قالت المتحدثة باسم شركة التقنية الكندية ساندفاين/Sandvine سوزانا شفارتس، إنها تعمل "عن كثب" مع مسؤولي الحكومة الأمريكية "لفهم مخاوفهم ومعالجتها"، يأتي هذا بعد أيام من إدراج الولايات المتحدة الشركة على قائمة الكيانات المحظور التعامل معها، الخاصة بوزارة التجارة.
وعلقت شفارتس على القرار الذي يعني فرض قيود تجارية على الشركة الكندية، وقالت في تقرير نشره موقع wired الأمريكي "نعي الإجراء الذي أعلنت عنه وزارة التجارة الأمريكية"، وأضافت "ساندفاين تساعد على تقديم إنترنت موثوق وآمن، ونحن نأخذ المزاعم التي تتعلق بسوء الاستخدام بجدية".
جاء قرار الحكومة الأمريكية عقابًا لتزويد الشركة الحكومة المصرية بتكنولوجيا "تستخدمها في المراقبة الجماعية للمواقع الإلكترونية، والرقابة لحجب الأخبار، وكذلك استهداف الجهات الفاعلة السياسية ونشطاء حقوق الإنسان"، حسب رويترز.
وكشف تحقيق تقني أجرته المنصة مع مؤسسة Qurium في سبتمبر/أيلول 2020 أن مقدمي خدمة الإنترنت في مصر يستخدمون تقنيات شديدة التطور تحجب دون تمييز wildcard مئات المواقع، ومنها موقع المنصة، عبر حجب أسماء النطاقات والنطاقات البديلة subdomains، التي تستخدمها المواقع للوصول إلى جمهورها، من تطوير شركة Sandvine.
وأشاد المدير التقني لشركة Qurium تورد لونستروم، بالقرار الأمريكي، فـ"أن يأتي متأخرًا خير من ألا يأتي على الإطلاق"، مشددًا حسب تقرير wired، على أن "ساندفاين نموذج مشين يوضح كيف تكون التكنولوجيا غير محايدة عندما تسعى إلى الربح بأي ثمن".
وتستثمر ساندفاين في شركات تقنية أخرى، مثل مجموعة NSO الإسرائيلية التي تطور وتبيع أدوات تجسس على الهواتف، والأخيرة معروفة باستخدام تقنياتها في التجسس على هواتف الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في 45 دولة حول العالم، أبرزها في المنطقة العربية "الإمارات والسعودية والبحرين والأردن والمغرب ومصر والجزائر".
"التكنولوجيا تنطوي على أهداف مشروعة، لكن يمكن إساءة استخدامها إذا أعطيت للأيدي الخطأ"، على حد قول مروة فطافطة مديرة السياسات والمناصرة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجموعة الحقوق الرقمية Access Now، التي ضغطت على الحكومة الأمريكية لاتخاذ إجراء ضد ساندفاين.
وأضافت فطافطة لـwired الأمريكي، "إذا كنت تبيع التكنولوجيا إلى حكومات قمعية، وتعلم أن لديها سجلًا مروعًا لحقوق الإنسان، فإنك تعلم أن هذه التكنولوجيا سينتهي بها المطاف إلى سوء الاستخدام".
وقال تقرير wired إن ضحايا أدوات الرقابة لم يكن لديهم سوى بارقة أمل ضئيل في أن يتم فرض عقوبات على ساندفاين، حيث فاجأهم إعلان وزارة التجارة الأمريكية يوم الاثنين الماضي.
وأشار إلى أن إضافة ساندفاين إلى قائمة الكيانات المحظورة يعني أن أي شركة أمريكية ترغب في العمل معها "سوف يكون عليها أن تحصل على ترخيص خاص".
وأوضحت المستشارة القانونية للشؤون التقنية بـ Access Now ناتاليا كرابيفا أنه "من المتوقع ألا تحصل طلبات التراخيص على الموافقة"، لافتة إلى أنها "سوف تكون مجازفة كبرى من الشركات إذا طلبت ترخيصًا للقيام بأعمال تجارية مع شركة تؤكد الحكومة الأمريكية أنها تشكل خطرًا على مصالح أمننا القومي وسياستنا الخارجية".
وهو ما يعني، حسب التقرير، أن ساندفاين "سوف تكافح كي تصل إلى الخدمات التكنولوجية والبنية التحتية الأمريكية".
