي إسكندراني بـ40 جنيه".
تتعامل إدارات السجون مع الكانتين باعتباره "بيزنس عشان يطلعوا ميزانية لمصلحة السجون" حسب دينو، وهو ما يتفق مع تقرير المبادرة، الذي وصف الكانتين بـ"مصدر ربح للمؤسسة ذاتها التي تقوم على سجن المحبوسين والمساجين، لكنه يمثل أيضًا مصدرًا غير أخلاقي بالنظر إلى الأسعار السياحية".
واستند التقرير إلى شهادات أسر سجناء، إذ أخبرتهم سارة الألفي، وهي قريبة لسجين في سجن العقرب، في سبتمبر/أيلول 2017، أن التفاح والبرتقال والبلح يباعوا بالواحدة وأن "البرتقالة الواحدة تعمل 3 جنيه، لما كان سعر الكيلو وقتها 5 جنيه".
في سجن القناطر عُلقت على باب الكانتين لافتة مكتوب عليها "الأسعار زيادة 30% عن الخارج"، حسب تقرير منسيات في سجن القناطر الصادر عن الجبهة المصرية لحقوق الإنسان. ويبدو أن هذه النسبة لا يُعمل بها في القناطر فقط، إذ يقول دينو "المعلن جوه أن الأسعار زيادة 30%، بس الحقيقي إنها أكتر من كده"، ويدلل "كنت بجيب في 2023 مزيل عرق AXE بـ45 لما كان برا بـ30، وكرتونة الإندومي بـ295"، فيما سجل سعر جملتها في مارس 2023 فقط 198 جنيهًا.
حتى أمام هذه الأسعار لا يملك السجناء خيار مقاطعة الكانتين، إذ إن "أكبر زيارة مش هتقعد أكتر من يومين ثلاثة، خاصة إن معندهمش تلاجات"، حسب سماح. وبذلك لا يكون أمام السجين إلا الأكل من التعيين أو الشراء من الكانتين.
صرفت سماح وديعتها لتستقبل زوجها الذي خرج من السجن في 2 أبريل/نيسان الماضي، ليحاول لملمة ما كان قد بعثره قبل دخوله السجن، إذ كان "يملك محل شنط وصفاه قبل دخوله السجن، وكان ناوي يروح دولة أوروبية زي إيطاليا"، إلا أن ذلك بات حلمًا بعيدًا ليس لارتفاع تكلفة السفر فقط خلال العام الأخير، ولكن لأنه كان سيدفع تكلفة السفر من الوديعة التي فكتها زوجته للصرف على مصاريف المعيشة وزيارات السجن، وهي ما تعتمد عليه اليوم في المعيشة حتى يجد عملًا.
أفلتت سماح وزوجها وطفلتاها من كابوس زيارات السجن، لكن آخرين مضطرون للخضوع لما يفرضه التضخم، ومنهم ندى التي تعشم نفسها بخروج زوجها عقب أشهر قليلة بإفراج شرطي. وإذ لم يحدث ذلك ستبقى في هذه الدوامة حتى إتمام زوجها مدة العقوبة، بعد عام وعدة أشهر.