أنهى عمال سيراميكا إينوفا (الفراعنة سابقًا) بمنطقة كوم أوشيم الصناعية في الفيوم إضرابهم عن العمل، بعد تحويل الثلث المتبقي من راتب شهر أبريل/نيسان الماضي إلى حسابات العمال البنكية، على شريحتين أمس واليوم، على أن يبدأ صرف راتب مايو/أيار الماضي الأحد المقبل، وفق عاملين تحدثا لـ المنصة.
وأكد المصدران أن قرار إنهاء العمال للإضراب رغم عدم تحقيق الجزء الأكبر من مطالبهم، جاء تحت ضغط الاحتياج لصرف رواتبهم أو جزء منها لأنهم لم يتقاضوا أي أموال من الشركة منذ ما يقرب من شهرين.
ودخل أكثر من 2000 عامل في إضراب عن العمل منذ العاشر من يونيو/حزيران الجاري، للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة، في مقدمتها مساهمة صندوق إعانات الطوارئ للعمال التابع لوزارة العمل عن شهر أبريل الماضي، وراتب شهر مايو الماضي، إلى جانب إقرار زيادة سنوية لا تقل عن 1200 جنيه، وتطبيق الحد الأدنى للأجور بواقع 7 آلاف جنيه، بدلًا من الرواتب الحالية التي لا يتجاوز متوسطها 4 آلاف جنيه.
وفي اليوم التالي للإضراب، ردت إدارة الشركة بإغلاق المصانع ووقف تشغيل سيارات نقل العمال من أماكن إقامتهم بمحافظات الفيوم والقاهرة والجيزة.
وقال أحد المصدرين، وهو عضو لجنة مكونة من 15 عاملًا مكلفة بالتفاوض مع الإدارة، إن العمال أنهوا الإضراب رغم أن ما قدمته الإدارة لم يختلف كثيرًا عن العرض ذاته الذي رفضه العمال الثلاثاء، بسبب حاجتهم الشديدة لصرف الرواتب أو جزء منها لسد احتياجات أسرهم.
وأوضح المصدر العمالي لـ المنصة، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن الفرق الوحيد بين العرضين أن صاحب الشركة محمد فوزي كان يشترط عودة العمال للعمل وإنهاء إضرابهم قبل صرف أي أجزاء من الرواتب المتأخرة، بينما أصر العمال على تحويل الرواتب قبل بدء العمل وهو ما حدث بالفعل.
وقال عامل ثانٍ إن الثلث المتأخر من راتب شهر أبريل، الذي تم تحويل شريحتين منه إلى حسابات العمال البنكية أمس واليوم، من المفترض أنه الجزء الذي يتكفل به صندوق طوارئ العمال، ويقوم العمال بصرفه من مكاتب البريد، لافتًا إلى أن العمال متشككون في الأمر لأنه تم تحويله من الشركة وليس من البريد.
ويوضح العامل لـ المنصة، طالبًا عدم نشر اسمه، أن العمال نما إلى علمهم أن صاحب الشركة محمد فوزي استخدم مساهمة صندوق الطوارئ في الأجور عن شهر أبريل في دفع راتب مايو لعمال مصنع الملكة للأدوات الصحية التابع لمجموعة إينوفا، لإنهاء إضرابهم الذي استمر ليوم واحد قبل العيد، لحاجته إلى إنتاج المصنع من أجل بعض الطلبيات المعدة للتصدير.
ويتساءل العامل "إزاي صاحب الشركة يقدر ياخد فلوس الصندوق، ويتصرف فيها، المفروض إنها بتتبعت لنا بشكل مباشر على البريد، بدون تدخل من الشركة، وكيف يسمح مسؤولو الصندوق باستخدام أمواله لإذلال العمال بوضعه تحت تصرف الشركة؟"، مضيفًا أن العمال لا يصدقون أن محمد فوزي صرف الثلث المتبقي من راتب أبريل من أموال الشركة، لأنه كان أولى به أن يقوم بصرف راتب مايو المتأخر أو بدل المواصلات والوجبات المتأخرة منذ أكثر من عام.
ويتكفل صندوق إعانات الطوارئ للعمال منذ يناير/كانون الثاني الماضي، بثلث رواتب عمال إينوفا بقيمة 4 ملايين جنيه شهريًا من إجمالي الأجور البالغة 12 مليون جنيه، فيما تتحمل الشركة الـ8 ملايين الأخرى.
وجاء قرار الصندوق بعد اجتماع لمالك الشركة محمد فوزي مع محافظ الفيوم أحمد الأنصاري، شكا خلاله من عدم قدرته على دفع رواتب العمال البالغة نحو 12 مليونًا بسبب تعثر الشركة والديون المتراكمة عليها لشركات الغاز والكهرباء والمياه.
واعتادت الشركة صرف الراتب الشهري على دفعات، بمعدل دفعة كل 3 أو 4 أيام، حيث قسمت العمال إلى شرائح بحسب الأجر.
وفي مايو الماضي وجهت إدارة سيراميكا إينوفا إنذارات بالفصل لنحو 45 عاملًا، كانت منحتهم إجازة إجبارية ضمن مئات العمال، مقابل تقاضيهم الراتب الأساسي فقط، بدعوى عدم الاستجابة لاستدعائهم للعمل وقطع الإجازة، رغم تأكيد عدد من العمال المنذَرين بالفصل في حديث سابق لـ المنصة أنهم لم يتلقوا أي استدعاء للعمل بشكل رسمي، مكتوبًا أو بأي وسيلة أخرى.
وفي مارس/آذار الماضي، أبلغت إدارة إينوفا 350 عاملًا من أقسام مختلفة، بينهم 130 عاملًا من ذوي الإعاقة المعينين ضمن نسبة الـ5%، بأنهم سيُمنحون إجازةً لمدة 6 أشهر يتقاضون خلالها الراتب الأساسي فقط، وسرحت من رفضوا الإجازة، وكانت أجبرت قبلها بشهرين 57 عاملة هن كل النساء العاملات بالشركة، على الدخول في إجازة إجبارية، فيما أعدت الإدارة قائمةً بـ300 عامل آخرين تمهيدًا لتسريحهم.
وفي 22 يناير الماضي دخل عمال إينوفا في إضراب عن العمل للمطالبة بصرف راتب شهر ديسمبر/كانون الأول، وتطبيق الحد الأدنى للأجور القديم 6 آلاف جنيه، حيث لا يتخطى متوسط رواتبهم 4 آلاف جنيه، كما طالبوا بعودة أوتوبيسات نقل العمال من أماكن إقاماتهم إلى الشركة التي أوقفت الإدارة 75% منها، ما كان يضطر العمال للذهاب إلى الشركة على نفقتهم، دون صرف بدل انتقال.
وبعد بدء صرف نسبة من راتب ديسمبر المتأخر، قرر العمال إنهاء إضرابهم في 29 يناير الماضي، لكن مالك الشركة أبلغ 57 عاملة في اليوم التالي بمنحهن إجازة إجبارية من 4 لـ6 أشهر مقابل تقاضي الأساسي فقط.
وتأسست شركة مجموعة الفراعنة لإنتاج السيراميك والبورسلين والأدوات الصحية نهاية الثمانينيات، وضمت في البداية شركاء أجانب إلى جانب مؤسسها رجل الأعمال محمد فوزي، قبل أن يستحوذ فوزي على كامل أسهمها.
ولعمال شركة سيراميكا الفراعنة تاريخ كبير من الاحتجاجات والإضرابات، بدأت في 2009، لكن وتيرتها ارتفعت في أعقاب ثورة 25 يناير.