"حكم القوي على الضعيف.. الحكومة هتجبرنا نسيب بيوتنا اللي عشنا واتربينا فيها، وقضينا أجمل أيام حياتنا". هكذا يتحدث الحاج فتحي عبد الواحد، عن عزبة ألماظة بحي مصر الجديدة، شرقي القاهرة، التي أعلنت الأجهزة التنفيذية عزمها هدمها وإعادة تخطيطها، بحسب تصريح من مصدر مسؤول بمحافظة القاهرة، مطلع على ملف تنفيذ المشروعات القومية للعاصمة، بالمنطقة الشرقية، تحدث للمنصة.
انتهت الأجهزة التنفيذية بمحافظة القاهرة من حصر عقارات عزبة ألماظة بحي مصر الجديدة، شرق العاصمة. ونتج عن الحصر 66 عقارًا، بإجمالي 330 وحدة سكنية و 92 محلًا تجاريًا بمختلف الأنشطة، سيتم إزالتها وإعادة تخطيطها من خلال مستثمر سيقوم ببناء كمباوند سكني تجاري خدمي على أرض العزبة، بحسب المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه.
وبينما يؤكد المصدر أنه تم الانتهاء بالكامل من حصر العزبة، وستبدأ الآن مرحلة تعويض السكان ماديًا، ثم عمليات الهدم. يحكي الحاج فتحي الذي كان يعمل مديرًا عامًا بشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، قبل أن يخرج على المعاش عام 2010، أن والده جاء من محافظة القليوبية ليعمل موظفًا في محطة ترام مصر الجديدة، واستقر به المقام في أرض العزبة.
ويقول عم فتحي أن الأرض المقام عليها العزبة كانت ملك شركة "ضاحية مصر الجديدة"، أو مصر الجديدة للإسكان والتعمير حاليًا، وقام السكان بشرائها من الشركة، وأصبحت لديهم عقود مسجلة بالشهر العقاري. وبالتالي فالأرض ليست أرض أملاك دولة حتى تبيعها الحكومة لمستثمر، "نرفض نزع ملكية الأرض مهما كانت التعويضات المادية".
وكان نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية، اللواء إبراهيم صابر، ورئيس حي مصر الجديدة، اللواء حسام لبيب، اجتمعا مع سكان العزبة في آخر مارس/أذار الماضي، بحسب الحاج فتحي، حيث أخبرا الأهالي أن التعويض المادي سيكون 18 ألف جنيه للمتر السكني و22 ألفًا للمتر التجاري، مقابل نزع ملكية العزبة وهدمها.
عُمر وذكريات
يرتبط الحاج فتحي بالمنطقة التي تلقى فيها تعليمه الابتدائي والإعدادي، متسائلًا "إزاي الحكومة تاخد قرار نزع ملكية المنطقة وتهدم العزبة بالكامل من غير وجه حق؟ هي مش محتاجة الأرض علشان مشروع قومي زي كوبري أو توسعة طريق".
ويقول إن كثيرًا من سكان العزبة يرفضون الخروج من المنطقة وتركها خاصة أنهم وُلدوا بها، "الباقيين موافقين ياخدوا التعويض ويمشوا، علشان هما جم من قريب واشتروا هنا، فمش مرتبطين بالمنطقة، وفيه أسر بينهم خلافات على تقسيم البيوت في الميراث، فهيكون التعويض المادي حل مناسب ليهم، إنهم يوزعوا الفلوس بينهم".
ويرى الحاج فتحي أن مبلغ التعويض لن يكفي لشراء وحدات تجارية أو سكنية بديلة، مع ارتفاع الأسعار الكبير في سوق العقارات.
بسعر السوق
يقول مصدر بحي مصر الجديدة، مسؤول عن ملف الإزالات، إن التعويض لسكان العزبة سيزيد عن تعويضات سكان شارع حسين كامل سليم الواقع في الجهة المقابلة لها، موضحًا أنه تم استلام 50 ملفًا من السكان، منهم 25 سيتسلمون تعويضاتهم قريبًا.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، للمنصة، أن التعويضات تم تحديدها من خلال مقيِّم عقاري من جهة حيادية، وتم تسعيرها وفقا لسعر السوق، مع مراعاة انخفاض قيمة الجنيه، موضحًا أن إجمالي قيمة التعويضات المالية للعزبة بالكامل ستبلغ 560 مليون جنيه.
من جهتها، قالت عضوة مجلس النواب عن دائرة مصر الجديدة، دينا عبد الكريم، إنها تبذل محاولات مستميتة مع محافظة القاهرة، لمحاولة إثنائها عن قرار الإزالة. مؤكدة للمنصة أن المنطقة غير عشوائية، وعقارات العزبة بحالة جيدة.
يشير حسني لطفي أبو اليمين، أحد سكان عزبة ألماظة، إلى أن الأجهزة التنفيذية بالحي بدأت بالفعل في جمع مستندات الملكية من السكان بهدف تعويضهم، وعلى الرغم من رفضهم لقرار هدم العزبة، فإن "حكم القوي على الضعيف هو الذي سينفذ"، ويشير إلى أن أغلب أهل العزبة يرفضون الإخلاء غير أن الخوف والقلق يرافقان السكان خشية الملاحقات الأمنية التي قد تطالهم.
ويؤكد عبد ربه في حديثه مع المنصة أن قرار الهدم مأساة حقيقة للسكان، ولكن "أمر الله علينا"، قائلًا "إحنا تعبنا نفسيًا من القرار ده، والحكومة مش بتسمع لمطالبنا المشروعة". وهو ما يتفق معه فيه الحاج فتحي، الذي يأمل أن تتراجع الحكومة عن قرارها، ليمكنه مواصلة العيش حيثما يحب.