بعدما اختبر كل منا تجربة التخلي عن الرفاهيات حسب قدراته المالية الآخذة في التضاؤل مع الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، يظل تحدي المرأة في البحث عن بديل اقتصادي للفوط الصحية هو الأصعب، كونها سلعة ضرورية وليست رفاهية تقتطع جزءًا كبيرًا من الميزانية.
تستهلك المرأة البالغة ما يقرب من 11400 فوطة صحية طوال حياتها وفق دراسة أظهرت نتائجها أن 89% من النساء البالغات يعتمدن عليها.
تخشى معظم النساء من استخدام البدائل الأخرى بسبب الخوف من الآثار الجانبية أو نقص الوعي بالأضرار الصحية لها، المتمثلة في أمراض مثل عدوى الخميرة المهبلية. بينما يحز الخوف من الجديد، والأوهام التي تحكم تعامل المرأة مع كل ما يتعلق بجسدها على النصيب الأكبر من أسباب التردد في الإقبال على تلك البدائل.
رغم ذلك تمنح تلك الخيارات الأخرى مميزات تتنوع بين كونها أقل في الاستهلاك والسعر بينما تمنح حرية حركة وثقة أكبر، مثل السدادات القطنية/tampons، وكأس الحيض/menstrual cup، وسروال الحيض/menstrual pants، الذين نورد معلومات عنهم فيما يلي.
سراويل الحيض
تأتي سراويل الحيض في المرتبة الأولى من حيث الجدة، وهي مصممة خصيصًا لذلك الغرض، فتمتص دم الحيض وتمنع تسربه بشكل كامل.
وتتميز بأنها سهلة الاستخدام واقتصادية ومقاسها مقاس الكيلوت العادي. وتستخدم أكثر من مرة، ولا يتطلب ذلك سوى غسلها. ويبلغ عمرها الافتراضي 500 غسلة في حالة اتباع تعليمات الاستخدام والتنظيف المرفقة بها.
وبحسبة بسيطة، يمكن توفير الكثير من ميزانية الفوط الصحية في حال شراء سروال واحد يسد الحاجة لمدة عام أو اثنين؛ فـ5 سراويل في 5 سنوات ستوفر 5 آلاف جنيه. وفق ما قالته نور عصام مديرة التطوير بشركة شمسي للسراويل الداخلية للمنصة.
كما أن قدرته على الامتصاص عالية بفضل خاماته، إذ يُصنع من قماش ماص للرطوبة يلتقط التسريب ويحمي من البقع. ويتكون من 4 طبقات ذات حماية متعددة: طبقة قطنية تمتص الرطوبة، وبطانة لحبس الرائحة، ونسيج فائق الامتصاص، وحاجز مقاوم للتسرب.
تمتاز السراويل بكونها صديقةً للبيئة، ولا توجد مخاوف صحية من استخدامها مع الحرص على نظافتها، عن طريق غسلها بالماء البارد قبل وضعها في الغسالة، أو غسلها يدويًا بالصابون.
توجد أنواع عدّة من السراويل تختلف حسب غزارة التدفق: الغزير، والاستخدام اليومي، والاستخدام الليلي، ونوع مخصص للسباحة وآخر للنفاس.
هذا التنوع في المنتجات وكونها في النهاية قطعة ملابس تُنتَج بأشكال وألوان وتصميمات مختلفة وجذابة، دفع ماركات عالمية لإصدار نسختها منها، مثل ماركس آند سبنسر، كما أن موقع مثل شي إن يعرضها على متجره؛ فضلًا عن تأسيس شركات محلية خطوط إنتاج لها.
وتتراوح أسعار السراويل ما بين 280 جنيهًا إلى 600 حسب الماركة والجودة. ورغم وجودها على مواقع التسوق الإلكتروني، لا يزال انتشارها محدودًا، وذلك بسبب مخاوف من المحاذير الصحية لإعادة الاستخدام فضلًا عن شبح التسريب.
فلتلك الوسيلة عيوبها مثل الجهد المبذول في التنظيف الذي يتطلب جهدًا إضافيًا قبل وضعها في الغسالة، وصعوبة استخدام مجفف أو منعّم ملابس معها ما يستدعي غسلها منفصلة.
كما يقف التأفف حاجزًا أمام كثيرات يضطررن للتعامل مع السروال المتسخ وتنظيفه يدويًا على نحو يومي. وهو ما يقدم الرفض على القبول بفكرة استخدامه بديلًا للفوط الصحية.
كأس الحيض
يأتي كأس الحيض في المرتبة الثانية من حيث البدائل الاقتصادية، رغم المقاومة الكبيرة في الأوساط المحافظة بسبب مخاوف تتعلق بالعذرية، لذا تجد الإعلانات المنتشرة عنها معنونة بـ"للمتزوجات".
