اتفق وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب إيهاب منصور، ورئيس دار الخدمات النقابية والعمالية كمال عباس، على ضرورة إدخال مزيد من التعديلات على نصوص مواد الإضراب بمشروع قانون العمل، من بينها تقليل مدة الإخطار إلى 5 أيام، وتوضيح الظروف الاستثنائية والمنشآت الحيوية التي يحظر فيها الإضراب.
وفي 19 فبراير/شباط الجاري، وافقت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب بشكل نهائي على مشروع قانون العمل، وتمت إحالته للجلسة العامة. والأسبوع الماضي، وافق مجلس النواب من حيث المبدأ على المشروع المقدم من الحكومة، وسط إجماع نيابي باستثناء صوت رفض واحد، ومطالبات بتعديلات من قبل رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.
وقال منصور لـ المنصة إنه يعتزم التقدم بتعديلات على المواد المتعلقة ببند الإضراب، مشيرًا إلى أن التعديل يستهدف ضبط صياغة المادة 231، من خلال تقليل مدة إخطار صاحب العمل أو الجهة الإدارية المختصة قبل تاريخ الإضراب بمدة لا تتجاوز 5 أيام بدلًا من 10 أيام، مع حذف عبارة "على الأقل"، مرجعًا ذلك إلى أنها "عبارة غير محددة، علاوة على أنها تفتح الباب لمزيد من مبررات أصحاب العمل".
وتنص المادة 231 على أنه يجب أن "يتضمن الإعلان عن الإضراب، إخطار صاحب العمل، والجهة الإدارية المختصة، قبل التاريخ المحدد للإضراب بعشرة أيام على الأقل، وذلك بكتاب مسجل وموصى عليه بعلم الوصول، على أن يتضمن الإخطار الأسباب الدافعة للإضراب ومواعيده".
وأضاف منصور أن التعديلات تتضمن تقليل خطوات الحصول على الموافقة لتنظيم الإضراب، مشيرًا إلى أن تعقيد الإجراءات، خاصة الأمنية، يؤدي إلى تأجيل تنظيمه، وأحيانًا إلغائه.
وتابع "تقدمت في الجلسة العامة، الأسبوع الماضي، بتعديل على تعريف الإضراب في مادة التعريفات، بالسماح بالإضراب خارج مقر المؤسسة أو الشركة، وعدم اقتصاره على داخل المقر فقط، ولكن لم يتم الموافقة عليه، وهو ما يصعب من تنظيم الإضراب".
وخلال ذات الجلسة، وعقب رفض تعديل منصور حول تعريف الإضراب، قال وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي محمود فوزي "إن الإضراب حق ينظمه القانون، ولكن المقترح يؤدي لاختلاط العاملين بالمنشأة التي بها إضراب بغيرهم، مما يخل بالنظام العام، وبالتالي يجب أن يكون الإضراب داخل المنشأة حتى لا يتحول لغيره من مظاهر التعبير عن الرأي".
وحسب وكيل لجنة القوى العاملة، فإنه حال قيام أصحاب العمل بغلق المنشأة أمام العاملين، وقيامهم بتنظيم الإضراب خارج المقر فإن ذلك يعتبر غير قانوني ومخالفًا لنصوص مواد الإضراب التي ترى الحكومة أنها متوافقة مع المواثيق الدولية، الأمر الذي يترتب عليه إلقاء القبض عليهم وحبسهم احتياطيًا.
وأكمل "العاملون ينظمون الإضراب من أجل حقوقهم التي غالبًا ما ينهبها أصحاب الأعمال، وبالتالي وضع قيود عليها يجعل من الصعب الحصول على هذه الحقوق عبر آلية سلمية وهي الإضراب"، وتابع "مشروع القانون يتسامح في كثير من المواد مع أصحاب الأعمال على حساب العاملين، مما يسهم في إهدار حقوقهم".
وكانت قوات الشرطة ألقت القبض على عدد من عمال الشركة التركية المصرية لصناعة الملابس/T&C بمدينة العبور، الذين دخلوا في إضراب عن العمل، للمطالبة بزيادة سنوية 50% على الراتب، ورفع قيمة الحافز وبدل الوجبة إلى 1000 جنيه لكل منهما.
مصطلحات مطاطية
من جهته، رأى رئيس دار الخدمات النقابية والعمالية كمال عباس في تصريح لـ المنصة ضرورة إضافة تعديلات على تعريف الإضراب متمثلة في أن يكون بديل الإضراب داخل المقر هو عدم ذهاب العاملين إلى عملهم، متابعًا "وذلك طالما أن الحكومة ترى أن الإضراب خارج المقر يؤدي إلى فوضى أو تظاهرات".
