أحد العمال لـ المنصة
جانب من إضراب عمال سيراميكا إينوفا بالفيوم، 26 يناير 2025

بينهم نساء وذوو إعاقة.. مئات العمال بسيراميكا إينوفا محرمون من الراتب الأساسي للشهر الثاني

أحمد خليفة
منشور الأحد 22 يونيو 2025

لا يزال المئات من عمال شركة سيراميكا إينوفا (الفراعنة سابقًا) بمنطقة كوم أوشيم الصناعية في الفيوم، من بينهم نساء وذوو إعاقة منحوا إجازات إجبارية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري مقابل الراتب الأساسي فقط، محرمون من تقاضي رواتبهم للشهر الثاني على التوالي، وفق اثنين من العمال لـ المنصة.

وفيما قبل العمال الإجازة الإجبارية على مضض، كوضع مؤقت حيث وعدهم صاحب الشركة بالعودة لعملهم، حرموا الآن حتى من الراتب الأساسي، الذي لا يتجاوز الـ2000 جنيه شهريًا، ليجدوا أنفسهم حسب وصف المصدَرين "في الشارع".

وأجبرت إدارة إينوفا في الفترة من يناير/كانون الثاني حتى مارس/آذار من العام 2025، المئات من العمال بينهم 57 امرأة هن كل العاملات بالشركة، بالإضافة إلى 130 من ذوي الإعاقة ضمن نسبة الـ5%، على الدخول في إجازة إجبارية يتقاضون خلالها الراتب الأساسي فقط، الذي لا يزيد عن ثلث الراتب الشامل الذي كانوا يتقاضونه قبل الإجازة، وفصلت من رفضوا القرار.

وقالت إحدى العاملات لـ المنصة، طالبة عدم نشر اسمها، إنها وأغلب زميلاتها اللائي أجبرن على الإجازة في يناير الماضي، هن العائل الوحيد لأسرهن، أو يشاركن بشكل أساسي في الإنفاق، وأنهن اضطررن بعد الإجازة الإجبارية إلى العمل  في تنظيف الشقق وسلالم العمارات السكنية، حيث وجدن صعوبة في إيجاد عمل بديل في مصانع المنطقة الصناعية بكوم أوشيم، لأن أعمارهن تجاوزت الأربعين وأغلب الشركات تشترط سنًا لا يتجاوز الـ35 عامًا.

وأضافت العاملة "الأساسي مايزيدش عن 2000 جنيه لكن أحسن من مفيش، أهي حاجة كانت بتساعد على المعايش، يقطعوها ليه، احنا مش بنشحت ده جزء صغير من حقنا، احنا فنينا عمرنا في المصنع ده، بنشتغل فيه من واحنا بنات صغيرة".

وأشار عامل ثانٍ، وهو من ذوي الإعاقة، في حديثه لـ المنصة، إلى أن الراتب الأساسي الذي يتقاضاه العمال الذين أجبروا على الإجازة، كان يتم صرفه عبر البريد من صندوق طوارئ العمال التابع لوزارة العمل، وأن توقفه غير مفهوم بالنسبة لهم.

وأضاف العامل، الذي طلب عدم نشر اسمه، "مش العمال اللي في إجازة بس اللي كانوا بيقبضوا من صندوق الطوارئ، العمال اللي لسه شغالين في الشركة بياخدوا ثلث رواتبهم من الصندوق، ولما عملوا إضراب علشان اتوقفت فلوس البريد، صاحب الشركة صرفلهم ثلث مرتب أبريل المتأخر اللي كان المفروض يتصرف من الصندوق، مش عارفين ده معناه إيه؟ يعني صاحب الشركة بقى متحكم في فلوس الحكومة وحط إيده عليها؟ طيب واحد زيي معاق وسنه فوق الأربعين يشتغل فين؟".

ويتكفل صندوق إعانات الطوارئ للعمال منذ يناير الماضي، بثلث رواتب عمال إينوفا بقيمة 4 ملايين جنيه شهريًا من إجمالي الأجور البالغة 12 مليون جنيه، فيما تتحمل الشركة الـ8 ملايين الأخرى.

