مجلس النواب
وزيرا العمل محمد جبران والشؤون النيابية محمود فوزي في مجلس النواب، 15 أبريل 2025

منظمة دولية تشيد بقانون العمل الجديد.. وحقوقيان: انحياز واضح للحكومة المصرية

أحمد خليفة
منشور الخميس 17 أبريل 2025

أشادت منظمة العمل الدولية بالقاهرة في بيان على فيسبوك أمس بإقرار البرلمان قانون العمل الجديد بشكل نهائي، معتبرة إياه خطوة محورية لتعزيز العدالة الاجتماعية وحماية حقوق العمال، واعتبرته يدعم علاقات العمل المتوازنة، ويضمن بيئة عمل لائقة تشمل الأجر العادل، في وقت أبدت مؤسسات عمالية وحقوقية استيائها من إقرار القانون دون حوار مجتمعي حقيقي، أو مشاورات مع ممثلي العمال والنقابات المستقلة.

ووافق مجلس النواب نهائيًا الثلاثاء الماضي على مشروع قانون العمل، بعدما عرضت الحكومة المواد التي كانت طلبت إعادة المداولة بشأنها ومن بينها تعريف العامل.

وأضاف بيان منظمة العمل أن القانون "تم تطويره من خلال حوار اجتماعي شامل، وبما يتماشى مع معايير العمل الدولية التي تروّج لها منظمة العمل الدولية".

من جانبه، قال المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية كمال عباس لـ المنصة إن ما جاء في بيان منظمة العمل بالقاهرة "خطابًا لا يليق بمنظمة دولية المفترض أن مهمتها تطبيق معايير العمل الدولية"، معتبرًا أن كل ما ذكرته المنظمة بالبيان "مجافيًا للحقيقة".

وأضاف عباس أن أي قانون عمل يتم تقييمه من خلال عنصرين رئيسيين، الأجور والأمان الوظيفي "فهل رأت منظمة العمل الدولية بالقاهرة قبل أن تشيد بالقانون الجديد أي تطور في مراعاة هذين العنصريين بما يصب في مصلحة العمال؟".

وتابع "على العكس تمامًا، التطور في قانون العمل الجديد عن سابقه، يأتي ضد العمال، إذ خُفضت العلاوة من 7% إلى 3%، أما فيما يتعلق بالأمان الوظيفي أعطى القانون الجديد الحرية لصاحب العمل في تحرير العقود المؤقتة، وأطلق يده في تسريح العمال كيفما شاء، من خلال المواد المتعلقة بعقود العمل محددة وغير محددة المدة وأسباب انقضاء علاقة العمل".

ولفت عباس إلى أن بيان منظمة العمل بالقاهرة تجاهل مخالفة القانون الجديد للاتفاقية 181 بشأن وكالات الاستخدام الخاصة، حيث تحظر الاتفاقية على شركات التوظيف "أن تتقاضي بصورة مباشرة أو غير مباشرة جزئيًا أو كليًا أي رسوم أو تكاليف من العمال"، فيما  أعطت المادة 43 الحق لشركات التوظيف تقاضي 1% من أجر العامل الذي يتم إلحاقه بالعمل، عن السنة الأولى، كمصروفات إدارية.

وأكد عباس أن ما جاء في البيان بشأن خضوع القانون لحوار مجتمعي شامل، لا أساس له من الصحة، حيث قدمت النقابات المستقلة طلبات رسمية لمجلسي الشيوخ والنواب ولجنة القوى العاملة للاستماع لوجهة نظرها بشأن مشروع القانون، فلم يلتفت لطلباتها، ولم يحدث سوى عقد جلستين حواريتين كان أغلبية الحضور فيهما إما من الاتحاد العام "الحكومي" أو من نقابات مستقلة غير مخاطبة بقانون العمل.

في الوقت نفسه، قال مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مالك عدلي لـ المنصة إن هذا "بيان حكومي وليس بيان لمنظمة دولية، وأن منظمة العمل الدولية بالقاهرة إن لم تكن على علم بالحماية القانونية للعمال ومعايير العمل المتزنة، فكان عليها ألا تُصدِر بيانات بشأن قانون العمل".

