عينت شركة ساندفاين/Sandvine الكندية منتصف الشهر الحالي شخصيتين بارزتين، في إطار إعلانها عن إصلاحات تتعلق بحماية حقوق الإنسان وتعزيز حرية الإنترنت والحقوق الرقمية، حسب فاينانشال تايمز.
وبداية من 3 فبراير/شباط المقبل ستتولى كارول تيت منصب "رئيسة الأخلاقيات والامتثال" في الشركة.
وتتمتع تيت بخبرة واسعة في مجالات القانون والمخاطر والامتثال، إذ عملت في القطاعين العام والخاص. وقبل انضمامها إلى ساندفاين، شغلت منصب مسؤولة الامتثال في شركة إنتل/Intel، وأشرفت على العديد من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز الشفافية.
وقالت تيت، تعليقًا على المنصب الجديد، "في ظل البيئة الرقمية المعقدة التي نعيش فيها، يعد التركيز على الابتكار التكنولوجي مع السعي إلى تعزيز حرية الإنترنت وحقوق الإنسان أمرًا في غاية الأهمية"، وفق business wire.
وبداية من يناير/كانون الثاني الحالي، عينت ساندفاين مايكل برين مستشارًا لمجلس الإدارة، ليقدم استشارات متخصصة في قضايا حقوق الإنسان.
ويمتلك برين سجلًا حافلًا في قيادة منظمات دولية تعمل على حماية حقوق الإنسان، وشغل سابقًا منصب الرئيس التنفيذي لمنظمة حقوق الإنسان أولًا/Human Rights First، وهي منظمة أمريكية تسعى لمناهضة انتهاكات حقوق الإنسان والاستبداد والإرهاب عبر الابتكار التكنولوجي والسياسات العامة.
بدأ برين حياته المهنية كضابط في الجيش الأمريكي وشارك في مهام قتالية في العراق وأفغانستان، ويعتبر تعيينه في ساندفاين "نقطة تحول حاسمة"، قائلًا "عملت ساندفاين بجد لإعادة تحديد مسارها، والالتزام بأن تكون مساهمة إيجابية في حماية حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم"، حسب business wire.
من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة ساندفاين، كارني هوكس، أن تعيين تيت وبرين يعكس تركيز الشركة على دمج المبادئ الأخلاقية في جميع جوانب عملها، قائلًا إن خبرة تيت في التعاون مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية، وخلفية برين في قيادة منظمات مكرسة لمعالجة القضايا الإنسانية العالمية يسهمان في تعزيز مكانة الشركة كمزود حلول تكنولوجية ذات قيم أخلاقية، وفق business wire.
تاريخ قاتم ومحاولات للنجاة
كانت الولايات المتحدة وضعت ساندفاين في فبراير الماضي على قائمة الكيانات المحظور التعامل معها، لأسباب أبرزها تزويد الحكومة المصرية بتكنولوجيا "تستخدمها في المراقبة الجماعية للمواقع الإلكترونية، والرقابة لحجب الأخبار، وكذلك استهداف الجهات الفاعلة السياسية ونشطاء حقوق الإنسان"، حسبما نشرت رويترز وقتها.
ولكن في أكتوبر/تشرين الأول الماضي رفع مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة الأمريكية ساندفاين من قائمة الكيانات المحظور التعامل معها.
وجاء القرار، حسب بيان مكتب الصناعة، بعدما أصلحت ساندفاين من إجراءات حوكمتها الداخلية وحسنت من ممارسات عملها فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان.
وفي ذلك الإطار، أعلنت ساندفاين في سبتمبر/أيلول الماضي فض شراكتها مع الحكومة المصرية وسحب تقنياتها من تحت يد السلطة في مصر، بعد فضائح مدوية أعقبت ثبوت استخدام تقنياتها في تعقب المعارضين السياسيين، أبرزهم أحمد الطنطاوي، وحجب المواقع الصحفية المستقلة، من بينها المنصة.
بعدها طالبت 16 منظمة دولية ومصرية حقوقية وقانونية ساندفاين بتعويض المتضررين من سياساتها، مشككين في فاعلية الإجراءات التي اتخذتها المؤسسة مؤخرًا.