وكأس الحيض كوب من السيليكون أو مطّاط اللاتكس، يتخذ شكل القمع، وله جذع يستخدم في إدخاله وإخراجه من المهبل، ومصمم لالتقاط وتجميع سوائل الدورة الشهرية.
تشكل إعادة الاستخدام أهم ميزة لكأس الحيض، إذ أنها تُغسل بالماء وتُجفف جيدًا ويعاد استخدامها. كما تمتاز بطول فترة الاستخدام في المرة الواحدة التي قد تصل إلى 12 ساعة.
تُعد الكؤوس أكثر أمانًا لأنها تجمع الدم بدلًا من امتصاصه، فتحمي من خطر الإصابة بالعدوى. وتصل قدرة الكأس على تجميع ما يقرب من 56 جرامًا من الدماء المتدفقة، وهي نسبة عالية مقارنةً بالفوط الصحية والسدادات القطنية.
ومن ضمن مميزاتها أيضًا أنها لا تسبب التهابات أو حكّة في المهبل. وتساعد على تقليل الرائحة الكريهة التي تظهر خلال الدورة الشهرية. لكن تظل مزيتها الأهم هي جدواها الاقتصادية، فقيمتها تُدفع مرة واحدة، وعمرها الافتراضي يصل إلى عشر سنوات. ولا تحتاج المرأة لامتلاك أكثر من كوب واحد؛ ناهيك عن أن سعره بالنسبة لفترة استخدامه، يعتبر رخيصًا، ويتراوح بين 100 إلى 800 جنيه.
كما السراويل الداخلية، تُعد كأس الحيض صديقةً للبيئة، وهو ما يساهم في جعل العالم أفضل على نحو عام.
يمثل التعامل مع الكأس تحديًا، إذ لا بد من معرفة كيفية الاستخدام وتراكم الخبرة لفعل ذلك بشكل صحيح، وتواجه معظم المستخدمات صعوبة في تثبيت الكأس في المرات الأولى، لكن مع الاعتياد يصبح الأمر أكثر سهولة. ويظل خطر العدوى البكتيرية قائمًا إلا في حالة التأكد من تنظيفه جيدًا. كما أنه قد يسبب رد فعل تحسسي بسبب المواد المصنوع منها، أو تهيجًا في منطقة المهبل.
السدادات القطنية
تعد السدادات القطنية الأكثر رواجًا نظرًا لقربها من الفوط، إضافة إلى أنها أثبتت نفسها في السوق منذ بدأ في السبعينيات.
والسدّادات القطنية أسطوانة صغيرة من القطن الممزوج بالحرير الصناعي، وهناك بعض الأنواع بها قطعة من البلاستيك تستخدم في إدخالها إلى المهبل، وهناك أنواع أخرى تستخدم قطعة من الورق المقوى في الإدخال. وفي كل الأحوال يجري التخلص من قطعة الإدخال وتبقى فقط الاسطوانة القطنية لامتصاص الدم المتدفق أثناء الدورة الشهرية.
وتأتي السدادات في أحجام مختلفة لتتناسب وغزارة التدفق، وبعضها يصنع بروائح عطرية متنوعة، كما تتميز بقابليتها للاستخدام أثناء ممارسة الأنشطة المختلفة، مثل السباحة، على العكس من الفوط الصحية. كما أنها مريحة وعملية.
وتنجح الـtampons في منع تسرب دم الحيض في حال استخدامها على نحو صحيح. وهنا تبرز أهم عيوبها، أنها كما الكأس، تحتاج لخبرة استخدام حتى تؤدي مهمتها. فضلًا عن ضرورة تغييرها كل أربع ساعات، تجنبًا للإصابة بمتلازمة الصدمة التسممية/TSS، وهي عدوى بكتيرية نادرة الحدوث مرتبطة باستخدام السدادات القطنية لساعات طويلة.
إضافة إلى أنها تسبب جفاف المهبل بسبب امتصاصها لجميع السوائل. كما تعتبر غير اقتصادية، فسعر العبوة التي تحتوي على 8 قطع يتراوح بين 60 إلى 90 جنيهًا وهو سعر يفوق أسعار الفوط الصحية.
تواجه الـtampons كما كأس الحيض مقاومة في المجتمعات المحافظة، التي تضع محاذير حول الاقتراب من جسد المرأة خاصة قبل الزواج، لما تمثله من تهديد للعذرية.
لتلك الأسباب التي تمثلها عيوب بدائل الفوط الصحية ما تزال كفة الأخيرة راجحة في الحصول على قبول النساء في مصر، ولكن ما يزال الخوف من التغيير هو التحد الأكبر في وجه المرأة التي تحاول أن تحيا دون أن تدفع ثمنًا باهظًا أو بجودة حياة أفضل.