وأضاف عدلي أن إشادة المنظمة بقانون يهدد استقرار علاقات العمل ولا يلبي الحد الأدنى من حقوق العمال، ولا يوفر الحماية التشريعية والقانونية للعمال المصريين، ولا يأتي بجديد بخصوص مراعاة التزامات مصر الدولية هو "انحياز واضح للحكومة المصرية".

وتابع عدلي أن بيان منظمة العمل بالقاهرة الذي يشيد بالقانون "يتناقض مع ملاحظات لجنة المعايير بمنظمة العمل الدولية، المتعلقة بالحق في الإضراب، حيث حافظ القانون الجديد على نفس الشروط المقيدة للإضراب كما في قانون 12 لسنة 2003".

ويعتبر عدلي أن خروج بيان بهذا الشكل ينم عن أزمة لدى القائمين على المنظمة الدولية في القاهرة، في تعريف تعزيز العدالة الاجتماعية وحماية حقوق العمال.

ويتساءل عدلي "ألم يرَ القائمون على منظمة العمل الدولية بالقاهرة، الملاحظات العديدة التي تقدمت بها المؤسسات المعنية بالعمال ومن بينها دار الخدمات النقابية والعمالية والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وكيف لم يلاحظوا كم الانتقادات على القانون من قوى وأحزاب سياسية عديدة؟".

وتَجمع منظمة العمل الدولية، وهي الوكالة الثلاثية الوحيدة التابعة للأمم المتحدة، منذ عام 1919، بين الحكومات وأصحاب العمل والعمال من 187 دولة عضوًا، من أجل وضع معايير العمل واستحداث السياسات وإقامة البرامج التي تعزز العمل اللائق لجميع النساء والرجال، حسبما تعرِّف نفسها على موقعها الرسمي.

وكان البرلمان وافق الشهر الماضي على مشروع قانون العمل في مجموعه. وقتها أرجأ رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي الموافقة النهائية لجلسة لاحقة لأخذ الرأي النهائي، بعدما أوضح فوزي أن الحكومة تعكف على تعديلات في القانون الجديد.

وخلال جلسة 25 فبراير/شباط الماضي، وافق مجلس النواب من حيث المبدأ على مشروع قانون العمل المقدم من الحكومة، وسط إجماع نيابي باستثناء صوت رفض واحد، ومطالبات بتعديلات على المشروع من قبل رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.

واتفق نواب ونقابيون تحدثوا لـ المنصة في وقت سابق على ضرورة إدخال تعديلات على مواد مشروع القانون خاصة فيما يتعلق ببند الإضراب من بينها تقليل مدة الإخطار إلى 5 أيام، وتوضيح الظروف الاستثنائية والمنشآت الحيوية التي يُحظر فيها الإضراب.

كما أثارت المواد المتعلقة بعقود العمل محددة وغير محددة المدة وطرق وأسباب انقضاء علاقة العمل، في القانون الجديد، التخوفات من زيادة ممارسات التصفية والفصل التعسفي، حيث اعتبرها حقوقيون ونقابيون وبرلمانيون تحدثوا للمنصة أنها تطلق يد رجال الأعمال في تسريح العمال، وأن القانون برمته منحازًا لأصحاب رأس المال على حساب ملايين العمال.

وفي وقت سابق من فبراير/شباط الماضي، أصدرت دار الخدمات النقابية والعمالية ورقة تضمنت ملاحظاتها على مشروع قانون العمل،  أرسلتها إلى مجموعة من النواب، وعدد من القوى النقابية المستقلة، والحزبية، بهدف الضغط لتعديل بعض مواد القانون بشكل يستجيب لتطلعات العمال ويعزز حقوقهم، كما  أصدَر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقريرًا حقوقيًا رصد فيه ملاحظاته على مشروع القانون، مؤكدًا أنه لا يحقق التوازن المطلوب بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال، رغم بعض التحسينات التي تضمنها.