رحب مصدران مهتمَّان بملف الحبس الاحتياطي ببيان الرئيس عبد الفتاح السيسي بأهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، معتبرين ذلك خطوة إيجابية تحتاج إلى تطبيق عملي، في وقت اعتبر المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة أن تعديل قانون الإجراءات الجنائية ليس كافيًا لإنهاء كارثة الحبس الاحتياطي في مصر.
وطالب المحامي الحقوقي نجاد البرعي، عضو الأمانة الفنية للحوار الوطني، النائب العام، باستخدام سلطاته وفق الفقرة الثانية من المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية لإنهاء الكثير من التحقيقات الجارية.
وتنص المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا لم ينته التحقيق ورأى القاضي مد الحبس الاحتياطي زيادة على ما هو مقرر في المادة السابقة، وجب قبل انقضاء المدة السالفة الذكر إحالة الأوراق إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة لتصدر أمرها بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم بمد الحبس مددًا متعاقبة لا تزيد كل منها على 45 يومًا إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك أو الإفراج عن المتهم بكفالة أو بغير كفالة".
البرعي اعتبر، في تصريح لـ المنصة، توجيه السيسي نجاحًا للحوار الوطني "في أن يضع على أجندة الدولة قضية الحبس الاحتياطي، وهذا نجاح يُحسب للمنظمات الحقوقية"، وقال إن "بيان الرئيس يحمل جوهر توصيات الحوار الوطني"، مضيفًا "الدور الآن على البرلمان والحكومة والنائب العام".
كان السيسي وجه الحكومة، اليوم، بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل توصيات الحوار الوطني بشأن الحبس الاحتياطي والعدالة الجنائية.
وقال السيسي، في بيان، "استجابتي لتوصيات الحوار الوطني نابعة من الرغبة الصادقة في تنفيذ أحكام الدستور المصري والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان".
"يجب علينا ملاحظة إن دي أول مرة السيسي يعلن أنه أحال إلى الحكومة، هو كثيرًا ما يحيل إلى الحكومة للتنفيذ، لكن اللافت هنا هو الإعلان عن الإحالة"، حسبما قال البرعي، مشيرًا إلى صدور البيان الرئاسي باللغتين العربية والإنجليزية.
وفسر البرعي ذلك بأنه يعني "اتفاقًا عامًا بين السلطة وأجهزة الدولة والأحزاب السياسية والمعارضة والمواطنين على أن الحبس الاحتياطي المطول أصبح مشكلة كبيرة"، وقال إن بيان الرئيس يوضح إدراك تحول الحبس الاحتياطي لعقوبة في حد ذاته.
ومن جهته، قال منسق عام الحركة المدنية الديمقراطية طلعت خليل، في تصريحات صحفية، إن قرار السيسي "خطوة إيجابية، لكن الأهم أن تكون هناك إرادة حقيقية".
وأوضح خليل أن الحبس الاحتياطي لا يتعلق بالنصوص القانونية فقط، ولكن بتطبيقها الصحيح والسليم "إذ إن هناك تغولًا بإيقاع الأذى بكل من يعارض النظام بحبسه احتياطيًا على ذمة قضايا هي في الأصل سياسية لكن توجه لنواح جنائية".
وخلال الشهر الجاري، أقر مجلس أمناء الحوار الوطني 5 توصيات بشأن الحبس الاحتياطي، بينها تقليل مدده وإعادة النظر في التدابير المصاحبة له، ورفعها للسيسي مقترنة بقائمة بأسماء عدد من المحبوسين لنظر الإفراج عنهم.
وكانت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب بدأت أمس مناقشة مسودة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، التي سبق وأعدتها اللجنة الفرعية التي شكلها رئيس مجلس النواب حنفي جبالي.
ويعود قرار تشكيل اللجنة الفرعية لإعداد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى ديسمبر/كانون الأول 2022، لإعداد مشروع متكامل للإجراءات الجنائية.
وبينما رحبت نقابة الصحفيين بتوجيهات السيسي، قال المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة إن تعديل قانون الإجراءات الجنائية ليس كافيًا لإنهاء كارثة الحبس الاحتياطي في مصر.
وأكد المركز في بيان، اليوم، "مع تسليم المؤسسة بأهمية تقليل مدد الحبس الاحتياطي، وأنها مطلب متكرر ودائم لها ولغيرها من مؤسسات المجتمع المدني المعنية، فإنها تصبح بلا جدوى ولا أهمية طالما ظلت نصوص قانون مكافحة الإرهاب بما تتضمنه من سلطات استثنائية واسعة في موضوع الحبس الاحتياطي، قائمة ومطبقة ونافذة".
وخلال الفترة التي ناقش فيها الحوار الوطني أزمة الحبس الاحتياطي، تجددت حالات الحبس الاحتياطي في قضايا الرأي، فألقت قوة أمنية القبض على الصحفي خالد ممدوح، المحبوس على ذمة القضية رقم 1282 لسنة 2024 حصر أمن الدولة العليا، ويواجه اتهامات بـ"الانضمام لجماعة إرهابية مع علمه بأغراضها، وارتكاب إحدى جرائم تمويل جماعة إرهابية، ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن والنظام العام".
كذلك أُلقي القبض على رسام الكاريكاتير في المنصة أشرف عمر بعدما اقتحمت قوة أمنية بلباس مدني مقر سكنه في كومبوند دار مصر بحدائق أكتوبر، واقتادته مكبلًا معصوب العينين إلى جهة غير معلومة إلى أن ظهر في نيابة أمن الدولة العليا بعدها بيومين تحديدًا في 24 يوليو/تموز الماضي، وما زال حتى الآن محبوسًا احتياطيًا.
ووجهت النيابة له تهم "الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، وبث ونشر شائعات وأخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام إحدى وسائل التواصل الاجتماعي".
ومطلع الشهر الجاري، أعلن المحامي الحقوقي خالد علي اختطاف مؤسس الحركة المدنية الديمقراطية يحيى حسين عبد الهادي، وهو في طريقه لحضور ندوة بحزب تيار الأمل "تحت التأسيس"، قبل أن يظهر في نيابة أمن الدولة العليا لتأمر بحبسه احتياطيًا أيضًا.
ووجهت النيابة وقتها لعبد الهادي تهم "الانضمام إلى جماعة إرهابية، وإساءة استخدام وسائل التواصل، وبث ونشر شائعات وأخبار كاذبة، وارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب، والتحريض على ارتكاب جريمة إرهابية"، حسب المحامي الحقوقي خالد علي، على فيسبوك.