وقال عباس إن الدار ترى أهمية تعديل الفقرة الأخيرة من المادة 230 بأن يكون تنظيم الإضراب وإعلانه من خلال المنظمة النقابية العمالية المعنية، والمفوضين العماليين، وليس مفوضًا واحدًا كما تنص المادة.
وأضاف "اقتصار تنظيم الإضراب والإعلان عنه عبر مفوض عمالي واحد هو إجراء يصعب التعامل معه، حيث إن العمال في كثير من الأحيان يتفقون على عدد من الممثلين لهم، وبالتالي حصر تنظيم الإضراب في مفوض عمالي واحد يسهم في منع تنظيمه".
ولفت إلى أن المادة 234 تمثل تقييدًا لحق العاملين في الإضراب، معقبًا "مشروع القانون يواصل فلسفته بمنح مزايا في مواد بعينها، ووضع قيود لهذه المزايا في مواد أخرى".
وتنص المادة 234 من مشروع القانون على أن "يحظر الإضراب أو الدعوة إليه أو إعلانه بالمنشآت الحيوية التي تقدم خدمات أساسية للمواطنين، والتي يترتب على توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي، كما يحظر الدعوة إلى الإضراب أو إعلانه في الظروف الاستثنائية، علاوة على أن يصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بتحديد المنشآت الحيوية، والخدمات الأساسية التي تقدم فيها".
وأشار عباس إلى أن وضع مصطلحي "المنشآت الحيوية" و"الظروف الاستثنائية" يسهم في وضع المزيد من القيود حول بند الإضراب، معقبًا "هذه مصطلحات مطاطية، كما أنه من المحتمل إدراج مؤسسات وشركات ليست حيوية ضمن قائمة المنشآت الحيوية، فضلًا عن عدم توضيح ماهية الظروف الاستثنائية التي يتم فيها حظر الإضراب".
ولفت إلى ضرورة تعديل الفقرة الأخيرة من المادة 231 بوضع عبارة "بأن يتضمن الإخطار الأسباب الدافعة للإضراب وموعد بدايته" بدلًا من "أن يتضمن الإخطار الأسباب الدافعة للإضراب ومواعيده"، معللًا ذلك بأن مصطلح "مواعيده" يتضمن موعد بدء الإضراب وموعد الانتهاء منه، مستطردًا "العاملون لا يضربون على العمل رفاهية منهم، ولكن لوجود صعوبة في تلبية مطالبهم، وبالتالي لا يجب أن يكون هناك نهاية للإضراب إلا مع تحقيق مطالبهم".
وفي وقت سابق من فبراير/شباط الماضي، أصدر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقريرًا حقوقيًا رصد فيه ملاحظاته على مشروع القانون، مؤكدًا أنه لا يحقق التوازن المطلوب بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال، رغم بعض التحسينات التي تضمنها.
وأشار التقرير إلى تضمن مشروع القانون نصوصًا تنحاز في حقيقتها لصالح أصحاب الأعمال، وتقلل من التزاماتهم تجاه العامل، ولا توفر آليات الأمان الوظيفي الكافي للعمال وضمان استقرار العلاقة بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بمرتكزات نشأة علاقة العمل والطبيعة العقدية لها، وكيفية إنهائها.
والأسبوع الماضي، أرسلت نقابة الصحفيين رؤيتها حول مشروع قانون العمل إلى مجلس النواب، ودعا نقيب الصحفيين خالد البلشي في خطابه إلى البرلمان لأخذ ملاحظات النقابة بعين الاعتبار؛ لضمان استقرار المؤسسات، وأوضاع العاملين بها، وبما يضمن تحقيق التوازن في علاقات العمل دون إخلال بحقوق الطرف الأضعف، وهم العاملون.
وأشار إلى أن مشروع قانون العمل المطروح أمام مجلس النواب حاليًا تمهيدًا لإقراره هو الأساس لتنظيم علاقات العمل داخل المؤسسات الصحفية "وهو ما يقتضي الاستماع لرؤية كل أطراف العلاقات التعاقدية، وفي مقدمتها الأطراف الممثلة لرؤية العاملين، ومن بينها النقابات المهنية، مطالبًا بفتح حوار مجتمعي شامل حول التعديل الأخير المطروح لمشروع القانون".