حذفت الصفحة الرسمية لمنظمة العمل الدولية بالقاهرة على فيسبوك بيانًا أصدرته الأربعاء الماضي، بعد يومين من نشره، أشادت فيه بإقرار البرلمان المصري قانون العمل الجديد، معتبرة إياه "خطوة محورية لتعزيز العدالة الاجتماعية وحماية حقوق ما يقرب من 30 مليون عامل وعاملة"، وجاء حذف البيان عقب انتقادات من مؤسسات حقوقية ونقابية للمنظمة الدولية واتهامها بالانحياز للحكومة المصرية.(*)

البيان المحذوف لمنظمة العمل الدولية بالقاهرة، 16 أبريل 2025كما أقدمت المنظمة على تعديل بوست آخر يتحدث عن ورشة عمل بالتعاون مع وزارة العمل المصرية، لاعتماد الملف الوطني للسلامة والصحة المهنية، حيث حذفت من المنشور جملة "مصر تخطو نحو بيئات عمل أكثر أمانًا"، وذلك بعد نصف ساعة من نشره.
ووصف البيان المحذوف لمنظمة العمل الدولية بالقاهرة قانون العمل الجديد بأنه "يدعم علاقات العمل المتوازنة، ويضمن بيئة عمل لائقة تشمل الأجر العادل"، وأنه "تم تطويره من خلال حوار اجتماعي شامل، وبما يتماشى مع معايير العمل الدولية التي تروّج لها منظمة العمل الدولية".
واعتبر حقوقيون تحدثوا لـ المنصة في وقت سابق البيان "مجافيًا للحقيقة" حيث خفض القانون العلاوة من 7% إلى 3%، و"أهدر مبدأ الأمان الوظيفي، بمنح صاحب العمل الحرية في تحرير العقود المؤقتة، وأطلق يده في تسريح العمال كيفما شاء، كما خالف القانون الاتفاقات الدولية، فضلًا عن صدوره في غياب أي حوار مجتمعي حقيقي".
وطالب اتحاد تضامن النقابات المستقلة (تحت التأسيس) عبر خطاب أرسله أمس إلى مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة إريك أوشلان، بمراجعة الموقف الداعم لإقرار قانون العمل الجديد والنظر بجدية للاعتراضات والملاحظات التي أبدتها منظمات المجتمع المدني والجهات النقابية المستقلة على مشروع القانون لضمان انسجام التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت مصر عليها.

بوست منظمة العمل الدولية بالقاهرة قبل التعديلمن جانبه، قال رئيس اتحاد تضامن النقابات المستقلة أحمد المغربي لـ المنصة إن حذف البيان "خطوة في طريق تصويب موقف منظمة العمل الدولية المنحاز للحكومة المصرية ورجال الأعمال ضد ملايين العمال".
فيما يرى مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مالك عدلي، في حديث لـ المنصة، أن حذف البيان "غير كاف"، ولا بد من اعتذار مكتب المنظمة بالقاهرة عنه، والتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن إصداره "لأنه ضد قواعد عمل المنظمات الدولية التي من المفترض ألا تشتبك مع قضايا ليس عليها توافق مجتمعي وألا تنحاز إلى الحكومات في مواجهة الشعوب".
ووافق مجلس النواب نهائيًا الثلاثاء الماضي على مشروع قانون العمل، بعدما عرضت الحكومة المواد التي كانت طلبت إعادة المداولة بشأنها ومن بينها تعريف العامل.
وكان البرلمان وافق الشهر الماضي على مشروع قانون العمل في مجموعه. وقتها أرجأ رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي الموافقة النهائية لجلسة لاحقة لأخذ الرأي النهائي، بعدما أوضحت الحكومة أنها تعكف على تعديلات في القانون الجديد.

بيان منظمة العمل الدولية بالقاهرة بعد التعديلواتفق نواب ونقابيون تحدثوا لـ المنصة في وقت سابق على ضرورة إدخال تعديلات على مواد مشروع القانون خاصة فيما يتعلق ببند الإضراب من بينها تقليل مدة الإخطار إلى 5 أيام، وتوضيح الظروف الاستثنائية والمنشآت الحيوية التي يُحظر فيها الإضراب.
كما أثارت المواد المتعلقة بعقود العمل محددة وغير محددة المدة وطرق وأسباب انقضاء علاقة العمل، في القانون الجديد، التخوفات من زيادة ممارسات التصفية والفصل التعسفي، حيث اعتبرها حقوقيون ونقابيون وبرلمانيون تحدثوا لـ المنصة سابقًا أنها تطلق يد رجال الأعمال في تسريح العمال.
وفي وقت سابق من فبراير/شباط الماضي، أصدرت دار الخدمات النقابية والعمالية ورقة تضمنت ملاحظاتها على مشروع قانون العمل، أرسلتها إلى مجموعة من النواب، وعدد من القوى النقابية المستقلة، والحزبية، بهدف الضغط لتعديل بعض مواد القانون بشكل يستجيب لتطلعات العمال ويعزز حقوقهم.
كما أصدَر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقريرًا حقوقيًا رصد فيه ملاحظاته على مشروع القانون، مؤكدًا أنه لا يحقق التوازن المطلوب بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال، رغم بعض التحسينات التي تضمنها.