وجاء قرار الصندوق بعد اجتماع لمالك الشركة محمد فوزي مع محافظ الفيوم أحمد الأنصاري، شكا خلاله من عدم قدرته على دفع رواتب العمال البالغة نحو 12 مليونًا بسبب تعثر الشركة والديون المتراكمة عليها لشركات الغاز والكهرباء والمياه.

وحسب أحد المصادر العمالية التي تحدثت لـ المنصة في وقت سابق، فإن العمال نما إلى علمهم أن صاحب الشركة محمد فوزي استخدم مساهمة صندوق الطوارئ في الأجور عن شهر أبريل/نيسان في دفع راتب مايو/أيار لعمال مصنع الملكة للأدوات الصحية التابع لمجموعة إينوفا، لإنهاء إضرابهم الذي استمر ليوم واحد قبل العيد، لحاجته إلى إنتاج المصنع من أجل بعض الطلبيات المعدة للتصدير.

وأنهى نحو 2000 عامل بسيراميكا إينوفا، الخميس الماضي، إضرابًا عن العمل، استمر 10 أيام بعد تحويل الثلث المتبقي من راتب شهر أبريل الماضي إلى حسابات العمال البنكية، فيما دخل العمال الإضراب حاملين عدة مطالب منها إقرار زيادة سنوية لا تقل عن 1200 جنيه، وتطبيق الحد الأدنى للأجور بواقع 7 آلاف جنيه، بدلًا من الرواتب الحالية التي لا يتجاوز متوسطها 4 آلاف جنيه، لكنهم اضطروا لإنهاء إضرابهم، تحت ضغط الاحتياج لصرف رواتبهم أو جزء منها لأنهم لم يتقاضوا أي أموال من الشركة منذ ما يقرب من شهرين.   

وفي مايو الماضي وجهت إدارة سيراميكا إينوفا إنذارات بالفصل لنحو 45 عاملًا، كانت منحتهم إجازة إجبارية ضمن مئات العمال، مقابل تقاضيهم الراتب الأساسي فقط، بدعوى عدم الاستجابة لاستدعائهم للعمل وقطع الإجازة، رغم تأكيد عدد من العمال المنذَرين بالفصل في حديث سابق لـ المنصة أنهم لم يتلقوا أي استدعاء للعمل بشكل رسمي، مكتوبًا أو بأي وسيلة أخرى.

وفي مارس الماضي، أبلغت إدارة إينوفا 350 عاملًا من أقسام مختلفة، بينهم 130 عاملًا من ذوي الإعاقة المعينين ضمن نسبة الـ5%، بأنهم سيُمنحون إجازةً لمدة 6 أشهر يتقاضون خلالها الراتب الأساسي فقط، وسرحت من رفضوا الإجازة، وكانت أجبرت قبلها بشهرين 57 عاملة هن كل النساء العاملات بالشركة، على الدخول في إجازة إجبارية، فيما أعدت الإدارة قائمةً بـ300 عامل آخرين تمهيدًا لتسريحهم.

وفي 22 يناير الماضي دخل عمال إينوفا في إضراب عن العمل للمطالبة بصرف راتب شهر ديسمبر/كانون الأول، وتطبيق الحد الأدنى للأجور القديم 6 آلاف جنيه، حيث لا يتخطى متوسط رواتبهم 4 آلاف جنيه، كما طالبوا بعودة أوتوبيسات نقل العمال من أماكن إقاماتهم إلى الشركة التي أوقفت الإدارة 75% منها، ما كان يضطر العمال للذهاب إلى الشركة على نفقتهم، دون صرف بدل انتقال.

وبعد بدء صرف نسبة من راتب ديسمبر المتأخر، قرر العمال إنهاء إضرابهم في 29 يناير الماضي، لكن مالك الشركة أبلغ 57 عاملة في اليوم التالي بمنحهن إجازة إجبارية من 4 لـ6 أشهر مقابل تقاضي الأساسي فقط.

وتأسست شركة مجموعة الفراعنة لإنتاج السيراميك والبورسلين والأدوات الصحية نهاية الثمانينيات، وضمت في البداية شركاء أجانب إلى جانب مؤسسها رجل الأعمال محمد فوزي، قبل أن يستحوذ فوزي على كامل أسهمها.

ولعمال شركة سيراميكا الفراعنة تاريخ كبير من الاحتجاجات والإضرابات، بدأت في 2009، لكن وتيرتها ارتفعت في أعقاب ثورة 25 يناير.