
"يشكل تهديدًا خطيرًا للحق في الخصوصية".. 12 منظمة حقوقية تطالب برفض "الإجراءات الجنائية"
طالبت 12 منظمة حقوقية برفض مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي يناقشه حاليًا مجلس النواب، ووضع قانون جديد للإجراءات الجنائية يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وإجراء مشاورات جادة وشفافة ومفتوحة وشاملة مع مختلف أصحاب المصلحة في مصر.
وقالت المنظمات الحقوقية، في بيان الأربعاء، إن مشروع القانون الذي يهدف إلى استبدال قانون الإجراءات الجنائية المصري لعام 1950 "يُشكّل تهديدًا خطيرًا للحق في الخصوصية، حيث يمنح المسؤولين عن إنفاذ القانون سلطات واسعة وتعسفية لمراقبة واعتراض اتصالات الأشخاص وأنشطتهم عبر الإنترنت".
كذلك حثت البرلمان على رفض المسودة المقترحة وسن قانون جديد للإجراءات الجنائية يدعم الحقوق المنصوص عليها في الدستور المصري ويتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وقالت إن عدة أحكام في مشروع القانون "تهدد الحق في الخصوصية في مصر بشكل خطير، وتضفي الشرعية على المراقبة التعسفية وغير القانونية التي تقوم بها الدولة، لا سيما تجاه المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمعارضين" حسب البيان.
وأقر مجلس النواب أكثر من 450 مادةً من أصل 540 مادة تمثل إجمالي مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية. وقبل نهاية العام الماضي، وافق البرلمان عليه من حيث المبدأ، رغم أنه تعرض لانتقادات من الحقوقيين ونقابة الصحفيين التي أعدت ورقة، وأرسلت تعليقات لمجلس النواب على النصوص التي تنتقص من حقوق المواطنين خلال مرحلة القبض والتحقيق والمحاكمات.
وأشارت المنظمات الموقعة على البيان إلى المادتين 79 و80 من مشروع القانون، باعتبارهما تمنحان "سلطات تقديرية غامضة وواسعة لقضاة التحقيق لإصدار أمر لمدة لا تتجاوز 30 يومًا (يمكن تجديده إلى أجل غير مسمى بزيادات قدرها 30 يومًا) يسمح للسلطات بضبط الخطابات والرسائل والبرقيات والصحف والمطبوعات والطرود، ومراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية للأفراد وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك المحتوى الخاص".
وبموجب مشروع القانون المقترح، يمكن للقضاة أيضًا أن يأمروا بمصادرة الهواتف أو الأجهزة المحمولة أو المواقع الإلكترونية أو أي وسيلة تكنولوجية أخرى و"تسجيل المحادثات الخاصة إذا لزم الأمر لصالح التحقيقات"، أو وضع الأجهزة والحسابات تحت مراقبة الدولة" وفق البيان.
وتمنح المادة 116 النيابة العامة بعض الصلاحيات الخاصة بإصدار أمر باعتراض ومراقبة الاتصالات عبر الإنترنت. وقالت المنظمات إن "من شأن هذا أن يمنح وكلاء النيابة العامة سلطات واسعة لا ينبغي منحها إلا للقضاة، تماشيًا مع مبدأ الفصل بين وظائف النيابة ووظائف القضاء. وتجدر الإشارة إلى أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ قانون الإجراءات الجنائية الشامل التي تُمنح فيها هذه الصلاحيات للنيابة العامة من دون رقابة قضائية".
واتفقت المنظمات الموقعة على البيان مع الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، التي أكدت في رسالتها إلى الحكومة المصرية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن هذه الأحكام "قد تتعارض مع التزامات مصر الدولية، وسيكون لها آثار ضارة على الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين، وسوف تمنعهم من ممارسة حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، سواء عبر الإنترنت أو غير ذلك".
وقالت إن "حقوق الإنسان مترابطة، ومن دون حماية قانونية قوية للحق في الخصوصية، لا يمكن للصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين البحث عن المعلومات وتلقيها أو التعبير عن آرائهم أو ممارسة حقهم في التجمع السلمي بحرية".
وأوضحت أن للحكومة المصرية تاريخ طويل "في استخدام برامج التجسس وتقنيات مراقبة الاتصالات عبر الإنترنت واستهداف المعارضين. على سبيل المثال، تم استهداف النائب المصري السابق أحمد الطنطاوي في الفترة ما بين مايو/أيار وسبتمبر/أيلول 2023 ببرنامج التجسس Predator، الذي تم إنشاؤه وتطويره بواسطة شركة مقدونية ناشئة تدعي سيتروكس/Cytrox، وذلك عقب إعلانه عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2023".
ووثقت منظمة أكسس ناو ومنظمات شريكة أخرى كيفية إساءة استخدام الدول لبرامج التجسس لاستهداف الصحفيين والمعارضين والنشطاء لأغراض سياسية. فبدلًا من استخدام وسائل المراقبة في مكافحة الجرائم الخطيرة، قامت الدولة باستخدامها كأدوات للقمع الرقمي تحت ذريعة حماية الأمن القومي، وفق ما جاء في البيان.
وطالبت المنظمات الموقعة على البيان "رفض مشروع القانون المقترح ووضع قانون جديد للإجراءات الجنائية يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وإجراء مشاورات جادة وشفافة ومفتوحة وشاملة مع مختلف أصحاب المصلحة في مصر، وضمان أن تكون الأحكام المتعلقة بمراقبة واعتراض الاتصالات ومراقبة المحتوى عبر الإنترنت واضحة ودقيقة، وكذلك متناسبة ومحدودة المدة، وضمان أن تكون صلاحيات مراقبة الاتصالات واعتراضها خاضعة دائما للموافقة القضائية والمراجعة.
كما طالبت بحظر استخدام أنشطة المراقبة عندما تكون الوسائل الأقل انتهاكا للخصوصية متاحة أو لم تستنفد بعد، وضمان الحماية الكافية لسرية المصادر الصحفية، وضمان أن الأفراد الخاضعين للمراقبة لديهم الحق القانوني في الإخطار والتماس سبل الانتصاف الفعال، واستحداث آليات قوية وفعالة للشفافية والرقابة على جميع الأمور المتعلقة بالمراقبة الجماعية واقتناء تكنولوجيا المراقبة، وتعديل قانون حماية البيانات الشخصية رقم 151 لسنة 2020 بما يتوافق مع المعايير الدولية ونشر لائحته التنفيذية.
وكان من بين الموقعين على البيان "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، منظمة أكساس ناو، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، مسار، إيجي وايد لحقوق الإنسان، مركز النديم، مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، منصة اللاجئين في مصر، المادة 19، سمكس، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، لجنة حماية الصحفيين".