وتشمل إجراءات ساندفاين الإصلاحية "الخروج من البلدان غير الديمقراطية، حيث توقفت عن تقديم خدماتها لـ32 دولة بالفعل، كما أنها بصدد الخروج من 24 دولة أخرى، وتعزيز العلاقات مع المجتمع المدني، وتخصيص الأرباح لحماية الحقوق، وإضافة خبراء حقوق الإنسان إلى فريق القيادة الجديد، وفحص القرارات التجارية من خلال لجنة أخلاقيات الأعمال التي تم إنشاؤها حديثًا، ومراقبة إساءة استخدام التكنولوجيا عن كثب في البلدان التي تخطط للبقاء فيها".
وبالعودة إلى أغسطس/آب 2020، وقتها ثبت تورط ساندفاين مع حكومة بيلاروسيا في حجب الإنترنت أثناء قمع المعارضة وهندسة الانتخابات الرئاسية. ولأن الفضيحة كانت مدوية، أعلنت الشركة انسحابها من الدولة الشرق أوروبية، قائلة إن "هذا انتهاك لحقوق الإنسان استدعى إنهاء التعاقد تلقائيًا". لكن بعد شهر واحد، أثبتت المنصة في تحقيق تقني أجرته بالتعاون مع مؤسسة Qurium السويدية أن شركتي المصرية للاتصالات/TE وأورنج تحجبان وصول المستخدمين لموقع المنصة عن طريق معدات ساندفاين. وحاولت المنصة التواصل مع ساندفاين وقتها، ولم تتلق ردًا.
بعدها، في يناير 2022، ذكرت بلومبرج أن الشركة أبرمت صفقات في الجزائر وجيبوتي وإريتريا والعراق وكينيا والكويت وباكستان والفلبين وقطر وسنغافورة والإمارات وأوزبكستان.
كما ذكرت أن الموظفين السابقين في ساندفاين شعروا أن الشركة تخلت منذ عام 2017 عن سياسة عدم بيع تكنولوجيتها لمن قد يستخدمها لانتهاك حقوق الإنسان، بعدما استحوذت عليها شركة فرانسيسكو بارتنرز . والأخيرة هي شركة مساهمة شملت استثماراتها في وقت ما أغلبية الأسهم في مجموعة NSO؛ الشركة الإسرائيلية التي تقف وراء برنامج التجسس المثير للجدل بيجاسوس، ولم تستجب فرانسيسكو بارتنرز لطلب الرد حينها من بلومبرج.
وفي أبريل/نيسان 2022، نشرت Rest of World تحقيقًا مطولًا عن جرائم ساندفاين في حجب المواقع المستقلة في مصر وأوكرانيا، وتأثير ذلك في اقتصاديات الصحافة المستقلة وقدرة المواطنين على الحصول على المعلومات. وكالعادة، لم تستجب ساندفاين لمحاولات التواصل ولم تكترث بالرد.
لم يمر الكثير من الوقت حتى أثبتت مؤسسة citizen lab الكندية، في سبتمبر 2023، تورط الشركة في اختراق هاتف السياسي المعارض أحمد الطنطاوي ببرنامج تجسس، عقب عزمه الترشح لانتخابات الرئاسة.
وجاء أول رد فعل على كل تلك الانتهاكات من الولايات المتحدة الأمريكية، في فبراير الماضي، حين أدرجت ساندفاين على قائمة الكيانات المحظور التعامل معها، بعدها حددت الشركة 31 مارس/آذار 2025، موعدًا لإنهاء تقديم خدماتها للحكومة المصرية، و31 ديسمبر 2025 للعملاء المصريين المتبقين ومجموعة من الدول الأخرى.
ولم تعلن الشركة عن آلية لتعويض ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان جراء استخدام تقنياتها، ولم تجب عن أسئلتنا المرسلة عبر الإيميل، في وقت سابق، بشأن سبل تعويض الضحايا أو الإجراءات التي ستتبعها للتأكد من استخدام أدواتها استخدامًا رشيدًا لا ينتهك حقوق الإنسان.