ولفت تقرير Wired إلى أن ساندفاين قدمت لمصر وسيلة رئيسية ساعدت الحكومة في خنق الأصوات المستقلة، مما ساعد على حجب مئات المواقع، من بينها المنصة، مؤكدًا أن المشرعين في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بدأوا في توسيع القيود التي تغطي التكنولوجيات "مزدوجة الاستخدام"، والتي يمكن أن تستخدم كأسلحة للمراقبة والرقابة، ولكن العملية اتسمت بالبطء.
وتعمل الشركة الكندية، التي لها مقرات في كندا والهند واليابان وماليزيا والسويد والإمارات، في مجال تحسين التطبيقات والشبكات، بما يشمل الرقابة على الإنترنت والأمن الإلكتروني.
واتُهمت ساندفاين بـ"المساعدة في تسهيل مراقبة المعارضة المصرية من خلال تقنية تعرف باسم فحص الحزم العميقة/deep packet inspection، التي تعمل على فحص وإدارة حركة المرور على شبكة الإنترنت، من خلال أجهزة يستخدمها مقدمو خدمة الإنترنت في مصر، وتمكنهم من حظر وتحليل وتسجيل البيانات"، وتسمى هذه الأجهزة "ساندفاين باكيت لوجيك".
وبدأت السلطات المصرية استخدام الحجب وسيلة لإسكات المواقع المستقلة والمنظمات الحقوقية والأصوات المعارضة على حد سواء في مايو/أيار 2017. ووفق إحصائية مستقلة وصل عدد المواقع المحجوبة في مصر إلى أكثر من 600، منها أكثر من 100 موقع صحفي وإخباري، وهو نفس ما توصل إليه خبراء من مؤسسة Qurium للحقوق الرقمية، في سبتمبر 2020، مؤكدين أن "تقنيات ساندفاين جرى استخدامها لمساعدة الحكومة المصرية في حجب الموقع الإلكترونية".
وذكرت وكالة بلومبرج الأمريكية، في سبتمبر الماضي، حسب موقع الحرة، أن مصر كانت ضمن 12 دولة على الأقل استخدمت تقنيات ساندفاين لفرض رقابة على المحتوى المنشور على الإنترنت.
وحسب وثائق داخلية استعرضتها بلومبرج، أبرمت ساندفاين عشرات من عمليات البيع مع مصر في السنوات الأخيرة، من بينها وثيقة تشير إلى أنه منذ عام 2019، باعت الشركة تكنولوجيا بقيمة إجمالية تزيد عن 30 مليون دولار لشركة المصرية للاتصالات المملوكة للدولة، وفودافون مصر، وهيئات حكومية مثل وزارة الدفاع والهيئة القومية لتنظيم الاتصالات.
وكانت أكبر مبيعات الشركة على الإطلاق صفقة بقيمة إجمالية تزيد عن 10 ملايين دولار أبرمتها عام 2020 مع الشركة المصرية للاتصالات، وفق الوثائق.
وفي سبتمبر الماضي، هاجمت صحيفة تورونتو ستار الكندية شركة ساندفاين، لاستخدام منتجاتها لاختراق هاتف السياسي أحمد الطنطاوي، وقتما أعلن نيته الترشح للرئاسة، وأوضحت أن محاولة الاختراق تمت من خلال برنامج PacketLogic، الذي طورته ساندفاين، حسب تحليل سيتيزن لاب/Citizen Lab التابع لجامعة تورنتو الكندية، والمتخصص في تتبع عمليات التجسس ضد الصحفيين والحقوقيين والسياسيين، مؤكدين أن لديهم "ثقة عالية" في أن الحكومة المصرية كانت مسؤولة عن الاختراق.
ونقلت تورنتو ستار عن خبراء قولهم إن الحكومة الكندية لا تفعل ما يكفي للقضاء على انتشار برامج التجسس التجارية وإساءة استخدامها.
وتحجب السلطات المصرية موقع المنصة داخل مصر باستخدام تقنيات ساندفاين منذ عام 2017، دون سند قانوني، ودون أن تعلن أي جهة رسمية أو أمنية بشكل واضح مسؤوليتها عنه.
وحاولت المنصة عدة مرات، منذ عام 2020، التواصل مع شركة ساندفاين دون الحصول على رد.